أقامت السفارة الايرانية في الجزائر، حفل استقبال بمناسبة الذكرى ال 44 لانتصار الثورة الإسلامية في إيران. وحضر الحفل كل من وزير العمل والتشغيل والضمان الاجتماعي، السيد يوسف شرفة، ووزيرة العلاقات مع البرلمان الجزائري، السيدة بسمة عزوار، إضافة إلى عدد من أعضاء السلك الدبلوماسي المعتمد، وجمع من الشخصيات البارزة والفاعلة والنخب الجزائرية.
كما حضر الحفل قادة أحزاب سياسية والأسرة الإعلامية التي حرصت على مشاركة الشعب الإيراني الاحتفاء بأعياده الوطنية. وقد تزينت قاعة الحفل الذي أقيم بفندق سوفيتال بالجزائر العاصمة بصور مرشد الثورة الإيرانية، سماحة السيد الإمام علي الخامنئي، فضلا عن صور الإمام الخميني رحمه الله.. وقد عبر المدعوون عن تقديرهم لإيران ولثورتها، واعتزازهم بمواقفها من القضية الفلسطينية وقضايا الأمة، ونصرتها للمظلومين، ولحجم ما حققته هذه الثورة من منجزات للشعب الإيراني في شتى مجالات الحياة، ما جعلها تصمد في وجه كل أشكال الحصار الاقتصادي الجائر بحق هذا الشعب.
وبهذه المناسبة السعيدة، ألقى سعادة السفير الإيراني بالجزائر حسين مشعلجي زاده كلمة، رحب في مستهلها بالحضور، وثمن تلبيتهم للدعوة، كما تطرق إلى الثورة المظفرة التي قادها الشعب الإيراني بكل تحضر وسلمية، مطالبا بحقوقه عن طريق المسيرات والمظاهرات المليونية، والمتمثلة في الحرية والاستقرار، فلم يلجأ هذا الشعب إلى القوى الغربية أو الجماعات المسلحة، ما جعله شعبا ذو سيادة حقيقية معتمدا على مثله العليا. وأوضح أن هذه الثورة ساهمت في النهوض بهذا الشعب إلى سماء العزة والكرامة والتطور التكنولوجي والعلمي والصناعي والإنتاجي، لتصبح إيران في مصاف الدول المتقدمة علمياً.
كما نوه سعادة السفير إلى الدسائس والمؤامرات الخارجية التي تحاك ضد بلده الثوري الذي جعل من التخلص من الهيمنة الغربية على العالم الإسلامي شعارا له، فراح يساند الدول المستضعفة القابعة تحت السيطرة والاملاءات الغربية الليبرالية. كما أضاف السيد مشعلجي زاده أن “هدف هذه الدسائس هو شن حرب قذرة على هذا البلد المقاوم، وتشويه صورته الحقيقية، ولتحقيق هذه المآرب، جُندت كل الوسائل للتعتيم على إنجازات هذه الثورة المباركة في شتى مجالات الحياة”، مشددا على أن هذه المؤامرات فشلت بحكمة ووعي القيادة والشعب الإيراني، فأصبحت إيران تنافس العالم في الفضاء والصناعة والإنتاج.
وقال السفير مشعلجي”أبت إيران بالرغم من الحصار المطبق الذي عانى منه الإيرانيون لأكثر من أربعة عقود، والإرهاب الاقتصادي الأشرس في التاريخ الحديث، إلا أن تواصل مسيرتها التي توجتها بالإنجازات الرائدة، خاصة في التكنولوجيا والطب والصناعات، فإيران اليوم تزخر ببنية تحتية صناعية محلية.”
وأضاف السفير الإيراني وبالرجوع إلى مبادئ وثوابت الثورة الإيرانية، شدّد سعادة السفير على الشعار الذي رفعه الإمام الخميني، مفجر الثورة، المتمثل في نصرة المظلوم أينما كان، بغض النظر عن دينه ولونه وانتماءاته الدينية، وحتى السياسية.
ومن هذا المنطلق، أكد السفير الإيراني على “الدعم اللآمشروط للجمهورية الإسلامية الإيرانية للقضية الفلسطينية، بإعتباره ركن أساسي للسياسة الخارجية الإيرانية، إذ لا تتوانى الجمهورية عن تقديم الغالي والنفيس للشعب الفلسطيني الذي بلغت مظلوميته كل المسامع، فدعمته بالمال والعتاد، ناهيك عن التدريب وإيصال صوته في المحافل الرسمية والدولية. وقد أخذت إيران عهدا على نفسها بعدم التواني عن هذا النهج قيد أنملة حتى بلوغ الشعب الفلسطيني الأعزل مرامه وضفره باستقلاله التام الغير مشروط”.
وأضاف “لقد بنت السياسة الخارجية للجمهورية الإسلامية الإيرانية نهجها علی مبدأ استقلالية القرار السياسي، وهي تعمل بجانب الدول الإسلامية على الدفاع عن القضايا الإسلامية، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية حتى ينال الشعب الفلسطيني حقوقه، ويسترد وطنه المسلوب.”
كما دعا سعادة السفير إلى مزيد من التشاور والتعاون الإقليمي بين دول المنطقة بهدف تحقيق الأمن والاستقرار، وتجسيد الأهداف المشتركة لبناء منطقة أكثر استقرارا وسلاما وازدهارا.
وأكد “حافظت الحكومة الإيرانية الجديدة على سياسة خارجية متوازنة، ودبلوماسية ديناميكية، وتفاعل ذكي لتأمين مصالح شعبها وإرساء السلام الإقليمي والعالمي. يرتبط استقرار الشرق الأوسط بأمن العالم بأسره، بما في ذلك أوروبا؛ ومن هذا المنطلق، ترحب الجمهورية الإسلامية بكل المقترحات الهادفة إلى تعزيز السلام والاستقرار في المنطقة. وتحقيقا لهذه الغاية، تجري حكومتنا مناقشات بناءة مع جيرانها، وقد تم إحراز تقدم ملحوظ في هذا الاتجاه. نحن نؤمن بأن الوجود الأجنبي وتدخل القوى الأجنبية في المنطقة من شأنه زعزعة أمننا ووحدة أراضينا.”
لم يفوت سعادة السفير الفرصة للتطرق إلى العلاقات الثنائية بين البلدين. وفي هذا الصدد، ثمّن المبعوث الإيراني الموقف الجزائري المشرف والثابت، معتبرا بأن البلد وشعبه الأبي، ومنذ استرجاع حريته المسلوبة لأكثر من قرن من الزمن، عمل بجهد وكد لنصرة المظلومين والتوسط لحلحلة القضايا الإقليمية والدولية العالقة. كما نوه السفير الإيراني إلى تقارب مواقف البلدين إزاء القضايا الإقليمية والدولية، داعيا إلى مزيد من التشاور والتعاون بما يخدم مصلحة الشعبين وشعوب المنطقة.
وقال السفير مشعلجي”تجمع الشعبين الإيراني والجزائري روابط وعلاقات تاريخية تجسدها القواسم الثقافية والحضارية المشتركة بين البلدين، فضلا عن المصالح المتبادلة بينهما، وهي العلاقات التي تعززت وتطورت بثبات بفضل الإرادة السياسية للبلدين برئاسة فخامة الرئيس الدكتور حسن روحاني وفخامة الرئيس عبد المجيد تبون لتعكس العمق التاريخي، وتحقق التعاون المشترک بين البلدين الشقيقين”.
وأضاف “يسرني بصفتي سفيرا للجمهورية الإسلامية الإيرانية في الجزائر أن أعبر عن ارتياحي الكبير لمستوى العلاقات الثنائية، والتعاون المشترك بين البلدين الشقيقين، وأن أجدد من هذا المنبر استعداد الجمهورية الإسلامية الايرانية لتعزيز التعاون مع الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية الشقيقة في شتى المجالات.”
وفي ختام حديثه، أعلن سعادة السفير عن إنتهاء مهامه الدبلوماسية في الجزائر، مشيدا بالإرادة الحقيقة التي لمسها من المسؤولين الجزائريين لتعزيز العلاقات الثنائية، لافتا إلى حرص الجمهورية الإسلامية على العمل في هذا الإتجاه. كما توجه بالشكر للشعب الجزائري لما لمسه منه من حفاوة الاستقبال، وثمّن تعاون الحكومة الجزائرية. للإشارة، فقد عرضت السفارة مجموعة من اللوحات الفنية اليدوية وبعض الصناعات الموقعة بأنامل إيرانية مبدعة.
المصدر: موقع المنار