في محاولة لانتاج توازن في الصورة، كان من الطبيعي ان يقابل العدو تهديدات الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله بتهديدات مضادة وذلك في محاولة للحفاظ على صورة ردعه ، وضمن هذه الاجواء اتت تصريحات لابيد وغانتس بعد صمت رسمي استمر عدة أيام حيث وجها تهديدات مباشرة الى لبنان والمقاومة مهدّدين بالردّ على أيّ عملية ينفِّذها حزب الله ضدّ منشآت الغازالصهيونية .
و خلال جولة مشتركة مع رئيس هيئة الأمن القومي إيال حولاتا ونائب رئيس الأركان اللواء هرتسي هاليفي وآخرين، زاروا خلالها مقرّ قيادة المنطقة الشمالية قال لابيد: “وجهتنا ليست للمواجهة، لكن من سيُحاول المسّ بسيادتنا أو بمواطني إسرائيل، سيكتشف بسرعة أنّه إرتكب خطأً فادحاً” ، من جهته قال وزير الحرب بني غانتس: “إسرائيل جاهزة للقيام بالكثير حتى يزدهر جيرانها ومستعدّة للعمل طوال الوقت للدفاع عن المواطنين (الإسرائيليين). نحن مستعدون بكل المقاييس. أعيُننا تُشاهِد الأزمة التي تحدث في لبنان، وتمسّ بالمواطنين”. وأضاف: “دولة لبنان وقادتها يعرفون جيداً أنّهم لو اختاروا طريق النار فسوف يتضرّرون كثيراً. وإذا اختاروا مسار الاستقرار، سيساعدون مواطني لبنان”.
مما لا شك فيه ان العدو يحاول مواكبة المفاوضات برسائل ضغط مضادة وذلك للتخفيف من مفاعيل ضغط رسائل المقاومة وفي محاولة لانتاج توازن في اوراق الضغط التي يراهن على صرفها في المباحثات التي سيجريها المبعوث الأميركي هوكشتاين، مع الطرف اللبناني ، و من الواضح ان رهان العدو هو في اثارة مخاوف لدى الشعب اللبناني والمسؤولين الرسميين نظرا لما يعانيه لبنان من ازمات مصيرية على المستويين الاقتصادي والمالي .
اما على المستوى العملياتي فيراهن العدو من خلال تهديداته على كبح جماح المقاومة في الذهاب بعيدا وذلك لعدم حشره في زاوية تنفيذ مطالب المقاومة .
ولكن بعد اعادة النظر في سياق التهديدات الصهيونية يظهر انها اتت في الوقت الذي يخوض لابيد وغانتس حملة انتخابية ويحاول كلٌّ منهما أن يثبت جدارته كرئيس للحكومة في مقابل نتنياهو. أضف إلى أنّهما يتنافسان أيضاً على منصب رئاسة الحكومة. واما تعمدهما إرسال رسائل التهديد بشكل مشترك فهي محاولة للإيحاء بوحدة الموقف في مواجهة المقاومة .
ورغم التهديدات الصهيونية الرسمية كشفت تقارير إعلامية صهيونية بأنّ رئيس وزراء العدو يائير لابيد طلب من المبعوث الأميركي عاموس هوكشتاين، على هامش زيارة الرئيس الأميركي جو بايدن إلى الكيان الصهيوني ، التوصُّل إلى إتفاق مع لبنان في أقرب وقت ممكن. وهو موقف ينطوي على أكثر من رسالة ودلالة. ومن ابرزها إدراك العدو جدية المقاومة في الذهاب إلى أقصى مدى ممكن وهو ما أجبرهم على تجنّب سياسة التجاهل أو المماطلة لكسب المزيد من الوقت .
بحسب التقديرات الاستخباراتية الصهيونية فإنّ إحتمال تدحرج السيناريوهات هو إحتمال قائم ، ولذلك رأى المُعلِّق العسكري في صحيفة “هآرتس”، عاموس هرئيل، أنّه تمّ الدخول في “ديناميكية التصعيد… وعندما يردّ كلّ طرف على الآخر بتهديد أعلى يصبح من الصعب السيطرة على هذه الدينامية وضمان عدم خروج الأمور عن السيطرة”.
ترافق مع هذه التقديرات الحديث في صحيفة “هآرتس” عن “طريق مسدود”. ويؤشِّر ذلك إلى أنّ السقف الصهيوني لا يزال بعيداً عن المطلب اللبناني.
سيكشف الموقف الأميركي الجديد حقيقة ما يدور من تقديرات ورهانات في واشنطن وتل أبيب، خاصّةً بعد رسائل حزب الله عملياً وعلى مستوى الموقف. وهم يدركون أنّ أيّ طرح تسويفي أو لا يلبّي حقوق لبنان سيدفع حزب الله إلى الإرتقاء في خياره العملياتي، الأمر الذي سيضع صورة الردع الصهيوني موضع اختبار جدي.