خلال مقابلة مع شبكة سي ان بي سي الأمريكية، أعلن الملك الاردني عبدالله الثاني، عن تأييده إنشاء حلف “ناتو شرق أوسطي”، بمهام واضحة ومحددة، مشيراً إلى أنه “يمكن بناء الحلف مع البلدان ذات التفكير المتشابه”. وأضاف أنه يود أن يرى “المزيد من البلدان في المنطقة تدخل بهذا المزيج”، معلنا أنه سيكون من أوائل الأشخاص الذين سيؤيدون إنشاء حلف “ناتو” شرق أوسطي.
كلمات الملك الأردني طرحت فيضاً من الأسئلة حول مغزى التوقيت وطبيعة التحالف وأعضائه وغيرها من التساؤلات التي بقي أغلبها دون إجابات واضحة، ولم يكن حديث الملك الاردني وليد اللحظة فقد سبقه تمهيد اميركي، حيث نشرت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية خبراً موسعاً يتعلق بلقاء مسؤولين عسكريين أمريكيين مع نظرائهم في كل من الكيان الصهيوني والأردن ومصر ودول خليجية عدة.
وذكرت وول ستريت جورنال ان اجتماعا سرّيا عُقد في شرم الشيخ في شهر آذار الماضي، شارك فيه رئيس الأركان الصهيوني أفيف كوخافي وقائد الجيش السعودي فياض الرويلي وضباط كبار من جيوش مصر والأردن وقطر والبحرين والإمارات. لكن وعلى الرغم من غياب أي تأكيد رسميّ من أي طرف، ولا سيّما صهيوني، أشار إعلام العدو إلى أن الاجتماع كان جزءاً من جهود إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن لدفع “مبادرة الدفاع الإقليمي في مواجهة التهديد الإيراني”.
التلميح السياسي بشأن حصول هذا الاجتماع، صدر من وزير حرب العدو بني غانتس، الذي قال إن “إسرائيل” تتعاون مع دول المنطقة ضدّ إيران، وليس فقط في موضوع الدفاع الجويّ. وتابع غانتس “نحن نبني التعاون الواسع مع دول إضافية في المنطقة، من أجل ضمان شرق أوسط آمن، مستقرّ ومزدهر في سياق الدفاع الجوي ومجالات إضافيّة”.
وحول زيارة الرئيس بايدن المرتقبة، قال غانتس “نستعدّ جميعنا لزيارة الرئيس بايدن، وآمل أن تحدث اختراقات في موضوع قدرتنا على العمل من أجل تشكيل المنطقة، ومواجهة العدوانية الإيرانية في المنطقة كلها”.
وفيما تعامل خبراء بحذر مع الكشف عن الاجتماع السرّي، حيث “لم يؤكَّد من قبل أيّ جهة صهيونية”، فقد قاربه آخرون بحذرٍ لناحية الدلالات والتبعات على “الكيان الصهيوني”. ورفضوا وصف ما يحصل مع دول المنطقة بالحلف الدفاعي، لأنه في حال اندلاع مواجهة عسكرية كاملة فليس من المؤكّد – برأيهم- أن تهبّ الدول العربية للدفاع عن “اسرائيل”.
وكان المحلل الصهيوني المختص في شؤون الشرق الأوسط في صحيفة “هآرتس” زفي بارئيل، قد ذكر في مقال رأي نشره الأسبوع الماضي، أن التقارير عن إنشاء تحالف دفاعي إقليمي، سيضم الكيان الصهيوني وعددا من دول الشرق الأوسط الأخرى، بعث حياة جديدة في الفكرة المألوفة لتأسيس “حلف شمال الأطلسي في الشرق الأوسط”. وقال إن “هذا سيكون نوعاً من تحالف الدول العربية، الذي سيقيم مع إسرائيل درعاً دفاعياً ضد التهديد المشترك المتمثل في إيران”. لكنه عاد ولفت إلى إن الإحاطات الإعلامية الأخيرة التي قدمها مساعدون ومستشارون للرئيس بايدن، توحي بأنهم قلقون من مناقشة التحالف العسكري، وبدلاً من ذلك يؤكدون على نقطة الحديث المتمثلة في “رفع مستوى اندماج إسرائيل في المنطقة كاستمرار لاتفاقات إبراهام”.
من ناحية اخرى، يرى خبراء بحسب موقع “ذا ناشيونال” الاميركي أن أحد أهداف فكرة “ناتو شرق أوسطي” هو أن يكون ذراعاً للحلف الأصلي في المنطقة لمواجهة التمدد الروسي وليس الإيراني فقط، خاصة وأن موسكو ترتبط بعلاقات شديدة التميز مع دول عربية عدة على رأسها الجزائر ومصر. كما أنها أمدت الجزائر بصواريخ “اسكندر الاستراتيجية” أثارت قلقاً اوروبياً نظراً لقدراتها الهجومية الكبيرة ومداها شديد الاتساع.
ولا شك أن هذا التحالف يواجه تحديات كبيرة حول إنشائه فليس هناك اتفاق عربي أو رؤية شاملة وموحدة حول وجوده ومن هي الدول التي ستنضم اليه إضافة إلى الكيان الصهيوني والولايات المتحدة. فمن يسعى لإنشائه يستهدف في الأساس التهديدات الإقليمية وخصوصاً الإيرانية لكن حتى الآن لا يوجد ثمة إجماع حول الأمر خاصة أن هناك دول عربية ترى أن معركتها ليست في الأساس مع إيران.
وعلى هذا المنوال، ذكر مُعلّقون أن الأمر “لا يتعلّق بحلف ناتو شرق أوسطي أو حلف عسكري إسرائيلي عربي” بل بترتيبات وتفاهمات ضمن إطار قيادة المنطقة الوسطى الأميركية بعد ضمّ “إسرائيل” إليها. وأضافوا أن التوجّه هو إيجاد تعاون استخباري، وأنشطة تشخيص وتحديد عمليات إطلاق صواريخ كروز وطائرات غير مأهولة.
وفي ضوء ما يبدو كسباق زمن تخوضه المنظومة الصهيونية الأمنية والسياسية في كواليس الاعداد لزيارة الرئيس الأميركي، يبرز التفاؤل الصهيوني بانضمام السعودية علناً إلى “المبادرة الأميركية للدفاع المشترك”، التي من المتوقّع أن يعلن عنها بايدن أثناء زيارته للمنطقة. وأضافت تقارير أن النشر الرسمي عن هذا الحلف سيمنحه دفعة كبيرة، وفي الوقت عينه سيُعتبر إنجازاً أميركياً.
في الخلاصة، ان احتمالات تشكيل هكذا حلف ومحاولة الوصول الى قوات عسكرية موحدة على غرار حلف الناتو أمر مستبعد، كون هذا الحلف لا يعدو عن كونه وسيلة أميركية جديدة، لإستنزاف الموارد العربية، بهدف الحفاظ على الكيان الإسرائيلي، في ضوء ما يواجهه هذا الكيان من عدم مقبولية شعبية في أغلب الدول العربية رغم اتفاقيات التطبيع التي وقعت مؤخرا.
المصدر: موقع المنار