من الطبيعي تقدير اهمية دور هيئة الإشراف على الإنتخابات، لجهة مراقبة توزيع المال الإنتخابي خلال الشهر الذي يسبق اليوم الإنتخابي الطويل في 15 أيار المقبل، ولو أن هذا المال تتفاوت نوعيته، بين بونات الخضار والخبز والبنزين، وبين المدفوع نقداً وعداً، سيما وأن بعضه “مستورد” مع بعض السفراء، ما دامت حركتهم مكشوفة لجهة حشر الأنف في هذا الإستحقاق كما في سواه من الشؤون السيادية اللبنانية، الى حدود المُجاهرة بجمع مُريدِيهم على مائدة إفطار لتقييم الوضع بهدف تقويم ما يُشبه الحُطام.
المشهدية نفسها لمأدبة السندويشات التي أقامتها كونداليزا رايس في عوكر عام 2006، تكررت في إفطار السفير السعودي، والنتيجة هي حتماً نفسها، لأن التحركات التي فشلت في مَنع تحقيق النصر عام 2006، لن تُقدِّم أو تؤخر في الرأي العام اللبناني، الذي يُراد له من هذه الجماعة، بيع إرادته وقراره وضميره يوم الإنتخاب مُقابل المُغريات المحمولة نقداً من الخارج لصالح تُجار الذمم، لكن مع معرفتنا بالواقع المعيشي القاسي الذي يعيشه اللبنانيون، فإن الدفع قبل دخول الستارة لن يُلزم أحداً من أصحاب القضية الوطنية سوى القيام بواجبه تجاه قناعاته خلف الستارة.
وبما أن الموائد كائناً ما كان الطبق السياسي فوقها وتحتها، لا تُغيِّر شيئاً على مستوى الجماهير، لا قبل الإنتخابات ولا بعدها، فإن فُتات هذه الموائد لا يعدو كونه تلويثا بيئيا مجانيا للبيئة الوطنية، والأحجام السياسية لن تتغيَّر لصالح مَن يستوردون السيادة، إن لم نقُل ستتغيَّر لصالح المقاومة وحلفائها ونحن قاب قوسين من الإنتخابات ونتائجها، لكن هذا لا يعني استمرار السكوت عن التدخلات السافرة لسفير من هنا أوهناك وعلى عينك يا تاجر، لكل ما ينحر الأصول الديبلوماسية في التعاملات بين الدول.
والمؤسف في أولئك الذين تجمعهم سفارة، إحجامهم الدائم عن الإجتماع في بعبدا -على سبيل المثال – لا بل أكثر من ذلك، اعتبروا جمع شخصيتين لبنانيتين على إفطار شخصية وطنية كبيرة وكأنه لقاء إنتخابي، مع العلم، أن التحالفات الإنتخابية للتيار الوطني الحر والمردة كانت قد أعلنت قبل أن يجمع سماحة السيد حسن نصرالله النائب جبران باسيل بالنائب السابق سليمان فرنجية.
وبما أن الأمور على المستوى السياسي في لبنان تحكمها الديمقراطية والقرار الشعبي، فلا يصحّ أن الراعي الخارجي لهذه الإنتخابات، لا إنتخابات في بلاده والديمقراطية ممنوعة، ولبنان ليس مطروحاً كبش محرقة على مائدة التسويات الإقليمية، وتعويضاً عن خسارة أمام إيران في الملف النووي أو نكسة لعدوان في اليمن، وهنا يأتي دور الهيئات الدولية التي تتطوَّع لمراقبة الإنتخابات في لبنان، أن تقوم بالدور الحقيقي والفاعل، وأن ترصُد التدخُّل الخارجي المُعلن على مائدة إفطار، أو عبر زيارات يقوم بها هذا السفير أو ذاك لصالح فريق من اللبنانيين في مواجهة الآخر…
المصدر: خاص