في إطلالته الأخيرة التي أعلن فيها أسماء مُرشَّحيّ حزب الله للإنتخابات النيابية المقررة في أيار 2022، قدم الأمين العام السيد حسن نصرالله، اسس عمل كتلة الوفاء للمقاومة وانطباعا جيدا لما أنجزته الكتلة خلال السنوات الأربع الماضية، على المستويين القانوني والتشريعي، مع التأكيد على أن نواب الحزب هم جزءٌ من تركيبته وإدارته ومسيرته، وهم لا يخترعون موقفاً من “عندياتهم” في علاقاتهم السياسية، وأنهم في مهامهم التشريعية، لديهم هوامش واسعة في الدراسة القانونية لناحية اقتراحات ومشاريع القوانين، إضافة الى إنهم جزءٌ من حركة الحزب على الأرض ويعملون ككتلة بشكلٍ جماعي.
وحيث أن حزب الله يبني تحالفاته كما يبني كتلته، على أسس سياسية ومبادىء تحكم علاقاته بالحلفاء كما بالخصوم، فإن شعار “باقون نحمي ونبني” الذي أعلنته قيادة الحزب، هو خارطة طريق لكل شركاء الوطن، ضمن التركيبة القائمة التي تستلزم التعاون بين الأطراف، وإذا كانت التحالفات الإنتخابية لدى البعض وسيلة لبلوغ غاية الوصول الى المجلس النيابي، فإن الحزب لديه أدبيات الممارسة السياسية، التي تبدأ من فترة الترشيحات مروراً بالإنتخابات وخلال ولاية المجلس النيابي، تجمعه بالبعض ثوابت، وتُبعده عن البعض الآخر الثوابت نفسها.
وهنا نشير الى اهمية المظلَّة الحزبية التي تتحمَّل مسؤولية مسيرة النائب في لبنان منذ انتخابه وحتى رحيله عن الندوة البرلمانية، فالحياة السياسية الحزبية على أساسها تقوم معظم الأنظمة الديموقراطية في العالم، وهنا لسنا بوارد مناقشة الراحلين عن الندوة البرلمانية اللبنانية ولا محاسبتهم، بل نحن الآن بصدد القادمين الى المجلس النيابي ضمن تحالفات آنية ظرفية تنتهي بنهاية اليوم الإنتخابي.
وإذا كان يُفترض بأي حزب أن يتحمَّل المسؤولية الأدبية عن أداء نوابه، فإن العائلات في بعض المناطق اللبنانية التي تسعى لأن تكون في الحياة السياسية عبر نُخبٍ منها، يُفترض بها أيضاً أن تتحمَّل مسؤولية ثقة الناس، لكن يبدو أن التحالفات على أسس غير حزبية هي حصراً إنتخابية، أو تحت شعارات فضفاضة مستهلكة، مع بروز عامل فقدان الثقة، وبالتالي تأجيل الإعلان عن بعض التفاهمات الإنتخابية، رغم ضيق الوقت لتحالفات ضيِّقة، والسبب واضح: حسابات الحاصل الإنتخابي والصوت التفضيلي.
وتبدو تحالفات بعض المستقلِّين في غياب ماكينة إنتخابية مُوحَّدة، وبرنامجٍ انتخابي ورقيّ على الأقل، وكأن كل مرشَّح يضع في جيبه أصواته التفضيلية، وهو ليس على استعدادٍ لتجيير صوت تفضيلي واحد لأي حليف، وهذه نتيجة طبيعية لتحالف الرفقة الإنتخابية، البعيدة عن المدرسة الوطنية الحزبية، المُلتزمة بقواعدها الشعبية.
يبقى الرهان أولاً وأخيراً على الناخب اللبناني، يُتابع الرمادية التي تصبغ بعض المناطق على مستوى الترشيحات، والتي تنتظر بناء تحالفات تتبدَّل بدورها ساعة بساعة، بما يُوحي فعلاً أن الغاية لدى البعض هي الوصول بأي ثمن للمجلس النيابي وفق الأصوات التفضيلية التي يضعها كل مرشَّح في جيبه، والجيب خالٍ من أي برنامج إنتخابي…