وباءُ كورونا يضربُ جرسَ الانذارِ مجدداً ويضعُ اللبنانيينَ امامَ تحدياتٍ خطيرة، فيما وباءٌ سياسيٌ خطيرٌ يصيبُ القضاء، ويهددُ وحدتَه بل الوحدةَ الوطنية.
عوارضُه ظهرت جليةً اليومَ بعَمى الالوانِ الذي اصابَ احكامَه المتعلقةَ بقضيةِ المرفأ ، فردّت القاضيةُ رندى كفوري مثلاً طلبَ الارتيابِ الذي تقدمَ به الوزيرُ السابقُ يوسف فنيانوس ضدَّ المحققِ العدلي طارق البيطار، وقَبِلت – هي نفسُها – دعوى الارتيابِ التي تقدّمَ بها محامون ضدَّ القاضي غسان الخوري لابعادِه عن القضية، فيما تكفلت الهيئةُ العليا للتمييزِ بردِّ جميعِ دعاوى مخاصمةِ الدولةِ التي تقدّمَ بها رئيسُ الحكومةِ السابقُ حسان دياب وكلٌّ من الوزراءِ السابقينَ علي حسن خليل وغازي زعيتر ونهاد المشنوق .
انها مجزرةٌ قضائيةٌ بل شنقٌ للعدالةِ على مِقصلةِ التسييس، في وقتٍ تتكدسُ فيه الوثائقُ التي تؤكدُ بالدليلِ الممهورِ عن مكمنِ الخللِ الاساسِ الذي ادى الى انفجارِ مرفأِ بيروت، وصدارتُه تقصيرُ القضاء. وثمةَ من يُصرُ على القضاءِ على ايِّ املٍ بالحقيقةِ عبرَ التضليلِ والاستنسابيةِ ولا يزال .
فهل هذا اولُ الردِّ الذي اصابَ لقاءَ الاستقلالِ الرئاسي الذي عُقد في بعبدا؟ وما هي تداعياتُ الاصرارِ على الاستنسابيةِ والسيرِ بالقضيةِ بلغةِ القاضي الواحدِ المطلقِ الذي لا يقبلُ مراجعةً او طعناً او حتى سؤالاً ؟ وايُّ التداعياتِ ستَتركُها هذه المزاجيةُ القضائيةُ على مساعي انقاذِ الحكومة ؟
ويبدو انه لم يَعُد ينفعُ الا الدعاء، فذهبَ رئيسُ الحكومةِ نجيب ميقاتي ليَلتِمِسَهُ من بابا الفاتيكان فسَمِعَ تأكيداً بابوياً على ضرورةِ تعاونِ جميعِ اللبنانيينَ من أجلِ انقاذِ وطنِهم، لكي يَستعيدَ لبنانُ دورَه كنموذجٍ للحوارِ والتلاقي بينَ الشرقِ والغرب.
فكيفَ يكونُ ذلكَ واهلُه يتربصونَ ببعضِهم البعض، ويرفضُ بعضُهم التخلي عن التجارةِ الحرامِ حتى بدماءِ الابرياءِ التي سالت في المرفأ، ويرفضُ حُرمةَ الدم، كما تَعمدوا سفكَه غِيلةً في الطيونة.
على لهيبِ الدولارِ تَغلي اعصابُ اللبنانيينَ وتتبخرُ ارزاقُهم، وكلما مشَت الايامُ تكشفُ زَيْفَ الوعودِ الداخليةِ والخارجيةِ بايجادِ الحلولِ ولو المؤقتةِ لوقفِ الانهيار، والدعمِ الخارجي ولو المقنَّنِ لعدمِ انهيارِ البلاد.
المصدر: قناة المنار