اكد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون انه “يشعر بآلام الأهل والأصدقاء الذين فقدوا أحباءهم في انفجار مرفأ بيروت “وأنا واحد من الذين فقدوا غاليا يومها”، داعيا القضاء إلى ان يذهب الى النهاية في التحقيق والمحاكمات، “وأنا معه، وإلى جانبه، حتى انجلاء الحقائق وتحقيق العدالة”.
وفي كلمة له في ذكرى انفجار مرفأ بيروت، قال الرئيس عون “عندما يضع رئيس الدولة نفسه بتصرف القضاء لسماع إفادته فلا عذر لأحد بأن يمنح نفسه أي حصانة، أو يتسلح بأي حجة، قانونية كانت أم سياسية، كي لا يوفر للتحقيق كل المعلومات المطلوبة لمساعدته في الوصول إلى مبتغاه”.
وإذ أشار رئيس الجمهورية الى ان “التحدي الذي يواجهه المحقق العدلي ومعه القضاء لاحقا، هو كَشف الحقيقة وإجراء المحاكمة وإصدار الحُكم العادل في فترة زمنية مقبولة، لأن العدالة المتأخرة، ليست بعدالة”، فانه أوضح انه “يلتزم الدستور ويحترم فصل السلطات، ولا يرى ما يمنع على المحقق العدلي أن يستجوب من يعتبره مفيدا للتحقيق”، معتبرا انه من “المناسب ترك التحقيق يأخذ مجراه بعيدا عن الضغوط من أي جهة أتت”، ومعاهدا أهالي الشهداء أن “الدماء التي سالت في ذلك اليوم المشؤوم، لن تذهب هدرا، وأن الحقيقة آتية ومعها القصاص العادل لكل مسؤول عن الكارثة”.
ودعا الى ان “يكون إحياء الذكرى غدا محطة نستذكر فيها الشهداء والمصابين والمشردين بعيدا عن أي تصرف يمكن استغلاله للعبث بالأمن والاستقرار ويسيء إلى معاني هذه الذكرى”.
واكد الرئيس عون انه “سيسعى مع الرئيس المكلف، ووفقا لمقتضيات الدستور، إلى تذليل كل العراقيل في وجه تشكيل حكومة إنقاذية، قادرة بخبرات أعضائها وكفاءَاتهم ونزاهتهم أن تنفذ برنامج الإصلاحات المطلوبة والمعروفة”.
وشدد على “اننا قادرون معا بتعاوننا، وصبرنا، ومن خلال وضع آليات الحل على السكة الصحيحة، عبر تشكيل حكومة واعدة، والتحضير لانتخابات نيابية ترسي بذور التغيير الحقيقي، تساعد على تجاوز الحاضر المؤلم، والنهوض تدريجيا من الأزمة التي تمزق وطننا وقلوبنا وهناء حياتنا”.
ودعا رئيس الجمهورية الى ان” يتمسك اللبنانيون بوحدتهم ويفتحوا صفحة جديدة تعيد لبنان إلى خريطة الابتكار، والنمو، والمنافسة، وتعيد لشبابه الأمل بوطنهم، والرغبة بالبقاء فيه، وإعادته وطن الحضارة، والفرح، والإبداع”.
وفي ما يلي نص الكلمة التي وجهها الرئيس عون إلى اللبنانيين، مساء اليوم الثلاثاء، في الذكرى السنوية الأولى لانفجار مرفأ بيروت:
“أيتها اللبنانيات، أيها اللبنانيون
عشية الذكرى المؤلمة لانفجار مرفأ بيروت، أحيي روح كل شهيد سقط في هذه المأساة الكبرى، وأتعاطف مع كل جريح ومصاب، وكل من فقد عزيزا أو قريبا، مَنزلا أو مُلكا، وأنحني أمام صمود شعب تجمَعَت في وجهه كل المآسي، ومن عمق وجداني أقول لعاصمتنا الحبيبة بيروت، ستظهر الحقيقة وسينال كل مُذنب جزاءَه وستَنهَضين من جديد.
في الرابع من آب العام الماضي، وقع زلزال غير مسبوق في تاريخ لبنان. تمزق وجه بيروت، وتمزقت قلوب كثيرة، وفُقدت أرواح بريئة ما كان يجب أن تسقط، لولا تراكم الإهمال، وتضافر مسؤوليات الكثيرين على مر السنين، وعلى مختلف المستويات، الذين كان بإمكانهم اتخاذ إجراءات عملية لإزالة خطر المواد التي أدت إلى هذه الكارثة.
أشعر بآلام الأهل والأصدقاء الذين فقدوا أحباءهم في هذا الانفجار، وأنا واحد من الذين فقدوا غاليا يومها.أشعر بغضبهم المشروع، ومرارتهم العميقة، وألمهم الذي ستزيده الأيام حدة، إذا لم يشعروا بالقول والفعل، ومن خلال الإجراءات العملية، بأن المحاسبة قد بدأت، والمحاكمات ستقتص من المشاركين، عن قصد أو عن إهمال، في التسبب بالانفجار.
لهذا أقولها بالفم الملآن، من أجل جروحات اللبنانيين المفتوحة، ومن أجل التاريخ:
نعم للتحقيق النزيه والجريء وصولا إلى المحاكمات العادلة.
نعم للقضاء القوي، الذي لا يتراجع أمام صاحب سلطة مهما علا شأنه، ولا يهاب الحصانات والحمايات، من أجل تحقيق العدل، ومحاسبة المتسببين بهذا الانفجار.
فليذهب القضاء إلى النهاية في التحقيق والمحاكمات، وأنا معه، وإلى جانبه، حتى انجلاء الحقائق وتحقيق العدالة. وعندما يضع رئيس الدولة نفسه بتصرف القضاء لسماع إفادته فلا عذر لأحد بأن يمنح نفسه أي حصانة، أو يتسلح بأي حجة، قانونية كانت أم سياسية ، كي لا يوفر للتحقيق كل المعلومات المطلوبة لمساعدته في الوصول إلى مبتغاه.
كيف لا وشهداؤنا يستصرخون الضمير، وعيون العالم شاخِصة إلينا والتحدي الذي يواجهه المحقق العدلي ومعه القضاء لاحقا، هو كَشف الحقيقة وإجراء المحاكمة وإصدار الحُكم العادل في فترة زمنية مقبولة، لأن العدالة المتأخرة، ليست بعدالة.
إنني إذ ألتزم الدستور وأحترم فصل السلطات، لا أرى ما يمنع على المحقق العدلي أن يستجوب من يعتبره مفيدا للتحقيق، لا سيما وأن المحاكمة العادلة هي التي لا تبَرئ ظالما ولا تظلُم بريئا، لذلك من المناسب ترك التحقيق يأخذ مجراه بعيدا عن الضغوط من أي جهة أتت…
عهدي لأهالي الشهداء، عشية هذه الذكرى الأليمة، أن الدماء التي سالت في ذلك اليوم المشؤوم، لن تذهب هدرا، وأن الحقيقة آتية ومعها القصاص العادل لكل مسؤول عن هذه الكارثة، وليكن إحياء الذكرى غدا، محطة نستذكر فيها، بصفاء ومسؤولية وحكمة، الشهداء والمصابين والمشردين من منازلهم، بعيدا عن أي تصرف يمكن استغلاله للعبث بالأمن والاستقرار ويسيء إلى معاني هذه الذكرى المأساوية .
أيتها اللبنانيات، أيها اللبنانيون، اعرف ان انتظاركم طال لحكومةٍ جديدة. واليوم لدينا الفرصة لذلك، مع تكليف رئيس جديد لتشكيلها. وكم كنت أتمنى أن تصدر مراسيم التشكيل في أسرع وقت ممكن، لكني أعاهدكم أني سأسعى، يدا بيد مع الرئيس المكلف، ووفقا لمقتضيات الدستور، إلى تذليل كل العراقيل في وجه تشكيل حكومة إنقاذية، قادرة بخبرات أعضائها وكفاءَاتهم ونزاهتهم أن تنفذ برنامج الإصلاحات المطلوبة والمعروفة.
أيتها اللبنانيات، أيها اللبنانيون، تشعرون جميعا، وأشعر معكم، بأن ما حصل في السنتين الأخيرتين، من انهيار اقتصادي ومالي مع كل انعكاساته الحياتية، والمعيشية، والنفسية، والأمنية، يكاد يؤشر لانهيار الدولة اللبنانية بكل مقوماتها، ومؤسساتها، ودورها، ووجودها.
وقد عمَق انفجار الرابع من آب هذا الإحساس، وزاده مرارة، وألما. لكنني اليوم، أقف أمامكم كإخوة، وأبناء، وأصدقاء، وعائلات، وشعب عريق وصامد، لأؤكد لكم أن الآلام تنتهي بفجر جديد، وأننا قادرون معا بتعاوننا، وصبرنا، ومن خلال وضع آليات الحل على السكة الصحيحة، عبر تشكيل حكومة واعدة، والتحضير لانتخابات نيابية ترسي بذور التغيير الحقيقي، تساعد على تجاوز الحاضر المؤلم، والنهوض تدريجيا من الأزمة التي تمزق وطننا وقلوبنا وهناء حياتنا.
نعم، نحن قادرون على ذلك، والأمل لم يكن يوما مرادفا للوهم، حين نرفقه بالوعي، والعمل، والتضامن، والعزم.
نحن قادرون على النهوض. فلنتمسك بوحدتنا، ولنفتح صفحة جديدة تعيد لبنان إلى خريطة الابتكار، والنمو، والمنافسة، وتعيد لشبابنا الأمل بوطنهم، والرغبة بالبقاء فيه، وإعادته وطن الحضارة، والفرح، والإبداع.
عشتم وعاش لبنان”.
المصدر: الوكالة الوطنية للإعلام