كشف السفير الأميركي السابق لدى سوريا، روبرت فورد، عن دور واشنطن ولندن في إعداد أحمد الشرع، المعروف سابقًا بـ”أبو محمد الجولاني”، لتولي رئاسة سوريا، مؤكدًا أن التحوّل الذي شهده الشرع من زعيم في تنظيم “القاعدة” إلى رئيس انتقالي، لم يكن عفويًا بل ثمرة جهود استخباراتية وسياسية مشتركة.
فورد الذي تولى منصبه الدبلوماسي في دمشق بين عامي 2011 و2014، تحدث عن تجربته هذه خلال محاضرة ألقاها مطلع الشهر الجاري في مجلس بالتيمور للشؤون الخارجية، تحت عنوان: “انتصر الثوار في سوريا.. والآن ماذا؟”، حيث أزاح الستار عن خفايا الدعم الغربي لأحمد الشرع، بما في ذلك تفاصيل تدخل مؤسسات بريطانية غير حكومية متخصصة في حل النزاعات، لإخراجه من “عالم الإرهاب” إلى “عالم السياسة التقليدية”، وفق تعبيره.
وقال فورد في المحاضرة: “ابتداءً من عام 2023، دعتني مؤسسة بريطانية غير حكومية، تعنى بحلّ الصراعات، للمساعدة في إخراج هذا الشاب من عالم الإرهاب وإدخاله في السياسة. كنت مترددًا جدًا في البداية، وتخيلت نفسي مرتديًا بدلة برتقالية والسكين على عنقي، لكن بعد أن تحدثت إلى عدد من الأشخاص الذين خاضوا التجربة، وأحدهم قابله شخصيًا، قررت أن أجرّب حظي”.
وأضاف: “عندما التقيته للمرة الأولى، جلست بجانبه كما أنا الآن بجانب روي، وقلت له بالعربية: خلال مليون سنة لم أكن لأتخيل أنني سأكون جالسًا بجانبك، فنظر إلي وتحدث بنبرة هادئة قائلاً: ولا أنا. لكنه لم يعتذر يومًا عن العمليات الإرهابية التي نفذها في العراق وسوريا”.
وأشار فورد إلى أن اللقاء الثالث بينه وبين الشرع جرى مطلع العام الجاري داخل القصر الرئاسي في دمشق، حيث قال: “ذهبت إلى سوريا في كانون الثاني/يناير، والتقيت بأحمد الشرع، وكان آنذاك رئيسًا، وعندما زرته قلت له: لم أتوقع يومًا، حتى في مليون عام، أن أراك هنا، فابتسم وقال لي: أحب أن أفاجئك دائمًا، سعادة السفير”.
وأكد فورد أن الشرع لم يبدِ أي ندم أو اعتذار عن تاريخه الجهادي، رغم تحوّله السياسي. كما شدد على أن هذا التحوّل كان جزءًا من مسار منظم رعته جهات غربية، مشيرًا إلى أن “المهمة كانت تتطلب إدماجه في المشهد السياسي السوري، لا محاسبته على الماضي”.
ما كشفه فورد لم يكن جديدًا بالكامل، إذ أكّده كذلك رئيس قسم الشرق الأوسط في مركز ويلسون، جيمس جيفري، الذي أشار إلى أن العلاقة بين واشنطن والشرع تعود إلى ما قبل ظهوره السياسي العلني، حين كان لا يزال يُعرف بـ”الجولاني”.
وبناءً على هذه المعطيات، بدا أن اللقاء الأخير الذي جمع الرئيس الأميركي دونالد ترامب، ورئيس الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع، في العاصمة السعودية الرياض، لم يكن بحاجة إلى وساطة أو تمهيد، بل شكّل امتدادًا لعلاقة سابقة تربط “الصانع بصنيعته”، على حد وصف المتابعين.
المصدر: موقع المنار