ليس من ضمن المفاجآت ، قيام الطائرات الاميركية بعدوان استهدف قوات الحشد الشعبي على الحدود العراقية – السورية ، كما ليس من المفاجآت الوقاحة في تبرير العدوان الذي حمل مضامين البيان الرسمي الاميركي بشأنه محاولة زرع فتنة بين العراقيين من خلال الاصطياد في بقعة ماء عكرة ، سيما ان البيان الاميركي اوحى بانه ابلغ شركاءه ،اذ ان البيت الأبيض اعلن أنه “أبلغ بعض أعضاء الكونغرس قبل تنفيذ ضربات جوية في سوريا والعراق، مؤكدا أنه على اتصال وثيق بشركائه في المنطقة” وأن الرئيس جو بايدن هو من أمر بشن هذه الضربات الجوية “للحد من التصعيد وهي كانت ضرورية ومناسبة”.
ليست المرة الاولى التي تستهدف القوات الاميركية، قوات الحشد الشعبي، التي لولاها لكانت “دولة” داعش لا تزال موجودة في الموصل وغيرها ، فالولايات المتحدة قتلت من ضمن جرائمها الكبرى في العراق القائد الرمز ابو مهدي المهندس ، كما شنت غارات عدة على مواقع الحشد ، للاقتصاص منه على دحر الارهاب ،والوقوف الصارم ضد الاحتلال الاميركي للعراق ، وهو بلا ادنى شك كون قناعة لدى الشعب العراقي بضرورة طرد الاميركيين وحلفهم الشرير من العراق ، وقد تحولت القناعة الى قرار حكومي وبرلماني بضرورة خروج القوات المحتلة ، وقد جرت جولات عدة للتفاوض على كيفية الخروج ، مع التأكيد على رفض وجود اي اميركي يتعلق بالشأن العملياتي ، سيما ان الارتكابات الاميركية تعددت مجازرها ضد الشعب العراقي ، والكثير من عملياتها مصنفة جرائم حرب وجرائم بحق الانسانية.
ان الغارة الاخيرة جاءت بعد يومين من استعراض لقوات الحشد في ديالى بمناسبة ذكرى الانطلاقة السابعة للحشد ، وقد لقي الاستعراض اهتماما واسعا على المستوى الاقليمي والدولي واعتبره البعض مؤشرا لحقبة جديدة وفي مضمونه رسائل سياسية وامنية ، سيما ان رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي ووزير الدفاع جمعة عناد ووزير الدلخلية ، ومستشار الامن القومي ورئيس الاركان وكبار ضباط الجيش العراقي حضروا الفعالية مع بالغ التحية والتقدير .
من الطبيعي ان يغضب كل ذلك الرؤوس الحامية في الولايات المتحدة ، بعد ان فشلت كل الالة الاعلامية والامنية في تشويه صورة الحشد الشعبي ، واسناد الحملة بفرض عقوبات لا تقدم ولا تؤخر على قياديين في الحشد ولا سيما فالح الفياض رئيس هيئة الحشد الشعبي، وعبدالعزيز المحمداوي “أبوفدك” رئيس أركان الحشد ونائب رئيس هيئة الحشد بالوكالة، ولاحقا اعتقال القيادي قاسم مصلح وهذا الامر الاخير كاد ان يهز العراق ولولا المسارعة للافراج عنه
من الطبيعي ان تكون تداعيات سلبية على قوات الاحتلال الاميركي واعوانه في العراق ، ويبقى التوقيت كما تراه قيادة الحشد التي اعلنت بصريح العبارة “نؤكد احتفاظنا بالحق القانوني للرد على الاعتداءات ومحاسبة مرتكبيها على الأراضي العراقية”.واعتبرت الهيئة “الاعتداء يأتي في إطار إضعاف العراق وقواته الأمنية والحشد الشعبي الذين شهدت لهم أمريكا وبقية دول العالم بدحر الإرهاب وإبعاد خطرعن كل العالم، كما ويصب في صالح تقوية الجماعات الإرهابية”.
وواكب موقف الحشد اجتماع طارئ برئاسة القائد العام للقوات المسلحة،( الكاظمي) خصص لمناقشة تداعيات العدوان ،وقد أعرب المجلس الوزاري عن استنكاره وإدانته للقصف الأمريكي الذي استهدف الحشد الشعبي واكد أن هذا الاعتداء يمثل انتهاكاً صارخاً للسيادة العراقية، ترفضه كل القوانين والمواثيق الدولية.بينما تعمد الكاظمي تمرير جملة تختص بالاحتلال وفيها تأكيد “الوصول إلى مراحل متقدمة في الحوار مع الولايات المتحدة الأمريكية بشأن انسحاب القوات القتالية الأمريكية من العراق”
بموازاة ذلك توعدت “كتائب حزب الله” التابعة لـ”الحشد الشعبي” العراقي بتصعيد الهجمات ضد القوات الأمريكية،وقال المسؤول الأمني لـ”كتائب حزب الله”، أبو علي العسكري”إن الإجرام والطغيان في نهج وسلوك العدو الأمريكي لا يمكن رده بالاستنكار والاعتراض، بل يجب أن يكون ردعه ردعا عمليا ودقيقا ومستمرا. ليعلم الاحتلال أن العراق لديه رجال أولو باس شديد وهو أوليا دم كل عراقي مظلوم”.
من المؤكد ان اللغة الوحيدة التي يفهمها اي محتل ،هي تلك التي تخرج من فوهات البنادق ، فكيف يمكن ردع اي قوة ارتكبت جرائم إبادة جماعية خطيرة وجرائم ضد الإنسانية في استعمارها وغزوها للبلدان الأخرى” بلغة اخرى؟
ان العدوان الاخير على الحشد الشعبي مع التراكمات السابقة معطوفة على وجود قرار عراقي شامل باخراج الاحتلال ، سيسرع بلا شك ترحيل الاميركيين فان لم يكن افقيا ، سيكون بلا شك عموديا .
الموقع غير مسؤول عن النص وهو يعبر عن وجهة نظر كاتبه
المصدر: خاص