التصعيد العسكري بين القوات الأرمنية والأذربيجانية الذي يشهده إقليم قره باغ حاليا، ليس إلا أحدث حلقات النزاع المستمر على مدى أكثر من 30 عاما، وإن كان أكثرها خطورة منذ هدنة 1994.
إقليم قره باغ الذي يسميه الأرمن “أرتساخ” ويعتبرونه جزءا من أرمينيا القديمة، دخل في قوام أراضي الإمبراطورية الروسية في بداية القرن الـ19.
وبعد ثورة 1917 ألحق الإقليم في نهاية الأمر بجمهورية أذربيجان السوفيتية الفتية رغم اعتراض الأرمن الذين كانوا يشكلون أغلبية سكانه، ومنح نظام الحكم الذاتي.
وفي عام 1988، مع صعود النزعات القومية في الاتحاد الوفيتي المتهالك، دعا المجلس التشريعي في قره باغ لنقل الإقليم إلى أرمينيا، لكن سلطات أذربيجان رفضت ذلك، فبدء التوتر في المنطقة يتفاقم إلى أن اندلعت اشتباكات بين الأرمن والأذربيجانيين تخللها مظاهر قتل وتدمير وتهجير.
وردا على إعلان قره باغ استقلالها عام 1991 أرسلت باكو قواتها إلى الإقليم المتمرد، لكن النجاح لم يكن حليفها وفقدت أذربيجان السيطرة على قره باغ و7 مناطق متاخمة له، قبل أن وقعت أرمينيا وأذربيجان وقره باغ على بروتوكول وقف إطلاق النار في مايو 1994.
ومنذ ذلك وقت يبقى الهدوء الهش سيد الموقف حول قره باغ، ويتخلله بين حين وآخر جولات من القتال، أبرزها ما أطلق عليه “حرب الأيام الأربعة” في أبريل عام 2016، وكذلك الاشتباكات التي وقعت على خط التماس في يوليو من هذا العام.
وخلال السنوات الماضية، لم تنل “جمهورية قره باغ” الاعتراف باستقلالها من أي دولة، بما فيها أرمينيا، التي تقدم لها المساعدات المختلفة والدعم الكبير وتدافع عن مصالحها في الساحة الدولية.
كما لا تشارك سلطات قره باغ في المفاوضات التسوية التي تجري برعاية “مجموعة مينسك” التابعة لمنظمة الأمن والتعاون الأوروبي، والتي تضم روسيا والولايات المتحدة وفرنسا، لأن أذربيجان لا تعترف بها كطرف في النزاع.
وتطالب أذربيجان بإعادة كل “الأراضي المحتلة” دون أي شرط، وتصر على عودة الأذريين النازحين من قره باغ و”المناطق المحتلة” المتاخمة له، والذين يقدر عددهم بنحو 600 ألف شخص، إلى مناطقهم الأصلية.
وقد أعلنت باكو مرارا عن استعدادها لاستعادة هذه الأراضي بواسطة القوة المسلحة، في حين تفرض تركيا حليفة أذربيجان، حصارا على أرمينيا، ومن بين الشروط التي تطرحها أنقرة لفتح الحدود مع أرمينيا تسوية الخلاف على الأراضي مع أذربيجان.
المصدر: روسيا اليوم