في نهايته، صدر بيان عن المجتمعين تلاه الرئيس السنيورة، في ما يلي نصه:
“تلقينا دعوة من فخامة الرئيس العماد ميشال عون لحضور اجتماع في القصر الجمهوري يوم الخميس المقبل، ونحن لم نتأخر يوما، مجتمعين أو منفردين، عن تلبية أي دعوة من هذا القبيل، ولطالما تجاوزنا الكثير من الحساسيات والشكليات للتجاوب مع مقتضيات المصلحة الوطنية، لكن هذه الدعوة، اليوم، والهدف المعلن منها، تبدو في غير محلها شكلا ومضمونا، وتشكل مضيعة لوقت الداعي والمدعوين في وقت تحتاج البلاد في رأينا الى مقاربات مختلفة لانتشالها من الأزمة الحادة التي تعيشها، ولاستعادة ثقة المواطنين التي انهارت والحاجة لطمأنتهم إلى المستقبل بما يؤكد احترام اتفاق الطائف والدستور، والتأكيد على القرار الوطني الواحد، ووقف تفلت الحدود، والحرص على استقلالية القضاء عبر الافراج عن التشكيلات القضائية، كما قررها مجلس القضاء الأعلى بدل نسف مبدأ الفصل بين السلطات، ووقف الركون الى تأويل النصوص لاختراع مفاهيم خارجة عن احكام الدستور والقانون، أو التفتيش عن ثغرات غير موجودة فيه لتدمير ما صاغه اللبنانيون في “اتفاق الطائف”، من توازن وطني وحرص على النأي بالنفس.
إن الخطر الحقيقي على الاستقرار قد يأتي به الوضع الاقتصادي والمالي المتردي الذي وصلت اليه البلاد، وهو الذي أسهم فيه استمرار الاستعصاء على مباشرة الإصلاح لدى من هم في موقع المسؤولية، ولا يملكون جدول أعمال لحماية السلم الأهلي مما يتهدده من انفجار اجتماعي غير مستبعد، وهذا مما لا يجبه باجتماعات فضفاضة لا جدول أعمال واضحا لها، وإنما بالخروج من حال التخبط والتردد والشكوى والكف عن إلقاء اللوم على الآخرين، وبالشروع في إصلاحات تستعيد الثقة وتنقذ الاقتصاد والعملة الوطنية وفق خطة عمل جدية ومقنعة للبنانيين وللهيئات الدولية والجهات المانحة.
إن الأداء الذي قدمته الحكومة في الأشهر الماضية – ملف الكهرباء وبالذات قضية معمل سلعاتا- والالتفاف على قانون آلية التعيينات الذي أقره مجلس النواب- والتراضي في محاربة التهريب والتخبط في التعامل مع أسعار الصرف أو في قصور الحكومة وتقصيرها عن تطوير دراسة وخطة موحدة للاصلاح، كل ذلك، يعطي إشارات إلى عجز فاضحٍ عن أن تكون البلاد في مستوى التحديات الجدية التي تواجه الوطن وبمستوى الأحداث الخطيرة الراهنة. ولا يكون ذلك إلا ببرنامج يرسم خريطة طريق واضحة تتضمن موقفا موحدا من القضايا التي أدت إلى الانهيار السياسي والمالي والاقتصادي والاجتماعي، وإلى الانكشاف الأمني والعسكري، وبرنامج يصوب الخيارات والمسارات، ويطلق الاصلاحات، ويعيد لبنان إلى مكانه ومكانته، فيتصالح مع محيطه العربي ويستعيد ثقة العالم به.
إننا لا نجد في الاجتماع المعين فرصة جدية لإحياء طاولة حوار وطني ينتهي إلى قرارات جدية تحسم في وضع لبنان دولة سيدة حرة مستقلة، تنتمي إلى محيطها العربي وتعيد أفضل العلاقات معه. إننا نلتقي مع ما قاله غبطة البطريرك الماروني بشاره الراعي بالأمس ونحيي مواقفه الوطنية. إن عدم مشاركتنا في هذا الاجتماع هو اعتراض صريح على عدم قدرة هذه السلطة مجتمعة على ابتكار الحلول التي تنقذ لبنان بكل مكوناته. فلبنان اليوم قد أصبح مهددا بالانهيار الكامل الذي يطال خصوصا الطبقة الوسطى من اللبنانيين التي لطالما شكلت العمود الفقري والرافعة الحقيقية للمجتمع اللبناني.
إننا مع إدراكنا لدقة وحراجة المرحلة، فإننا ندعو الجميع إلى تحرك سريع يستنهض الطاقات الإنتاجية بجميع مكوناتها الاقتصادية والعمالية والنقابية والأهلية من أجل العودة إلى الأصول والتأكيد والدفاع عن:
1- احترام وتطبيق الدستور اللبناني.
2- إقرار خطة وبرنامج اصلاحي واضح ومقنع اقتصاديا وماليا ومعيشيا.
3- احترام قرارات الشرعيتين العربية والدولية.
4- التزام القرار الاجتماعي للنأي بالنفس.
5- التكامل مع نظام المصلحة اللبنانية في العلاقة مع العالم العربي.
إننا نبدي أسفنا الشديد للاعتذار عن عدم المشاركة في الاجتماع الذي دعا اليه فخامة الرئيس كرسالة اعتراض صريح على عدم قدرة هذه السلطة مجتمعة على ابتكار الحلول التي تنقذ لبنان بكل مكوناته.
وانطلاقا من موقعنا الوطني ومن احترامنا لعقول اللبنانيين وتطلعاتهم، نعلن عدم استعدادنا للمشاركة في اجتماع بلا أفق. أعان الله لبنان وشعبه”.
وسئل السنيورة: بهذا الموقف تكونون قد انتزعتم الميثاقية السنية عن هذه الطاولة، كأنكم قطعتم الطريق على الحوار؟
أجاب: “موقفنا دائما موقف وطني، وسيستمر كذلك”.
المصدر: الوكالة الوطنية للإعلام