يحاول الباحثون العاملون في أنتاركتيكا فهم سلوك جزيء جديد غامض، ويقترحه البعض كدليل على أنه خلال الانفجار العظيم، أُنشئ كون ثان بعكس عالمنا، ويتكون بشكل أساسي من المادة المضادة.
وجاءت الاكتشافات الصادمة من رحلة استكشافية إلى القارة القطبية الجنوبية، كان الباحثون يأملون خلالها في دراسة الإشعاع الكوني القادم من الفضاء.
وقام الفريق بتوصيل هوائي ناسا الدافع العابر (ANITA) ببالون عالي الارتفاع، ووضعه في مكان مرتفع بحثا عن جزيئات عالية الطاقة قادمة من أنظمة شمسية أخرى، والتي لا يمكن اكتشافها عادة في الارتفاعات المنخفضة بسبب التداخل الجوي.
وفي البداية، لم ينتج بالون ANITA أي دليل على جزيئات عالية الطاقة، وفقا لتقرير في New Scientist.
ولكن بعد ذلك أدرك الباحثون، بقيادة بيتر غورهام من جامعة هاواي، أن بياناتهم أظهرت عكس ما كانوا يبحثون عنه تماما: تدفق جسيمات عالية الطاقة تنتقل من سطح الأرض إلى الفضاء.
ويُعتقد أن الجسيمات هي نيوترينو تاو، وهو نوع من الجسيمات البطيئة الحركة التي لديها القدرة على التحول مؤقتا إلى جسيمات عالية الطاقة، تسمى “تاو ليبتون”، قبل العودة إلى حالتها المنخفضة الطاقة.
وفي حين أن الجسيمات عالية الطاقة تنحرف أو تتشوه عادة بواسطة الغلاف الجوي للأرض وسطحها، يمكن أن تمر الجسيمات منخفضة الطاقة على طول الطريق.
وهذا يعني أن النيوترينو تاو كان يمكن أن ينتقل عبر الفضاء كجسيم عالي الطاقة، ويتحول إلى جسيم منخفض الطاقة أثناء مروره عبر الغلاف الجوي للأرض ونواة الكوكب، ثم يتحول مرة أخرى إلى جسيم عالي الطاقة أثناء انتقاله إلى الجانب الآخر.
وسرعان ما بدأ باحثون آخرون في تحليل بيانات ANITA للتعامل مع الغموض الحاصل، بما في ذلك نيل توروك من معهد Perimeter للفيزياء النظرية في Waterloo، كندا.
وأجرى توروك وفريقه مجموعة من الحسابات المعقدة، واقترحوا أن النيوترينو تاو الذي لوحظ في القارة القطبية الجنوبية يمكن أن يكون نوعا جديدا تماما من الجسيمات، وهو “نيوترينو يميني” يعكس نوعا أكثر شيوعا من النيوترينو، يطلق عليه اسم “نيوترينو يساري”.
واقترح توروك أن النيوترينوات اليمنى واليسرى يمكن أن تكون مرتبطة بالطريقة نفسها، التي ترتبط بها المادة والمادة المضادة، مشيرا تحديدا إلى مفهوم يقول: إن المادة والمادة المضادة هما نفس نوع الجسيمات التي تتحرك فقط في اتجاهات متعاكسة عبر الزمن.
ووفقا لهذه النظرية، لم تكن “النيوترينوات اليمنى” التي ما تزال غامضة والمكتشفة في القارة القطبية الجنوبية، مجرد جزيئات جديدة ولكنها زائرة من عالم جديد تماما.
وكان من الممكن أن يتشكل الكون الجديد خلال الانفجار العظيم في نفس نقطة كوننا، ولكنه يتحرك في الاتجاه المعاكس عبر الزمن، ويتقلص بدلا من التوسع، ويتكون بشكل أساسي من المادة المضادة بدلا من المادة.
وربما يكون النيوترينو الغامض الذي لوحظ في القارة القطبية الجنوبية، ببساطة انعكاسا لمرآة النيوترينوات الأكثر شيوعا في الكون، وهو ما يفسر سلوكه غير المعتاد. إنها فكرة جذرية مع وجود عدد من الاختلافات التقنية الهامة التي ما يزال يتعين حلها.
ويقول غورهام إنه وفريقه ما يزالون يحللون بياناتهم ويعملون على إعداد ورقة رسمية، يعتقد أنها ستكون خطوة مهمة إلى الأمام.
المصدر: ديلي ميل