أكد رئيس وفد الجمهورية العربية السورية إلى قمة دول حركة عدم الانحياز نائب وزير الخارجية والمغتربين الدكتور فيصل المقداد أن سورية مستمرة في مكافحة الإرهاب بالتوازي مع المضي في حل سياسي للأزمة مبني على حوار سوري سوري بقيادة وملكية سورية ودون تدخل خارجي مشددا على أن اعتداءات النظام التركي على الأراضي السورية مرفوضة ومدانة وتشكل انتهاكا لميثاق الأمم المتحدة وقرارات مجلس الأمن التي تؤكد على احترام سيادة سورية ووحدتها وسلامة أراضيها.
وقال المقداد في كلمة سورية اليوم أمام اجتماع القمة الـ 18 لدول الحركة المنعقد في العاصمة الأذرية باكو.. يتزامن انعقاد قمتنا اليوم في وقت يشهد فيه العالم تحديات جمة تتمثل في محاولة الدول الغربية الانقضاض على دول الحركة بهدف التأثير في دورها بصناعة عالم اليوم وقد تجاهلت هذه الدول إنجازات الحركة منذ مؤتمري باندونغ وبلغراد لتحقيق عالم أكثر أمناً تسوده مبادئ السلام والعدالة والتضامن والتعاون ويقوم على أساس مبادئ احترام سيادة الدول واستقلالها وسلامة أراضيها والمساواة بينها وعدم التدخل في شؤونها الداخلية والامتناع عن العدوان أو استخدام القوة والتلويح بها وعلى حل المنازعات بالطرق السلمية.
ودعا المقداد إلى التمسك بتلك المبادئ كي تعود الحركة إلى سابق عهدها قوة فاعلة في التوازنات والعلاقات الدولية وتحافظ على تلك القيم لتحقيق السلام العالمي المنشود موضحا أن عالمنا اليوم بحاجة ماسة إلى ديمقراطية في العلاقات الدولية كما هو بحاجة أيضاً إلى احترام نتائج الانتخابات عندما تتعارض مع مصالح الولايات المتحدة والدول الاستعمارية ولافتا إلى أن محاربة هؤلاء لنتائج الانتخابات في بلدان مثل فنزويلا وبوليفيا ونيكاراغوا يفضح زيف الديمقراطية التي يطالبون بها.
أحد أخطر ما يواجهه عالم اليوم هو تفشي ظاهرة الإرهاب إقليمياً ودولياً بدعم وتمويل وتسليح وتبرير من حكومات دول باتت معروفة للجميع
وأشار المقداد إلى أن سورية من منطلق إيمانها بأهداف الحركة النبيلة وبحكم تجربتها في معالجة الأزمة فيها وعلى الرغم مما حققته من انتصارات بفضل بطولات الجيش العربي السوري ومساعدة الحلفاء والأصدقاء ترى أن أحد أخطر ما يواجهه عالم اليوم هو تفشي ظاهرة الإرهاب إقليمياً ودولياً بدعم وتمويل وتسليح وتبرير من حكومات دول باتت معروفة للجميع وباتت آفة الإرهاب تشكل أحد أهم التهديدات للسلم والأمن الدوليين وخطراً محدقاً يواجه الجميع دون استثناء موضحا أن الأعمال الارهابية الإجرامية التي يرتكبها تنظيما “داعش” و”جبهة النصرة” والتنظيمات والكيانات الأخرى المرتبطة بهما في سورية وفي أجزاء كثيرة من الدول تشكل دليلا واضحاً على تفاقم ظاهرة الإرهاب وبلوغها حدوداً غير مسبوقة في الاجرام والقتل والتنكيل والهمجية وتدمير البنى التحتية للدول النامية وإن اختلفت أشكالها وهوية منفذيها.
وجدد المقداد تأكيد موقف سورية أن الطريق للقضاء على الإرهاب معروف للجميع وأن تغاضي دول فاعلة مثل الولايات المتحدة وبعض دول الاتحاد الأوروبي عن محاربة الإرهاب وانتهاجها أسلوباً انتقائيا في مكافحته يثبت عدم وجود إرادة سياسية لديها للقضاء عليه واجتثاث جذوره داعيا إلى ضرورة اتخاذ إجراءات رادعة حقيقية لمساءلة الدول الداعمة والممولة للإرهاب وأن يتم تنسيق جهود مكافحة الإرهاب مع البلد المعني وعدم استخدام مكافحة الإرهاب ذريعة للعدوان ولانتهاك سيادة الدول وسلامة أراضيها.
الاعتداءات المتكررة على الأراضي السورية ومحاولات النظام التركي المستمرة لإقامة ما تسمى “المنطقة الآمنة” إضافة إلى العدوان المباشر على الأراضي السورية لما يسمى “التحالف الدولي” كلها تصرفات أحادية مرفوضة ومدانة
وشدد المقداد على أن الاعتداءات المتكررة على الأراضي السورية ومحاولات النظام التركي المستمرة لإقامة ما تسمى “المنطقة الآمنة” دون أي احترام للقانون الدولي ولمبادئ السيادة والاستقلال وتزويرها مضمون المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة ومبدأ حسن الجوار إضافة إلى العدوان المباشر على الأراضي السورية لما يسمى “التحالف الدولي” الذي تقوده الولايات المتحدة كلها تصرفات أحادية مرفوضة ومدانة وتشكل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة وخرقاً سافراً لقرارات مجلس الأمن حيال الأزمة في سورية والتي تؤكد جميعها على احترام سيادة سورية ووحدتها وسلامة أراضيها.
سورية مصممة على التصدي للعدوان التركي بكل الوسائل المتاحة وعلى تحرير كل ذرة من ترابها وطرد أي وجود أجنبي غير شرعي
وأعرب المقداد عن الشكر لدول عدم الانحياز على تضامنها مع سورية وإدانتها العدوان التركي مؤكدا تصميم سورية على التصدي للعدوان التركي بكل الوسائل المتاحة وعلى عزمها تحرير كل ذرة من ترابها وطرد أي وجود أجنبي غير شرعي على أراضيها مهما كانت التضحيات ومجددا الدعوة للمهجرين للعودة بعيدا عن محاولات استغلال البعض لهم لتحقيق أجندات مشبوهة.
وبين المقداد أنه لم يعد يخفى على أحد بأن المستفيد الأول مما يجري في سورية والمنطقة هو كيان الاحتلال الإسرائيلي الذي لم يكتف باستمرار احتلاله الأراضي العربية في فلسطين والجولان السوري وأجزاء من جنوب لبنان منذ عقود وارتكابه الجرائم المروعة بحق الرازحين تحت الاحتلال بل أمعن في طغيانه من خلال قيامه باعتداءات مباشرة على سورية ودول أخرى في المنطقة ما ينذر بوضع المنطقة على شفير الهاوية ويدفع للقيام بسيناريوهات لا يستطيع أحد توقع مداها أو تداعياتها على السلم والأمن الدوليين.
الحرب الإرهابية على سورية والعدوان المتكرر على أراضيها لن يحرفها عن تمسكها بحقها غير القابل للتصرف في استعادة الجولان المحتل
وشدد المقداد على أن الحرب الإرهابية على سورية والعدوان المتكرر على أراضيها لن يحرفها عن تمسكها بحقها غير القابل للتصرف في استعادة الجولان المحتل كاملاً بكل الوسائل التي يكفلها القانون الدولي ووفقاً لقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة وفي مقدمتها قرارا مجلس الأمن 242 و338 والقرار 497 الذي أكد أن فرض سلطات الاحتلال الإسرائيلي ولايتها على الجولان باطل ولا أثر قانونيا له على الإطلاق مؤكدا أن إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشأن الجولان لا يغير شيئا من الوضع القانوني للجولان فهو أرض سورية ستعود عاجلا أم آجلا.
وبين المقداد أن الحرب الإرهابية التي تشن على سورية لن تحيدها أبداً عن موقفها الثابت والمبدئي بدعم حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة على كامل ترابه الوطني وعاصمتها القدس وضمان حق العودة للاجئين وفقاً للقرار رقم 194 لعام 1948 ووقوفها إلى جانب الشعب الفلسطيني في رفضه ما تسمى “صفقة القرن” الأمريكية الإسرائيلية الرامية لتصفية القضية الفلسطينية.
سورية تدين بشدة الإجراءات الاقتصادية القسرية الأحادية الجانب المفروضة عليها وعلى بعض دول الحركة
وأوضح المقداد أنه بعد عجز بعض الدول المعروفة عن تحقيق مآربها عبر التدخل العسكري والإرهابي في بعض دول حركة عدم الانحياز بذرائع واهية عمدت إلى تكثيف إرهابها الاقتصادي لذلك فإن سورية تدين بشدة فرض الإجراءات الاقتصادية القسرية الأحادية الجانب المفروضة عليها وعلى بعض دول الحركة بما فيها إيران وفنزويلا وكوريا الديمقراطية وكوبا وبيلاروس من قبل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ودول أخرى بوصفها وسيلة لتحقيق أهدافٍ وأجنداتٍ سياسية مؤكدا أنه لو توحدت دول الحركة في رفضها هذه الإجراءات القسرية لما تمكن المستعمرون من فرضها على دولنا.
سورية مستمرة بمكافحة الإرهاب لإنقاذ شعبها من شروره
وجدد المقداد التأكيد على استمرار سورية بمكافحة الإرهاب لإنقاذ شعبها من شروره ولذلك حرصت على المشاركة في مسار استانا الذي اثبت فعاليته سواء على الأرض أو في تشكيل لجنة مناقشة الدستور مشددا على أن حل الأزمة مبني على حوار سوري-سوري بقيادة وملكية سورية ودون تدخل خارجي أو شروط مسبقة وعلى نحو يحفظ سيادة سورية ووحدة وسلامة أراضيها.
وأوضح المقداد أن نجاح المسار السياسي يعتمد بشكل أساسي على توافر مناخ من الالتزام الدولي والإقليمي وتكاثف جميع الجهود من أجل محاربة الإرهاب الذي تتعرض له سورية والمنطقة والعالم مشيرا إلى أن الاعتداءات على الأراضي السورية من أي طرف كان ولاسيما نظام أردوغان والولايات المتحدة وبعض الدول الغربية ستكون لها تداعيات سياسية على العملية السياسية وعلى عمل لجنة مناقشة الدستور ما لم ينبر المجتمع الدولي والأمم المتحدة لوقف هذا العدوان وردعه والضغط على النظام التركي والولايات المتحدة لإخراج قواتهما من كل الأراضي السورية والالتزام بأحكام القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة والقرارات ذات الصلة بالأزمة في سورية.
وأعرب المقداد عن أسف سورية لبقاء صراع ناغورني كارباخ دون حل ولاستمرار التهديد الذي يشكله للأمن الإقليمي والدولي وتأكيدها أهمية حله بصورة سلمية استنادا لمقاصد ومبادئ الأمم المتحدة ولمبادرة مجموعة مينسك للوساطة الدولية وكذلك الرؤية التي عبرت عنها حركة عدم الانحياز في مواقفها السابقة.
وتوجه المقداد بالشكر للرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو على الجهود التي بذلتها بلاده خلال السنوات الثلاث الماضية في رئاستها المميزة لحركة عدم الانحياز مهنئا أذربيجان على ترؤسها الحركة للسنوات الثلاث القادمة ومجددا دعم سورية دور الحركة في مختلف المجالات وذلك عبر تعاوننا جميعاً وتمسكنا والتزامنا بمبادئ الحركة العشرة التي بات التمسك بها اليوم يشكل ضرورة لنا جميعاً أكثر من أي وقت مضى وذلك لمواجهة العواصف والتحديات السياسية الحالية والمستقبلية التي تتعرض لها دول حركتنا.
المصدر: وكالة سانا