أكد باحثون من جامعة فيلادلفيا الأمريكية أن المسلمين من الأصول الأجنبية في ألمانيا يعانون من الاضطهاد بشكل مضاعف، مقارنة بغيرهم من الأجانب غير المسلمين. تم التوصل لهذه النتائج بعد إجراء تجارب في نحو 30 محطة قطار بألمانيا.
افتعل الباحثون الموقف التالي أكثر من 1600 مرة إجمالا في نحو 30 محطة قطار في ألمانيا: رجل ألماني ذو بشرة بيضاء يرمي كوب قهوة فارغا على رصيف المحطة، فتمر به امرأة، لا تقول شيئا في نصف الحالات، وفي النصف الآخر تطلب منه أن يرفع قمامته من على الرصيف. وراقب مارة، لا يعرفون أن المرأة جزء من التجربة، التفاعلات.
وبعد ذلك بقليل تستقبل المرأة اتصالا، تاركة كيسا به طعام، يسقط منها أثناء الاتصال برتقال على الأرض. والسؤال هو: هل يساعد المارة المرأة في جمع البرتقال بعد أن رأوا تدخلها لتقويم سلوك الرجل؟ النتيجة: أكثر الحالات التي تلقت فيها المرأة المساعدة حين كانت تقوّم فيها سلوك الرجل، قبل أن يسقط منها البرتقال، مبرهنة بذلك على أنها محبة للنظام، مثل الكثير من الألمان.
ولكن الأمر كان يتوقف أيضا على ما إذا كانت المرأة ترتدي حجابا أم لا، وما إذا كانت بوجه مكشوف، أو أنها ألمانية ذات بشرة بيضاء. وقام بالتجربة في محطات القطارات عدة فرق، وكان الرجل دائما، ألمانيا أبيض البشرة. وكانت المرأة إما ألمانية بيضاء البشرة أو من أصل تركي أو مصري أو سوري أو كردي.
الألمانية البيضاء تتلقى المساعدة في أكثر الحالات
تلقت الألمانية التي أظهرت حبا للنظام، مساعدة في 84% من الحالات، في حين تلقت المرأة ذات الحجاب، التي قومت سلوك الرجل الألماني، مساعدة في 73% فقط من الحالات المفتعلة، وهي نفس نسبة المساعدة التي تلقتها المرأة الألمانية التي اكتفت بمجرد المرور قرب الرجل الذي رمى القمامة، دون أن تطلب منه رفعها.
وكانت المرأة ذات الحجاب، التي لم تقوم سلوك الرجل، الأقل تلقيا للمساعدة من المارة، حيث تلقت مساعدة في 60% من الحالات. وغيّر الباحثون من مظهر هذه المهاجرة بعض الشيء، في كل محطات القطار التي أدت فيها دورا سابقا في التجربة، بحيث أصبحت ترتدي إما حجابا أو صليبا بشكل واضح أو لا تحمل رمزا دينيا أصلا.
وكانت النتيجة أنه عندما كانت المرأة ذات الأصل الأجنبي بشعر مكشوف، وملابس معتادة في ألمانيا، وكانت تحمل صليبا أو لا تحمل رمزا دينيا، حققت نفس نسبة الاستعداد للمساعدة، التي تلقتها المرأة التي أدت دور الألمانية. وعندما كانت ترتدي حجابا انخفضت نسبة الاستعداد لمساعدتها بنحو 10%.
اظهار الانتماء للإسلام يؤدي للتمييز
وفي تقييمهم لنتائج الدراسة قال الباحثون إنهم لم يجدوا “إشارة على وجود اضطهاد عرقي في حد ذاته”. بيد أنهم استنتجوا في الوقت نفسه أن إظهار الانتماء للإسلام علنا في ألمانيا يؤدي للتعرض للتمييز، حتى وإن اجتهدت امرأة من أصول أجنبية في الحرص على تبني المعايير الألمانية.
وأوضح كبير الباحثين نيكولاس سامبانيس “تبين لنا أن الأحكام المسبقة ضد المسلمين واضحة جدا، ولا يمكن تجاوزها من خلال المواطنة الجيدة”، حيث كانت المساعدة التي تتلقاها المرأة ذات الحجاب أقل دائما مع نفس السلوك.
بدوره أوضح أولريش فاغنر، من جامعة ماربورغ الألمانية تعليقا على الدراسة أن هناك دائما بعض الرموز التي تميز الاختلاف، و”أن ذلك يعني في الوقت الحالي في ألمانيا انتماء إسلاميا واضحا فعلا”. ووفقا لتقديره فإن الكثير من المجتمعات تشهد عمليات إقصاء لأشخاص ينتمون لمجموعات بعينها، وأن الظروف السياسية والتاريخية هي التي تحدد المجموعة التي تتعرض للإقصاء حاليا.
لماذا ألمانيا كساحة لإجراء التجربة
وفقا لجامعة بنسلفانيا فإن اختيار الباحثين لألمانيا كساحة لإجراء التجربة، كان لعدة أسباب، منها كثرة المهاجرين واللاجئين بها، إضافة إلى أن الألمان يميلون لتبني معايير مشتركة، خاصة حب النظام.
وأجريت التجارب في نحو 30 محطة قطار في عدة ولايات ألمانية، تم خلال التجارب رصد 1614 تفاعلا، وذلك في الفترة بين تموز/يوليو و آب/أغسطس 20118. ورصدت التجارب رد فعل 7142 شخصا كانوا طرفا في المواقف المفتعلة دون علمهم.
المصدر: DW