منذ هجمات شارلي إيبدو وما تبعها من أحداث ارهابية استهدفت المدنيين في فرنسا والتي كان آخرها هجوم نيس الذي راح ضحيته حوالي 80 شخصا والهجوم على الدير في منطقة النورماندي، يعيش الاليزيه حالة من الارباك في مواجهة هذه الهجمات.
الارباك تمثّل هذه المرّة باتخاذ إجراءات بحق المساجد في البلاد، وخاصة في جزيرة كورسيكا التي تبنى نوابها قرارا يدعو السلطات الفرنسية لغلق أماكن العبادة التي تشكل “بؤر تطرف إسلامي” في الجزيرة بحسب قولهم، وذلك عقب تحذير أطلقته حركة قومية كورسيكية سرية وجهته إلى من وصفتهم بالإسلاميين المتطرفين على الجزيرة. وقد تم تبني القرار بشبه إجماع، حيث صوت لصالحه نواب الأغلبية القومية الذين انضم إليهم زملاؤهم من اليمين واليسار، باستثناء ثلاثة نواب شيوعيين لم يشاركوا في التصويت.
وطلب القرار “الغلق الفوري” في كورسيكا “لأماكن العبادة أو الاجتماع التي تشكل بؤر تطرف مؤكد أو التي تلقى فيها خطابات كراهية تخلق مناخا مواتيا للعنف”، كما دعا المجلس إلى تعزيز الأمن في أهم الأماكن التي يرتادها السياح في الجزيرة.
وكانت حركة قومية كورسيكية سرية حذرت في وقت سابق “الإسلاميين المتطرفين في كورسيكا” من أن أي اعتداء يمكن أن ينفذوه في الجزيرة سيؤدي إلى “رد حازم لا رحمة فيه”. وهذه الحركة التي تدعى “جبهة التحرير الوطني لكورسيكا” نشرت تحذيرها في بيان على صحيفة “كورس ماتن” المحلية.
قرار الجزيرة الفرنسية التي تطالب بالانفصال انسحب الى الداخل الفرنسي، وصرح رئيس الوزراء الفرنسي مانويل فالس لصحيفة لوموند الفرنسية بأنه يؤيد تعليق مؤقت لتمويل المساجد الفرنسية من الخارج وأعرب عن أمله في تكوين الأئمة في فرنسا وليس في مكان آخر. كما أعرب عن أمله في فتح صفحة جديدة مع مسلمي فرنسا. وأقر فالس بوجود تقصير في متابعة الملف القضائي لأحد مرتكبي الاعتداء ضد كنيسة في شمال فرنسا وقال إن إطلاق سراح أحد منفذي الاعتداء ووضعه رهن اللإقامة الجبرية كان تقصيرا.
وأعرب رئيس الوزراء الفرنسي عن تأييده تعليق التمويل الخارجي للمساجد بشكل مؤقت، لكنه أعرب في المقابل عن الأمل في فتح صفحة جديدة مع مسلمي فرنسا، بعد الهجمات الاخيرة.
وصرح فالس في مقابلة مع صحيفة “لوموند” “علينا العودة إلى البداية وبناء علاقة جديدة مع مسلمي فرنسا”، وأعرب عن “تأييده لوقف التمويل الخارجي لبناء مساجد لفترة من الزمن”، وفي أن “يتم إعداد الأئمة في فرنسا وليس في مكان اخر
هولاند يعتزم تشكيل حرس وطني بهدف التصدي للإرهاب
محاولات السيطرة على الأمن في فرنسا دفعت بقصر الإليزيه الى الاعلان عن نيّة الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند إنشاء حرس وطني في بلاده بهدف دعم القوات الفرنسية للتصدي للهجمات الإرهابية، ومن المتوقع البدء بتطبيق القرار مطلع الخريف المقبل.
وقال الرئيس الفرنسي إنه يعتزم تشكيل حرس وطني في بلاده لمساعدة القوات الفرنسية على التصدي للهجمات الإرهابية، في ظل تضاعف هذه الاعتداءات مؤخرا. وتضمن بيان للإليزيه بعد لقاء بين هولاند وبرلمانيين متخصصين في هذه المسألة أن “رئيس الجمهورية قرر أن ينشئ الحرس الوطني انطلاقا من الاحتياطات العملانية الحالية”، وستقدم آراء مطلع آب/أغسطس قبل بدء تطبيق القرار المتوقع مطلع الخريف.
وأشار البيان أن “طرق تأهيل وتوزيع قوات الحماية على الأرض الفرنسية ستحدد بالتشاور مع كل الجهات الفاعلة”. وأضاف أن “مجلس دفاع” سيعقد مطلع آب/أغسطس للبحث في هذه القوة وتحديد عدد عناصرها.
وأضاف أن الهدف هو “جعل تشكيل هذه القوة عملاني في أسرع وقت ممكن في خدمة حماية الفرنسيين”.
ويشار إلى أن هولاند لم يتحدث من قبل سوى عن تطوير احتياطات الدرك والشرطة وتلك المتوفرة لسلاح الجو والبحر والبر من أجل دعم القوات التي تعمل تحت الضغط منذ 18 شهرا مع سلسلة الاعتداءات التي وقعت. وفي هذا الإطار، يفترض أن يتوفر 15 ألف عنصر احتياطي بحلول نهاية تموز/يوليو مقابل 12 ألفا حاليا.
وتبيّن الاجراءات الفرنسيّة الأخيرة حالة كبيرة من الإرباك في التعاطي مع ملف مواجهة الإرهاب خاصةً وأن الادارة الفرنسية مسؤولة عن دعم الارهاب في أكثر من منطقة في الشرق الاوسط وافريقيا، وهو ما ارتد عليها سلباً من خلال عودة عدد كبير من الارهابيين الذي شاركوا في القتال بسوريا والعراق وافغانستان الى اراضيها، اضافة الى تسلل متطرفين مع المهاجرين الذين دخلوا الى الاراضي الاوروبيّة عبر البحر. وتتخوف جهات من أن تتخذ السلطات الفرنسية اجراءات تستهدف الجالية المسلمة هناك وتساهم في خلق ظروف اجتماعية سلبية داخل المجتمع الفرنسي. ومن هنا فإن الأجدى ان يقوم الايليزيه بمراجعة لسياساته الداخلية والخارجية على السواء لينطلق بعدها الى وضع سياسات سليمة تخدم جميع مكونات المجتمع الفرنسي وتساهم في الحد من تمدد التطرف والارهاب.
المصدر: مواقع اخبارية + موقع المنار