ألقى المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان خطبة الجمعة في مسجد الإمام الحسين في برج البراجنة، أشار فيها إلى أن “ما تشهده المنطقة من أحداث ومتغيرات ينبغي أن يشكل حافزا لهذه الطبقة السياسية يدفعها إلى التبصر واستبصار ما قد يودي بنا الاستمرار بهذا النهج السياسي الذي لم يعد له ما يبرره على الإطلاق، بعد كل هذا الاهتراء الذي أصاب الدولة، وفتك بمؤسساتها، وأحدث كل هذا الخلل في النظام السياسي والانتظام العام، وبات يهدد المرتكزات الأساسية لبقاء لبنان، سيما أن ما نشهده من نهب لمالية الدولة، ومن فساد وتلوث صحي وبيئي تحول فيروسا خطيرا لا يمكن القضاء عليه، طالما بقيت هذه الطبقة السياسية في مشاحناتها، وصداماتها على ما تبقى من فتات هذا البلد الذي أصبح كيانه ونظامه وكل تركيبته على كف عفريت”.
ورأى ان “هذا الواقع لا يمكن مواجهته أو الخروج منه بالتمنيات والنظريات والخطابات، بل بالعمل معا، وعقد العزم على التفاهم الموصول بتقديم التنازلات والتضحيات من أجل إنقاذ لبنان، فلبنان الذي أسس على التوافق لا يمكن أن يستمر إلا بالتوافق. وعليه، ندعو الجميع إلى جعل جلسات الحوار المرتقبة في آب حقيقية ومفصلية، تخرجنا بسلة من التفاهمات، توقف هذا النزف الوطني، وتضع حدا لتعطيل الدولة واهتراء مؤسساتها، بدءا من الاتفاق على انتخاب رئيس للجمهورية وإقرار قانون انتخابي يؤمن التمثيل الصحيح، ويحقق الشراكة القادرة على وضع الرؤى السياسية الشفافة، والبرامج الاقتصادية والاجتماعية الصحيحة للنهوض بالوطن، وبناء الدولة ومؤسساتها، وبخاصة المؤسسة العسكرية التي نحيي جهودها وتضحياتها في تحملها لمسؤولياتها، ونؤكد ضرورة دعمها، وتعزيز دورها، ورفدها بكل ما يجعلها متمكنة من إفشال ما يستهدف لبنان ويواجهه من تحديات ومخاطر إرهابية وأمنية. فالوقت ليس وقت المزايدات والسجالات والمشاحنات، فيما البلد يتعرض للسقوط تحت وطأة الضغوط المالية والاقتصادية، والناس تعيش التلوث السياسي والبيئي والاجتماعي بشكل لا يطاق، الأمر الذي يهدد السلم الأهلي، ويؤدي إلى فوضويات اجتماعية واهتزازات أمنية، بدأت مؤشراتها تظهر في أكثر من منطقة لبنانية”.
وحذر من “مغبة المراوحات السياسية، وربط الحلول الداخلية بالتسويات الدولية والإقليمية، فأزمة الكهرباء والماء والبطالة ومكافحة الفساد والتلوث البيئي والغذائي وهدر المال العام ونهب الدولة ومؤسساتها وتقسيم المغانم وتوزيع الحصص وتأسيس الشركات الرحمية والخاصة، كل ذلك لا يحتاج إلى تفاهمات دولية وإقليمية كي يعالج وتوضع له الحدود، بل هو من مسؤولية هذه الطبقة السياسية، وتحديدا هذه الحكومة التي أصبحت شاهد زور على كل ما يجري، وباتت عاجزة عن القيام بدورها كسلطة مسؤولة ومعنية بشؤون الناس، بسبب الخلافات بين أعضائها، ليس على المصلحة الوطنية، إنما على سرقة موارد الشعب والوطن”.
وختم “إن ما نسمعه عن ملفات فضائحية مختلفة يؤكد أن من يشتري ويبيع بالسياسة لا يريد لهذا الوطن أن ينهض، حتى القضاء الذي نعول عليه يكاد بكل أسف أن يدخل بعض منه في لعبة البيع والشراء، وهذا أخطر وأسوأ مقاتل الوطن. إننا ندين هذا الواقع، ونرفض رفض قاطعا قتل لبنان، ولا نقبل أن يختصر لبنان على طريقة أنا أو لا أحد، فرجالات هذا البلد ليسوا قلة، ولدى الكثير منهم الكفاءة والقدرة على قيادة سفينة هذا الوطن والإبحار بها إلى شاطىء الأمان”.