ألقى السيّد علي فضل الله، خطبتي صلاة الجمعة، من على منبر مسجد الإمامين الحسنين في حارة حريك، بحضور عددٍ من الشخصيّات العلمائيّة والسياسيّة والاجتماعيّة، وحشدٍ من المؤمنين والبداية من غزة، حيث يواصل العدو مجازره فيها بحق المدنيين، وليس آخرها مجزرة المواصي، والتي استخدم فيها العدو آخر ما طورته تكنولوجيا الدمار وأدت إلى ارتقاء أعداد كبيرة من الشهداء والجرحى، وذلك بحجة وجود مقاومين، فيما كل الوقائع تشير إلى أن موقع الاستهداف هو مركز لجوء للمدنيين الهاربين من جحيم القصف داخل غزة. وقد أصبح واضحاً أنه يريد من وراء ذلك تيئيس الفلسطينيين ودفعهم إلى ترك غزة، وإيجاد شرخ بينهم وبين المقاومة بدعوى أنها تتخذ منهم دروعاً بشرية لها”.
وتابع:”فيما المفاوضات التي لا يزال هناك من يراهن عليها وصلت إلى طريق مسدود بفعل إصرار حكومة العدو على عدم الاستجابة للمطالب المحقة للشعب الفلسطيني، وهو في ذلك لا يأبه بالأصوات التي تأتي من الخارج وتدعوه إلى القبول بمنطق المفاوضات ولا بالتظاهرات الحاشدة التي تعم مدن الكيان الصهيوني وأرجاءه، ومن الغريب أن تضع الإدارة الأمريكية مسؤولية إيقاف هذه المفاوضات على عاتق المقاومة الفلسطينية، وهي التي بادرت للأخذ بطرح الرئيس الأمريكي وما دعا إليه من دون زيادة أو نقصان”.
وقال:”إننا أمام كل ما يجري نجدد التحية للشعب الفلسطيني الذي رغم كل المجازر والقتل والتجويع والأوبئة، لا يزال مصراً على مواقفه والثبات في أرضه وعلى مواجهة هذا العدو بالإمكانات التي تمتلكها مقاومته والتي أربكت وتربك هذا العدو وتمنعه من تحقيق الانتصار ما يدفعه إلى القول إنه يحتاج إلى سنة أخرى حتى يحقق أهدافه في غزة ويستكملها في الضفة الغربية… إن ذلك كله يجعلنا ندعو مجدداً العالم المعني بهذه القضية عربياً وإسلامياً إلى عدم الوقوف موقف المتفرج أمام معاناة هذا الشعب والاكتفاء ببيانات الشجب، التي لا تسمن ولا تغني من جوع”.
واردف:”وهنا نحيي كل الذين شعروا بمسؤوليتهم ويؤدون دورهم على هذا الصعيد، والذين يبذلون لأجل ذلك التضحيات وهو ما شهدناه أخيراً في العملية البطولية التي قام بها شاب أردني بمفرده، وهو الذي لم يقبل أن يبقى ساكتاً بعدما رأى ما يتعرض له الشعب الفلسطيني، فأقدم وبسلاحه الخاص وبجهد فردي على القيام بعمليته هذه.
واشار السيد فضل الله إلى أن هذه العملية لا تقتصر دلالتها على بعدها العسكري بقدر ما توجه رسالة للعدو أن معركته لم تعد مع الشعب الفلسطيني فقط بل مع كل الشعوب العربية، وأنها ستقوم بواجبها كلما استطاعت لذلك سبيلاً”.
واضاف:” ونصل إلى لبنان الذي بات سقف تهديدات العدو الصهيوني له يرتفع، وهو ما جاء على لسان قياداته الأمنية والسياسية، حين يعلن أن الوقت قد حان لنقل معركته إلى الجبهة مع لبنان، في الوقت الذي يوسّع العدو من دائرة اعتداءاته لتطاول المدنيين وسيارات الإسعاف والدفاع المدني اللبناني وتدمير المباني السكنية واستهداف أماكن العبادة وإحراق المساحات الحرجية، والتي من الواضح أنها تهدف لإيقاف مساندة الشعب الفلسطيني التي باتت تشكل استنزافاً له وللخروج من المأزق الذي يعاني منه تجاه مستوطنيه على أبواب عام دراسي جديد”.
واشار الى” اننا أمام ما يجري نؤكد على اللبنانيين عدم الخضوع لتهديدات العدو التي تندرج وكما في السابق، في سياق التهويل، بعد أن أصبح واضحاً أن هذا العدو غير جاهز للقيام بحملة عسكرية واسعة، هو يعرف جيداً وبخبرته التي عاشها في لبنان مدى خطورتها عليه، فيما هو لا يملك الغطاء الدولي الكافي الذي يجعله يقدم على حرب كبيرة والتي إن بدأ بشنها، فإنها لن تقف عند لبنان، بل ستتسع دائرتها لتكون حرباً إقليمية، لكن هذا لا يعني عدم الحذر لمواجهة أي طارئ أو أي مغامرة متهورة قد يقدم عليها.
وجدد السيد فضل الله دعوته للبنانيين إلى الوقوف صفاً واحداً ومنع العدو من الاستفادة من أي انقسام دخلي قد يحفزه على الإقدام على مغامرته، داعياً الحكومة إلى تحمل المسؤولية تجاه مواطنيها لمعالجة الوضع المتردي الذي يعيشه اللبنانيون على الصعيد الاجتماعي والاقتصادي وعدم إدارة الظهر له، تجنباً لتداعيات ما جرى مع العسكريين المتقاعدين والتي يخشى أن تؤدي إلى انفجار يهدد استقرار البلد، فيما لدى الحكومة الكثير مما تستطيع القيام به على هذا الصعيد، وفي الحد الأدنى إيقاف كل منافذ الهدر والاستفادة من مقدرات الدولة وإمكاناتها والتحرك بجدية لاستعادة الأموال المنهوبة”.
على صعيد آخر، دعا السيد فضل الله ” القضاء الى أن يعبر عن مصداقيته في التحقيق الجاري مع حاكم مصرف لبنان، المعني الأول بحماية أموال الدولة وأموال المودعين، بأن يكشف للبنانيين أين ذهبت أموال الدولة وأموال المودعين، فلا يبقى التحقيق بالحدود التي تجري فيها أو أن يضيع في دهاليز السياسة والتسويات التي تحصل في هذا المجال”.
المصدر: الحكومة اللبنانية