أعلن رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، في كلمة القاها أمام السلك الدبلوماسي، “ان الارهاب نما وتوسع وتمدد نشاطه ليشمل القارات الخمس”.
وسأل: “العدالة الموعودة، والحرية المنشودة، فأين نبحث عنهما؟ هل في ضياع القدس؟ أم في صفقة القرن التي ستسرق من الفلسطينيين أرضهم وهويتهم؟ أم في مخيمات النازحين السوريين التي يسعى العالم لإبقائهم فيها؟ أم في التهجير الجديد لمجموعات بشرية والتحويل الديمغرافي؟ أم في لبنان الذي يجاهد للمحافظة على علة وجوده؟ أم في شعوب يقرر عنها مصيرها ومستقبلها؟ لماذا كل ذلك؟ ومن أجل ماذا؟ يحق للشعوب التي تدفع الأثمان أن تسأل!”.
واكد “ان لبنان من الدول التي حملت ولما تزل أثقل الأعباء من تداعيات حروب الجوار وتدفق النازحين السوريين. صحيح تمكنا من تحرير أرضنا من الإرهاب وقضينا على معظم خلاياه النائمة وضبطنا الأمن لكن أزمة النزوح لا تزال تلقي بثقلها من كل النواحي، اقتصاديا وامنيا واجتماعيا وتربويا واستشفائيا”، مشيرا الى “ان مساحة وطننا وبناه التحتية وموارده المحدودة عاجزة عن تحمل هذه الزيادة السكانية التي باتت تهدد مجتمعنا. فلبنان بلد هجرة وليس بلد استيطان ولا هو سوق مفتوحة للعمل، وأبناؤه المنتشرون في كل أصقاع الأرض هاجروا بحثا عن فرص أفضل. أضف الى ذلك الظروف القاسية التي يعيشها النازحون في المخيمات، بينما يمكنهم العودة الى وطنهم والعيش فيه بكرامة والمساهمة في ورشة إعادة اعماره خصوصا بعدما انحسرت الحرب وعادت الحياة الى طبيعتها في معظم مدنه”.
وقال: “لا يبدو موقف المجتمع الدولي واضحا حيال العودة لا بل ما يرشح من مواقف لا يبدو مطمئنا من محاولات ربط العودة بالحل السياسي الذي قد يطول الى الحديث عن العودة الطوعية مع عدم تشجيع النازح عليها، بل على العكس إثارة قلقه حيالها وأخيرا الدعوة لإبقاء النازحين بأماكن وجودهم وتأمين العمل لهم”.
واكد “ان السلام لا يقوم بضرب الحقوق المشروعة للشعوب، السلام لا يقوم بالتلاعب بالديموغرافيا وتغيير معالم الدول، جغرافيا واجتماعيا، السلام لا يقوم بالإمعان في العنصرية ورفض الآخر”. وقال: “نخشى أن يكون هذا الإصرار على إبقاء النازحين في لبنان، بالرغم من تأكيدنا مرارا وتكرارا في المحافل الدولية وأمام كل البعثات الدبلوماسية الضرر الذي يلحقه ذلك بوطننا على مختلف الصعد خصوصا الاقتصاد والأمن وشرحنا الأسباب الموجبة لرفضه”.
اضاف: “نخشى أن يكون ذلك الإصرار مخططا لتهجير من أمكن من اللبنانيين تسهيلا للحلول الغامضة والمشبوهة التي تلوح في الأفق. وهنا نسأل، هل قدر للبنان أن يدفع أيضا أثمان الحلول والسلام في المنطقة، كما سبق له ودفع أثمان حروبها؟؟”.
وتابع: “تبرز صفقة القرن وقضية القدس ويترافق مع ضغوط إسرائيلية على لبنان سواء عبر الخروقات الدائمة للـ1701 وللسيادة اللبنانية برا وبحرا وجوا بمعدل 150 خرقا شهريا أو عبر الادعاءات والاتهامات والتهديدات، وعلى الرغم من كل ذلك يبقى لبنان حريصا على تطبيق الـ 1701 والمحافظة على الاستقرار”.
ورأى “ان التهديدات الإسرائيلية والضغوط المستمرة والحلول الغامضة وما تحمله من صفقات بالإضافة الى ضرب الهوية الجامعة للأرض المقدسة عبر اعتماد القدس عاصمة لإسرائيل وإعلان يهوديتها، كلها إشارات منذرة بالخطر ولا تنهي الحروب القائمة بل تؤسس لحروب جديدة ولتهجير جديد وتطهير عرقي جديد”.
وشدد على ان “ما يؤسس للسلام ليس الجدار ولا الأسوار ولا الدبابة ولا الطائرة… الجدار والأسوار تعزل، الطائرة والدبابة تدمران وتقتلان، فهل هذه مقومات السلام؟”.
وقال: “أغتنم الفرصة اليوم لأتوجه من خلالكم الى الأسرة الدولية التي تمثلون، مشددا على أن السلام- إذا كان السلام هو الهدف- لا يقوم بينما تجري الصفقات على حساب اللاجئ الذي طرد من أرضه وسلبت هويته
واشار الى ان “لبنان يعاني اليوم من حالة تعثر داخلي ومن الانعكاسات السلبية لملف النازحين. ومن موقعي كرئيس للجمهورية، أعمل جاهدا للمحافظة على الخيارات الوطنية الكبرى التي صانت الوطن منذ عقود وحفظت صيغته ونظامه الديمقراطي وروح التعايش بين أبنائه”. وقال: “إن جوهر الديمقراطية اللبنانية قائم على التوافق قبل أي شيء آخر، ومن هذا المنطلق نعمل على تحقيق توافق واسع وتام من أجل البت بتشكيل الحكومة العتيدة بالشراكة مع رئيسها المكلف”.
واعلن “ان تجارب الماضي تظهر أن هذه العملية كانت تتطلب وقتا ومشاورات واسعة، لأنها لم تقم على أسس ومعايير واضحة، ولكن اليوم، وبعد اعتماد القانون النسبي، ما كان يجب أن تطول لو اعتمد منذ البدء معيار عدالة التمثيل الذي يجب أن يكون الحكم في أي خلاف”.
وقال: “اليوم، فيما العالم مبادر الى الوقوف بجانبنا، دعوتي الى الجميع لتحمل المسؤوليات والارتقاء الى مستوى التحديات الجسام، فنواجهها معا ونعلي بنيان وطننا معيدين اليه تألقه الاقليمي والدولي ومطلقين فيه ومن اجله من دون تردد نهضة جديدة يستحقها ابناؤنا، وهم امانة الحاضر للمستقبل”.
المصدر: الوكالة الوطنية للإعلام