أمين أبوراشد
عشية مرور شهر على عدوان تموز، ومع بدء المؤشرات الميدانية النهائية لإنتصار المقاومة في التاسع من آب 2006، أعلن جون بولتون بصفته السفير الأميركي في الأمم المتحدة يومذاك، “رفض أي موقف يؤدي فيه انسحاب الاسرائيليين إلى فراغ أمني يتيح لحزب الله أن يُعيد التسلٌّل”، وفي نفس اليوم أعلن المجلس الوزاري الاسرائيلي المصغر مُصادقته على توصية الجيش ووزير الحرب عمير بريتز بتوسيع العملية العسكرية في الجنوب اللبناني.
هذا التزامن في الموقفين الأميركي والإسرائيلي، جاء ردَّة فعلٍ مذعورة على ما أنجزته المقاومة في ذلك اليوم المجيد، بحيث تمّ قصف مستعمرة بيت شان بصواريخ خيبر(1) ودكّ مستعمرات كريات شمونة- أفيفيم – نهاريا- كفرجلعاد – مرغريوت –تسوريم، واستهداف قاعدة سلاح الجو في جبل نيرون، وقاعدتيين عسكريتيين في برانيت وايفانيت، لكن الأهم، أن مصادر عسكرية إسرائيلية لخَّصت أسابيع القتال الأربعة، بالاعلان عن مقتل 84 جنديا وإصابة 366 في المعارك الميدانية ومقتل 36 مستوطنا صهيونيا في قصف المستعمرات وتدمير 75 دبابة و20 آلية عسكرية متنوعة وبارجتين من نوع ساعر وطائراتي آباتشي وطائرة استطلاع من نوع (إم- كا).
وفي العاشر من آب، ومع دخول العدوان على لبنان شهره الأول، تلقَّت إسرائيل المزيد من الضربات الموجعة، ودمرت المقاومة 15 دبابة من نوع ميركافا وقتلت 18 ضابطا وجنديا إسرائيليا في مختلف المحاور الامامية للقرى الجنوبية، وكانت مواجهات عنيفة في سهل الخيام – مرجعيون وعند الاطراف الشرقية لبلدة مركبا، ما أدى إلى سقوط 10 قتلى للعدو بينهم أربعة سقطوا داخل دبابة ميركافا، وشَهِدت عيناتا مواجهات تم خلالها تدمير ثلاث دبابات في المنطقة، وحصلت محاولة التقدم إلى ساحة مرجعيون فدارت اشتباكات عنيفة مع رجال المقاومة، وتوغلت قوة صهيونية أخرى في محيط السراي الحكومي في مرجعيون، ودخلت ثكنة مرجعيون واتَّخذت من 400 عنصر لبناني من قوى الامن الداخلي دروعا بشرية، وتمّ تقديم “كاسات الشاي” للقوة الإسرائيلية في الوقت الذي كانت المقاومة تُسقِي الصهاينة كؤوس الدم على مختلف الجبهات.
واليوم، ومع عودة السيء الذكر جون بولتون الى دائرة الضوء مستشاراً للأمن القومي الأميركي اعتباراً من شهر نيسان 2018، ومع الذعر الذي تعيشه إسرائيل من كلمة “تسلُّل” حزب الله بعد 12 عاماً على هواجس بولتون، لا بُدَّ لنا من الإشارة الى ما اعترف به أكثر من مسؤول عسكري إسرائيلي منذ أيام، أن الجيش الإسرائيلي غير مؤهل لأية حربٍ مع حزب الله، وأن الشعب الإسرائيلي باتت أحلامه محصورة بملجىءٍ آمن في حال نشوب الحرب!
12 عاماً، ولم تتبدَّل الثقافة في لبنان، وما زال فريقٌ يعتمد مواجهة الصهيوني والإرهابي “بحفلة شاي”، وفريقٌ هو الشريحة الأكبر والأوسع على امتداد لبنان، جاهزٌ لتقديم العلقم على كؤوس دمّ المُعتدين، مع تسجيل الأسف في الإنحدار الثقافي الوطني عبر استمرار البعض بخطب ودّ “أميركا بولتون” وعقوباتها، واحتساء الشاي مع صور “السلفي” في استضافة أدوات أميركا الذليلة من عُربان الخليج، ونحن في النهاية نُعاني من أزمة الثقافة، بين من يحترِم حذاء الجُندي والمُقاوِم، وبين من اختار “الشحَّاطة” الخليجية من أجل مقعد نيابي أو وزاري ولكن، ما انتصرت يوماً شحَّاطة العمالة على حذاء رسَم حدود لبنان بدماء الكرامة…
المصدر: موقع المنار