حدثان خطفا الأضواء السياسية والإعلامية الصهيونية في اليومين الماضيين، الأوّل وهو الأسبق زمنياً، تمثّل في حادثة تفجير “وسائل غير قاتلة” ضد “عناصر من حزب الله” اقتربوا من “السياج الأمني لتخريبه”، وفقاً للرواية الصهيونية، التي أكّدها وزير الحرب الصهيوني، يؤآف غالانت؛ والثاني تجلّى في الخطاب والمواقف التي أطلقها سماحة الأمين العام لحزب الله، السيّد حسن نصرالله، في الذكرى السابعة عشر لحرب تموز2006، والتي لاقت أصداء سريعة لدى الجانب القيادي الأمني الرفيع.
مواقف سياسية
يمكن القول أنّ الردّ الصهيوني الأسرع، والأكثر دلالة على خطاب سماحة السيّد حسن نصر الله، وحادثة السياج الحدودي، قرب زرعيت، جاء- بحسب مُعلّقين صهاينة – على لسان رئيس شعبة الاستخبارات في الجيش الصهيوني (أمان)، اللواء أهارون حليفا، الذي قال بعد وقت قصير من بدء الخطاب أنّ “شعبة الاستخبارات تُتابع وتهتم بمؤامرات حزب الله. نحن يقظون، مصمّمون وأقوياء. سوف نفعل كلّ ما يجب فعله من أجل الحفاظ على الهدوء على الحدود الشمالية، كما في بقية الحدود…”.
ولكن الهدوء الذي يتحدث عنه حليفا يتعارض مع مواقف المحللين العسكريين، حيث تحدث رونين منليس متحدث سابق باسم جيش الاحتلال ” في عام الفين وتسعة عشر تغيرت معادلة الردع فقد حصل اطلاق صواريخ مضادة للدروع عند افيفيم ودخول مسلحين الى مزارع شبعا وما حصل في تقاطع مجدو واطلاق القذيفة عند الغجر، نصر الله في الاعوام الاخيرة يبني قوته وانا اسمع وزير الدفاع يقول اننا استطعنا ابعاد عناصر حزب الله عن الحدود في الوقت الذي يتواجدون فيه داخل مزراع شبعا والسؤال هو هل لدينا استراتيجية ام اننا سنفتخر في نهاية اليوم اننا استخدمنا وسائل غير قاتلة لابعاد عناصر حزب الله من الحدود”.
وفي أوّل تعليق سياسي رفيع، على حادثة الحدود في زرعيت، قال وزير الحرب الصهيوني، يؤآف غالانت، قبل صعوده الى الطائرة، مغادراً إلى أذربيجان “سنواصل حراسة أمن دولة إسرائيل. كلّ مَن يختبرنا، سيلقى الرد، لدينا الكثير لنفعله، وسنعرف كيف نفعل ما هو مطلوب في الوقت المناسب”.
وفي الموازاة، أشار رئيس ما يسمى “لجنة الأمن القومي” في الكنيست، “تسفيكا فوغل” (حزب قوة يهودية)، إلى أنّ “حزب الله يُراكم قوّة ويرى تنازلاتنا، بدءً من اتفاق الغاز، وحقيقة أنّ الحكومة لم ترد بقوّة على أحداث صغيرة، وهو أيضاً يستمد الحافزية من الدعوة لرفض الخدمة”.
ووفقاً للرواية العبرية فإنّ المناطق الحدودية شهدت توتراً في أكثر من موقع على طول الشريط الحدودي منذ صباح الاربعاء؛ وتحدّثت التقارير العبرية عن واقعتين منفصلتين على الشريط الحدودي. الحادثة الأولى التي أشارت إليها التقارير هي اقتراب أشخاص، بعد ظهر الأربعاء، من السياج الحدودي في المنطقة المقابلة لقرية مروحين وحاولوا “تخريبه”.
والحادث الثاني، حصل في وقت لاحق، عندما أشعل أشخاص النار قرب المناطق الحدودية في محاذاة مستوطنة “المطلّة” .
تقديرات امنية
على وقع التوتّر الأمني الذي صاحب الذكرى السنوية الـ17 لحرب تموز 2006، تكثّفت تقديرات المؤسسة الأمنية والعسكرية، التي نقلها في اليومين الماضيين عدد من المُعلّقين، والتي حافظت على وجهتها السابقة بأنّ “السيّد نصر الله لا يريد حرباً شاملة”، بل “شدّ الحبل” في ضوء ما يراه من انقسامات في الداخل الصهيوني من جهة، ومن صدوع في جدار العلاقات الإسرائيلية – الأميركية من جهة ثانية. وأشار مُعلّقون إلى أنّ التقدير السائد في الجيش هو أنّ “نصر الله لن يمضي في حرب شاملة، لكنّه سيكون مستعداً للمخاطرة بأيام قتالية”.
قراءات اعلامية
على اتجاهات متعدّدة توزّعت القراءة الإعلامية العبرية لمجريات وتطوّرات الأيام الأخيرة بشكل عام، وفيما تركّز جزء منها على كلمة سماحة السيّد، والتي كانت موضع ترقُّب مسبق من قبل وسائل الاعلام العبرية، اهتم معظم المُعلّقين والخبراء بـ “التوتُّر الأمني على الحدود مع لبنان”، ولاسيّما الحادثة وقعت على السياج الحدودي قرب زرعيت.
وحول الكلمة والمواقف التي أدلى بها سماحته، رأى مُعلّقون أنّ “السيّد نصرالله يقوم في الآونة الأخيرة بثلاثة أعمال أساسية: يقدّم قوّاته الخاصة “الرضوان”، من أجل فرض خوف على المستوطنات الحدودية، وينصب عشرات النقاط الثابتة قرب السياج الحدودي، ويقوم باستفزازات يومية تتضمّن دخولاً إلى جيوب صهيونية (بما في ذلك نصب الخيم مؤخراً داخل الأرض السيادية لإسرائيل). وذلك بهدف إنتاج ورقة مساومة ضدّ الكيان الصهيوني للقيام بتعديلات حدودية على طول القطاع الحدودي”. وبكلمة أُخرى “يريد السيّد نصر الله رسم الخط الحدودي مع إسرائيل من جديد”.
هذا المعنى أشار إليه خبراء بقولهم إنّه “توجد هنا لعبة ذكية للغاية من قبل نصرالله لدفع إسرائيل للتفاوض بشأن تثبيت حدود ما يزيد عن 10 نقاط لا يعترف بها ويعتبرها أساساً للنزاع”.
من جهة ثانية، رأى مُعلّقون أنّ السيّد نصرالله، الذي يؤمن أنّ الكيان المؤقت ضعف عقب الأزمة الداخلية، يسعى لمواصلة القيام بخطوات هجومية وإبقاء المواجهة بين الطرفَين تحت عتبة الحرب الشاملة بقليل. وتَنسب الاستخبارات الصهيونية – بحسب المُعلّقين- هذه الجرأة إلى الطريقة التي يُحلّل بها (السيّد) نصرالله، ما يجري في الساحة الداخلية الإسرائيلية من انقسامات والخلافات، الأمر الذي يضيّق في نظره هامش وقدرة الكيان على المناورة. مع ذلك يشير هؤلاء إلى أنّ حكومة نتنياهو، التي تكتفي حالياً بنقل رسائل دبلوماسية “ستجد صعوبة في ترك الخيمة (في مزارع شبعا) في أرضها لفترة طويلة، مهما بدا الأمر هامشياً وصغيراً”.
اعتمدت هذه القراءة على المصادر العبرية التالية : يديعوت احرنوت + القناة 12 + القناة 13 + موقع كيبا + موقع روترنت + موقع now 14 + + قناة كان + معاريف + اسرائيل هيوم + تايمز او اسرائيل + I24 + مركز ألما الصهيوني للأبحاث
المصدر: قناة المنار