بيان سماحة آية الله العظمى السيّد كاظم الحسينيّ الحائريّ (دام ظلّه الوارف) بشأن إساءة النظام الظالم في البحرين لسماحة آية الله الشيخ عيسى احمد قاسم حفظه الله
قال عزّ من قائل: (وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِرُسُلِهِمْ لَنُخْرِجَنَّكُمْ مِنْ أَرْضِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ)(إبراهيم: 13)، وقال جلّ شأنه: (وَقَالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَى وَلْيَدْعُ رَبّه إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الاَْ رْضِ الْفَسَادَ) (غافر: 26).
بلغنا الموقف المؤسف والمدان بشدّة لطغاة آل خليفة في البحرين بحقّ العلاّمة الجليل سماحة الشيخ عيسى قاسم ـ حفظه الله ـ من قرار سحب حقّ المواطنة عنه بقرار وتُهم تأريخية صدرت من طغاة قبلهم بحقّ المصلحين والدعاة إلى الله تعالى. وقد نبّأنا الله تعالى في كتابه الكريم بذلك في سورة إبراهيم: الآية 13 المتقدّمة، ويقول تعالى أيضاً: (فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلاَّ أَنْ قَالُوا أَخْرِجُوا آَلَ لُوط مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ) (النمل: 56)..
فالتأريخ بوجهه القبيح يمتدّ اليوم إلى أرض البحرين وشعبه المضطهد.. فبالأمس يُبعد المصلحون والرسل عن ديارهم وتسحب حقّ المواطنه عنهم، واليوم يتّخذ طغاة آل خليفة ذات القرار بحقّ ثلّة من المؤمنين وعلى رأسهم سماحة الشيخ عيسى احمد قاسم حفظه الله.. بل يتذرّع آل خليفة اليوم بنفس الحجج التي تذرّع بها فرعون تجاه موسى(عليه السلام) من الفتنة الدينية والإفساد في الأرض، كما في الآية 26 من سورة غافر المتقدّمة.
ويعلم القاصي والداني: أنّ سماحة الشيخ حفظه الله ـ ذلك العالم المتفاني لصالح دينه وبلده وشعبه ـ قد وظّف عمره الشريف في الوعظ والإرشاد، والدعوة إلى سلمية الحراك السياسي، ونبذ الكراهية بين أبناء الطوائف الإسلامية، وتجنب التحريض على سفك الدماء، وحفظ مصالح البلد.. لكن الحاكم الخليفي يتبنى أجندة أجنبية يدعمها المال والغطرسة السعودية والتأييد الأمريكىّ الصهيونىّ في المنطقة الإسلاميّة، فليست القضيّة في حدودها الواقعيّة كما تبدو على ساحة الحراك والقرار الخليفىّ في البحرين، بل يراد تسوية شاملة للتيار الإسلامىّ في المنطقة.. بل معالم التفاهم الذي كان يجري بشكل ما ـ في السرّ حياءً ـ مع الكيان الإسرائيلي بدا اليوم يظهر وقحاً إلى العلن.
وعلى كلّ حال، يُعد ذلك القرار الجائر بحقّ سماحة الشيخ عيسى احمد قاسم في محدودة البحرين خرقاً فاضحاً للمبادئ المقدّسة للشعب البحرينىّ المؤمن، وصدمة روحية مؤثّرة على حسّه الإسلامىّ والوطنىّ، لما يمثله سماحة الشيخ من رمزيّة دينية ووطنية محترمة.. وضرباً غبياً للمطالبات السلمية والحراك السياسىّ المتزن، وتبنّياً لاُسلوب الغطرسة والاستعلاء عن منهجة التعقّل.. ومحاولة ساذجة لتغيير الهويّة الطائفية للشعب البحريني وتركيبته الوطنية بتغليب طائفة على اُخرى بمشروع إسقاط الجنسية وحقّ المواطنة من أتباع مذهب معين، وهذا منهج جرّبه طغاة سابقين في اُمم سلفت كالحجاج الثقفي فافتضح أمرهم فيه، وليس صاحبهم صدام منهم ببعيد..
وهذا ما يُلجئ الشعب إلى تغيير منهجته في الفعل السياسىّ وأجندته في تحقيق إرادته بإزالة النظام الخليفي من الوجود، وقد قال ربنا جلّ شأنه: (وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ * فَلاَ تَحْسَبَنَّ اللَّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَام) (إبراهيم: 46 ـ 47). ولا حول ولا قوّة إلا بالله العلىّ العظيم.