اعتبر المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان في خطبة الجمعة “إننا في زمن الانكفاء الوطني وانعدام الثقة بكل ما يجري، بعدما انتشر الفساد وعمت الفوضى، وتعطل الدستور، وأطاح الفراغ بكل مؤسسات الدولة، وأصبح الخوف من عودة التفجيرات الإرهابية حديث السفارات والمسؤولين والناس، وبدأت الأسئلة تتوارد على الألسن لتقول أي دولة هذه التي لا رأس لها ولا جسد فيه روح، بل جثة تحوم حولها أكلة القصاع، فيما المساكين ينتظرون الحلول، ويراهنون على سراب التفاهمات والتوافقات السياسية التي أصبحت حالة مرضية يستحيل مداواتها طالما النفوس معبأة والعقول معطلة والقيادات المسؤولة والمعنية بمستقبل الناس ومصير الوطن في غيبوبة لا صحوة من بعدها، بل مزيد من الاهتراء السياسي والتعفن الاقتصادي والاجتماعي الذي قد يتعاظم ليطال السلم الأهلي، ويدفع باللبنانيين نحو فتنة لا تبقي ولا تذر”.
وتابع”نحن نسأل ويسأل معنا كل مواطن غيور على هذا البلد، عن مستقبله ومستقبل الأجيال التي أعياها الرهان على قيام دولة يتشارك فيها الجميع، دولة بكل معنى الكلمة لها هيبتها، ولها دستورها ولها قوانينها ولها سلطتها التي لا تنام من أجل خدمة مواطنيها”،لافتاً الى إنها “مأساة وطنية يعيشها اللبنانيون جميعا، مسلمون ومسيحيون، وأهل السلطة لا يرون إلا مصالحهم وحصصهم، بل مصرون على المراوغة”متسائلاً “فإلى متى؟ ولمصلحة من كل هذا الخداع وهذا النفاق؟ وهم لا ينتخبون رئيسا ولا يشرعون قانونا؟ وأما حكومة الشر الذي لا بد منه فلا تجتمع وإذا اجتمعت فأعضاؤها لا يتفقون على شيء، بل جلسات وزارية لتأكيد الخصومات والهروب من المسؤوليات، ويتحدثون عن المصلحة الوطنية، فأي مصلحة وطنية في ظل هكذا حكومة، وهكذا سلطة، إذ لا شرعية لسلطة لا تقيم دولة تحفظ كرامة الناس وتكون في خدمة تطلعاتهم، نعم لا شرعية لسلطة شعبها جائع وهي تتزاحم على إفقاره وحرمانه من لقمة عيشه”.
ودعا المفتي قبلان “القيادات إلى صحوة سياسية تصوب الأمور، وتضعها في إطارها الوطني الذي وحده الكفيل بتجنيد الطاقات والقدرات التي تحمي لبنان وتضعه في الاتجاه الصحيح الذي يؤدي إلى قيام وطن المشاركة ودولة المؤسسات، خصوصا في هذه المرحلة، حيث الغرب، وعلى رأسه واشنطن، يعمل على إثارة الحروب في المنطقة واستنزاف ما تبقى من هذا الشرق”.
وأكد المفتي قبلان”إننا مع استقرار لبنان سياسيا واقتصاديا، ومع كل إجراء يحفظ ويصون مالية الدولة وحقوق اللبنانيين، لكننا نرفض رفضا مطلقا أي إجراء سياسي أو مالي يراد منه كسر ضمانات لبنان، وتحويله إلى ولاية مالية أميركية، وعلى المعنيين أن يتذكروا دائما بأن أمن لبنان السياسي والاجتماعي والمالي لن يكون مستقرا ومعززا إلا بتوافق اللبنانيين وثباتهم في مواجهة التحديات”.