تعددت سيناريوهات الضربة الأميركية الغربية المُحتملة على سوريا مع إحتساب حجمها وحدودها وتبعاتها وسبل مواجهتها. تأخذ روسيا التهديدات الأميركية بضرب سوريا على محمل الجد معلنةً جهوزيتها لإسقاط الصواريخ كما أسقطت بالفيتو مشروع القرار الأميركي في مجلس الأمن. المندوب الروسي الدائم لدى المجلس فاسيلي نيبينزا ذكر أن رفض واشنطن وحلفائها النظر في مشروعي القرارين الروسيين المقدمين للتحقيق في إتهامات إستخدام الكيماوي يخفي نوايا عدوانية إذ تسعى واشنطن لإيجاد ذريعة للعمل من خارج المجلس.
لا يتفق الكرملين مع الحجج الأميركية وإتهاماتها لدمشق بإرتكاب “الجرائم الوحشية” فهي بحسب كلام دميتري بيسكوف الناطق الرسمي بإسم الرئاسة الروسية لا تستند إلى معطيات حقيقية.
وفي قراءة لتطور مسرح عمليات المواجهة المُحتملة أكدت مصادر عسكرية إقتراب المدمرة يو أس أس دونالد كوك من شواطئ شرق البحر الأبيض المتوسط على مسافة مئة كلم من طرطوس المستضيفة للقاعدة البحرية الروسية، وفي طريقها تنضم إليها المدمرة يو أس أس بوتر التي كان لها سابقة في إستهداف مطار الشعيرات في نيسان من العام الماضي إلى جانب المدمرة يو أس أس روس اللتين أطلقتا ٥٦ صاروخ توماهوك على مطار الشعيرات تم إسقاط معظمها ، كما تقترب حاملة الطائرات هاري ترومان من شرق المتوسط إضافة لمجموعتي سفن حربية في الخليج الفارسي و البحر الأحمر مذخرة و مستعدة لإطلاق صواريخها الجوالة، كل مدمرة تحمل حوالي 60 صاروخاً مجنحاً من طراز توماهوك عدى عن صواريخ مجموعات الطائرات الحربية الأميركية منها ما وصل إلى قاعدة أنجرليك التركية التي ستنضم إليها طائرات وسفن فرنسية وبريطانية بدأت بالتموضع شمال شرق سوريا في منطقة نهر الفرات. ويسجل حضور ميداني فرنسي لأول مرة على الأرض السورية فضلاً عن إنضمام دول أخرى مثل أستراليا لتحالف واشنطن وإبداء البعض جهوزية للمشاركة في العدوان.
المعلومات تشير أيضاً إلى جهوزية سلاح جو الكيان الصهيوني للقيام بمهام غير معلنة ضمن عمليات حربية مخطط لها على سوريا. وما القصف الصهيوني لمطار التي فور إلا بالون اختبار الجهوزية السورية، الروسية والإيرانية وإستفزازاً لمحور المقاومة عموماً رغم أن حسابات الرد عليه تبقى منفصلة نوعاً ما عن الإشتباك الأميركي الروسي في سوريا.
وتبلغت شركات طيران مدني روسية وأوروبية باحتمال تغيير مسارات رحلاتها فوق شرق البحر الأبيض المتوسط بسبب إمكانية بدء الولايات المتحدة وحلفائها توجيه ضربات لأهداف في سوريا خلال الـ72 ساعة القادمة. كل هذا الحشد يواجه بحزم روسي من مجلس الأمن إلى وزارة الدفاع والخارجية وقيادة الأركان والقوات الجوفضائية الروسية في استخدام كافة الإجراءات السياسية والدبلوماسية وحتى العسكرية إن اتخذت القيادة قراراً حيالها.
ولا يستبعد خبراء عسكريون ترك الرد المباشر للقوات الدفاعية الصاروخية المضادة السورية جويةً كانت أم بحرية والتي جرى تعزيزها مع تقديم كافة وسائل الدعم اللوجستي والمعلوماتي للجيش العربي السوري.
وضمن المعطيات المتوفرة بات من الصعب تراجع ترامب بسهولة عن قرار العدوان، فترامب بحاجة لتبرير حشد قواته بضربة أوصى بها أركان حربه ومنهم ذوو خبرة في تبرير غزو العراق إستناداً لحجة وجود أسلحة كيماوية لم يُعثَر عليها حينها، كوزير خارجيته مايك بومبيو ومستشاره جون بولتون، قبل تلاشي تأثير حجة الهجوم الكيميائي المفبرك وموجة الإتهامات الملفقة لموسكو ودمشق. وفي كل الأحوال يُعتَبَر موقف الرئيس الأميركي صعباً إن أقدم على الضربة أو إن أحجم عنها.
وقد يكون التلويح بالعدوان يحمل طابع التغطية على إنسحاب أميركي فعلي تحدث عنه ترامب. فبعد تطورات الميدان لصالح المحور السوري المدعوم من روسيا وإيران يعي الرئيس الأميركي عدم جدوى بقائه في سوريا إلا أنه يحاول عبر تهديده بتوجيه ضرباته الصاروخية المُحتملة في تحسين شروطه التفاوضية عبر ممارسة المزيد من الضغوطات على دمشق وموسكو مع سعي بائس و فاشل لإخراج محور المقاومة من معادلة مستقبل سوريا، وإرغام دمشق على القبول بتسوية تندرج ضمن مصالح واشنطن.
المصدر: موقع المنار