لطالما ضرب الكيان الصهيوني عرض الحائط بقرارات مجلس الأمن ذات الصفة الملزمة و لم يعر أي إهتمام لقرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة، وغيرها من أجهزة الأمم المتحدة.
فلم يلتزم الكيان بقرارات مجلس الأمن المتعلقة بالقدس ومنع الاستيطان، حيث اوقف الكيان اطلاق النار بموجب قرار 1701 للعام 2006 بعد حربه على لبنان مع خروقاته المتكررة المستمرة و كذلك بالنسبة لقرار 1860 من عام 2009 بعد حربه على غزة.
الا أن قراري لبنان وغزة المذكورين، أشارا صراحة إلى وقف إطلاق النار وانسحاب قوات كيان الاحتلال من المناطق التي دخلتها ، بينما لم تتم الإشارة في القرار الصادر الليلة الفائتة إلى انسحاب الاحتلال من المناطق التي سيطرت عليها خلال الحرب الجارية حالياً كون الحديث يجري حصراً عن هدن إنسانية لم يرق للمطالبة بوقف اطلاق نار صريح.
أما ؛ هدنة الحرب على غزة عام 2014، فقد تضمنت انسحاب قوات الاحتلال من المناطق التي سيطرت عليها بعد عمليتها البرية.
ويلاحظ ان قرار مالطا في مجلس الأمن تبنى توصيف “الرهائن” الذي استخدمته دولة الاحتلال و الولايات المتحدة ودول غربية، وهو إدانة ضمنية لحماس، كون أن احتجاز الرهائن جريمة حرب، ولم ينص القرار على إطلاق سراح الأسرى من جنود الاحتلال.
كما ان القرار يشير بعدة اشكال إلى ضرورة رفع الحصار المفروض على غزة وصولاً إلى ما قبل ٧ أكتوبر و لكن لم يعبر عن رفع حصار كامل، القرار وإن عبّر عن القلق بشأن تهجير السكان في صيغته، لكنه لم يلحظ الدعوة إلى عودة السكان إلى مساكنهم .
وتضمن القرار تلميحاً ضمنياً إلى قيام كيان الاحتلال بأفعال ترقى إلى حد اعتبارها جريمة إبادة جماعية من خلال الدعوة إلى الامتناع عن حرمان السكان المدنيين في غزة من المساعدات والخدمات التي لا غنى عنها لبقائهم.
بصورة عامة القرار يحمل ادانات ضمنية للكيان العبري و لحماس مع التزامات غير مكتملة و متكاملة.
القرار رقم “2712”
واعتمد مجلس الأمن الدولي ليلة أمس القرار رقم “2712” الذي يدعو إلى إقامة هُدن وممرات إنسانية عاجلة ممتدة في جميع أنحاء قطاع غزة والإفراج الفوري وبدون شروط عن كل الأسرى.
واعتُمد هذا القرار، في المجلس المكون من 15 عضوًا، بتأييد 12 عضوًا وامتناع الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا والمملكة المتحدة عن التصويت.
لحظة التصويت على القرار 2712 في مجلس الأمن
وكانت هذه هي المحاولة الخامسة في المجلس لاعتماد مشروع قرار حول التصعيد في غزة منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر الماضي، ولم يتمكن المجلس في المرات السابقة من اعتماد أي من مشاريع القرارات التي طُرحت عليه إما لاستخدام الفيتو أو عدم الحصول على العدد الكافي من الأصوات.
إلى ذلك، قدمت “مالطة” رئيسة مجموعة المجلس للأطفال والصراعات المسلحة، مشروع القرار الذي يدعو إلى إقامة هُدن وممرات إنسانية عاجلة ممتدة في جميع أنحاء قطاع غزة لعدد كاف من الأيام لتمكين الوكالات الإنسانية الأممية وشركائها من الوصول الكامل والعاجل ودون عوائق لتقديم المساعدة الإنسانية وتيسير توفير السلع والخدمات الأساسية المهمة لرفاه المدنيين وخاصة الأطفال في جميع أنحاء قطاع غزة.
ولفت القرار إلى أنّ “تلك الهدن الإنسانية ستُمكن من إجراء الإصلاحات العاجلة في البنية التحتية الأساسية وجهود الإنقاذ والإنعاش العاجلة بما في ذلك للأطفال المفقودين في المباني المتضررة والمدمرة بما يشمل الإجلاء الطبي للأطفال المرضى أو الجرحى ومقدمي الرعاية”.
ويدعو القرار إلى “الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع الأسرى الذين تحتجزهم حماس وغيرها من الجماعات، لا سيّما الأطفال، فضلا عن ضمان الوصول الفوري للمساعدات الإنسانية”.
ويهيب القرار “بجميع الأطراف الامتناع عن حرمان السكان المدنيين في غزة من الخدمات الأساسية والمساعدة الإنسانية اللازمة لبقائهم على قيد الحياة بما يتفق مع القانون الدولي الإنساني”، ويرحّب “بالعملية الأولية لتوفير الإمدادات الإنسانية للمدنيين في قطاع غزة وإن كانت محدودة”، ويدعو إلى “توفير هذه الإمدادات لتلبية الاحتياجات للسكان المدنيين وخاصة الأطفال”.
كما يطالب هذا القرار جميع الأطراف بالامتثال لالتزاماتها بموجب القانون الدولي، ويشدد على أهمية آليات التنسيق والإخطار الإنساني وتفادي التضارب، لحماية جميع العاملين الطبيين والإنسانيين والمركبات والمواقع الإنسانية والبنية التحتية الحيوية، بما فيها مرافق الأمم المتحدة، والمساعدة في تسهيل تنقل قوافل المساعدة والمرضى وخاصة الأطفال المرضى والجرحى ومقدمي الرعاية لهم.
وفي السياق، قالت مندوبة مالطة الدائمة لدى الأمم المتحدة، فانيسا فرايزر، إنّ “مشروع القرار يسعى إلى بث الأمل في هذه الساعة المظلمة، ويهدف إلى ضمان فترة راحة من الكابوس الحالي في غزة وإعطاء الأمل لأسر جميع الضحايا”.
وأضافت فرايزر أنّ “هذا القرار يركز بشكل خاص على محنة الأطفال المحاصرين في منطقة الحرب، وأولئك الذين يتم احتجازهم أسرى”، موضحة أنّ “التدابير التي يشملها القرار ستكفل إمكانية الوصول الآمن ودون عوائق للمساعدات الإنسانية”.
وقالت مندوبة مالطا إنّ “القرار كذلك يسهل التوفير المستمر والكافي ودون عوائق للسلع والخدمات الأساسية المهمة لرفاه المدنيين، وخاصة الأطفال، فضلا عن إتاحة الفرصة لبذل جهود الإنقاذ والتعافي العاجلة”.
من جانبها، لفتت السفيرة الأمريكية لدى الأمم المتحدة ليندا توماس غرينفيلد، إلى أنّ “العالم راقب بإحباط وقلق عجز مجلس الأمن عن التحدث علنًا بشأن هذه المسألة الملحة المتعلقة بالسلام والأمن الدوليين”.
ونبّهت غرينفيلد إلى أنّ “الكثير من الناس فقدوا الأمل بإمكانية أن يتحدث المجلس بشأن هذا الصراع، إلا أنّ المجلس تبنى قرارًا اليوم لأن معظمنا عمل بشكل بناء وبحسن نية من أجل اعتماد القرار”.
وأعلنت المندوبة الأمريكية “تأييدها الكامل لدعوة القرار إلى الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع الأسرى الذين تحتجزهم حماس والجماعات الأخرى”.
وقبل التصويت على مشروع القرار، الذي اعتمده المجلس، اقترح السفير الروسي لدى الأمم المتحدة فاسيلي نيبينزيا، إضافة تعديل شفهي يدعو إلى هدنة إنسانية فورية ودائمة تؤدي إلى وقف الأعمال العدائية.
وبطرح التعديل للتصويت، أيده 5 أعضاء فقط واعترضت عليه الولايات المتحدة الأمريكية وامتنع 9 أعضاء عن التصويت، وبذلك لم يُعتمد لعدم حصوله على العدد الكافي من الأصوات.
وأعرب السفير الروسي عن “خيبة الأمل لعدم تبني التعديل الذي اقترحته روسيا”، مبديًا مخاوف بلاده “الجدية بشأن عدم تنفيذ أحكام هذا القرار على أرض الواقع”، فيما تساءل عمّن “سيوافق على الهُدن الإنسانية، ومن سيراقبها ويتحقق منها، وما هي العواقب المترتبة على عدم الالتزام بها؟”.
إلى ذلك، قال مندوب فلسطين لدى الأمم المتحدة رياض منصور، إنّ “القرار الذي تبناه المجلس اليوم، لم يُدن قتل إسرائيل لـ11 ألف فلسطيني، أغلبهم من المدنيين، ومن بينهم 5000 طفل فلسطيني، ولم يدن الهجمات العشوائية التي تشنها إسرائيل”.
وأوضح منصور أنّ “القرار كذلك لم يُدن الإعتداء على المستشفيات والمدارس، وقيام إسرائيل بقتل موظفي الأمم المتحدة والصحفيين والعاملين في المجال الإنساني والأطباء وفرق الإنقاذ”، مشددًا على أنّ “مجلس الأمن كان ينبغي أن يدعو إلى وقف إطلاق النار منذ وقت طويل، وكان يجب عليه أن يدعو إلى وقف إطلاق النار الآن”.
كما تحدث منصور عما وصفه “بخطة الحكومة الإسرائيلية الحالية”، قائلًا إنّ “خطتها هي استمرار سلب وتشريد وحرمان الشعب الفلسطيني من حقوقه، ومثل هذه المخططات لا تحرم الشعب الفلسطيني فحسب من حقوقه، بل تحرم المنطقة أيضًا من أي فرصة للسلام والأمن المشتركَين”.
المصدر: موقع المنار