وجهت العملية النوعية والمميزة في تل ابيب ضربة قاضية وتحدياً لا مثيل له لمنظومة الأمن والإستخبارات وشكلت فشلا ذريعا ل ” سور الفصل العنصري ” .
-حصلت العملية على بعد شارع واحد من وزارة حرب العدو في وسط تل أبيب ( من المفترض ان تكون منطقة آمنة جدا ) وداخل مجمع تجاري مكتظ بالرواد ” مجمع شورونا ” الذي يتمتع بحراسة أمنية على مدار الساعة .
-انتقل المجاهدان من قرية يطا في الخليل مرورا بالقدس وصولا إلى تل أبيب مخترقين كافة حواجز العدو وإجراءاته الإحترازية والمشددة بالرغم من طول المسافة بين الخليل وتل ابيب دون إثارة أية ريبة أو شك علما بأنهما لا يحملان أية تصاريح أو أوراق ثبوتية مزورة .
أدت الإستفادة من عنصر المفاجأة الى التحكم المتقن في مسرح العملية والإمساك بزمام المبادرة والقدرة على الإنسحاب بعد نفاد ذخيرتهم مستفيدين من جو الذعر والإرتباك الذي أصاب رواد المجمع . وقد أصيب قادة العدو بالصدمة والذهول حيث استدعوا قوات كبيرة من الشرطة والجيش إلى جانب الشرطة السرية التي وصلت بثيابها المدنية ولبست تجهيزاتها في موقع الحدث .
-نقلت وكالات الأنباء أن من بين القتلى ضابط كبير في وحدة سرية “سييرت متكال ” مسؤولة عن معظم عمليات الإغتيال في العالم .
-قبل التطرق إلى تحليل الأسباب المحتملة لا بد من الإحاطة ببعض البديهيات والمسلمات وبعض المعلومات الشخصية حول منفذي العملية :
1- من البديهي أن تنفيذ أية عملية يسبقة عمليات رصد واستطلاع وجمع معلومات وهذا بحد ذاته فشل ذريع لمنظومة الأمن الصهيوني .
2- لم يصدر حتى الساعة أي توضيح من أجهزة العدو عن خط انتقال المجاهدين أو الهدف من العملية . وهنا سؤال بديهي يطرح نفسه : هل كان الضابط الكبير هو الهدف الرئيسي والباقون كانوا أضرارا جانبية لا بد منها؟
. 3- أحد المهاجمين لم يغادر منطقة الخليل نهائيا والآخر يدرس الهندسة سنة رابعة في أحدى جامعات الأردن .
-اذا حللنا أسباب تنفيذ العملية فنجد دون أدنى شك أسباب متراكمة ومتوارثة عبر الأجيال حتى لا تنسى القضية ويمكن تلخيصها كالتالي :
1- إرتكب الإرهابي باروخ غولدشتاين بتاريخ 25 شباط 1994 مجزرة رهيبة داخل الحرم الإبراهيمي بحق المصلين في منتصف شهر رمضان أسفرت عن 29 شهيدا و 150 جريحا وارتفع عدد الشهداء إلى حوالي 50 شهيدا برصاص جيش العدو الذي أعاق عملية إخلاء الجرحى .
2- جدار الفصل العنصري الذي بدأ تنفيذه بتاريخ 29/03/2000 بطول 770 كلم .
3-العدوان المتكرر على الفلسطينيين في غزة خاصة وفي مختلف فلسطين المحتلة عامة .
4- قتل الفلسطينيين على المعابر والحواجز لمجرد الشك بهم .
5- تنفيذ عمليات القتل الميداني للجرحى والمتهمين بأية تهمة .
6- التدنيس المستمر وشبه اليومي لباحات المسجد الأقصى من قبل قطعان المستوطنين وبحماية الشرطة .
ويمكن تلخيص كافة الأسباب بالمثل القائل :” من يزرع الريح يحصد العاصفة ” .
ما حصل في تل أبيب هو إعصار دون أدنى شك . والمقاومة الفلسطينية بشرت بالمزيد من الأعاصير .