ألقى المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان خطبة الجمعة في مسجد الإمام الحسين (ع) في برج البراجنة، أشار فيها إلى أنه “بعد إقرار الموازنة، وما رافقها من انتقادات واعتراضات، منها ما هو محق ومنها ما هو في إطار المزايدات السياسية والانتخابية، نرجو أن تكون هذه الطبقة السياسية أدركت حجم الكارثة، وما رتبته من انعكاسات ومخاطر جراء ما ارتكبته بحق الدولة ومؤسساتها وإداراتها وماليتها من جرائم أصابت لبنان واللبنانيين، ووضعت الاقتصاد الوطني أمام تحديات كبيرة لا نعلم إلى أين قد توصلنا إذا ما بقي حبل الفساد والهدر وعدم ضبط الانفاق على غاربه، وإذا ما استمرت عملية صرف الأموال على هذا النحو السائب دون رقيب أو حسيب”.
وأشاد “بالمجلس النيابي لإقراره الموازنة، وقال “ولكن تبقى العبرة في التنفيذ، وفي مراقبة الحكومة ومحاسبتها، لأن ما سمعناه خلال جلسة المناقشات يظهر حجم الكارثة، ويبين كم هي الأمور المالية فالتة، والأغرب من هذا وذاك أننا رأينا الجميع يتباكون على المال العام، ويتحدثون عن فساد مستشر، ولكن لم يقولوا لنا من هؤلاء الفاسدون؟ وكيف السبيل إلى محاسبتهم ومحاكمتهم؟ كما لم يتجرأ أحد على فضح حجم الأموال التي تدفع إلى المستشارين، بل إلى مستشارين عاطلين عن العمل، وليس لهم سوى صفة مستشار للتنفيع، بدليل ما قرأناه عن أرقام في هذا المجال، وعن أموال تدفع تحت عنوان هبات للجمعيات وغيرها، وعن بدلات إيجار خيالية للمباني الحكومية، وعن إنفاق غير مبرر لمواكب السفر، نعم هذا البلد لا يشكو من قلة المال والموارد بل من غياب الضمير وفساد الأخلاق”.
واعتبر المفتي قبلان أن “هذا الفساد السياسي ما هو إلا جريمة موصوفة بحق لبنان واللبنانيين الذين انتظروا طويلا، وراهنوا كثيرا، ودفعوا كثيرا، وما زالوا مستعدين لتقديم المزيد والصبر، ولكن يريدون في المقابل أن تقوم الدولة، وأن تبدأ المحاسبة، وأن تنظم الأمور المالية، وأن توضع الخطط والبرامج الاقتصادية، وأن تتحسن الأوضاع المعيشية، فمعاناة الناس أصبحت فوق طاقتهم، لذا نطالب هذه السلطة، كل السلطة، من رئاسة الجمهورية إلى رئاسة المجلس النيابي إلى رئاسة مجلس الوزراء، بالدفع نحو إحداث ثورة إصلاحية تغييرية في كل المؤسسات والإدارات، هذا إذا كنا نريد بناء دولة، أما أن تبقى الأمور في إطار التسويات على قاعدة (حصة لي وحصة لك)، وفي النهاية نصرخ ونصيح جميعا من سرق المال العام، فهذا أمر مؤسف، ومسلسل لا يجب أن يدوم، وإذا دام دمر البلد، خصوصا عندما يصبح الدين العام بهذا الحجم المخيف، إن صرخة الناس في كل مكان، وعلى هذه السلطة أن تدرك أن مشروعية وجودها رهينة حقوق الناس، وإلا فالانتخابات على الأبواب، ولكل حادث حديث”.
وأثنى على “الجهود التي يقوم بها الجيش اللبناني والمؤسسات الأمنية في مكافحة الإرهاب وخلاياه، مع التأكيد على ضرورة معالجة ملف النازحين، وتأمين عودتهم بأسرع وقت نظرا لما يشكله هذا النزوح من عبء كبير على الاقتصاد اللبناني، وكي لا يبقى ورقة ضغط إقليمية ودولية على لبنان بهدف ابتزازه واللعب بأمنه واستقراره”.
وعما جرى في شمال العراق من محاولة انفصالية، فأكد المفتي قبلان “أنه مشروع متهور وهو قبل كل شيء ضد الأكراد أنفسهم، وما هو إلا سايكس بيكو بنسخة جديدة، وما قامت به الحكومة العراقية من الدخول إلى كركوك هو إنجاز استراتيجي، لأن من يحاول تمزيق الأوطان لصالح مشاريع إقليمية ودولية تعيش على الدم والخراب، يجب أن توضع له الحدود، كما لا يجوز تمكينه من تحقيق أهدافه التقسيمية والتفتيتية”.
وأما بخصوص سوريا، فأشار إلى أن “أن الانتصار يبدو أنه قد تحقق، وأن الرهان على الغرف السوداء الإقليمية والدولية قد انتهى، وعلى الحكومة اللبنانية أن تتعامل مع الواقع بإيجابية، وأن تدرك أن قوة لبنان بتصالحه وتعاونه مع سوريا، وليس بمقاطعتها وعدائه لها”.
المصدر: الوكالة الوطنية للاعلام