هل واجهت مشكلة من قبلُ في التفرقة بين اليمين واليسار؟ يقول لك أحدهم: أعطني الكتاب على يمينك، وتلتفت في الاتجاهين قبل أن تدرك اليمين، وربما تدرك ذلك بعدما ترى الكتاب!
لا تُحرَج من هذا عزيزي، فأنت لست وحدك من يعاني صعوبة في التفريق بين اليمين واليسار، فهي عملية عصبية ونفسية معقدة تشمل عدة وظائف عصبية، مثل القدرة على دمج المعلومات الحسية والبصرية، ووظائف تتعلق باللغة والذاكرة.
تصعب عملية التفرقة أكثر إذا كنتَ تحدِّث أحدهم أمامك، فعندما يفحص الطبيب أو الممرضة مريضاً، يكون جانبه الأيمن هو الجانب الأيسر للمريض، لذا يصبح التحديد أصعب.
لا مشكلة طبعاً في الخطأ مرة في اتجاه الحركة، لكن بالتأكيد سيكون الأمر شنيعاً عند إجراء العمليات الجراحية على الجانب الخطأ للمريض، مثل إزالة الكلية الأخرى أو بتر الساق!
التكنولوجيا جعلت تلك التصرفات نادرة الحدوث، لكن لا يُمكننا تجاهل الخطأ البشري، خاصةً مع تشتُّت التركيز بسبب الزحام أو تلقي المكالمات الهاتفية، أو صوت مراقب القلب، أو تلقي أسئلة من الزملاء والمرضى وأقاربهم.
ففي بحث نشرته مجلة Medical Education، فإن هذه المقاطعات الكلامية والضوضاء المحيطة تؤثر على قدرة طلبة الطب على التمييز الصحيح بين اليمين واليسار، وذلك بعد إجراء قياس موضوعي على قدرة 234 طالباً، وزاد التأثير بالنسبة للطلبة الأكبر سناً والإناث.
كما كانت قدرة الفرد على أن يميز بنفسه مدى قدرته على التفرقة بين اليمين واليسار- غير دقيقة؛ إذ اعتقد الكثير من الطلاب أنهم قادرون على التمييز بين اليمين من اليسار بشكل جيد، وعند قياس ذلك موضوعياً كانوا خاطئين.
وأشارت الدراسة إلى أن الخلط بين اليمين واليسار أكثر شيوعاً بين النساء، ويبدو أن الدراسات ترجح أن الرجال يتمتعون بدرجة أكبر من الوظائف البصرية الحيزية، بحسب موقع ScienceAlert العلمي.
هؤلاء الذين يواجهون صعوبة في التفرقة بين اليمين واليسار قد يطورون أساليبهم الخاصة، على سبيل المثال وضع إبهامهم الأيسر والسبابة في زاوية قائمة لتمثيل حرف L دلالةً على جانبهم “الأيسر” أو Left.
لكن الموقع العلمي يرى ضرورة تدريب الشباب في مجال الرعاية الصحية، بداية من المستوى الجامعي؛ وذلك لجعل الطلاب مدركين تحديات الارتباك الذي يُحدثه الاختيار بين اليمين واليسار، وتأثير التشتُّت على مثل تلك القرارات الحاسمة.
وبما أن الأشخاص المعرَّضين للخطر غالباً لا يعتقدون أن لديهم مشكلة، يمكن أن يُعرض على الطلاب أداء اختبار القدرة على التمييز بين اليمين واليسار لمعرفة قدراتهم؛ ليكونوا على علم بمشكلتهم، بحيث يكونون أكثر حذراً في مواقف بعينها. ويمكنك إجراء هذا الاختبار لتعرف مدى نجاحك في الاختيار بين اليمين واليسار بسرعة ودون ارتباك.
وعامةً، يلعب التقليل من مسببات التشتت دوراً هاماً في التخلص من تلك المشكلة.
فخلال المراحل الحرجة من رحلات الطيران أو العمليات الجراحية أو حتى اختبار القيادة، يجب على الطيارين الامتناع عن أي محادثات غير ضرورية؛ لتجنب التشتُّت الذي لا لزوم له، والتركيز على التفكير في الاتجاهات بطريقة سليمة.
المصدر: هافينغتون بوست