هذا العنوان ليس عنصرياً وإنما هذا ما أكدته دراسة نشرت في المجلة الطبية البريطانية، أجريت في أربع دول أوروبية، كلما تحسنت حالتنا المادية، كلما أصبحنا أكثر طولًا.
هذا ما أظهرته دراسة نشرت في المجلة الطبية البريطانية، التي أجريت في أربع دول أوروبية، وهم البرتغال وايرلندا وفنلندا والمملكة المتحدة، على أكثر من تسعة وأربعين طفلا منذ ولادتهم حتى عامهم الحادي والعشرون. على الرغم من أن ارتفاع قامة الشخص يعتمد إلى حد كبير على الجينات الوراثية، إلا أنه الظروف الخارجية تؤثر فيه بحوالي 20٪. من بين هذه الظروف، وفقا للباحثين، مستوى تعليم الأم، وتحسن الحالة المادية والبيئة الاجتماعية التي ينمو فيها الطفل، بشكل عام، بحسب لموقع الإيطالي La Repubblica.it.
وقد قام الباحثون خلال ثلاث سنوات بقياس الاختلافات في الطول لدى الأطفال الذين ترعرعوا في بيئات اجتماعية مختلفة، تراوحت هذه الاختلافات ما بين 0.55 و 1.53 سم حسب الجنس والمنطقة السكنية، وصلت نسبة التباين عند سن الحادية والعشرين إلى 2.15 سم. أكد- أستاذ الصحة العامة في جامعة فلورنسا- الخبير جافينو ماتشوكو، أن تحديد طول قامة الشخص يرجع إلى مكونات وراثية، ولكن ليس فقط، بل تدخل أيضا التغذية والبيئة الاجتماعية كما وصف المقال.
وأضاف الخبير جافينو أن “العنصر المثير للاهتمام الذي أخرجته الدراسات التي أجريت مؤخرا حول هذا الموضوع هو أن الظروف الاجتماعية والاقتصادية تؤثر على صحتنا حتى قبل الولادة، أي منذ المراحل الأولى لتكوين الجنين في رحم أمه”. وقد أظهرت الدراسات الحديثة أن مرض السكري وأمراض القلب والأوعية الدموية هي الأكثر شيوعا عند أولئك الذين نشأوا في ظروف مادية صعبة.
ليس من الجديد على الأذهان ربط العلاقة بين الظروف الاجتماعية والحالة الصحية. أما إذا أردنا التحدث عن العلاقة بين الرخاء المادي وطول القامة، تم إجراء دراسة علمية لعام 2015 بجامعة تل أبيب، شملت أكثر من 500 توأم، نشرت في مجلة طب الأطفال Journal Of Pediatrics، أظهرت أن الفترة داخل رحم الأم والسنة الأولى من حياة الطفل، تتدخل في تشكيل هيئة الطفل وهيكله عند البلوغ. تؤثر عدة عناصر منها، تغذية الأم والطفل، والبيئة الاجتماعية والأسرية والظروف الاقتصادية والأحداث العاطفية على طول القامة.
وأوضح الخبير ماتشيوكو أن “ما أردت أن تفصح عنه تلك الدراسة الأخيرة التي ركزت على طول القامة، أن كل الأدلة العلمية الآن تتفق على أن ظروف المعيشة والتغذية الجيدة، والتي بدورها تشير إلى ازدهار الحالة الاجتماعية التي ينمو فيها الطفل، تعزيز الصحة بشكل أفضل وبالتالي تؤثر على متوسط عمر الفرد المتوقع “.
توضح هذه الآلية أن الشخص السليم يعد أكثر إنتاجية، ويحاول أن يجعل حياته المهنية أسهل. في الواقع هناك العديد من الدراسات التي تظهر أن الأشخاص الأطول يكسبون في المتوسط أكثر من أولئك الذين حظوا ببضع بوصات أقل.
وفقا لدراسة في جامعة إمبريال في لندن والتي قامت بتحليل البيانات العالمية المتعلقة بطول القامة لمدة مائة سنة (من بين عامي 1914 و 2014)، أوضحت أن نصف الكرة الشمالي من العالم يسيطر على أشخاص أطول من الذين يسكنون نصف الكرة الجنوبي. في عام 1914 كان أطول الأشخاص هم السويديين، الذين تفاخروا بمتوسط طول 172 سم، بينما اليوم يكتسح الهولنديون هذه النسبة بفارق 11 سم زيادة، والأسبقية الأنثوية تعود إلى جمهورية لاتفيا.
في القرن الماضي، زادت نسبة طول القامة عن الكوريين الجنوبيين إلى 20 سم، في حين تباطأت نسبة الأمريكيين، الذين يشغلون الآن المرتبة رقم 37 في التصنيف العالمي. وتؤكد مقارنة بيانات شمال العالم مع الجنوب، أن زيادة الطول يتبعها النمو الاقتصادي، حيث تشهد البلدان تحت خط الاستواء تراجعا حقيقيا، تفقد بعض البلدان الأفريقية حوالي 5 سم خلال ال 40 عاما الماضية بسبب تفاقم الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية والغذائية. كانت أقل نسبة طول منذ قرن من الزمان، تعود لسكان لاوس (149 سم)، واليوم تعود لسكان دولة تيمور الشرقية (160 سم)، في جنوب شرق آسيا.
يشكل الإيطاليون اليوم المرتبة الثلاثين في الترتيب العالمي، أي يبلغ متوسط طول الرجال 175 سم و 173 للنساء.
خلال المائة سنة الأخيرة، زاد طول الايطاليين بنسبة 13 سنتيمترا، متجاوزًا الفرنسيين والأمريكيين. نجد الآن تفاوت في طول سكان إيطاليا فيما بينهم، حيث يتفوق سكان مدينة البندقية على سكان إقليم بيمونتيال الإيطالي، وسكان إقليم لومبارد على سكان الأرياف. ويتواجد معظم طوال القامة في المناطق الشمالية، المتجهة قليلا ناحية الشرق.
وتشير إحصاءات منظمة الصحة العالمية أنه في عام 2013، 161.5 مليون طفل دون سن الخامسة يعانون من التقزّم و50.8 مليون طفل منهم يعانون من نقص الوزن عند الميلاد، بينما يعاني 41.7 مليون طفل من تلك الفئة من فرط الوزن.
المصدر: هافينغتون بوست