وجه المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان في خطبة الجمعة “تحية إكبار إلى شهداء المقاومة والجيش اللبناني”، قائلا “من هنا، وفي يوم الحسين، لا بد من تجديد تحية الإكبار والافتخار إلى المقاومين الأبرار الذين عاشوا الحسين بساحات الجهاد وانتصروا، وكذلك نحيي شهداء الجيش اللبناني والقوى العسكرية والأمنية، وكل من استشهد جراء التفجيرات الانتحارية في لبنان، ونؤكد على الحق والعدل كأساس للسلطة، ونعيب لعبة السمسرة والهدر والفساد، التي تحولت إلى آفة سلطوية وحكومية، ندعو إلى مواجهتها والقضاء عليها بما يؤمن الإصلاح السياسي والإداري والمالي والأخلاقي”.
واشار الى ان ” الحياة بمنطق الإمام الحسين هي أن تعيش عزيزا أبيا كريما تحت كنف سلطة عادلة، ومشروع سياسي نظيف، وقيم أخلاقية حافظة، وطاقم حاكم نزيه وشريف، ومؤسسات رقابية، وبرامج لا نصب فيها ولا احتيال، وسياسات مالية مدروسة ومحاكم دستورية وإدارية، تمنع دكتاتورية السلطة، والصفقات المشبوهة؛ لذلك، فإن سياسة التخلي ممنوعة، بمنطق الإمام الحسين، والمبدأ دعم الحق بكل أبعاده، ومواجهة الباطل بكل أبعاده”.
وتطرق المفتي قبلان إلى الوضع السياسي، مشيراً الى انه”لا يمكننا إلا أن نكون متفائلين، ولكن بحذر، لأن ما كنا نتطلع إليه من قيام دولة فعلية لا يزال غير واضح، ومعالمه لا تبشر بالخير، وكل المؤشرات لا توحي بأن المسار السياسي الذي أوصلنا إلى هذا الواقع قد يتغير في المدى المنظور، وقد لا يتغير في ظل ذهنية الهيمنة السياسية التي تعودت على الأخذ من الدولة، لا على إعطائها، وتأسست على مفهوم القسمة وتوزيع الحصص”، لافتاً الى ان “هذه الذهنية متجذرة في العقل السياسي اللبناني، والانعتاق منها يلزمه جهد كبير، وإرادة وطنية جامعة، لا تزال للأسف غير موجودة حتى الآن، رغم كل المخاطر والمخاوف المحدقة، مما جعل ثقة اللبنانيين بدولتهم وبسياسييهم وبكل العناوين التي تطلق من هنا وهناك مهزوزة، بل مفقودة”.
ورأى المفتي قبلان في خطبته الى ان “ما نشهده من قلق مجتمعي وتخبط اقتصادي وأوضاع معيشية ضاغطة وغياب للدولة في أغلب المناطق، واهتراء في المؤسسات والإدارات، وتحايل على الدستور وتجاوز للقانون، كل هذا يدفعنا إلى الشك بأن الدولة التي يحلم بها كل لبناني لن تقوم ونحن في هذه المشهدية المقززة، حيث لا كهرباء ولا ماء ولا صحة ولا تربية، بل وعود معسولة ونفاق دائم وسجال سياسي يبدأ ولا ينتهي حول الأمور كافة، ولا اتفاقات إلا على ما يحقق مصالح المتنفذين من أهل القسمة، بكل أسف”.
وأضاف”نحن لا نزال نعول على أصحاب الضمير الوطني ونقول لكل السياسيين الحاجة ماسة وضرورية كي تتحركوا وتعملوا معا على إنقاذ البلد، فلبنان انتصر وحقق إنجازات كبرى في مواجهة الإرهابين التكفيري والصهيوني، وأسقط مشروع الفتنة، بفضل جيشه ومقاومته وشعبه، وما عليكم إلا أن تنتصروا أنتم على أنفسكم، وتعملوا معا من أجل بناء دولة بما تعنيه الدولة، وإلا فالمخاطر كبيرة، والتوطين على الأبواب، وإذا لم تحزموا أمركم، وتبادروا إلى إصلاح ما أفسدتم، وسارعتم إلى الخروج من كل هذه الانقسامات والخلافات والاختلافات، فنحن ذاهبون إلى الأصعب والأخطر، فوضع البلد لا يحتمل”.
واوضح ان “كل هذه التسويفات وهذه الألاعيب السياسية لن تكون في صالح أحد، وبخاصة إذا ما عطلت الانتخابات الفرعية والأصلية، وتم الانقضاض على قانون الانتخاب، بخلفية بطاقات انتخابية وذرائع إجرائية وحسابات رقمية، ما يعني أننا دخلنا في المجهول، وأصبح البلد بأسره في مهب البازارات الدولية والإقليمية، وعرضة لأكثر من سيناريو تقسيمي وتوطيني قد يكلفنا الكثير، ولن نقبل به، لأننا لسنا ممن يساومون على حقوقهم، أو ممن يذعنون لسياسات الرئيس الأمريكي وسواه، وكل حديث عن التوطين، تلميحا أو تصريحا، نعتبره بمثابة خيانة وطنية كبرى”.
وحذر المفتي قبلان من الآتي “إذا ما استمر الحراك السياسي والاقتصادي والاجتماعي والإنمائي على هذا النحو من الصفقات، وإذا ما بقيت مالية الدولة وحقوق الناس ومستقبلهم تحت سطوة المحاصصات السياسية والتوزيعات الطائفية والمذهبية، فالبلد لا يمكن أن يستنهض من جديد إلا بميثاق سياسي واجتماعي واقتصادي، تكون الدولة فيه خادما لشعبها، وليس العكس”.
ودعا “الجميع إلى الاعتبار مما جرى ويجري وما قد يجري للبنان واللبنانيين، إذا لم تتوافقوا أيها السياسيون وتتفاهموا وتتعاونوا على العمل معا لإجراء الانتخابات النيابية في أقرب وقت، وقبل موعدها إذا أمكن، وتقديم كل ما يلزم لإنجازها ولإنجاح مشروع الدولة وتحصين البلد سياسيا وأمنيا واقتصاديا واجتماعيا، وحل مشكلة النازحين السوريين بأسرع وقت، وبمختلف الوسائل قبل أن يتحول هذا الملف إلى قنبلة تطيح بالأحلام والآمال، وتدخلنا في معمعة لها بداية، ولكن ليس لها نهاية”.
المصدر: الوكالة الوطنية للاعلام