ما تزال قائمة ومستمرة الازمة الخليجية بعد اعلان السعودية ومعها عدة دول قطع العلاقات الدبلوماسية مع قطر واتخاذ سلسلة من الاجراءات بهدف عزلها ومن ثم ارسال مجموعة من الشروط الى الدوحة يجب الالتزام بها كي تعود الامور الى وضعها الطبيعي بين هذه الدول، وبالعودة الى سبب الازمة هو القول إن قطر تدعم جماعات ارهابية في محاولة لإلصاق كل تهم الارهاب وتمويله ودعمه بقطر دون غيرها.
صحيح ان قطر لعبت دورا فاعلا في دعم جماعات مسلحة متعددة في المنطقة سواء في سوريا او ليبيا او العراق ووجهت اليها اصابع الاتهام بانها من المحركين الاساسيين لكل ما جرى ويجري في سوريا، إلا ان السؤال البديهي الذي يطرح هل قطر كانت الوحيدة التي أدت الى إيصال الامور في سوريا واليمن والعراق وكل المنطقة الى ما وصلت اليه ام ان غيرها وفي مقدمتهم دول تقاطع الدوحة اليوم ساهمت كقطر وربما اكثر منها في دعم الجماعات الارهابية؟ وليس خافيا على أحد الارتباط العضوي والفكري والمالي بين دول كالسعودية وجماعات يصفها العالم كله بانها ارهابية كـ”القاعدة وداعش وجبهة النصرة” وغيرها من التنظيمات.
الأذرع الاميركية.. والاضطرابات حول العالم
وبالتوازي مع دعم الارهاب الذي لا يحتاج الى كثير من التحليل والاضاءة للتدليل على تورط هذه الدول به، يمكن الاطلاع قليلا على ما جرى في قمة الرياض من دعم سعودي الى الولايات المتحدة الاميركية التي هي بحد ذاتها المحرك الاساس والاول لكثير من الاضطرابات والازمات التي تحصل على امتداد هذا العالم، فالاذرع الاميركية تمتد من الشرق الى الغرب ومن الشمال الى الجنوب لافتعال كل ما يمكنها لتحقيق مصالحها وضرب مصالح غيرها عندما يحاول ان يخرج عن طوعها في اي مسألة من المسائل.
وانطلاقا من كل ذلك تطرح مجموعة كبيرة من الاسئلة عن دعم الارهاب ودعم اميركا، هل من فارق بين الامرين؟ هل اميركا هي واحة الحريات والديمقراطية كي يتم دعمها وتسيلمها كل خيرات الشعوب العربية والاسلامية بهذا الشكل وتفتح لها كل المجالات لتفعل ما تريده بدولنا وتتحكم بمصير بلدان المنطقة؟ وماذا صدّرت اميركا الى هذا العالم؟ هل صدّرت له السلام والديمقراطية وحقوق الانسان والحريات؟ هل صدّرت له العيش بعزة وكرامة واقتدار بدون آفات اجتماعية وحياتية ناهيك عن الحروب والازمات السياسية والمشاكل الامنية؟ هل واشنطن صدّرت للناس في هذا العالم المواد الغذائية والتعليم والقضاء على الفقر والانماء والتطور وغيرها من الامور أم انها ورطت العالم بالحروب والنزاعات والاضطرابات والأزمات المختلفة؟
أليست الادارات الاميركية المتعاقبة هي من تصدر السلاح للدول والانظمة كي تقتل بعضها بعضا وتضطهد الشعوب وفي مقدمتها الانظمة التي تتباكى على محاربة قطر لانها دعمت الارهاب سواء في السعودية او البحرين؟ أليست اميركا هي التي تدعم “اسرائيل” منذ عشرات السنين على حساب العرب والمسلمين وعلى حساب الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة والمحقة؟ أليست واشنطن بما لديها من شركات لصناعة الاسلحة هي التي تصدره للعدو الاسرائيلي لقتل الابرياء في فلسطين ولبنان والاردن ومصر وسوريا وغيرها من الدول العربية؟ هل قتل الشعب اليمني كل يوم يتم بسلاح غير السلاح الاميركي وبدعم واشنطن الواضح حتى وصل الامر الى حد تهديد أبناء اليمن بالموت جوعا او بوباء الكوليرا؟
الولايات المتحدة.. أم الارهاب
أليست اميركا هي التي تدعم الانظمة المستبدة على امتداد هذا العالم؟ هل من داع للتذكير بالدعم الاميركي لانظمة الخليج في قمع شعوبها وما يجري في البحرين اكبر دليل على ذلك؟ ومن الذي يثير القلاقل في كل مكان من هذا العالم بدءا من شبه الجزيرة الكورية وصولا الى اميركا اللاتينية مرورا بافريقيا والشرق الاوسط واوروبا وروسيا؟ أليست اميركا هي التي غزت أفغانستان والعراق واعتدت على باكستان واليمن؟ أليست هي التي تدير اجهزة استخبارات سرية وعلنية وجيوش واساطيل منتشرة في العالم بحرا وبرا وجوا؟ أليست هي التي انشأت المعتقلات السرية والعلنية بما يخالف أبسط حقوق الانسان من غوانتنامو الى ابو غريب؟ وهل من دواع للتذكير باميركا التي ارتكبت ما ارتكبت في اليابان وفيتنام؟ هل يمكن السؤال عن حقوق بعض الأعراق داخل اميركا نفسها وسياسة التمييز العنصري التي ما زالت موجودة حتى اليوم وبات يكرسها الرئيس الحالي دونالد ترامب بشكل فج وواضح دون اي حياء او ضوابط؟
الحديث عن اميركا يطول ويطول في مجال انتهاك حقوق الانسان والحريات في الداخل والخارج وهي بكل جدارة نالت لقب “أم الارهاب في العالم”، وبعد كل ذلك لا نفع من ايهام العالم بمحاكمة قطر على دعمها الجماعات الارهابية في سوريا او غيرها من الدول، فمن يدعم اميركا ويسلمها كل شيء كرمى لمصالحه الخاصة والضيقة وعلى حساب حقوق شعبه وامته والقضية الفلسطينية القضية المركزية للعرب والمسلمين، لا يحق له محاسبة غيره من المرتكبين، علما ان الانظمة الخليج وعلى رأسها النظام السعودي غارقة بدعم الارهاب ما يعني انها جمعت في آن واحد: دعم اميركا ام الارهاب والادوات الصغيرة التي تحركها هنا وهناك.
المصدر: موقع المنار