الجرائم الوحشية لا تحتاج إلى مكبرات صوت لتنقل صداها، إنما تتطلب آذاناً صاغية، والأهم ضمائر حيّة، تتعامل معها بإنسانية ومصداقية؛ فهذا هو حال المجزرة الإجرامية بحق أهالي كفريا والفوعة في كراجات الموت بالراشدين.
غداً ومن كل بُد، سيسجل التاريخ أن مجزرة بهذا الحجم لم تلقَ من يرفضها سوى أبناء الوطن الواحد، حيث عُقد في دمشق ضمن مجلس عزاء كبير، ضم المواطنين من كافة أزقة وأحياء المدينة، من الدمشقيين، والسوريين الوافدين إلى عاصمتهم. المتأثرين بصدى المجزرة، وبشاعتها، والرافضين لها، مطالبين بتطبيق أقصى درجات العقاب بحق المجرمين الذين استغلوا براءة الأطفال والمدنيين الحالمين بالحرية بعد طول حصار، فقتلوهم بهذه الطريقة الغادرة.
مجلس العزاء الكبير بدأ بتلاوة خاشعة للقرآن الكريم، تلاه كلمات تنديديه من قبل ممثلين عن الشرائح المجتمعية وأولهم ممثل عن أهالي كفريا والفوعة المنكوبتين. فضلاً عن منظمي التأبين ورجال الدين يتقدمهم سماحة السيد عبد الله نظام وفضيلة الشيخ نبيل حلباوي.
وخلال التأبين التقى موقع قناة المنار في مقر مجلس العزاء بمدرسة المحسنية وسط دمشق القديمة، بعدد من المواطنين، أجمعوا على رفض المجزرة وما سبقها من مجازر بحق الأبرياء.
المواطن أحمد بلّوق، وهو من ذاق مرارة سابقة مشابهة لمأساة المجزرة بحق أهالي كفريا والفوعة، حين فقد طفله الرضيع وزجته أيضاً على أيدي الإرهابيين في دمشق بقذائف الهاون، وقف في ذات المكان وأطلق صرخة لنصرة المظلومين من أهالي كفريا والفوعة، واعتبر أن الجرائم بحق المواطنين السوريين لم تعد جديدة في بلدهم، وأكد أن هذه الجرائم بات الجميع يعرف بأن من ورائها هم قطر والسعودية وتركيا، أما أن تصل بهم إلى قتل الأطفال الأبرياء وقتل الشيوخ والنساء فهذا الموضوع لا يمكن تحمله. وتمنى عودة السلام إلى كافة أرجاء بلده سورية كما كانت سابقاً.
جميل الشيخ تحدث باسم البلدتين المنكوبتين، قائلاً “جزء من وطني الكبير تعرض لجريمة كبرى، لمجزرة كبيرة طالت الشجر والبشر وآخرها اليوم كان هذه المجزرة البشعة وهم في طريقهم من هذا الحصار اللئيم” واعتبرها مكيدة أوقع المسلحون بها المدنيين العزل الأبرياء، خاصة أنهم كانوا في مرحلة الأمان وهم يخرجون من هذا الحصار في طريقهم إلى الحرية، متأسفاً على الضحايا العزل من قسوة هذا الكمين وغدره، متسائلاً ماذا يعني أن يتم الاستخفاف بأرواح هؤلاء الأبرياء من أهالي كفريا والفوعة بهذه الطريقة، وعن معنى هذا الأمر على المستوى الإنساني، وتساءل عن دور من ينادون بالإنسانية.
عضو مجلس الشعب السوري هادي شرف أكد أنه لا يكفي بأن يقوم الأمين العام للأمم المتحدة بالتصريح بهذا الشكل الخجول حيال هذه المجزرة النكراء التي لقبها بكربلاء العصر، مطالباً بعقد جلسة علنية لمطالبة برلمانات العالم في الوقوف مع الشعب السوري بشكل حقيقي. واعتبر أن أهمية الطفل لا تكمن بأنه من هذه المنطقة أو تلك، فالمهم أنه طفل بالدرجة الأولى وسوري، سواء أكان من كفريا والفوعة أو من خان شيخون أو غيرها، المهم بالنسبة له أن يتوقف التلاعب بأرواح الأطفال بهذه الطريقة، الذين يُقتلون بدم بارد من قبل الإرهابيين.
وأثار البرلماني السوري في حديثه، ما اعتبره جريمة فوق الجريمة، وهو الأطفال الذين اختطفوا وتم أخذهم باتجاه الحدود التركية. ما أكد أنه إهانة واستخفاف وتلاعب أكبر بالدم السوري وببراءة الطفولة.
جمال شاب شارك في مجلس العزاء يقطن في أحد أحياء دمشق القديمة، ومن المشاركين في الدعوة إلى رفض المجازر المتكررة بحق السوريين، يعتبر أن ما تتعرض له بلاده والطريقة التي يتم فيها استهداف الطفولة في بلده ما هي إلا أكبر أنواع الظلم بحق بلده وشعبه، خاصة ما يُحاك من مكائد دولية للنيل من سورية ووحدة شعبها وصمود أهلها.
“لا تكفي التصريحات” – كما يقول أحد الجالسين ضمن صفوف المشاركين، ويضيف في كلام سريع له، ” يا بني، حاولوا أن توصلوا أصوات السوريين رغمّاً عن الذين يرفضون قول الحقيقة ورغماً عن جميع الظالمين والتآمرين على بلادنا” ويطالب بمعاقبة عادلة للمجرمين بحق الشعب السوري وخاصة ما حدث مؤخراً بحق أهالي بلدتي كفريا والفوعة.
السوريون الذين يجتمعون على رفض المجزرة بحق أطفال كفريا والفوعة، كلّهم يؤكدون أن الأطفال لا علاقة لهم لا بدين ولا مذهب ولا سياسة ولا إيديولوجيا، إنما هم أطفال أبرياء لا يعرفون معنى الحرب بقدر ما عرفتهم هذه الحرب، ويُجمعون على ضرورة إنقاذ ما تبقى من الطفولة علها تعيش بسلام في بلد آمن تنتهي فيه هذه الحرب الكونية.
المصدر: موقع المنار