نصف عام مرت والدراز غرب العاصمة البحرينية المنامة معزولة عن باقي البلاد، إذ يتم منع غاز الطبخ ومياه الشرب وكثير من البضائع من الدخول للمنطقة التي يقطنها أكثر من 20 ألف مواطن ومقيم. حصار تتجاوز فيها السلطات البحرينية كل القوانين المحلية والتعهدات الدولية، في تنفيذ لسياسة العقاب الجماعي بحق مجتمع بأكمله. وفي السياق، وصفت شخصيات بحرينية وحقوقيون ما يحصل في الدراز بانتهاك للحريات الأساسية للمواطنين والمقيمين، مؤكدين على غياب الغطاء القانوني لاجراءات السلطة العقابية بحق الدراز، وأن السلطات تمعن في تشديد الحصار بخلاف مطالب الحراك الدولي الحقوقي والدبلوماسي. ووصف منسق مرصد البحرين لحقوق الإنسان ورئيس جمعية البحرين للشفافية عبدالنبي العكري أن عزل الدراز يتناقض مع الدستور.
وقال العكري:”الدستور ينص على حرية السكن والانتقال لكل مواطن في كل اجزاء البحرين، ولا يوجد في القانون ما يسوغ هذا العمل، وهناك بعض القوانين خلال حالة الطوارئ تحظر تجول ولكن لا يوجد مسوغ يشرع لحصار لاكثر من 200 يوم خاصة خارج حالة الطوارئ”. وعلق رئيس جمعية الشفافية على غلق المعبر الوحيد لأهالي الدراز الى المركز الصحي للمنطقة بالحواجز الاسمنتية والاسلاك الشائكة، بالقول “بحسب المواثيق الدولية لا يجوز الحد من التنقل وهو انتهاك لحرية التنقل واختيار مكان السكن. كما أن هناك انتهاك لحرية الحصول على الخدمات الرئيسية من التطبيب والعمل وليس هناك اي مسوغ قانوني لحصار الدراز، وهذا امعان في اذلال المواطنين وجعل حياتهم مستحيلة وصعبة جدا وهذا يتناقض مع الحق في الحياة خاصة ان المرضى يحتاجون للرعاية الصحية وعزلهم يترتب عليهم مضاعفات وهذا انتهاك اخر لحقوق المواطنين”.
كما وصف العكري مايحصل في الدراز بالعقاب الجماعي، قائلاً إن المنظمات الحقوقية البحرينية هي نفسها محاصرة، في اشارة الى التضييق على عمل الحقوقيين داخل البلاد وملاحقتهم. وأشار العكري ان هناك طلب من المفوضية السامية حقوق الانسان في رفع الحصار عن الدراز، وكذلك هناك جهد دبلوماسي لرفع الحصار ولكن هناك تعنت ومكابرة من السلطات والمطلوب العودة عن هذا الخطأ الفضيع. بدوره، أكد الحقوقي المحامي محمد التاجر ان لا يوجد أي مبرر من منع الناس من حرية الانتقال او السكن في منطقة معينة او الدخول اليها، لان هذه الحقوق حددها الاعلان العالمي والعهدين الدوليين وموجودة في الدستور البحريني فلا يجوز التعرض لها.
وقال التاجر “لايوجد اي مبرر لحصار منطقة ومنع اهلها من الدخول او الخروج ومنع المواد الغذائية وقطع الاتصالات ومن الناس من الدخول لها سواء كانوا قاطنين او غير قاطنين، وشرع القانون يمكن ان يضرب طوق على منطقة معينة لفترة محددة لساعات لهدف معين عندما يكون هناك شيء يهدد الأمن الوطني او الصحة العامة او الآداب العامة، وغير ذلك لا يوجد اي مبرر من منع الناس من حرية الانتقال او السكن في منطقة معينة او الدخول اليها”. هذا ووصف المحامي التاجر ان ما يحصل في الدراز هو “عقاب جماعي بل هو حبس وتحديد لحرية الناس”، موضحاً أن “العمل الحقوقي في البلاد ملاحق كما هي باقي الحريات، وسلطات البحرين تغلق مؤسسات المجتمع المدني والجمعيات السياسية وهذا يعني ان مجال العمل مغلق، والافراد الذين من الممكن الاعتماد عليهم للتحرك داخل الدولة مهددون في حريتهم، وأما مسجونين او ممنوعين من السفر او مهددين بالسجن بقضايا منتظرة تحريكها”.
وتساءل عضو جمعية وعد المعارضة ابراهيم كمال الدين، “ما ذنب أهالي الدراز ان يحاصروا لمدة ستة أشهر؟ هل لانهم متعاطفين مع سماحة اية الله قاسم وهو حق من حقوقهم؟”. وقال كمال الدين “عندما يتعاطفون مع رجل دين شريف كما هو اية الله قاسم لا يبرر الاجراء التي تتخذه حكومة البحرين بحق المواطنين بكل أطيافهم نساء وأطفال وتلاميذ”. وأكد كمال الدين ان البحرين لم تشهد مثيلاً لهذا الحصار، مطالباً السلطات أن تتراجع عن هذا الاجراء، ” الذي ضاق شعب البحرين منه وعطل حياة اكثر من 20 الف مواطن”.
وكانت السلطات البحرينية قد فرضت حصار على منطقة الدراز غرب العاصمة بعد اسقاط الجنسية عن آية الله قاسم. وتجمع البحرينيون حول منزله لمنع السلطات من الوصول له او النيل منه، وهو ما كان رغم عدة محاولات لاقتحام المنطقة، التي كان آخرها في 21 كانون الأول/ ديسمبر الماضي، غير أن المعتصمين قد دخلوا في مواجهة مع القوات المقتحمة في ما عُرف بحرينياً بـ”ساحة الفداء”.
المصدر: موقع المنار