بعد سلسلة “هدهد” حان وقت “عماد 4”. شريط بثته المقاومة اللبنانية يوم الجمعة الفائت، يظهر بعضاً من قدراتها اللوجستية والعسكرية، هذه المرة من تحت الأرض. شريط ما زال الى اليوم قيد التحليل والتكهنات لدى كيان الإحتلال، وترددت أصداءه في الإعلام العربي كذلك. إذ بعيد توعد المقاومة بالرد على اغتيال القائد الكبير فؤاد شكر، والحملة الإعلامية الشعواء التي شنت في الأسبوعين الماضيين والهدف منها التشكيك بهذا الرد. جاء الشريط ليدحض مضامين هذه الحملة، ويؤكد على جهوزية المقاومة للرد وعلى مفاجآت وقدرات تمتلكها في الميدان. شريط تزامن مع حراك ديبلوماسي كانت مهمته احتواء التصعيد ومنع المقاومة، والجمهورية الإسلامية من الرد على الإحتلال. “عماد 4” مادة اهتمت بها المنصات العربية، واستطاع ان يخلّف انقساماً في الآراء والتحليل حوله،بين الإستثمار السياسي وبين قراءة الواقع العسكري كما هو.
الاعلامية زينب حاوي:
البداية مع شبكة “الجزيرة”، التي قرأت في الشريط أبعاده العسكرية ورسائله الواضحة. ففي مقالة لها نشرت في 16 الجاري، تحت عنوان :”ما دلالات كشف حزب الله منشأة عماد 4 الصاروخية تحت الأرض؟” في مضمونه، كلام عن كيفية رد المقاومة على ما أوحت به الأجواء أخيراً من خلال التحرك الديبلوماسي من محاولة خفض التصعيد العسكري، ليأتي الشريط ويؤكد بأن “الرد قادم رغم تأخيره”، وان المقاومة قادرة على اعادة رسم قواعد الإشتباك وان المبادرة ستكون بيدها”. يطل المقال على اصداء الشريط في الإعلام الإسرائيلي، بوصفه “تحذيراً استثنائياً” و” ويظهر قدرته على إخفاء أسلحته المتطورة وتخزينها في شبكات تحت الأرض، مما يزيد من صعوبة استهدافها ويجعل إطلاقها تحدياً أكبر للجيش الإسرائيلي. تستصرح الشبكة لآراء خبراء في الشأن العسكري، الذي أكدوا بأن الشريط يظهر قدرة “حزب الله على القتال في الميدان وإطلاق الصواريخ”، وعلى امتلاكه لتوازن الردع سيما فيما يخص الضغوط التي تمارس على المفاوضات الجارية في الدوحة لتحقيق إنجاز يتعلق بوقف إطلاق النار في غزة.
انقسام وتباين في التغطية العربية:
قراءة مختلفة قدمتها “سكاي نيوز” الإماراتية لشريط “عماد 4”. على غير عادتها في التحريض، قامت الشبكة بتغطية واقعية للشريط ولأهدافه ورسائله. إذ ضمن تغطية إخبارية لها في 17 الشهر الحالي، كان تأكيد على ان الشريط يجزم بالجهوزية لدى المقاومة تحت وفوق الأرض، ويستعرض قوتها. تحدثت المراسلة عن شكل الفيديو وعن حجم الأنفاق الضخمة التي تمر من خلالها الشاحنات. ركزت على ما نشر في الشريط من رموز وأعلام وصور لتظهير هوية هذه الأنفاق. وربما النقطة الأهم هنا، الإقرار بأن “عماد 4″، “نسف كل التحليلات التي ربطت مفاوضات الدوحة، بالحديث عن تراجع حزب الله وايران”.
الإستثمار السياسي:
بخلاف “سكاي نيوز”، استغلت شبكة “العربية” السعودية، الشريط لتصوب على المقاومة. إذ لم تتوان عن نشر المضامين عينها في تقاريرها وتغطياتها الإخبارية لإعادة السردية نفسها، التي تدعي بأن نشر الشريط في هذا التوقيت يندرج ضمن “تحسين صورة حزب الله” أمام جمهوره بعد تأخر الرد على الإحتلال. سنشاهد مقطعاً من تقرير مصوّر بث في 17 الحالي، تحت عنوان :”بعد تأخر الرد..لبنانيون :حزب الله يحاول ترميم صورته بفيديوهات لأنفاق سرية”، يتحدث عن “احراج” لدى المقاومة أمام قاعدتها الشعبية، بعد تأخرها عن الرد. ويدعي بأن نشر الشريط جاء ل”حفظ ماء الوجه ولتنفيس هذه القاعدة”. يذهب التقرير أبعد في الإدعاء أيضاً بأن من شأن نشر هكذا فيديوات ان تزيد من “مخاوف حول شن اسرائيل حرب شاملة على لبنان” ضمن سياق تهويلي يخدم الإحتلال يضاف اليه عرض لصور دمار غزة والتهديد بتكرار السيناريو في لبنان.
عودة الى مقالة “ليبراسيون”:
أعاد شريط “عماد 4” النقاش حول مضمون صحيفة “ليبراسيون” الفرنسية التي كانت قد أثارت الجدل في شباط الماضي،اثر تحقيق منشور بعنوان :” :”في لبنان،شبكة الأنفاق السرية لحزب الله أكثر تعقيداً من التي تملكها حماس في غزة”. التحقيق يتحدث عن شبكة أنفاق تمتلكها المقاومة تمتد على مئات الكيلومترات وتصل الى الاراضي الفلسطينية وحتى سوريا. يستند التحقيق الى ما نشره مركز “ألما للأبحاث والتعليم” الإسرائيلي الذي قال بأن المقاومة أنشأت هذه الشبكة بمعية الإيرانيين والكوريين. مضمون أعيد نشره أخيراً في الإعلام العربي الذي اهتم بإعادة نشر هذه المعلومات بعيد بث شريط “عماد 4” الذي يظهر المقاومين في أنفاق ضخمة. شبكة “سكاي نيوز” كانت من بين هؤلاء إذ بثت في تاريخ 17 الحالي تغطية إخبارية أعادت فيها ذكر هذه المعلومات المستندة في جزء كبير منها الى الصحافة الإسرائيلية.
المصدر: موقع المنار