يبدو أن اختيار يحي السنوار رئيساً لحركة “حماس” لم يفاجأ الإحتلال فحسب، بل انسحبت هذه “المفاجأة” على المنصات العربية المطبّعة التي أخذت منذ اللحظات الأولى لهذا الإنتخاب تطرح سيلاً واسعاً من الأسئلة والتكهنات التي تصب في خانة الإحتلال. فالسنوار يختزل رمزياً مساراً مختلفاً آخر لا يريده الإحتلال. من هنا،عملت هذه المنصات على التسويق توازياً لرؤيتها للصراع مع الإحتلال من خلال تصوير هذا الإنتخاب اليوم، بمثابة نعي للمفاوضات الجارية مع الإحتلال عبر وسطاء عرب وأجانب، والتصويب بشدة على الخيار العسكري المقاوم واعتباره بمثابة “إغراق” لغزة في وحول الحرب.
علماً أن الإحتلال كان وما زال المعرقل الأبرز لسير المفاوضات منذ اشهر خلت. في فقرتنا اليوم سنطل على أصداء انتخاب يحي السنوار خلفاً للشهيد اسماعيل هنية، وعلى القراءة الإعلامية لهذا الإنتخاب والتعاطي معه بمسار اقل ما يقال فيه أنه صوت الإحتلال. الى جانب أثر الانتخاب بوصفه دفعاُ جديداً لـ”حماس” التي ردت على عملية اغتيال هنية بانتخاب السنوار وبرسائل الى الإحتلال بأنها ما تزال متماسكة وقوية رغم كل أهوال الحرب وكل الخسارات البشرية.
الاعلامية زينب حاوي:
استضافة المتحدث باسم الإحتلال الإسرائيلي:
خيّمت المواقف الإسرائيلية على تغطية انتخاب يحي السنوار رئيساً لـ”حماس”. تنافست المنصات العربية المطبعة فيما بينها لتظهير هذه المواقف والرد على عملية الإنتخاب. كان لافتاً استضافة شبكة “العربية” للمتحدث باسم الإحتلال الإسرائيلي دانيال هاغاري، في 7 الجاري، للترويج لموقف جيش الاحتلال الاسرائيلي. هاغاري الذي لم يتوان عن وصف السنوار بأنه “ارهابي” اختزل الحرب القائمة بأن “السابع من أكتوبر” مسؤول عنها. المقابلة كانت المساحة الأبرز التي سوّق من خلالها هاغاري لـ”قدرات” الإحتلال على تفكيك “حماس” عسكرياً، واغتيال أبرز قادتها -كما قال- وتدمير الأنفاق. كان لافتاً هنا، استخدام الشبكة السعودية لفيديو أرشيفي نقلاً عن التلفزيون الإسرائيلي يزعم التقاط صور للسنوار داخل أحد الأنفاق.
الهواء المفتوح للإحتلال:
استكملت الشبكة السعودية تغطيتها بشأن انتخاب السنوار رئيساً للمكتب السياسي لـ”حماس”، بتظهير أكثر للمواقف الإسرائيلية التي تحمل في مضامينها التحريض وبث السموم.فتحت عنوان:”حماس تختار السنوار رئيساً..واسرائيل تتوعده بالقتل” نشرت “العربية” يوم الثلاثاء الماضي، المزيد من ردود افعال الإحتلال من ضمنها تصريح لوزير الخارجية الإسرائيلي الذي وصف السنوار ب”الإرهابي الكبير” وحث على تصفيته، الى جانب موقف المتحدث باسم الإحتلال الذي توعد أيضاً باغتيال السنوار.
بتر السردية الفلسطينية عن مسارها:
الى جانب تظهير المواقف الاسرائيلية والتوعد باغتيال السنوار، كان بارزاً في هذه التغطية تأويل تبؤ السنوار لهذا المنصب. سنتوقف هنا، عند تغطية “سكاي نيوز” الإماراتية التي وصفت هذا الإنتخاب ب”التحول الإستراتيجي” الذي سيقوي الجناح العسكري لـ”حماس” و”الإبتعاد عن الحكم السياسي”. الى جانب التهويل بمصير المفاوضات التي باتت حسب الشبكة “أصعب”، بما أن السنوار “معروف بتشدده” وعدم قبوله “شروط نتنياهو”. كما كان لافتاً اتهام السنوار ب”جرّ غزة الى حرب مع اسرائيل” وتهجير السكان” في سياق واضح لسلخ السردية الفلسطينية عن مسارها.
مقاربة اعلامية مختلفة:
مقابل مساحات التحريض وفتح الهواء للإحتلال، يمكن الوقوف عند مقالة لشبكة “الجزيرة” في 12 الحالي التي ترجمت فيها مضمون موقع “ميدل إيست آي” للإجابة عن سؤال :”هل يستطيع السنوار تحقيق الوحدة الوطنية؟”. في طياته مضمون مختلف عن ذاك المسوّق له عربياً ليحي السنوار والمشّوه لصورته. إذ يفتح المقال هنا، زاوية مختلفة عن شخصية هذا الرجل. إذ أورد بأن السنوار كانت لديه “نبرة تصالحية جعلته يحتضن زعماء فلسطينيين آخرين”. واضاء على دوره اليوم الذي قد يلعبه “في تحقيق الوحدة بين الفصائل الفلسطينية بعد محاولات عدة فاشلة للمصالحة”.يتوقع المقال مواصلة السنوار البحث عن “أرضية مشتركة مع السلطة الفلسطينية”. وسبق له أن ساعد في تقديم “حماس” لتنازلات كبيرة عبر تخليها عن مناصب حكومية عليا لصالح هذه السلطة، والسماح بنشر 3 آلاف ضابط تابع لها في غزة”.
المصدر: موقع المنار