ما يجري في الضفة الغربية، لا يقل أهمية عن الإبادة الجماعية التي يرتكبها الاحتلال الصهيوني في قطاع غزة، حيث أن مخططات الضم والاستيطان المُعدّة خططها والتي تسلم ملفها الوزير الصهيوني المتطرف سموترتش، باتت واضحة للعلن.
ودخلت تلك الخطط حيز التنفيذ، فمع الضم والاستيطان ومصادرة الأراضي يبرز التهجير والقتل للفلسطينين كخطوات موضوعة في جدول أعمال حكومة الاحتلال، والأبرز غياب كامل لأي دور دفاعي تمارسه السطلة الفلسطينية.
وتبرز الهوية التوراتية في هذه الخطة من خلال الحديث الدائم لدى الكيان عن ما يسمى “يهودا والسامرة”، وكيفية دمج المناطق والتقسيمات الموضوعة في اتفاق أوسلو بتغييب دور السلطة الفلسطينية، وإسقاط صفة الوطنية عن السلطة من قبل الكيان حسب الاتفاقات الموقعة في “اوسلو”.
يتحدث الباحث السياسي والقيادي الفلسطيني “أبو علي حسن” عن الخطة الفلسطينية بطريقة توضح جوانبها كاملة بداية من رؤية الاحتلال للضفة الغربية، مروراً بكل التفاصيل التي من شأنها شرح خطة الكيان الصهيوني لضم بقية الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية المحتلة.
وفصل الباحث السياسي الفلسطيني بالأرقام والتقسيمات المكانية والزمانية، سير العمل في الضفة الغربية بحسب خطة سموترتش، القائمة على الاستيطان بالدرجة والأولى والتعامل مع الكثافات السكانية الفلسطينية في مدن الضفة، بالتالي يكون أهالي الضفة أمام حصار كبير من خلال تكثيف الوجود الإسرائيلي في تلك المناطق على شكل مستوطنات وبؤر استيطانية تحيط بكامل مدن الضفة وتأخذ مساحات كبيرة منها.
التهجير عنوان عريض ومهم يراه المتطرف الصهيوني سموتريتش، حيث أعدّت لهذه الخطوة برمجة مرحلية وتأخذ شكليها القسري والطوعي للفلسطينيين. وتقوم على إشراك الدول العربية والغربية في تنفيذ هذه الخطة، عبر العمل على استيعاب الفلسطينيين وتوزيعهم على مختلف أنحاء العالم، بالتزامن مع عمليات قتل وتطهير عرقي.
في ظل هذه الخطوة والإجراءات الصهيونية يبقى السؤال المشروع عن دور السلطة الفلسطينية الغائبة عن واجبها في الدفاع عن الشعب الفلسطيني وحقوقه وأراضيه، السلطة التي تفقد القدرة والسيادة بانتظار إما أن يمنحها الكيان دولة وهذا بات محسوماً بعدم جدواه بعد إجماع الكيان على رفض فكرة الدولة الفلسطينية، أو أن يحدث المستحيل بإحداث ضفط دولي على الكيان الإسرائيلي لمنح الفلسطينيين حقوقهم.
السلطة الفلسطينية حبيسة أوسلو، هذه الخلاصة التي يمكن التوصل إليها من خلال البنود التي تقيد عمل السلطة ودورها الوطني المفقود، ومن خلال ما أقرته بنود الاتفاقيات المعقودة مع كيان الاحتلال الصهيوني، وهنا تشريح دورها لا يحتاج لكثير من الوصف إنما يمكن الاكتفاء بالحديث عن الواقع السائد في الأراضي الفلسطينية المحتلة، لما يزيد عن 31 عاماً من منذ استيلاد هذه السلطة وتوظيفها.
كل ما يحدث في عموم الأراضي الفلسطينية يشي بمراحل قادمة لن تكون أقل وطأة مما مر خلال الأشهر العشرة الماضية، ما يفتح المشهد خلال فترة قريبة جداً لتكون الضفة الغربية في الواجهة متقاسمة إلى حد كبير حيز الأحداث مع حرب الإبادة الجماعية الدائرة في غزة لما تزيد عن 310 أيام من المجازر والإحرام الصهيوني العنصري بحق الشعب الفلسطيني خاصة الأطفال والنساء.
العقود الثلاثة المنصرمة من عمر القضية وما حملته من متغيرات أحدثت انعطافة كبيرة في سير الأحداث على الأراضي الفلسطينية عموماً والضفة الغربية على وجه الخصوص والتي تبلغ مساحتها 5760 كيلومتر مربع. قُسمت الضفة بحسب اتفاقيات اوسلو إلى ثلاث مناطق وفقاً للتبعية والصلاحيات وهي المعروفة بالمنطقة ( أ ) والتي تشغل نسبة 21% من مساحة الضفة، وهي المناطق التي تخضع أمنيا وإداريا بالكامل للسيادة الفلسطينية.
أما المنطقة (ب) فتشغل نسبة 18 % من مساحة الضفة وهي المناطق التي تخضع إداريا للسيادة الفلسطينية، وتتشارك أمنياً مع الاحتلال الإسرائيلي. وتسعى الحكومة الإسرائيلية إلى زيادة الإستيطان في هذه المنطقة في انقلاب واضح على اتفاقيات اوسلو.
ومؤخراً أصدرت الحكومة الاسرائيلية قراراً بتطبيق القانون الإسرائيلي على محمية طبيعية مصنفة ضمن أراضي منطقة “ب”، أي تخضع لسيطرة مدنية فلسطينية وأمنية إسرائيلية. ويعني القرار الإسرائيلي هدم منشآت ومنازل فلسطينية بنيت في المحمية، رغم أن تراخيص البناء من صلاحية السلطة الفلسطينية.
وتبلغ مساحة الأراضي المصنفة كمحميات طبيعية والتي يستعد الاحتلال لضمها في الضفة، تتجاوز 700 كيلومتر مربع، أي نحو 12.5% من مساحة الضفة، ضمن المنطقة “ب”.
أما المنطقة (ج) وهي الأكبر مساحة من مناطق التقسيم في الضفة، ونسبتها 61%، وهي المناطق التي تخضع بالكامل لسيطرة الاحتلال الإسرائيلي على الأمن والتخطيط والبناء.
أما مدينة الخليل المحتلة ( H2 ) وهي المناطق التي تخضع إداريا للسيادة الفلسطينية، وتخضع أمنيا لسيطرة الاحتلال الإسرائيلي، بحسب اتفاقية “اوسلو الثانية”.
ومن خلال متابعة الأحداث من اقتحامات وسيطرة أمنية وأعمال قمعية وغيرها من ممارسات الاحتلال، يتضح أن كل هذه التقسيمات شكلية ولا تمت للواقع بأي صلة وما هو إلا على أوراق الاتفاقيات الموقعة بين السلطة والكيان الصهيوني.
المصدر: موقع المنار