بعد أشهر قليلة من الحرب العدوانية على غزة، بدأ الإحتلال بالترويج لخطة “غزة ما بعد الحرب”، سعياً للتعويض عن خسارته العسكرية في الميدان، وللإيهام بانتهاء المقاومة الفلسطينية. خطط عدة كشف عنها في الأشهر الماضية، من ضمنها دعوة الإحتلال ومن خلفه الولايات المتحدة الأميركية دولاً عربية للمشاركة في حكم غزة، أو نشر قوات لها هناك.
مقترح قابلته وما تزال المقاومة الفلسطينية، بالرفض واعتبار القطاع “شأن فلسطيني خالص”. كان الرفض سيد الموقف في الأشهر الماضية، لهذه الدول العربية على رأسها السعودية والإمارات. الى أننا بتنا اليوم، أمام تسريب صحافي وحتى تأكيد بأن الإمارات على سبيل المثال، أعلنت استعدادها للمشاركة في قوات متعددة الجنسيات،وقامت المملكة السعودية بتغيير موقفها وتأييد هذه الخطوة. إذ ما كان في السر، بات اليوم في العلن، شيئاً فشيئاً بدأ من تسريب لصحيفة “فاينانشل تايمز”، لمساعدة وزير الخارجية الإماراتي للشؤون السياسية عن استعداد الإمارات للمشاركة في قوات “حفظ السلام”،تبعها اجتماعات في أبو ظبي لمسؤولين أميركيين واسرائيليين وإماراتيين حول هذه المشاركة.
” فاينانشل تايمز”
البداية مع صحيفة ” فاينانشل تايمز” وإعلان مساعدة وزير الخارجية الإماراتي للشؤون السياسية، لانا نسيبة، عن استعداد بلادها “لإرسال قوات للمشاركة في قوة حفظ سلام متعددة الجنسيات في غزة، بعد انتهاء الحرب الدائرة بين إسرائيل وحركة حماس”. فقد نقلت شبكة bbc البريطانية عن الصحيفة في 20 الشهر الحالي، هذه النية الإماراتية، كأول دولة عربية تعلن استعدادها لنشر هذه القوات شريطة لعب الولايات المتحدة دوراً رئيسياً .قائلة :”يجب أن يكون للولايات المتحدة زمام المبادرة في هذا الأمر حتى تنجح المهمة”
بعد يومين تقريباً من تصريحات مساعدة وزير الخارجية الإماراتي، نشر موقع “أكسيوس” الأميركي، مقالاً نقل فيه معلومات عن اجتماع مسؤولين أميركيين وإسرائيليين وإماراتيين سراً، لمناقشة خطط ما بعد الحرب”. سنستند هنا، الى موقع “الحرة” الأميركي الناطق بالعربية، الذي نشر في 23 الحالي، مقالاً بعنوان :”بعد المقترح الإماراتي..اجتماعي ثلاثي في أبو ظبي لبحث مستقبل غزة”. في مضمونه، حديث عن مشاركة مسؤولين اثنين من وزارة الحرب الإسرائيلية الى جانب رون ديرمر وزير الشؤون الإستراتيجية المقرب من نتنياهو. يقول الموقع الأميركي:” يريد الإماراتيون أن يكونوا جزءاً من حل في غزة، لا يشمل حماس، ولكن لديهم أيضاً تحفظات قوية على القيادة الحالية للسلطة الفلسطينية”.
سبق كل ذلك، دخول السعودية على هذا الخط، وتأييدها إرسال قوات متعددة الجنسيات الى غزة. نعود الى بداية الشهر الحالي، وتحديداً 7 تموز، مع مقالة نشرت على موقع “الحرة” أيضاً، تحت عنوان :”السعودية تؤيد دخول قوات دولية الى غزة..
ما الذي تغيّر؟”
في المضمون، نقل لكلام وزير الخارجية السعودي، فيصل بن فرحان ضمن جلسة نقاشية للمجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية في مدريد، قوله بأن “المملكة تدعم فكرة إنشاء نشر قوات دولية بقرار أممي بقطاع غزة”. قائلاً :” إن مثل هذه القوات الدولية تأتي لدعم السلطة الفلسطينية بالسيطرة على القطاع الذي يشهد حرباً مدمرة منذ 9 أشهر”. تبحث المقالة مع محللين سياسيين عن أسباب تغير موقف السعودية من هذا المقترح، بالإدعاء بأن الدول العربية باتت تدرك بأن “القرار بيد حماس سيؤدي الى الإجهاز على القطاع وإطالة أمد الحرب”
استبعاد “حماس”:
تفاصيل أخرى أوردها الموقع الأميركي، من ضمنها شروط اسرائيلية خطرة. تمثلت بنشر الموقع اقتراح الإمارات لنشر قوات مؤقتة “،مهمتها “الإستجابة للأزمة الإنسانية العاجلة وحفظ الأمن الداخلي”. على أن تشارك في قواتها العسكرية مع طلبها استبعاد المقاومة الفلسطينية وتحديداً “حماس”. الى جانب ترحيب نتنياهو بهذه الخطوة وطلبه من الإمارات إعادة إعمار غزة، و”إدارة النظام التعليمي” لتحقيق ما أسماه “نزع التطرف”!
التسويق لهذه الخطوة إعلامياً:
من باب “إنهاء المعاناة” في غزة، سوّقت المنصات العربية المطبعة لهذه الخطوة، مدعّمة بتصريحات وبيانات إماراتية. أبرزها من وزيرة الدولة الإماراتية لشؤون التعاون الدولي، ريم بنت إبراهيم الهاشمي، التي ادعت أن من شأن هذه المشاركة إنهاء “الوضع المأساوي في غزة” و توفير المساعدات والإمدادات الإنسانية العاجلة للقطاع مؤكدة بإن “الإمارات ستستمر في العمل الحثيث والقيام بدور قيادي وريادي مع الأمم المتحدة والشركاء الدوليين لمضاعفة الجهود اللازمة لدعم المساعي المبذولة لتخفيف المعاناة الإنسانية”.
المصدر: موقع المنار