في الاعلام الفرنسي التقليدي الحرب على غزة لم تعد الحدث الابرز، لم يعد يهتم بالمجازر التي ترتكب، بالمجاعة التي تعيث، ولا بالمفاوضات. بعض المقالات تناولت الراي غير الملزم الصادر من قبل المحكمة العدل الدولية حول الضفة الغربية.
ولكن يمكن اعتبار ان ضربة تل ابيب من قبل القوات اليمينة منحت هذه الحرب مساحة في هذا الاعلام.
رئيسة تحرير موقع المنار الفرنسي ليلى مزبودي:
البداية مع صحيفة (لوموند) بتاريخ 20 تموز، عنوان:” الحوثويون في اليمن يتبنون اطلاق مسيرة على تل ابيب”، الشابو: ” الهجوم قتل شخصا المتمردون اليمينون يتضامنون مع حماس في اطار “محور المقاومة” الذي تديره ايران”.
تعتبر ان هذه الحركة تنامى دورها ضمن المحور منذ الحرب على غزة. الاشارة الى انها اطلقت على تل ابيب تسمية (يافا)، و قبل ذلك كانت منسية من قبل اسرائيل لان ضرباتها السابقة على مرفأ ايلات لم تسقط ضحايا و لم تؤدي الى أضرار. اسرائيل تركت مهمة الرد عليها الى التحالف الذي اقامته الولايات المتحدة، ودشنت المرحلة الرابعة في البحر المتوسط و المحيط الهادئ من دون اي قدرات تذكر.
في توصيفها للحركة تقول اللوموند بعد ان تساءلت حول فعالية ضربتها على تل ابيب. ولكنها تعبر عن خشيتها منها: “هذه الحركة تتغذى من المواجهة منذ العام 2000. منذ صراها مع الدولة اليمينة التي بلعتها عام 2014 وحربها ضد المملكة السعودية التي تبحث معها عن عملية سلام صعبة ، وهي عملية تدعمها ايران لانها تمنح الشرعية لحليفتها”
“انها وريثة ترسانات الجيش اليميني و المستفيدة من نقل تكنولوجيا و المعارف الايرانية و حزب الله منذ 10 اعوام وهي تستغل شعور التضامن مع القضية الفلسطينية القوي في البلد الامر الذي يقوي سلطتها في الشمال، المنطقة الجبلية الأكثر كثافة سكانيا حيث تدير منطقة داعية للحرب و مقطوعة عن العالم.”
لوفيغارو عنونت:”في اليمن الحوثيون يضربون وسط تل ابيب بمسيرة متفجرة”، الشابو:” المتمردون وصلوا الى المدينة الاسرائيلية ،مقتل شخص و جرح 10 اخرين . العبوة لم تدمر في الجو بسبب خطأ بشري” الرواية الاسرائيلية الرسمية.
استغربت ان المسيرة استطاعت ان تجتاز 2000 كلم من دون ان تعترضها المضادات الجوية الاسرائيلية “التي تعتبر الأفضل في العالم”. نقل الرواية الاسرائيلية واعتراف الجيش الاسرائيلي بخطئه.
في عدد 22 تموز، بعد القصف الاسرائيلي للحديدة، العنوان ” المواجهة بين اسرائيل و المتمردين في اليمن تستعر” تناولت القصف الاسرائيلي على الحديدة انه رسالة الى ايران ضمن سياسة ( الذراع الطويلة لاسرائيل)،
الصحيفة نقلت الرواية الاسرائيلية للجيش التي ادعت ان الطائرات الاسرائيلية العشرين التي شاركت قصفت “القواعد العسكرية التي يستعملها الحوثيون لشن ضرباتهم في مرفأ الحديدة “الموقع الاستراتيجي لنقل الأسلحة الايرانية الى الحوثيين” مذكرة ان هذا الأمر امتنعت عنه الولايات المتحدة”.
و في طريقها دمرت عشرين منشأة للوقود، تنقل عن وسائل اعلام اسرائيلية ان السعودية اعلمت مسبقا ان هذه الطائرات سوف تطير فوق مجالها الجوي، وتنقل ان الصاروخ الذي اطلق من اليمن نحو ايلات تم اعتراضه الامر الذي يعوض الفشل الذي لحق بضربة تل ابيب.
وتنهي متسائلة: الى اين يمكن لهذا التصعيد ان يذهب. مشيرة الى استنفار تام لكل الوحدات الموكلة بالدفاع الجوي، كما الطيارين و أحهزة المخابرات وكل اجهزة حماية المرافئ و المطارات و السكك الحديدية.
مقاربة كل من لوموند ولوفيغارو تبخس نوعا ما بما قامت به القوات اليمينة بشكل عام وان الاسرائيلي ترك المهمة للأميركيين لان هذه الجبهة لا تخيفه، و ان الإسرائيلي عندما يريد يستطيع ان يوجه ضربات مؤلمة. مقاربة تغفل الرواية اليمينة و تقتصر على الرواية الاسرائيلي و تلتصق بوجهة النظر الاسرائيلية. لا تظهر الدور اليمني ضمن جبهات الاسناد لغزة. ولكنها تخشى في الوقت نفسه من تصعيد غير متوقع و من استعار المواجهة كما في العناوين.
في المقابل لدينا مقاربة مختلفة اكثر واقعية من قبل: صحيفة لوبينيون 22 تموز: عنوان: ” لماذا انتقل الحوثوين الى الهجوم على اسرائيل” نشرت المقالة بعد قصف الحديدة للكاتب باسكل ايرو Pascal Airault ركزت المقالة الحديث عن”الحوثوين” ابدا لا يستعمل اسمها انصار الله ووصفهم بانهم “تحفة ايران في الشرق الاوسط”.
الحركة السياسية العسكرية الاسلامية اليمينية تنتمي الى محور المقاومة الذي تدعمه ايران.
اظهرت مرة اخرى انها تقوم بأعمال لا يمكن التنبؤ بها و تستطيع انجاز ضربات ذات تأثير قوي كما فعلت سابقا في المملكة السعودية عندما ضربت مطار (ابها) (2022) و محطة تكرير النفط في راس التنورة قبلها بعام.
تنقل عن المستشار في المسائل الجيوسياسية في الشرق الاوسط ايمانويل ماجد: “انها طورت المسيرة الايرانية (صامد 3) غيرت أجنحتها، غيرت محركها، و قدرتها التفجيرية بحيث اجتازة 2000 كلم على علو منخفض حتى لا يتم رصدها.” تقول المقالة “ان هذه الضربة رسالة الى الرأي العام الاسرائيلي اذا ما اراد ان يدعم سياسة نتنياهو لحرب طويلة الأمد.”
تنقل عن موقع المسيرة قوله “السلام مع اليهود يعني مواجهتهم وليس مصافحتهم”. في انتقاده للتطبيع. كتبت “ان القوات اليمينة ، خلال الاشهر الماضية، وتّرت الملاحة البحرية التي تمر عبر البحر الأحمر الى قناة السويس تضامنا مع الفلسطينيين و انها اعلنت عدة مرات انها لن توقف ضرباتها الا عندما توقف اسرائيل حربها على غزة و حصارها لها.”
تنقل عن الخبير قوله: ” الحوثوين يشنون حربا هجينة ضد اسرائيل وحلفائها الغربيين، انهم متضامنون مع حماس و حزب الله اللبناين والمقاومة العراقية في محور المقاومة الموالي لايران على غرار الحلف الأطلسي والمادة 5 منه ، يدعمون بعضهم البعض عندما يتعرض احدهم للهجوم”. قراءة للدور اليمين ضمن جبهات الاسناد.
فتحوا مكتبا لهم في العراق و يشنون هجماتهم بالمشاركة مع المقاومة الاسلامية في العراق، و لديهم علاقات مع الحرس الثوري الايراني. وان هذه الشراكة تمر عبر حزب الله. الايرانيين يمدونهم بالأسلحة عبر البحر و الصحراء العمانية التي يصعب مراقبتها.
“الحوثوين انتقلوا من مجموعة متمردة ترمي القنابل على حافات الطرق الى فاعل بمستوى دولة يصنع الصواريخ الباليستية”. من الصعب معرفة حجم ترسانتهم العسكرية . الجزء الأكبر من نشاطهم يجري تحت الأرض ولا يمكن رصده، لديهم مهندسون تم تدريبهم ضمن التعاون مع روسيا في تسعينات القرن الماضي.
بعد ان استولوا على صنعاء عام 2014، سيطروا على الجزء الكبر من اليمن الامر الذي حمل السعودية والإمارات الى التدخل عسكريا عام 2015. الحوثوين عرفوا كيف يكيفوا ترسانهم مع التكنولوجيا المتفوقة لأعدائهم. يمكنهم خوض حرب طويلة بسعر متدن نسبيا عندما يستعمل أعداءهم اسلحة غالية الثمن”.
الخلاصة نقلا عن (ايمانيون ماجد) : ” التجربة و المعرفة التي راكموها خلال هذا الصراع، و بمساعدة المهندسين الايرانيين اكتسبوا قدرات تقنية في صناعة المسيرات والصواريخ الباليستية . كانوا قبل ذلك يستوردون السلاح، بات لديهم اليوم مصانعهم للتصنيع و التجميع”.
المصدر: موقع المنار