الجبهة الثانية| العلاقة الخفيّة بين حرب غزة والإنتخابات الأوروبية وقرار ماكرون حلّ البرلمان – موقع قناة المنار – لبنان
المجموعة اللبنانية للإعلام
قناة المنار

الجبهة الثانية| العلاقة الخفيّة بين حرب غزة والإنتخابات الأوروبية وقرار ماكرون حلّ البرلمان

WhatsApp Image 2024-06-23 at 10.04.38

أظهرت نتائج الإنتخابات الأوروبية  ارتفاعا في الأصوات المؤيدة لحزب اليمين المتطرف ( التجمع الوطني) Le Rassemblement national في فرنسا و جعلته يحوز المرتبة العليا مع اكثر من 30% من الأصوات. هل هناك علاقة بين الحرب على غزة و هذا الإرتفاع في اليمين المتطرف؟

من ناحية أخرى، قرر الرئيس الفرنسي حل الجمعية الوطنية و الدعوة لانتخابات تشريعية مبكرة، رغم ان حزبه كان الخاسر الأكبر في الإنتخابات الأوروبية. وهل هذا القرار على علاقة بحرب غزة؟

رئيسة تحرير موقع المنار الفرنسي ليلى مزبودي:

 

السؤال الذي خطر على بالي بالنسبة الى نتائج الإنتخابات الأوروبية التي اظهرت ارتفاعا في الأصوات المؤيدة لحزب اليمين المتطرف ( التجمع الوطني) Le Rassemblement national  و جعلته يحوز المرتبة العليا في فرنسا. مع اكثر من 30% من الأصوات.

هل هناك علاقة بين الحرب على غزة و هذا الإرتفاع في اليمين المتطرف ليس فقط في فرنسا بل في اغلبية الدول ال 27 من الاتحاد الأوروبي. اليمين القومي او ما يعرف باليمين المتطرف حاز في الإنتخابات الاوروربية على ربع المقاعد ال 720 من البرلمان الاوروبي.

الحرب على غزة اطلقت العنان لحركة تضامن مع الشعب الفلسطيني و القضية الفلسطينية لا سابق لها في اوروبا. راينا ذلك في الشوارع عبر المظاهرات. الأمر سيان على مواقع التواصل الإجتماعي و هي كما اسميها الشوارع الإفتراضية.

هل هذا التحرك اخاف الاوروبيين والفرنسيين الأصليين لأن جزءا كبيرا من وقوده هم من المسلمين او من الاصول العربية ؟

معركة اليمين المتطرف في اوروبا تتركز دائما على موضوع الهجرة. خاصة الهجرة من العالم الاسلامي. هل المظاهرات التي شارك فيها مئات الآلاف الكثير منهم من المسلمين دعما لغزة و فلسطين اخافت هؤلاء من هذا التواجد. الارقام تشير الى صعود اليمين المتطرف في اوروبا منذ العام 2000.

الا ان الاعلام الفرنسي لم يتناول على وجه الخصوص هذا الربط.

السؤال نفسه طرح نفسه قرر الرئيس الفرنسي ان يحل الجمعية الوطنية، وهي احدى مؤسستي البرلمان الفرنسي مع مجلس الشيوخ.  بعد صدور نتائج الانتخابات الاوروبية.

التأييد للقضية الفلسطينية اتخذ في الحالة الفرنسية منحى اكثر قوة ، لأن هذا التضامن دخل الى الجمعية الوطنية عبر حزب (فرنسا الأبية).

رأينا رفع العلم الفلسطيني و حملة الإنتقادات التي شنها هذا الحزب على الحكومة الفرنسية متهمها بأنها تخون مبادئها. ويطالبها بالاعتراف بالدولة الفلسطينية و بفرض عقوبات على اسرائيل.

وقد فشلت كل الوسائل للجمه: استدعاء رئيسة كتلته البرلمانية (ماتيلد بانو) من قبل الشرطة على خلفية دعوى ضدها بتمجيد الإرهاب، لم ينفع. والعقوبات الأشد التي فرضت على النواب الذين رفعوا الإعلام الفلسطينية لم تنفع.

هل هناك علاقة ما بين ما حصل مؤخرا في الجمعية الوطنية و بين هذا القرار بحل الجمعية والدعوة لاتخابات تشريعة مبكرة؟؟  هل يعمل ماكرون على اخراج (فرنسا الأبية) من المنصة البرلمانية؟؟

في الإعلام الفرنسي، لا احد البتة يتساءل هذا السؤال.

ولكنه استغرب بشدة قرار ماكرون حل الجمعية علما ان حزبه (الانبعاث) Renaissance   يعتبر الخاسر الأكبر في الإنتخابات الاوروبية. خسر 10 مقاعد وحل في المرتبة الثانية و لكن مع فارق شاسع مع (التجمع الوطني) : 15% في مقابل 30%

اكثر ما قيل ان قراره هو مخاطرة كبيرة بالنسبة الى حزبه، فضلا عن ارقام النوايا الإنتخابية للتشريعية القادمة تتوقع أيضا فوز (التجمع الوطني).

لا يزال الاعلام الفرنسي حتى الان يحاول ان يفهم الاسباب الحقيقية لقراره.

ولكن منذ ذلك القرار، لم نعد نرى مشهد دعم فلسطين في الجمعية الوطنية. لم نعد نرى مظاهرات تؤيدها في الشوارع والمدن.

اصبح الهم الأساس لكل الاحزاب ان تتحالف فيما بينها من اجل تقويض اليمين المتطرف .

اتفاق اليسار حول القضية الفلسطينية

حزب (فرنسا الأبية) تحالف مع الحزب الإشتراكي و حزب البيئة و الحزب الشيوعي و الحزب الجديد المعادي للراسمالية ضمن الجبهة الشعبية الجديدة . من الامور التي تم الاتفاق عليها فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية: الاعتراف بالدولة الفلسطينية، فرض عقوبات على اسرائيل عبر منع بيع السلاح اليها، ادانة هجوم السابع من اوكتوبر والمطالبة باطلاق سراح الاسرى الاسرائيليين الرهائن،  ولكن ايضا اطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين السياسيين.

كما شدد على ضرورة قطع العلاقة مع “حكومة التفوق اليمينة المتطرفة لنتنياهو من اجل فرض وقف اطلاق نار في غزة” و “العمل على تنفيذ  أمر محكمة العدل الدولية الذي اشار بشكل لا لبس فيه الى خطر الإبادة الجماعية”.

حملة الماكرونية على اليسار

رئيس الوزراء الفرنسي غابريال اتال من حزب ماكرون انتقد هذا التحالف ووصفه “باتفاق العار” بسبب اشتماله على حزب (فرنسا الابية) . هذا التحالف كان قد تفكك غداة عملية طوفان الأقصى، في 7 اوكتوبر، لان ميلانشون و نوابه رفضوا توصيف حماس بالحركة الارهابية و لانهم ربطوا هجوم السابع من اوكتوبر بالتوسع الاستيطاني الإسرائيلي و اعتبروه ردا عليه.

منذ حل الجمعية ، الخطاب السياسي لماكرون و وزراءه ومسؤولي حزبه واعضاء تحالفه من احزاب الوسط ، يروجون أن فرنسا في مواجهة مع ” المتطرفين الأثنين” Les deux extrêmes  بالإشارة الى (التجمع الوطني) الذي يمثل التطرف اليميني و تحالف اليسار المتهم بأنه يمثل التطرف اليساري.

تعتبر النشرة الفرنسية للموقع  huffington post  في عددها 19 حزيران ان  الحملة الماكرونية على التحالف اليساري عبر توصيفه بأنه “تحالف اليسار المتطرف” “توصيفا مخادع” استنادا الى  ان وزارة الداخلية الفرنسية لم تصنف حزب (فرنسا الأبية) ضمن الأحزاب اليسارية المتطرفة في الانتخابات السابقة.

يعتبر هذا الموقع الأميركي ذي الاتجاه التقدمي والذي تم شراء اغلبية اسهمه من صحيفة لوموند الفرنسية ان هذا التوصيف الجديد متصل بمواقف حزب (فرنسا الأبية) من القضية الفلسطينية فحسب. وتذكر ايضا بأن اتهامه بانه معاد للسامية من قبل الماكرونية لا يستند الى شيء خاصة وانه لم تتم قط ادانة احدا من نوابه بذلك.

لا حملة على اليمين المتطرف

ويستغرب الموقع انه فيما يتعلق بحزب (التجمع الوطني) وهو المصنف بأنه من اليمين المتطرف من قبل وزراة الداخلية انه لا يتعرض من قبل الماكرونية لهذه الحملة الشرسة التي يتعرض لها اليسار وبالأخص (فرنسا الأبية)

نذكر ان حزب (التجمع الوطني) منذ السابع من اوكتوبر اتخذ موقفا سياسيا مؤيدا للكيان بشكل مطلق مطلق. وهو  بينما كانت فرنسا تتابع الحرب على غزة و يتخبط اعلامها التقليدي في كيفية تغطيتها وقد استنفر جهابذة الصهيونية كل قواهم لدعم الكيان فيها و استعر التهويل الخطابي حول ارتفاع منسوب معاداة للسامية المزعوم،  و سمحت المظاهرات المؤيدة لفلسطين بعدما فشلت محاولات منعها، علينا ان نتذكر ان حزب (التجمع الوطني) هو الذي حرف الأنظار عبر تمرير قانون يحد من الهجرة.

هو اعاد الى واجهة الأحداث هذا الموضوع الشائك الذي يقلق العديد من الفرنسين الاصلين الخائفين على “ضياع الهوية الاوروبية” كما يقلق الفرنسيين من اصول مهاجرة والذي يخافون دوما من اضطهادهم و طردهم و نزع الجنسية عنهم.

علما ان آلة البروباغندا الصهيونية في الغرب تلعب دوما على وتر هذه المسألة على خلفية الصراع في الشرق الاوسط اي في غرب آسيا.

هل يريد ماكرون ومن وراءه، علما ان انه معروف منذ انتخابه اول مرة انه “رجل روتشيلد” ، العائلة المؤسسة للكيان الصهيوني ، هل يريد بالفعل ان يسعر هذه البؤرة خدمة لاسرائيل عبر توصيل اليمين المتطرف الى الحكم ؟

هل يريد ذلك اللوبي الصهيوني؟

اليهود الفرنسيون يميلون نحو اليمين المتطرف

يمكن استشفاف موقف هذا الوبي في فرنسا من خلال احد جهابذته (الان فنكيلكرات) Alain Finkielkraut الذي يعتبر فيلسوفا. وهو من اليهود الصهاينة المستميتن في الدفاع عن الكيان.

في مقالة لصحيفة (لو بوان) في 11 حزيران يونيو الماضي، تحت عنوان (( الان فنكيلكروات: الوضع الحالي هو حسرة بالنسبة الى  اليهود الفرنسيين)) ، يعتبر ان قرار الرئيس الفرنسي “حل الجمعية الوطنية لا مفر منه لان البلاد كادت ان يصعب حكمها”. ورأى ان استبعاد (التجمع الوطني) من المشهد الجمهوري مسالة غبية.و دافع عن سياساتها حول الخوف من الهجرة عبر القول “انه لا يمكن الى ما لا نهاية نضع ختم العار الكاره للأجانب على الهاجس الوجودي لدى غالبية الشعب الفرنسي أمام ضغط الهجرة.”

و في كلامه حول (فرنسا الأبية) يعتبر انه اسس كل حملته خلال الانتخابات الاوروبية على “كراهية اسرائيل و معاداة السامية”.

اشار الى نتائجه في الانتخابات الاوروبية بأنه حاز على 10% من الأصوات، و حذر بأن “لديه مخزون مهم من الأصوات في الأحياء الشعبية”. و هي الأحياء التي يقطنها المسلمون الفرنسيون.

و يختم قائلا: “لم اتخيل يوما انني قد انتخب يوما لصالح (التجمع الوطني) من اجل اقامة سد منيع في وجه معاداة السامية. ولكنني قد اكون مجبرا على ذلك على المدى الطويل إلى حد ما،  إذا لم يكن هناك بديل. سيكون ذلك كابوسا. الوضع الحالي هو حسرة لليهود الفرنسيين”.

لا شك انه يلخص نفسية يهود فرنسا الصهاينة الموالين لاسرائيل. احصاء اجري مؤخرا في بداية هذا الشهر نشرته صحيفة (لوفيغارو) نقل لن 92 من يهود فرنسا يعتبرون ان حزب (فرنسا الأبية) يساهم في تسعير معاداة السامية.

وربما هو يوجههم للإنتخابات النيابية الفرنسية القادمة.

لبنان ضد “اسرائيل” في الإنتخابات الفرنسية

اللافت انه خلال الإنتخابات الاوروبية الأخيرة صوت اغلبية الفرنسيين الإسرائيليين المقيمين في الكيان ضمن الدائرة الثامنة لصالح حزبي اليمين المتطرف: حزب (اعادة الإستيلاء) او (الاستعادة) La Reconquête  الذي اسسه اليهودي الصهيوني الشرس المعادي للمسلمين (ايريك زمور) و لصالح حزب مارين لوبن (ألتجمع الوطني) في الدرجة الثانية.

و من اللافت ايضا ان اغلبية الفرنسيين اللبنانيين الذين يعيشون في لبنان صوتوا لصالح (فرنسا الأبية).

جزء من المعركة الإنتخابية الفرنسية التشريعية القادمة تجري هنا في المنطقة. بين لبنان و الكيان.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

المصدر: موقع المنار