جاد رعد*
يقول الله تعالى في كتابه الكريم، سورة الحجرات في الآية العاشرة: “إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ”. وجاء في التفسيرات، ان الاخوة في الاسلام منحة الهية، ونعمة قدسية، وصفة ملازمة للايمان، وخصلة مرافقة للتقوى…. كما يعدنا عز وجل، في سورة الاحزاب، السورة ٣٥، كل المسلمين والمسلمات، والمؤمنين والمؤمنات…. يعدهم بالمغفرة والاجر العظيم. تلك هي تعاليم الاسلام. من منظور آخر، يؤكد التاريخ، انه لا يوجد احتلال في تاريخ الانسانية، انتهى بالورد والسلام، الاحتلال دوما الى زوال، ومن اهم الأمثلة، حكم العرب في الاندلس، والسلطنة العثمانية في بلدان العرب، كذلك الامر في ايرلندا وافريقيا وآسيا، لذا ستكون فلسطين حرة، عاجلا ام آجلا.
يأتي بعكس السياق التاريخي، ومتعارض مع المفاهيم الإسلامية الإنسانية، بيان “المؤتمر العالمي للايغور”. تم إعلانه على عجل، يومين بعد بدء عملية “طوفان الاقصى”، يسابق الجميع لإدانة الحركة المقاومة الاسلامية الفلسطينية العربية. ولا يخجل المؤتمرون الايغور من الدفاع عمن يسموهم مدنيين اسرائيليين والتضامن معهم، وذكرهم في صلاتهم، مع العلم ان اسرائيل رسميا ليس فيها مدنيين لا رجال ولا نساء. هنا، ياتي السؤال من صلب العقيدة، هل يجوز ان تكون صلاة مسلم نصرة للصهاينة الذين بنوا دولتهم على دماء الاخوة الفلسطينيين؟؟؟ ورد في المصحف الشريف ان تلك الاخوة من الله فهل يحق للمسلم انتقاء او ححب التضامن مع اخوة مظلومين يتعرضون للتنكيل والابادة منذ العام ١٩٤٨… يدعو الاسلام بوضوح الى نصرة المظلوم كواجب شرعي انساني، يعني في حالة اليوم اهل فلسطين طبعا، يضاف الى ذلك، تصنيف ثورات المظلومين كافضل الجهاد مما يعني حركة حماس، لا سيما انه على ذلك الاساس انتقل الاف الايغوريين الى شمال سوريا واستوطنوا قرية بعد طرد اهلها.
آراء” المؤتمر العالمي للايغور” غير مقبولة تحت أي ظرف من الظروف، موقف حتى ولو كان في توقبت مختلف، او فيه رد توثيقي ضد الرئيس الفلسطيني يوم زار الصين منذ اشهر وتجول في شنجيانغ واعلن الثناء على السياسات الصينية هناك. لكن الموقف المعيب للايغور ان يتجاهلوا كون الرئيس محمود عباس، لا يمثل كل فلسطين، وخاصة غزة. في حين كان الاجدى، ان يتمثل الايغور بموقف الايرلنديين شعبا وحكومة، لكونهم اشد من يتأثر ويعرف معنى الظلم والاحتلال برا وبحرا وجوا كما في الفضاء الافتراضي. يعترض التنظيم الايغوري على شخص فيصيب شعب. يخشى ذلك التنظيم من تحديد وجهة انتقاده كيلا يصيب سفير دولة اللإمارات العربية المتحدة فيخسر مصدر محتمل او مرتجى للمكرمات المالية لانه زار ايضا موطن الايغور في الصين وغيره وافصحوا جهارا عدم وجود دليل على انتهاكات مزعومة، لا بل رأووا وعاينوا عن كثب عكس تلك المزاعم التي سعى الغرب لتسويقها.
تضامنت الحركات التحررية من حول العالم مع غزة، من شرق اسيا الى امريكا اللاتينية مرورا بافريقيا نصرة للمظلوم وإحقاقا لإنسانية الثورة. كما تعاضدت فيما بينها، كل الدول الإستعمارية، وتسابقت على تأييد تل ابيب التي وظفت ذلك من على فوهات المدافع والقاذفات، تنكيلا بأطفال غزة ومشافيها. كما منعت الدول المدعية زورا نصرة الانسانية والديمقراطية، منعت كل اشكال التضامن مع غزة وفلسطين فكان إعتقال مئات اليهود المناهضين الصهيونية في الولايات المتحدة الاميركية الذين نظموا التظاهرات وكان التعامل العنيف ضد كل من يحمل علم فلسطين في اوروبا.
يتربع دولكون عيسى على رئاسة المنظمة الإيغورية بما يتجاوز الـ 97% من اصوات سجلاته الناخبة، متنقلا بين فنادق برلين وبراغ، متناسيا ان فوز ماكرون ضد تطرف اليمين جعله فاقدا للدعم الشعبي. كما تناست المنظمة الايغورية، حق شعب فلسطين بتلك الارض، فمدينة اريحا توثيق لا جدال فيه، ثاني مدينة تاريخيا بعد أور. كما ان التوراة لا تنفي كون موسى اشترى أرض المدفن لزوجته من الكنعانيين، القادمين من ما بين النهرين، اشترى يعني لم تكن له. ما يدعي الصهاينة أنه إثبات تاريخي لصالحهم، أي دولة العبرانيين، أزالها الرومان وليس الفلسطينيين. تعتمد الصهيونية وهي لا تمثل اكثرية اليهود على كم هائل من المعلومات المضللة والاكاذيب والفرض بالقوة، وتلك الحركة بصلب عقيدتها لا تستطيع ان تكن الود ولا الاحترام لكل من يتشابه مع المسمى مؤتمر ايغوري عالمي، مهما بلغ التزلف والانبطاح امامها، اقله وفقا لمبدأ خاص كونهم ينصبون انفسهم كشعب الله المختار، ومن قبل حرب غزة هم ينظرون لكل من ليس منهم على اساس انه حيوان بمظهر بشري. اما الاسلام فيحارب الظلم، فكبف يتحول البعض من محاربة الظلم إلى نصرة ظلم أكبر بالتعدي على حقوق الآخرين وتدمير ممتلكاتهم وزهق ارواحهم.
إذا على اي أساس يستند الإيغوري صاحب الإقامة في فنادق اوروبا، اليس واضحا ان علاقته بالإسلام مصطنعة؟ اليس واضحا انه ديكتاتوري صغير يعيش من مخصصات مالية اوروبية؟ قال سبحانه لمن ينصروا الباطل: من أظلم ممن افترى على الله الكذب وهو يدعى إلى الإسلام والله لا يهدي القوم الظالمين . (سورة الصف، الآية السابعة)
* منسق الصين بالعربية الفصحى
المصدر: بريد الموقع