الصحافة اليوم 2-9-2023 – موقع قناة المنار – لبنان
المجموعة اللبنانية للإعلام
قناة المنار

الصحافة اليوم 2-9-2023

الصحافة اليوم

تناولت الصحف اللبنانية الصادرة في بيروت صباح اليوم السبت 2-9-2023 سلسلة من الملفات المحلية والإقليمية والدولية.

الاخبار:

جريدة الاخباراللامركزية لا تنهي عيوب المركز

اللامركزية، بشكل عام، هي نقل المهام والسلطات من السلطة المركزية إلى السلطات المحلية، الموزّعة على الأقضية في حالة لبنان. تنقسم اللامركزية إلى لامركزية سياسية ومالية وإدارية. المشكلة في لبنان أن العيوب الموجودة في المركز لن تزول عندما تُعتمد اللامركزية الإدارية. بل المرجّح أن تتوزّع هذه العيوب على السلطات المحلية (الفساد، الزبائنية، الطائفية…). والشواهد على هذا الأمر عديدة، إذ يمكن الاستخلاص من بعض الأوراق البحثية، التي تربط تطبيق اللامركزية بارتفاع احتمالات الفساد وانخفاض جودة الخدمات الصحية والتعليمية.

وتشير هذه الأبحاث إلى أن اللامركزية يمكن أن توسّع الهوة بين الفقراء والأغنياء من خلال تمركز الثروة في المحافظات الملائمة لها، وهو ما يتحدث عنه ريمي برودم في ورقته «مخاطر اللامركزية» التي نشرها البنك الدولي عام 1995. ويكمل برودوم أن النظام اللامركزي، بنقله السلطة إلى السلطات المحلية، على عكس ما هو متصوّر، يقلّل من التجاوب تجاه المقيمين من قبل المسؤولين نتيجة السماح بانتشار الفساد المحلي. وهو ما يمكن استخلاصه من التجربة الإندونيسية، حيث لم يحدّ تطبيق اللامركزية من مشكلة الفساد، لأن النموذج افتقد إلى الأدوات اللازمة للحد من انخراط النخب السياسية في أعمال الفساد. بمعنى آخر، تحتاج اللامركزية إلى أدوات إضافية تصوّب على مشاكل مثل الفساد لتستطيع حلّها، وإلا هي ليست أداة بحد ذاتها لتحارب هذه المشاكل.

في مشروع قانون اللامركزية الإدارية الذي عملت عليه اللجنة التي ترأّسها الوزير السابق زياد بارود، والذي يشكّل محور الحوار بين التيار الوطني الحر وحزب الله، تظهر إشكالات في الشق الإداري والمالي، منها ما يتعلق بعدد الأقضية. إضافة إلى صلاحيات مجالس الإدارة في ما يخص «التقاضي»، ما يعني إنشاء جهاز شرطة على مستوى القضاء الذي يُعتبر من عداد الضابطة العدلية، من دون أن يوضح المشروع آلية عمل هذا الجهاز، ومرجعية الأوامر والمهام.

وفي موضوع الإقامة تجدر الإشارة إلى أن من يحق لهم الاقتراع في مجالس الأقضية هم المقيّدون في لوائح الناخبين وليس المقيمين، إلا أن القانون يشير إلى أن من يثبت أنه مقيم في نطاق معين ويسدد الرسوم والضرائب البلدية من دون انقطاع لمدة ست سنوات يمكن أن يمارس حق الاقتراع. وهذا الأمر له شقّ مالي أيضاً. فكيف تتم عملية جباية ضرائب الدخل وما هي الآلية التي ستُعتمد: هل يُعتمد مركز سكن الأجير أم مكان عمله؟ لأن في لبنان الكثير من الموظفين الذين يتنقّلون بين المناطق إلى أماكن عملهم، ومنهم من يعيش في الأطراف ويقصد العاصمة يومياً، ومنهم من يتنقّل بين الأطراف، ما يوجب توضيح عمليّة جباية الضرائب على دخل هؤلاء وأي قضاء يستفيد منها؟

تربط أوراق بحثية تطبيق اللامركزية بارتفاع احتمالات الفساد وتراجع جودة الخدمات الصحية والتعليمية

أمر آخر، يتعلق بحجم واردات الصندوق اللامركزي في ظل الأزمة المالية الحالية؟ إذ بحسب أرقام موازنة عام 2023 تبلغ إيرادات الصندوق اللامركزي نحو 155 مليون دولار، وهو رقم ضئيل نسبة إلى الناتج المحلّي بنسبة نحو 0.9%، في حين أن مشروع بارود يقول إن هذه الإيرادات يجب أن تبلغ 2%، والمعدّل العالمي نحو 3%. وللمقارنة، فقد بلغت ميزانية بلدية بيروت عام 2015 نحو نصف مليار دولار، أي أكثر بـ 3 مرات إيرادات الصندوق اللامركزي المحتملة اليوم، وهي أموال مخصّصة لكل الأقضية.

كذلك هنالك مشكلة في المعايير المعتمدة لتوزّع الحصص، اذ يعتمد مشروع بارود على جداول إحصائية بعدد سكان المدن والقرى، استناداً إلى أرقام وزارة الداخلية والبلديات – المديرية العامة للأحوال الشخصية (أيار 2013). وبحسب هذه الأرقام، على سبيل المثال، فإن حصة قضاء دير الأحمر، الذي يبلغ عدد سكانه نحو 67 ألفاً، هي 3%، بينما حصة قضاء طرابلس الذي يبلغ عدد سكانه نحو 354 ألفاً هي 2%. لأن مساحة دير الأحمر أكبر. الفكرة هنا هي أن مؤشّر المساحة يأخذ نفس وزن مؤشّر عدد السكّان، وهو أمر يثير تساؤلات حول عدالة هذا التوزيع.

كما أن المعايير المذكورة في المشروع تعتمد على التنمية الاقتصادية وجباية الضرائب كمؤشّرين يمثّلان 80% من تخصيص حصص الأقضية. فالأقضية التي لا تمتلك نسب جباية مرتفعة تنخفض حصتها من إيرادات الصندوق اللامركزي. ولكن إذا كان الهدف من اللامركزية هو تحسين أوضاع القرى والمدن، لماذا نعتمد معايير تقول إن القضاء الذي يفشل في جباية الضرائب على سبيل المثال تنخفض حصته من مؤشر تحصيل الرسوم، أي من حصته الإجمالية من الصندوق، بدل مساعدته على معالجة أسباب المشكلة ؟

من ناحية أخرى، كيف يمكن أن نعوّل على اللامركزية لحل المشاكل التي يعاني منها لبنان إذا كانت مشاكل بنيوية لا تتعلّق بمركزية النظام الإداري من عدمه. لأن الأزمة التي تعاني منها الدولة اليوم تتعلّق بشح الموارد، وقد انخفض حجم موازنة الدولة بشكل كبير بعد الانهيار. لذلك فإن توزيع الإيرادات على الأقضية ليس حلاً يساهم في انتشال القطاع العام من الحضيض الذي وصل إليه. فإيرادات الدولة لا تزيد حالياً على 1.6 مليار دولار.

أما في موضوع التوزيع وإعادة التوزيع، فإن مشروع بارود يركز على التوزيع، إلا أنه لا يلحظ إعادة التوزيع بشكل صحيح. فهناك الكثير من الأمثلة عن أرباح شركات ومؤسسات تُسجّل في المركز (بيروت)، في حين أنها تكوّنت في أماكن عدّة. على سبيل المثال المصارف التي تتركز في بيروت، وتتوزّع فروعها في كل أقضية لبنان. هذه المصارف راكمت القيم المضافة التي تُشكّل أرباحها في كل أنحاء لبنان، بينما تدفع ضريبتها على هذه الأرباح في بيروت. في هذه الطريقة، يُعاد توزيع الثروة بشكل يُركّزها في العاصمة، وهو ما يزيد من هوّة اللامساواة بين الأقضية، ولا سيّما بين المركز والأطراف.


زيادة ضريبة القيمة المضافة إلى 12% | موازنة 2024: الضرائب والرسوم بالدولار

يتّجه مشروع موازنة 2024 نحو دولرة الإيرادات وتحصيلها بالدولار الفريش، ويتضمّن استحداثاً لضرائب جديدة، بعجز يصل إلى 13.8%. قد يؤمّن هذا الأمر للخزينة إيرادات بالعملة الأجنبية، إنما تكمن خطورته في أنه يلغي العملة اللبنانية لتصبح البلاد كلّها مرتبطة أكثر بالدولار. اقتصاد كهذا يتطلب دفقاً متواصلاً بالنقد الأجنبي في ظل اقتصاد يعتمد بشكل مفرط على الاستيراد. ولم يعد لبنان رهينة التدفّقات، إنما سيكون رهينة الدولار. بلغت قيمة الإيرادات في مشروع موازنة 2024 نحو 300.5 تريليون ليرة (3.3 مليارات دولار)، مقابل نفقات بقيمة 258.7 تريليون ليرة (2.9 مليار دولار)، أي إن العجز يبلغ 41.6 تريليون ليرة. وبحسب تقديرات صندوق النقد الدولي، فإن الناتج المحلي الإجمالي سيبلغ في عام 2024 نحو 18.2 مليار دولار، وبالتالي فإن النفقات العامة ستمثّل 18.1% من الناتج، مقارنة مع 16.6% في السنة الماضية. أول الإجرام في هذا المشروع أنه يرفع ضريبة القيمة المضافة إلى 12% ابتداءً من أول كانون الثاني 2024. وثانيها، أنه يكرّس استيفاء الرشى في الإدارة العامة ويستحدث ما أسماه «بدل خدمات سريعة وطارئة» لإنجاز المعاملات في اليوم ذاته أو خلال ثلاثة أيام ليتم توزيع قيمة المبالغ المحصّلة من هذا الرسم على موظفي الإدارة المختصّين، ولإدارة أخرى، و20% للخزينة. هذا الرسم يعني أن القوى السياسية ترفض تصحيح الأجور، وستقوم بتشريع الرشوى بدلاً من ذلك. وبموجب هذه الموازنة، سيتم تشريع استيفاء الرسوم والبدلات بالعملة الأجنبية بعدما كانت الليرة هي العملة الرسمية الوحيدة في غالبية تعاملات الدولة مع المكلّفين بالضريبة، بشرط أن يحدّد مصرف لبنان «التسعيرة»، أي سعر الصرف. هذا الأمر سيكون إلزامياً بالدولار النقدي للرسوم والضرائب الآتية:

– الحصص والأرباح التي تعود للدولة اللبنانية من استخراج النفط ومشتقاته وبيعه، وإيرادات ألعاب الكازينو بالعملة الأجنبية، وحصة الدولة من الشراكات مع القطاع الخاصة.

– الضريبة المتوجّبة بموجب أحكام المادة 51 من القانون 497. أي القانون المتعلق بتسديد ضريبة الفوائد.
– الضريبة المتوجّبة على إيرادات رؤوس الأموال المنقولة الأجنبية.
– الضرائب والرسوم المتوجّبة على الشركات صاحبة الحقوق البترولية والشركات صاحبة الحقوق البترولية المشغّلة.
– رسوم المغادرة عن المسافرين بحرا وجواً بالدولار الأميركي.
– الرسوم القنصلية.
– الرسوم الجمركية.
– رسم الاستهلاك الداخلي عند الاستيراد.
– الرسوم التي تستوفيها مؤسسة كهرباء لبنان.
– رسوم المطارات.
– الضريبة على القيمة المضافة المتوجّبة على رسوم المطارات.
– كلّ الرسوم المرفئية….
– الضريبة على القيمة المضافة التي سدّدها السائح لأصحاب المحالّ المتعاقدة مع وزارة المالية عن مشترياته داخل الأراضي اللبنانية ويطلب استردادها وفقاً للأحكام الخاصة باسترداد الضريبة.
– رسوم الإقامة لحاملي إجازات العمل من كلّ الفئات، بمن فيهم الفنانون والموسيقيون وبطاقات الإقامة، وغيرها من الرسوم والسمات والغرامات التي تستوفيها المديرية العامة للأمن العام التي يُحدّد استيفاؤها بالدولار الأميركي بموجب مرسوم يُتخذ في مجلس الوزراء.

أول الإجرام في هذا المشروع أنه يرفع ضريبة القيمة المضافة إلى 12%

أما الأجور المدفوعة بالدولار، فبات يترتّب على صاحب العمل أن يدفع الضريبة المترتّبة عليها بالعملة نفسها المدفوعة للأجير. وفيما وردت في الموازنة تعديلات على ضرائب قائمة تتعلق ببراءات الاختراع والأثر الأدبي وعلى رسوم ومكوس المداخيل المفروضة على الماركات التجارية والملكيات الفكرية والصناعية والأدبية والفنية والتجارية، أي زيادة قيمة الضريبة تماشياً مع ما حصل في مشروع موازنة 2023 الذي زاد الضرائب وضاعفها مرات عدّة… تمّ استحداث ضرائب جديدة لم تكن موجودة سابقاً، مثل رسم لكل طلب إذن مزاولة مهنة الهندسة، ورسوم للمراجعات والطلبات الخاصة، ورسم لكل طلب اعتراف بدراسة أو شهادة جامعية ومعادلتها. كذلك استُحدث رسم طابع مالي لكل طلب تقدّمه مؤسسة خاصة للتعليم العالي للنظر في مسار دراسي أو تحويل موادّ… وطابع مالي مقابل صور الشهادات والإفادات أو أي مستند يحتاج إليه طلب الكولوكيوم أو طلب الاعتراف بالشهادات والدراسات الجامعية… وفيما يتواصل استحداث الرسوم والضرائب على التعليم، مُنح القضاة رسماً مقطوعاً عن كل دعاوى تفريق وطلاق وخلع وإثبات زواج وسواها.

أغرب وأبرز ما ورد من ضرائب في مشروع الموازنة هذا، هو رسوم الاستهلاك للحفاظ على البيئة. فقد أضيفت جداول تتضمّن غالبية السلع التي يستوردها لبنان من الخارج، وفُرضت عليها ضريبة جماعية تبدأ بنسبة 0.10% من قيمة الاستيراد وتصل إلى 0.40%. بموجب هذه الزيادات، ستتضاعف قيمة الرسوم الداخلية على السلع والخدمات، وقيمة حاصلات ضريبة الأملاك، وحاصلات الإدارات والمؤسسات العامة، وضرائب الدخل والأرباح. ستزداد قيمة حاصلات ضريبة القيمة المضافة من 36 تريليون إلى 90 تريليون ليرة. طبعاً هذه الموازنة لم تعترف بعد بأن عليها ديوناً لحاملي سندات اليوروبوندز لتدرّجها ضمن الموازنة، وترفض الإقرار بأن عليها خسائر ستتحمّلها بنتيجة إعادة هيكلة مصرف لبنان، وأن الوعاء الاقتصادي الذي تُفرض فيه هذه الضرائب والرسوم صار ضيّقاً على الآخر ويعتمد بشكل أساسي على مداخيل تأتي من الخارج، سواء على شكل تحويلات مغتربين أو مساعدات من منظّمات وأحزاب ودول.

محاضر اجتماعات «العرب – سوريا»: أعطونا بالتفاوض ما لم نأخذه بالحرب

لم يكَد مجلس «جامعة الدول العربية» يُنهي اجتماعه الأخير في مدينة جدة في 19 أيّار الفائت، بحضور الرئيس السوري، بشار الأسد، حتى توجّهت الأنظار إلى المرحلة «العملية» التي ستلي. مرحلةٌ كان بدأ أول معالمها يتّضح في اجتماع عمّان في الأول من أيار، حيث أقرّ وزراء خارجية كلّ من السعودية والأردن والعراق ومصر، بحضور نظيرهم السوري، ببقاء النظام في دمشق، وحتمية التعامل معه والتوصّل إلى «تسوية» ترضيه والدول العربية والغربية. هكذا، ولد ما أُطلق عليه لاحقاً «المبادرة الأردنية»، ليضحي هو الإطار العام لعملية التقارب، وليشكّل محوراً رئيساً لكلّ اللقاءات الدبلوماسية اللاحقة بين المسؤولين العرب ونظرائهم السوريين. في ما يلي تفاصيل المبادرة الممتدّة على عشر صفحات، والتي اطّلعت «الأخبار» على مضمون النقاشات بشأنها منذ أيار الماضي حتى اليوم، حيث يستمر الشدّ والجذب حولها، منعكسيْن عقبات كأداء في طريق التقارب السوري – العربي‎

تنطلق المبادرة الأردنية من أنه بعد 12 عاماً من الحرب في سوريا، لا يبدو أن في الأفق حلاً، ولا استراتيجية واضحة للوصول إلى تسوية سياسية. ولذا، فهي تحدّد 5 مبادئ رئيسة تنطلق منها:

‎- لا حلّ عسكريّاً للأزمة. ‎
– تغيير النظام ليس هدفاً فعّالاً.
‎- القرار الدولي 2254 هو أفضل سبيل للحلّ. ‎
– الوضع الراهن يتسبّب بتفاقم معاناة السوريين، ويقوّي الخصوم (في إشارة إلى إيران). ‎
– عدم التدخّل أو تأخيره سيؤدي إلى نتائج قد يتعذّر تغييرها لاحقاً.

‎بعد ذلك، تنتقل المبادرة إلى تفنيد الهواجس العربية عموماً، والأردنية خصوصاً، وأبرزها: تهريب المخدّرات عبر الحدود الجنوبية، عودة التنظيمات الإرهابية، تزايد النفوذ الإيراني، عدم عودة اللاجئين إلى سوريا وتراجع الدعم الدولي للاجئين والدول المضيفة. ‎أما بالنسبة إلى آلية الحلّ المنشود، فتقترح خطوات عدّة أبرزها: دعم مبادرة «خطوة مقابل خطوة»، حشد الدعم لمبادرة جديدة عربية وإقليمية، انخراط الحكومة السورية في مفاوضات عروض وطلبات والسعي للحصول على موافقة روسيا على هذه المبادرة. ‎وبناءً على ما سبق، تتحدّد 3 مستويات للتسوية الشاملة للأزمة، وهي:

‎سياسياً: الوصول إلى حل سياسي يحفظ وحدة وسلامة وسيادة سوريا، وفق مقاربة تدريجية.

‎أمنياً وعسكرياً: وقف إطلاق نار شامل، معالجة مسألة المقاتلين الإرهابيين الأجانب ومعالجة المخاوف الأمنية للدول المجاورة في ما يتعلّق بأمن الحدود، بالإضافة إلى تفكيك شبكات تهريب المخدّرات. وكذلك معالجة الوجود الإيراني، عبر إخراج قادة «الحرس الثوري الإيراني» وقواته، وانسحاب جميع العناصر العسكريين والأمنيين غير السوريين من المناطق الحدودية مع الدول المجاورة، ومنع «الميليشيات» الموالية لإيران من استخدام سوريا مركزاً لإطلاق هجمات عبر طائرات من دون طيار (درونز) أو هجمات عابرة للحدود، وتخفيض العتاد العسكري الإيراني في سوريا من حيث المواقع الجغرافية ونوعية الأسلحة.

إنسانياً: إحداث تبدّل تدريجي في سلوك الحكومة مقابل حوافز تُحدّد بتأنٍّ لمصلحة الشعب السوري، وتمكين بيئة مناسبة لعودة اللاجئين، فيما تكون الأمم المتحدة هي المسؤولة عن إيصال كل الدعم الإنساني إلى كل المناطق. ‎ولتنفيذ هذه الخطة، تحدّد المبادرة 3 مديات زمنية، من دون تحديد تواريخ أو مهل، هي:

‎المدى القريب: خطوات لبناء الثقة بما يتوافق مع القرار 2254، ومعالجة الأمور الخاصة بالمستوى الإنساني بشكل خاص.

‎المدى المتوسّط: الشروع في البعدين الأمني والعسكري، من خلال تطبيق وقف إطلاق نار شامل، وتجميد التجنيد العسكري لمدة عام على الأقل، وتخفيض الحضور العسكري الإيراني، وزيادة مكافحة تهريب المخدّرات.

‎المدى البعيد: انسحاب جميع القوات الإيرانية و«الشيعية» من سوريا.

وفي المرحلة النهائية، وبعد تحقّق كل ما سبق، تعمل الدول العربية على إعادة إدماج سوريا سياسياً، في المنطقة والعالم. ‎وفي مقابل كل خطوة تقوم بها الحكومة السورية وفق البرنامج المذكور، تحصل على خطوة تحفيزية من مثل الاستثمار في مشاريع التعافي المبكر، وزيادة المساعدات الإنسانية لسوريا، واستحداث قناة آمنة تسمح للهيئات الإنسانية والمدنيين بتحويل الأموال إلى المناطق التي تسيطر عليها الحكومة السورية لتسهيل المساعدات الإنسانية ومعاملات التحويلات، وابتكار آلية إنسانية محددة تسمح بتصدير أشياء إلى سوريا للاستخدام المدني كأدوية معينة ومعدات للمستشفيات وإمدادات زراعية ولوازم صيدلانية (ممنوعة حالياً لأنها تُعتبر متعددة الاستخدام، بفعل قانونَي «قيصر» و«الكبتاغون»). كما يُفترض أن يقوم المانحون وهيئات الأمم المتحدة المعنية، بالتنسيق مع الحكومة السورية، بالاستثمار في المناطق التي يُتوقّع أن يعود إليها اللاجئون، وتصميم مشروع تجريبي لعودة اللاجئين والنازحين بدءاً من الجنوب السوري. ‎كذلك، تدعم الدول العربية الحكومة السورية في المحافظة على المرافق والخدمات العامة، وتقترح آليات لصيانة هذه المرافق، وعلى رأسها محطات الكهرباء والسدود التي تقع راهناً تحت العقوبات الغربية. كما تتعهّد بدعوة جميع الأطراف السورية، بمن فيها تلك المسيطرة على الشمال الشرقي، إلى الالتزام بوقف إطلاق النار، وبالعمل على إعادة إحياء المنظمات العامة السورية ومنظمات الخدمة المدنية شمالي سوريا، على أن تتّبع المدارس في تلك المناطق المناهج السورية. وبحسب المبادرة، فإن الحوافز تتضمّن أيضاً تطبيق تخفيف تدريجي للعقوبات على سوريا، بدءاً بتسهيل تجارة السلع عبر أطراف ثالثة، ورفع العقوبات عن المرافق العامة السورية بما فيها المصرف المركزي والهيئات الحكومية والمسؤولين. ‎

تنطلق المبادرة الأردنية من 5 مبادئ رئيسية، وتحدّد 3 مستويات للتسوية الشاملة للأزمة، خلال 3 مديات زمنية، من دون تحديد تواريخ أو مهل

شكل إنساني وجوهر سياسي ‎

تعتمد «المبادرة الأردنية»، في العمق، على خطة «خطوة مقابل خطوة»، والتي هي في جوهرها مبادرة سياسية، ولكن بشكل إنساني، إذ تستند إلى أسُس القرار الدولي 2254، والتي تنصّ على آلية حكم انتقالية عبر تشكيل حكومة بصلاحيات محددة. ومن هنا، من المفترض أن تثمر اجتماعات «اللجنة الدستورية» تعديلات دستورية تخفّض صلاحيات رئاسة الجمهورية، وتمنحها لرئاسة الوزراء، بما يعني «لبْننة» الحالة السورية، ومنح أدوار للطوائف المختلفة.

أمّا على المستوى الأمني، فتنص «خطوة مقابل خطوة» على إلغاء التجنيد الإجباري أو تجميده لفترة محدّدة، وإعادة هيكلة القوات المسلحة، والبحث في مصير «الفرقة الرابعة» من الجيش السوري، وفي مرحلة لاحقة، إعداد مشروع لدمج المعارضة المسلّحة بالقوات النظامية، وفتح النقاش حول التعيينات في المناصب العسكرية العليا. وفي المرحلة الأخيرة، يجري إخراج القوات الإيرانية و«حزب الله» وحلفائهما، من سوريا. ‎
وفي ما يتعلق بالملف الإنساني، تدعو المبادرة إلى إنجاز «عفو عام»، وتحسين ظروف الاعتقال وإدارة السجون. كما تشدّد على أهمية إعادة هيكلة الأجهزة الأمنية، لما لها من انعكاس على المستوى الإنساني. ‎

المطلوب: ورقة عمل سوريّة

تمثّل أوّل تحرّك دبلوماسي جدّي، في سياق التقارب العربي – السوري، بعد لقاء عمّان وقمة دمشق، في زيارة وزير الخارجية الأردني، أيمن الصفدي، لدمشق، في 3 تمّوز الفائت. ففي الاجتماع الذي عقده الصفدي مع الرئيس بشار الأسد ووزير خارجيته ومسؤولين آخرين، طرح الوزير الأردني قضايا متعلّقة بالنازحين وتهريب «الكبتاغون»، والضغوطات الدولية لإجراء «إصلاحات» سياسية. وبحسب معلومات حصلت عليها «الأخبار»، فإن الصفدي شدّد على ضرورة أن «تبادر سوريا إلى تسهيل عودة بعض النازحين، ولو بأعداد قليلة، كإشارة حُسن نيّة»، ليجيب الأسد بأن «النازحين هم مواطنون سوريون، والطبيعي هو أن يعودوا جميعاً إلى وطنهم، لكن البنية التحتية الحالية الضرورية للسكن والطبابة والتعليم والعمل غير متوفّرة، والمجتمع الدولي يرفض أي مساعدة لإعادة بنائها». عقب ذلك، عاد الصفدي وكرّر طلبه، مقترحاً أن تُنظّم عودة «ألف نازح سوري من الأردن خلال فترة قصيرة، على أن تكون تلك تجربة أوّلية يمكن أن يُبنى عليها في مرحلة لاحقة»، فوافق الرئيس السوري على هذا المقترح، ووعد بتنفيذه. ‎كذلك تطرّق الوزير الأردني إلى الضغوطات الدولية، وتحديداً من «الأمم المتحدة» و«الاتحاد الأوروبي» والولايات المتحدة، وقال إن بلاده تتصدّى لها، مضيفاً أنه «يُسمِع كلاماً قاسياً أحياناً لجهة مبدأ السيادة، وعدم التدخّل في الشؤون الوطنية الداخلية، مدافعاً بذلك عن الموقف السوري»، على حد زعمه. لكنّ الصفدي عاد وأكّد أنه «من الصعب، وأحياناً من المستحيل، الدفاع عن بعض الأمور»، طالباً من الأسد أن يدافع عن وجهة نظر بلاده «عبر اتخاذ بعض الإجراءات القانونية والعملية المطلوبة»، هامساً بين الحاضرين: «ساعدونا لنساعدكم».

ونبّه وزير الخارجية الأردني إلى أن «إعلان عمّان» ما زال بمجمله «حبراً على ورق»، ولم يرَ لا المجتمع العربي ولا الدولي أيّ خطوات ملموسة بعده، طالباً من الأسد إعداد ورقة تحتوي برنامجاً زمنياً واضحاً لإجراءات ستّتخذها الحكومة السورية تطبيقاً لمقرّرات عمّان، «لتُعرض في اجتماع اللجنة الخماسية الذي (كان) سيُعقد في القاهرة في 16 آب». وقال الصفدي إنه «لا تزال أمام السلطات السورية بضعة أسابيع قبل اجتماع القاهرة، ويجب أن تستفيد منها لتعدّ الورقة المطلوبة»، مضيفاً أن «اللقاء الخماسي سيكون مفصلياً لتبرهن سوريا على جدّيتها».

اجتماع القاهرة: أين الورقة؟

‎بعد شهر ونصف شهر من زيارة الصفدي، انعقد في القاهرة، في 16 آب الماضي، الاجتماع الأول لـ«اللجنة الخماسية» المكوّنة من وزراء خارجية الأردن، والسعودية، والعراق، ولبنان، ومصر، بالإضافة إلى الأمين العام للجامعة، والتي أُعلن عن تشكيلها في قمة جدّة، ومهمّتها «متابعة تنفيذ بيان عمّان، والاستمرار في الحوار المباشر مع الحكومة السورية». خلال الاجتماع، وكما كان متوقّعاً، طالب المجتمعون وزير الخارجية السوري، فيصل المقداد، بـ«ورقة تحمل برنامج عمل يتوافق مع المبادرة الأردنية وإعلان عمّان»، والهدف من ذلك، «إظهار اللجنة الخماسية كلجنة فاعلة، تحدّد برنامج عمل وتسير وفقه، وتُرضي الغرب وبعض الدول العربية، وتُظهر الحكومة السورية في موقع المتجاوب». ‎لكن بحسب مصادر «الأخبار»، فإن المقداد «لم يبدِ تجاوباً، بل طالب وزراء الخارجية الحاضرين بأن يطالبوا الغرب برفع الحصار عن سوريا، بدل أن يطالبوا سوريا بتقديم تنازلات تُرضي الغرب». وهنا احتدّ الجدال بين وزير الخارجية المصري، ونظيره السوري، ما دفع الوزير الأردني إلى لعب دور «الإطفائي»، بمساعدة من نظيره السعودي.

وبحسب المعلومات، فقد أكّد المقداد، أن «استثناءات «قيصر» شارفت على الانتهاء، ومن بعدها ستكون هنالك موجة شديدة من العقوبات، وتشديد الحصار، وتحريك الشارع السوري مجدّداً»، ليتقرّر، في ختام الاجتماع، التنسيق مع الأمم المتحدة والأطراف الأخرى، من أجل عقد اجتماع لـ«اللجنة الدستورية» في سلطنة عمان قبل نهاية هذا العام، بعد توقّف اجتماعاتها منذ منتصف عام 2022.

على هذا النحو، انتهى آخر الاجتماعات في سياق التقارب العربي – السوري، وهو ما بدا انعكاسه واضحاً في البرود الذي عاد يلفّ العلاقات السورية – العربية، وعدم جني سوريا أيّ «فوائد» من عودتها إلى الجامعة، وانخراطها في مسار تفاوضي يبدو طويلاً ومعقّداً. كذلك، يظهر جلياً أن ثمة من العرب من هو غير قادر بعد على الاعتراف بأن الحكومة السورية وحلفاءها قد حسموا المعركة العسكرية، لصالحهم، ومنعوا إحداث تغييرات جوهرية في شكل الحكم. وعلى هذا الأساس، وبما أن الأسد باقٍ على رأس الجمهورية، فإن البحث لدى هؤلاء هو عن سبيل واحد فقط:كيف يُجوَّف انتصار سوريا؟ ‎

«بريكس» ما بعد التوسّع: «نادٍ مفتوح» أم منافس عتيد؟

منذ الإعلان الرسمي عن تأسيسه قبل عقد ونيّف، بدا تكتُّل «بريكس» متوافقاً مع «ترند» سياسي عالمي ينشد إقامة نظام دولي جديد، متعدّد الأقطاب، مع تبنّيه ما كثر الحديث عنه في شأن ضرورة إصلاح هياكل النظام القائم، ربطاً بمعايير تمثيليّة أكثر واقعية. وأمام تعذُّر تحسين مستوى الاستجابة الغربية عموماً، والأميركية خصوصاً، للدعوات المطالِبة بإعطاء صوت أكبر لـ«الجنوب العالمي» في المحافل الدولية، تحوّلت هذه الدعوات من نهج العمل الجماعي الرامي إلى تحسين التمثيل العادل للدول، والذي تجلّى ابتداءً في اكتفاء الدول المعنيّة في المجموعة (روسيا، الصين، الهند والبرازيل قبل انضمام جنوب أفريقيا عام 2010) بتنسيق مواقفها داخل المنظّمات الدولية (التجارة العالمية والبنك الدولي)، نحو نهج تعاوني «أكثر ثورية»، عبر السعي إلى خلْق منظّمات بديلة من تلك التي تعود إلى نظام ما بعد الحرب العالمية الثانية.

«بريكس» بين الأمس واليوم

ضمن مسار تاريخي ممتدّ، جاء انعقاد أول اجتماع لبلدان المجموعة، على مستوى وزراء الخارجية، على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 2006، ليعقبه تنظيم أول قمّة رسمية لزعمائها عام 2009. وشهد عام 2015 انطلاق «بنك التنمية الجديد» (بنك بريكس) ليمثّل أحد أبرز إنجازاتها على الصعيد المالي، علماً أن إجمالي القروض الممنوحة من جانب البنك الوليد تجاوَز 30 مليار دولار. ويكاد «الدور التمثيلي» الراهن لـ«بريكس»، باعتبارها «صوت العالم النامي»، يتكامل أو يتقاطع مع دور تكتّلات إقليمية أو اقتصادية أخرى، على غرار «مجموعة العشرين»، و«ميركوسور» اللاتينية، و«الاتحاد الأفريقي». وممّا لا شكّ فيه، أن خطوات الإعلان عن تأسيس «بنك بريكس»، إضافة إلى إنشاء صندوق ما يسمّى «احتياطي الطوارئ» بهدف معالجة أزمات السيولة، برأس مال قدره 100 مليار دولار، تستلهم تجربة «صندوق النقد والبنك الدوليَّين»، بهدف تقديم بدائل معيارية لدوريهما ضمن شروط «فُضلى» من قِبَل المجموعة.

أمّا على الصعيد السياسي، تعكف «بريكس» على إعطاء دفعة لحضورها الدولي، مستفيدةً من كون الصين، التي يُنظر إليها على أنّها «القائد الفعلي» للتكتل، والتي يفوق ناتجها المحلّي الإجمالي الناتج المحلي لشركائها في «بريكس» بأكثر من الضعف، الشريك التجاري لعدد كبير من دول العالم، بخاصّة بلدان «العالم الثالث». وبعدما كان توطيد التعاون الاقتصادي بين أعضاء المجموعة، وتيسيره بوسائل شتّى، من ضمنها ترسيخ آليات التبادل التجاري بالعملات المحلية، أولوية على أجندتها بدءاً من عام 2017، حيث نما هذا التبادل خلال الفترة المشار إليها بنسبة 56%، لتصل قيمته إلى 422 مليار دولار، فإن تركيز قادة «بريكس» راهناً ينصبّ على توسيع مروحة التعاون إليه، ضمن إجراءات من بينها فتح باب العضوية أمام دول جديدة للمرّة الأولى منذ عام 2010، فضلاً عن محاولة خلْق عملة جديدة لدول التكتُّل.

توازنات أم تباينات؟

على رغم حرْص الرئيس الجنوب أفريقي، سيريل رامافوزا، خلال قمّة جوهانسبورغ، على إبراز وحدة المجموعة حيال مسألة توسيع العضوية، لا تبدو «بريكس» كتلة متجانسة «على طول الخطّ»؛ إذ اعترتها تباينات في المصالح السياسية والأمنية تحكّمت بواقع التوازنات داخلها على مرّ الأعوام الماضية، سواء بسبب الخلافات الثنائية بين الصين والهند، أو على خلفية انسياق البرازيل خلال عهد الرئيس السابق، جايير بولسونارو، وراء السياسات الأميركية.

وكثيراً ما «تصطاد» واشنطن في تلك التباينات، وتحديداً لناحية العمل على استمالة نيودلهي، المحسوبة على «الحلف القِيمي الغربي»، لتوظيف حضورها الوازن داخل المنظّمة ضدّ «الجمهورية الشيوعية»، بالنظر إلى تقاربها الاقتصادي، ناهيك عن الديموغرافي مع الصين، فضلاً عن امتلاكها حصصاً متساوية معها في «بنك التنمية الجديد». ولعلّ هذه الاعتبارات تندرج في صميم السياسة الأميركية لمواجهة الصين، ومنافستها على خطب ودّ «الجنوب العالمي»، والذي تمظهرت أحدث صوره في الدعوة التي وجّهتها «مجموعة السبع» إلى الهند، وكذلك إندونيسيا، والبرازيل، لحضور قمّتها الأخيرة. ولربّما تفسّر السياسة المشار إليها، وإن جزئياً، بقاء تطوّر روابط الصين التجارية مع الهند عند مستويات أقلّ بالمقارنة مع شركائها الآخرين في «بريكس»، كروسيا وجنوب أفريقيا.

المفارقة أيضاً أن التقارير الغربية بدأت تسبغ ملامح اقتصادية على هذا «الانشقاق» أو «الفَرادة» الهنديَّين من منطلق نسب النمو المرتفعة التي أصبح يسجّلها الاقتصاد الهندي خلال السنوات الأخيرة، بمستويات تقارب ما كانت تحقّقه الصين قبل نحو 15 عاماً، في مقابل تباطؤ اقتصادي تسجّله اقتصادات المجموعة، كروسيا الخاضعة لعقوبات غربية.

وشأنها شأن «هند مودي» التي لطالما سكنها خوف من تحوّل المنظّمة إلى «ناطق باسم المصالح الصينية»، أبقت البرازيل في عهد الرئيس «اليميني» السابق نفسها على مسافة من «زملاء بريكس»، لأسباب تتعلّق بعدم الرغبة في استفزاز الغرب، في حين لا يكفّ خلفه، الرئيس الحالي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، عن إعطاء إشارات في شأن سيره في الاتجاه المعاكس. وهي إشارات ضمّنها في خطاب حماسي ألقاه في مقرّ «بنك التنمية الجديد»، في شنغهاي، في نيسان الماضي، شدّد فيه على ضرورة الحدّ من دور الدولار في التبادلات التجارية الدولية.

من شأن ضمّ بلدان نفطية مهمّة إلى «بريكس» أن يربط اقتصادات كبريات الدول المنتجة للنفط في العالم، مع اقتصادات أكبر الدول المستهلكة للخام

دلالات توسيع العضوية: نجاح روسي – صيني

وفي انتظار الانضمام الرسمي لدول شرق أوسطية عدّة، في طليعتها مصر وإيران، العام المقبل، يتفّق محلّلون على أن توسيع «بريكس»، لتضمّ دولاً نفطية مهمّة، من مثل السعودية والإمارات، على وقع انتظار دول أخرى ذات اقتصادات وازنة (نيجيريا وإندونيسيا) دورها أيضاً، من شأنه أن يربط اقتصادات كبريات الدول المنتجة للنفط في العالم، مع اقتصادات أكبر الدول المستهلكة للخام، وعلى رأسها الصين. وقد يسهم ذلك في تعزيز النفوذ الاقتصادي والسياسي لهذا المنتدى الدولي الصاعد، من خلال إتاحة فرص أكبر أمامه لتحدّي هيمنة الدولار في تجارة النفط والغاز، والتحوُّل إلى عملات دولية أخرى، فضلاً عن تدعيم حظوظه في فرض إعادة تشكيل الاقتصاد العالمي.

وما يسترعي الانتباه، هو أن أعضاء المجموعة «الأوائل» الذين تكتّلوا بادئ الأمر حول بعض المشتركات الاقتصادية (تماماً كما هو حال «مجموعة السبع» المحسوبة على الشمال الغني) – عند تفعيل عمل المنتدى في أعقاب الأزمة المالية العالمية عام 2008 -، كأرقام الناتج المحلّي المتصاعدة بوتيرة قياسية، ومعدّلات النمو المرتفعة، تبدو اليوم الخلفية السياسية واضحةً في موافقتهم على ضمّ أعضاء جدد ممّن يتمتّعون بمؤشرات أداء اقتصادي متفاوتة إلى حدّ كبير، في الوقت الراهن. ولعلّ ذلك يعدّ بمثابة دليل على أن توسيع التكتّل بات أولوية في حدّ ذاته، لأسباب جيوبوليتيكية واقتصادية في آن، أقلّه بالنسبة إلى أعضائه البارزين، كروسيا والصين، ولا سيما أن كلا الدولتَين تحيكان، منذ سنوات، استراتيجية طويلة الأمد للحدّ من استخدام الدولار في التعاملات التجارية الدولية، بغية حرمان الأميركيين من استخدامه كسلاح للإضرار بمصالحهما.

على أي حال، توسيع «بريكس»، والذي وصفه الرئيس الصيني، شي جين بينغ، في خطابه أمام قمة جوهانسبرغ، بـ«التاريخي»، وذلك توازياً مع انتقاده الضمني للسياسات الأميركية ذات النهج «الإقصائي»، فضلاً عن تكراره الاتهامات لواشنطن بـ«تقويض سلاسل التوريد»، يراه الباحث في «صندوق مارشال الألماني»، وهو مركز بحثي مقرّه الولايات المتحدة، أندرو سمول، بمثابة «الاندفاعة الأكثر وضوحاً وصراحة من جانب شي لتحويل بريكس إلى إحدى أدوات مناهضة الهيمنة (الغربية)»، المتمثّلة بصورة أساسية في النظام المالي العالمي، الذي تسيطر عليه الولايات المتحدة. وبحسبه، فإن ما جرى ينذر ببدء العمل على «تأسيس هياكل (اقتصادية) بديلة غير غربية» للتجارة بين دول العالم النامي، كسبيل أساسي لتجاوز العقوبات التي تفرضها واشنطن وحلفاؤها على كثير من الدول.

وعلى رغم إشارته إلى اختلافات في الرؤى بين بلدان المجموعة، يعتقد سمول أن توسيع «بريكس» «يشكّل جزءاً من الرهانات طويلة الأمد للصينيّين»، لافتاً إلى أن الأخيرين «يعتقدون أن علاقاتهم مع الغرب ستواصل تدهورها قدماً»، وأن «مستقبل العلاقات مع العالم سيكون متركّزاً إلى حدّ كبير في العالم النامي، ما يجعلهم يسعون خلف إيجاد طرق لإضفاء الطابع المؤسّسي على الأنظمة (المالية البديلة) المرنة وترسيخها».

وفي مقابل انتهاج بكين «استراتيجية كسب صوت العالم النامي (الجنوبي)»، من منطلق خلافاتها مع الأوروبيين والأميركيين، يَعتبر بعض الباحثين الصينيين أن الولايات المتحدة صرفت انتباهها عن الدول النامية، بخاصة «مجموعة العشرين»، لمصلحة التركيز على أهدافها ضمن منتدى «السبعة الكبار» لدعم كييف، في وجه روسيا من جهة، ومواصلة «حروبها التجارية» مع الصين من جهة ثانية، ما مهّد الطريق أمام «بريكس» لتقديم نفسها كمنبر أفضل للدول النامية الكبيرة للتعبير عن تطلّعاتها وأهدافها. في هذا الصدد، يلفت المحلّل السياسي الصيني، مينغ جينوي، إلى أن فعاليات قمّة جوهانسبرغ بعثت برسالة واضحة إلى الولايات المتحدة وحلفائها، مفادها بأنه «لا يمكنكم احتواء الصين أو قمعها، لأن لديها أصدقاء في جميع أنحاء العالم».

على المقلب الآخر، تحذّر مصادر ديبلوماسية من أن «قبول انتساب دول جديدة إلى التكتّل، من دون معايير واضحة، بخاصّة على الصعيد الاقتصادي، قد ينطوي على مخاطر تحوُّله إلى هيئة غير فاعلة تتنازعها تباينات جوهرية في مصالح أعضائها، كما حدث في حالة الاتحاد الأوروبي لدى توسّعه بين عامَي 2004 و2007».

ماذا عن البرازيل وجنوب أفريقيا والهند؟

في ما يخصّ موقف أعضاء المجموعة الآخرين، كالبرازيل وجنوب أفريقيا، من مخرجات قمّة جوهانسبرغ، تشير مجلّة «نيوزويك» إلى أن تكتُّل «بريكس» «أصبح محور جذب حالياً لجميع الدول التي ترى أنه يمكنها اكتساب المزيد من مقوّمات القوّة، إذا ما تحالفت مع بلدان التكتّل الأخرى لمواجهة التدابير القسرية والجزائية التي دأب عليها الغرب لسنوات خلت»، مشيرة إلى أن «ثمّة وجهة نظر تلقى تأييداً متزايداً بين قادة بريكس، بمَن فيهم الرئيس البرازيلي، تتلخّص في أن وجود مجموعة أقوى، يعني بالضرورة وجود مجموعة أكبر من حيث عدد الأعضاء». وفي هذا الإطار، يتوقّف مدير برنامج الأميركيتَين في «مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية» (CSIS) في واشنطن، ريان بيرغ، عند ما يصفه بـ«الاهتمام المتزايد بالطبيعة الجيوبوليتيكية للتكتُّل» من قِبَل أعضاء هم أقرب تاريخياً إلى تيار عدم الانحياز في التكتُّل، كالبرازيل، واضعاً الأمر في إطار محاولة برازيليا الردّ على تهميشها وتجاهلها من قِبَل العواصم الغربية.

أمّا بخصوص دلالات موقف حكومة رئيس الوزراء الهندي، ناريندرا مودي، المؤيّد لتوسيع التكتّل، على رغم كونه أحد أبرز حلفاء واشنطن، فقد لاحظ «مركز أبحاث السياسة العامة»، ومقره نيودلهي، ما سمّاه «ظاهرة التنافس بين القوى الكبرى على خطب ودّ بلدان الجنوب العالمي»، وأن «الجزء الرئيس» ممّا شهدته قمّة جوهانسبرغ، «لم يكن في خيار التوسُّع في قبول طلبات العضوية فحسب، بل في تبلور رؤية لتأسيس عملة مشتركة، ما من شأنه أن يعزّز التزام المجموعة بالتقدّم المستدام طويل الأمد لدول الجنوب العالمي، إضافة إلى تعزيز التجارة بين دول التكتّل، والتخلّص من الأعباء الباهظة المترتّبة على تحويل الدولار لإجراء التعاملات التجارية الدولية (مع دول من خارجه)».

بدوره، يعتقد مدير برنامج «CSIS Africa» للبحوث الاستراتيجية، مفيمبا فيزو ديزوليلي، أن ضمّ أعضاء جدد إلى التكتّل «عزّز مكانة جنوب أفريقيا بين دول عدم الانحياز». ويرى أن الهدف الرئيس للمشاركين في القمّة تعلّق بـ«مناقشة خيبة أملهم حيال دور الولايات المتحدة القيادي في النظام العالمي، والتحالف الدولي (الغربي) الذي تتزعّمه، وتبعاته السلبية على دول الجنوب العالمي»، في إشارة إلى إخفاق السياسات «التنموية» لـ«صندوق النقد» و«البنك» الدوليَّين، وكذلك الهيئات الأميركية الحكومية، معتبراً أنّه «آن الأوان الذي يبدأ فيه هؤلاء سعيهم خلف بديل لتلك القوّة الدولية المتمثّلة بالولايات المتحدة».

في المقابل، وعلى رغم ما تبديه دوائر صنع القرار في إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، من ردود فعل فاترة حيال فعاليات التكتُّل، لا تخفي دوائر أكاديمية أميركية قلقها من التداعيات السلبية لمضيّ واشنطن في تجاهلها لبلدان الجنوب العالمي، معتبرة أن حجم نفوذ بلادهم في تلك الهياكل سيرتبط إلى حدّ بعيد، بمدى استعدادها للاستماع إلى هواجس البلدان المشار إليها.

اللواء:

صحيفة اللواءبرّي ماضٍ في دعوته.. وامتعاض إيراني من ماكرون
100 قاضٍ للتوقُّف عن العمل.. و«اليونيفيل» تسعى لعدم التغيير على الأرض

رفعت بعض اطراف المعارضة، لا سيما المسيحية منها من وتيرة التصعيد الكلامي ضد المبادرة التي اطلقها الخميس الماضي الرئيس نبيه بري، من زاوية الرفض، الذي يحتاج لحجة يستند عليها، في حين حرَّكت المبادرة المياه النيابية الراكدة وبدا ان اللقاء الديمقراطي سيعلن المشاركة في جلسات الحوار المدعو اليها، في اول اجتماع يعقده اللقاء فيما برزت اصوات تغييرية تميل الى المشاركة في جلسات الحوار، ما دامت النتيجة تتصل بعقد جلسات متتالية لانتخاب رئيس جديد للجمهورية.

ولاحظت مصادر سياسية ان ملف الانتخابات الرئاسية يزداد تعقيدا مع دخول عوامل اقليمية ودولية مستجدة، في مقدمتها الموقف البارز، ألذي اعلنه الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون منذ ايام متهما ايران بالاسم ،بالتدخل في الاوضاع اللبنانية، من دون تحديد ماهية هذا التدخل ، وان كان يربطه بالازمة الناجمة عن تعطيل انتخابات رئاسة الجمهورية، وهي المرة الاولى ألذي يسمي ايران بالاسم،بعدما كان وفريق الازمة الرئاسي الفرنسي وطوال الاشهر الاخيرة التي سبقت تكليف الموفد الرئاسي الفرنسي ايف لودريان، يتعاطى بانفتاح مع الجانب الايراني ويميل في تعاطيه لتبني موقف حزب الله وحلفائه بترشيح رئيس تيار المردة سليمان فرنجية للرئاسة في إطار ماسمي يومذاك بالمبادرة الفرنسية، متجاهلا رفض واعتراض باقي مكونات المعارضة واطراف اخرين،ما ادى إلى تعطيل تنفيذها، بعدما اصطدمت برفض من باقي اعضاء دول اللقاء الخماسي المؤلف من الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا والمملكة العربية السعودية ومصر وقطر.

واعتبرت المصادر ان تحول الموقف الفرنسي على هذا النحو، وعلى لسان الرئيس ماكرون شخصيا، دون غيره من المعنيين بالتعاطي مع ملف الازمة اللبنانية، يؤشر الى بروز عوامل سلبية في طريق مهمة الموفد الرئاسي الفرنسي، وعوائق من الجانب الايراني وحلفائه في لبنان، دفعت لتبدل التعاطي الفرنسي باتجاه تسمية الأشياء بأسمائها والتصويب على ايران وتحميلها مسؤولية تعقيد حل ازمة الانتخابات الرئاسية جراء تدخلها بالشان اللبناني.

واعتبرت المصادر أنه بالرغم من تجنب الجانب الايراني الرد على موقف ماكرون مباشرة، الا ان الرد غير المباشر، أتى اولا، عن طريق اعلان رئيس المجلس النيابي نبيه بري دعوة كل الاطراف السياسيين إلى الحوار في المجلس النيابي خلال شهر ايلول الجاري لسبعة ايام ،وبعدها تعقد جلسات متواصلة لانتخاب رئيس الجمهورية ، وهو ما اعتبره المراقبون بمثابة قطع الطريق على مهمة الموفد الرئاسي الفرنسي، المرتقب عودته الى لبنان في النصف الثاني من شهر ايلول الجاري لاستلام اجوبة رؤساء وممثلي الكتل النيابية على رسالة لودريان الموجهة إليهم بخصوص الانتخابات الرئاسية، لانه من الصعوبة بمكان التوفيق بين تحرك لودريان ودعوة بري للحوار في الوقت نفسه.

اما الرد الايراني الثاني، أتى من خلال الزيارة المفاجئة التي قام بها وزير الخارجية الايراني أمير عبد اللهيان إلى بيروت والتي يبدو أنها رتبت على عجل وان كان الحيز البارز فيها التركيز على التحرك العسكري الاميركي المتسارع على الحدود العراقية السورية وتداعياته السلبية على الوجود المليشياوي الايراني في سوريا وتأثيره على خط الامداد العسكري الايراني الى لبنان، الا ان ما اعلنه الوزير الايراني في مؤتمره الصحفي بأن ايران لا تدخل بالشؤون الداخلية اللبنانية، يناقض الواقع كليا، ولا يخفي الدور الايراني بمصادرة الاستحقاق الرئاسي وغيره من الاستحقاقات الاخرى، لتوظيفه لصالح ايران في مقايضات الملف النووي مع الولايات المتحدة الأمريكية وليس غيرها من الدول الغربية، كما أصبح معلوما من الجميع.

وكما كان متوقعاً، جوبه بالرفض من قبل اركان المعارضة اقتراح الرئيس نبيه بري أجراء حوار برلماني لمدة 7 ايام للتوافق على انتخاب رئيس للجمهورية نذهب بعده الى جلسات متتالة، وبترحيب من معظم الكتل النيابية الاخرى، فيما ما زال قرار مجلس الامن الدولي التجديد لقوات اليونيفيل بصيغة وسطية مدار توضيحات وتعليقات، وانهى وزير خارجية ايران حسين امير عبد اللهيان زيارة لبنان بتكرار استعداد بلاده لدعم لبنان في مجال حل ازمة الكهرباء. و«أن لا نية لإيران والسعودية بالتدخل بشؤون لبنا،ن لكن للرياض رؤى بشأن قضايا المنطقة بينها لبنان».

اقتراح برّي: مع وضد

في ردود الفعل على اقتراح الرئيس برّي، رد رئيس حزب «الكتائب اللبنانية» النائب سامي الجميل عبر منصة «اكس» فكتب: «اقتراح عقد جلسات متتالية لانتخاب رئيس، شرط مشاركتنا بالحوار هو اقرار بأنك كنت تخالف الدستور عمداً، وأنّ كل الحجج التي كنت تتذرّع بها ساقطة. تطبيق الدستور ليس ورقة ابتزاز سياسي. والمجلس النيابي ليس ملكك. هو ملك الشعب اللبناني».

ورأت عضو تكتل الجمهورية القوية النائب ستريدا جعجع «أن الرئيس برّي يصر على أنه لن يدعو إلى جلسة انتخاب للرئيس إن لم يحصل توافق مسبق، وهذا الموقف بحد ذاته مخالفة دستوريّة كبيرة، إذ إن الدستور لا ينص على التوافق وإنما على الانتخاب، فضلاً عن أنه يعد فصلاً جديداً من فصول محاولة فريق من اللبنانيين فرض إرادته على الآخرين تارةً بالقوّة وتارةً بسوء استخدام السلطة».

وسأل عضو كتلة «الجمهورية القوية» النائب غسان حاصباني: «ما الحاجة إلى الحوار وما هي أهدافه، وهل هناك آليات دستورية لإجراء حوار خارج المجلس النيابي؟ وما الجدوى من حوار في ظل التمسك بفرض مرشح واحد؟».

من جانبه، قال عضو كتلة «تجدد» النائب أشرف ريفي: «أي خطوة لا ينصّ عليها الدستور لانتخاب الرئيس مرفوضة ولا في حوار قبل ولا حوار بعد».
وأكّد «لقاءالجمهورية» خلال اجتماعه الدوري برئاسة الرئيس العماد ميشال سليمان، أن «إنقاذ لبنان يتطلب حوارًا صادقًا يقوده رئيس الجمهورية العتيد، المفترض أن يتم انتخابه في أسرع وقت ممكن بالتصويت تحت قبة البرلمان وفقًا للأصول الديمقراطية والدستورية. أما الحوار للإنقاذ، فيجب أن يُستأنف من حيث توقفت جلسات الحوار السابقة بعد تعهد الاطراف المشارِكة تنفيذ «اعلان بعبدا».

بالمقابل، قال عضو كتلة التوافق الوطني النائب فيصل كرامي لـ«اللواء» تعليقا على المبادرة: «الرئيس بري يطلق صفارة الانذار الاخير. وإذا لم نتحاور و ننتخب رئيس الجمهورية في ايلول فإن تشرين سيأخذ لبنان الى مجهول لا احد يعرف الى اين سيقودنا. وبالتالي فإن الرئيس بري ومن منطلق مسؤوليته الوطنية يقارب الازمة بالتعامل مع النصف الملآن من الكوب، ويقول لمن يجب ان يفهموا ولم يفهموا بعد، ان لبنان قد بدأ ينزلق الى الهاوية وان الانفتاح على بعضنا البعض و«لبننة» الاستحقاق الرئاسي اصبحا في هذ اللحظة الحرجة اقوى من اي نص دستوري لأن القضية تتعلق بوجود لبنان».

ووصف نائب رئيس المجلس الياس بو صعب بعد لقاء بري مبادرته بأنها اكثر من إيجابية، وقال: «خلال الزيارات التي قمت بها خلال الفترة الماضية لعدد من الافرقاء والكتل النيابية تقريبا 90 في المئة كانوا مع الحوار الذي يعطي نتيجة».

تابع بو صعب: «البعض بدأ يعطي اشارات ايجابية تجاه هذه المبادرة ويرى ان هذه المبادرة تلبي المطلب الذي يوصل الى انتخاب رئيس للجمهورية في ايلول. والبعض من الزملاء النواب وربما ليست مواقف رسمية من الكتل الاساسية يصرحون وينتقدون المبادرة. سؤالي لهم ما هو البديل؟ من عنده حل بديل للتفاهم بين بعضنا البعض لانتخاب رئيس للجمهورية فليعطنا البديل كي نناقشه مع الرئيس بري ونقول له هناك بديل عن الحوار والتفاهم مع بعضنا البعض. كانوا يقولون البديل هو الدخول الى جلسات متتالية، وها هي المبادرة تقول ندخل الى جلسات متتالية، لكن فلنتفق اولاً لأنه على مدى 12 جلسة لم نستطع التفاهم على رئيس، ولعله وخلال جلسة ال 7 ايام التي سوف نجلس فيها مع بعضنا البعض نقدر خلالها ان نتوصل الى قواسم مشتركة ونذهب اما بإسم او اسمين او ثلاثة ونذهب الى جلسات متكررة لانتخاب رئيس للجمهورية».

وقال بوصعب: «هناك بعض الزملاء النواب وجزء كبير من النواب المستقلين حصل تواصل معهم هذين اليومين. ويمكنني ان أقول انهم متحمسون لهذه الخطوة ويرون أنهم تلبي المطلب الذي كانوا يدعون اليه طوال الوقت».

وقال عضو كتلة «لبنان القوي» النائب إدغار طرابلسي: أن التكتل شدد خلال اجتماعه الثلاثاء الفائت على وجوب عقد جلسات حوار لعدد محدّد من الأيام، ثمّ نذهب إلى جلسات مفتوحة لانتخاب الرئيس، مؤكّدًا «الموافقة على مبادرة الرئيس نبيه برّي». ورأى أن «لا سبيل إلى انتخاب رئيس للجمهورية إلا بالحوار».

واعلن مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان: «اننا نؤكد ان حركة الموفدين المكوكية الى لبنان لمساعدته في انتخاب رئيس للجمهورية لن تثمر ما لم تصف نية المسؤولين اللبنانيين في العزم بصدق على انتخاب رئيس، والتخلي عن المصالح الشخصية أمام مصالح الوطن والمواطنين. فالدولة ومؤسساتها أكبر من أي أمر آخر، واذا لم نساعد انفسنا فكيف نرجو أن يساعدنا الآخرون؟.

اضاف: على كافة القوى السياسية أن تحسم خيارها داخليا ويسارعوا الى انتخاب رئيس للجمهورية، وبعدها تشكيل حكومة قادرة وفاعلة ليساعدنا بعد ذلك الأشقاء والأصدقاء، وإلّا عبثا ننتظر الحل من الموفدي. وهذا هو المطلوب وما يمكن أن يسعى اليه السياسيون للخروج من مأزق الرئاسة وما يليها من أزمات بعيدا من الشروط والشروط المضادة التي تزيد من تعثر انعقاد الحوار، فالمحافظة على الوحدة الوطنية والإسلامية ضرورة وطنية وهي أساس في اجتياز المرحلة الدقيقة التي يمر بها لبنان.

كما وجّه المفتي الجعفري الممتاز الشيح احمد قبلان كلمة «إلى من يُذكّر الشيعة بالإمام الصدر ومدرسته، إن كنت حريصا على وصية الإمام الصدر فوصية الإمام الصدر تقول: الحوار والتلاقي والتسويات الداخلية إكسير مصالح لبنان العليا، ولا يقوم لبنان إلا بالتلاقي الإسلامي المسيحي، بعيدا عن الخرائط الدولية الإقليمية.

عبد اللهيان: تأكيد على العلاقة مع الرياض وردّ على ماكرون
وكان لافتاً ما اعلنه عبد اللهيان من ان الجمهورية الاسلامية الايرانية والمملكة العربية السعودية ليست لديهما نية التدخل والتأثير في القرارات السياسية التي تتخذ من قِبل السياسيين اللبنانيين.

وقال في مؤتمر صحافي عقده في ختام زيارته بيروت: أن عودة العلاقات بين إيران والسعودية إلى حالتها الطبيعية من شأنها أن تؤثر إيجابًا على المنطقة ولاسيما في لبنان، ولكن إنتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل الحكومة من القرارات السياسية التي يجب أن يقوم بتنفيذها القادة اللبنانيون.
ورحّب بعودة العلاقة مع السعودية، مشيرًا إلى أن دولًا أخرى تتحاور معنا علنًا وسرًا لإعادة العلاقات.

ونفى عبد اللهيان أن يكون لزيارته لبنان علاقة بزيارة المبعوث الأميركي اموس هوكشتاين.

واضاف: أن الولايات المتحدة أعطت وعوداً فضفاضة للبنان بشأن الطاقة، إن كان من ناحية الغاز من الأردن أو الكهرباء من مصر، وفي اليوم التالي يتحدثون بعكس ذلك، ونحن مع أي مبادرة تكون بمصلحة الشعب اللبنانيين.

وكان عبد اللهيان قد التقى قبل مغادرته الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصرالله والرئيس نبيه بري، ثم وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الاعمال عبد الله بو حبيب.

وقال من الخارجية بعد اللقاء: تم الاتفاق على تفعيل الملفات المتعلّقة بالعلاقات الثنائيّة بين البلدين، مشددًا على استعداد إيران لتعزيز التبادل الاقتصادي مع لبنان، واستعداد الشركات الايرانية لحلّ مشكلة الكهرباء».

الترسيم البري: استعداد أميركي

اميركياً، قال كبير مستشاري الطاقة في الادارة الاميركية آموس هوكشتاين انه اذا كانت الفرصة مؤاتية الآن في ما خص الحدود البرية، واذا كانت الجهات تريد الترسيم البري ليس في لبنان فقط، بل في اسرائيل ايضاً، واذا كانت كل الجهات مستعدة، فإن الولايات المتحدة ستكون على استعداد لدعم لبنان لتحقيق نتيجة افضل، بطريقة مبتكرة وعملية.

في مقابلة، مع محطة NBN كشف هوكشتاين ان صبر نفد لجهة استجرار الغاز والكهرباء، من مصر والاردن، لكن شروط البنك الدولي للتمويل لم تلبَّ بعد من قِبل السلطات اللبنانية.

دبلوماسياً، أكد وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الأعمال عبدالله بوحبيب، رداً على أسئلة الصحافيين حول موضوع التجديد لقوات اليونيفيل «ان قرارات الامم المتحدة ملزمة للبنان، ونقبل بالقرار الاخير الصادر عنها، وهمنا هو الاستقرار والسلام في الجنوب»، مشيراً الى ان «القرار المتخذ في العام الماضي هو قرار فصل سابع مقنع، وأردنا ان نعود الى الفصل السادس القائل بالتعاون بين الدولة المضيفة والقوة الدولية. لذا تقدمنا بصيغة تنص على التنسيق مع الدولة اللبنانية».

اضاف: لم نحصل على ما اردناه ولم يتم اعتماد هذه الصيغة لأن الاقتراح اللبناني جوبه بمعارضة الدول، بينما نال موافقة روسيا والصين فقط. وكان القرار في العام الماضي ينص على الحرية المطلقة، اما اليوم فجرى التعديل في القرار الجديد ٢٦٩٥ بحيث بقيت الحرية المطلقة، لكن مع تطبيق اتفاقية المقر التي تنص على التعاون مع الدولة المضيفة.

واوضح بو حبيب ان «الجيش اللبناني لا يرافق كل دورية لليونيفيل، بل يرافق الدوريات المتفق عليها مسبقا في بعض القرى، واليونيفيل تصرفت في العام الماضي وكأنها لم تغير قواعد اللعبة أبداً، وهذا يسجل لها».

وعن التواجد الاسرائيلي في الشطر الشمالي من الغجر، قال: ان «خراج بلدة الماري لبنانية، علما ان الغجر سورية، والقضم بدأ بغطاء اسرائيلي لمواطنين يحملون الان الجنسية الاسرائيلية»، نافيا ان يكون قد بحث هذه المسألة مع الموفد الاميركي اموس هوكشتاين بل بحثنا معه في تثبيت الحدود التي حددت في العام ١٩٤٩ووعدنا هوكشتاين ببحث هذا الامر مع الاسرائيليين، واذا وافقوا فإن بلاده ستسهل هذا الموضوع» .

وختم بو حبيب: نخشى نزوحا اقتصاديا جديدا من سوريا الى لبنان نظرا للوضع الاقتصادي هناك.

وفي السياق الاممي بعد قرار التمديد، أوضح المتحدث الرسمي باسم «اليونيفيل» أندريا تيننتي، أنه «تم تبني القرار 2695 للتأكيد على مقتضيات القرار 1701، مشيراً الى ان «هناك بلدان امتنعت عن التصويت ولكن الأعضاء الـ15 جددوا تأكيد إلتزامهم بالعمل الذي تقوم به اليونيفيل في جنوب لبنان».

قال: «نعمل بالتنسيق مع الحكومة اللبنانية ومجددا بشراكة قوية وتنسيق مع الجيش اللبناني»، لافتا إلى أنه «لم يتغير الأمر عن العام الماضي، وتم إستخدام نفس المصطلحات والعبارات الموجودة في القرار 2650».

وشدد على أن «نشاطاتنا ستستمر في الجنوب اللبناني بين نهر الليطاني والخط الأزرق»، مشيرا إلى «أننا نتعامل مع موضوع السيادة بشكل جدي جدا ونحن نحترم السيادة اللبنانية».

اضاف: أن حركتنا ونشاطاتنا المتعلقة بالـ1701 محصورة بالجنوب اللبناني، ودورياتنا ستبقى موجودة بما يتناسب مع القرار 1701 وبالتنسيق مع الجيش اللبناني.

100 قاض للتوقف عن العمل

ومع بدء السنة القضائية الجديدة، وفي خطوة لم تكن محسوبة، أعلن عدد من القضاة العاملين في القضاء العدلي والإداري والمالي، فاق عددهم الـمئة، في بيان، أن «وفي ظل عجز الدولة عن تغطية الاستشفاء والطبابة والتعليم، الخاص بهم وبعائلاتهم، وفي ظل انعدام ظروف العمل اللائقة بالكرامة البشرية في قصور العدل، وفي ظل ما وصل اليه وضع القضاء على جميع الصعد، التوقّف القسري عن العمل، وذلك الى حين توافر مقومات العيش والعمل بكرامة».

مناقصة المعاينة

بالمقابل، وفي خطوة من شأنها اعادة العمل في مؤسسات الدولة، بغية تيسير امور ورفد الخزينة بالأموال العمومية اللازمة.حسب ما اعلن وزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال بسام مولوي «إطلاق مناقصة المعاينة الميكانيكية التي تُعتبر ضرورية لتأمين حقوق الدولة والمواطنين وما يحصل خطوة مهمّة على طريق السلامة المرورية». وتابع مولوي «حضّرنا دفتر شروط لمناقصة جديدة ومُلتزمون بتطبيق القانون ومحاربة الفساد». من جهته، أكد رئيس هيئة الشراء العام القاضي جان العلية ان «الشركة التي ستفوز بالمناقصة ستكون بمثابة خبرة تقنية مساعدة للدولة اللبنانية». وإعتبر أن «هناك آلية لاستيعاب العمال الحاليين تسمح بالاحتفاظ بأهل الخبرة والاختصاص»، مضيفا «للمرة الاولى يعمل بدفتر شروط شفاف».

البناء:

البناءعبد اللهيان: استمعت من نصرالله الى معادلات المنطقة… الحدود العراقية السورية ملك البلدين
نجدد عروضنا الكهربائية للبنان الاتفاق السعودي الإيراني إيجابي للبنان لكن لا مبادرة ثنائية خاصة
مبادرة بري تتفاعل: 95 نائباً يؤيدون… و10 يدرسون… وارتباك قواتي كتائبي للتسرّع بالرفض

 كتب المحرّر السياسيّ

خلافاً للتوقعات طغت زيارة وزير خارجية الجمهورية الإسلامية حسين أمير عبد اللهيان الى بيروت على زيارة المستشار الرئاسي الأميركي عاموس هوكشتاين، فما تضمنه المؤتمر الصحافي للوزير الإيراني قدّم جديداً افتقده المؤتمر الصحافي للمستشار الرئاسي الأميركي، حيث اكتفى هوكشتاين بالقول إنه استمع للمواقف اللبنانية حول الأوضاع الحدودية جنوباً، وسوف يستكشف مع قادة الكيان إمكانية إطلاق مبادرة أميركية لحل القضايا العالقة، ولم يقدّم التزاماً واضحاً بخصوص جر الغاز المصري والكهرباء الأردنية إلى لبنان، رغم مرور أكثر من سنتين على الوعد الأميركي؛ بينما كان كلام عبد اللهيان مليئاً بالمواقف التي ينتظرها الإعلاميون والسياسيون. فقد قال بطريقة ذات مغزى أنه واثق بأن أي تصعيد إسرائيلي سوف يفجر حرباً سوف تطوي صفحة «إسرائيل»، ناقلاً الكلام عن الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، بصفته المرجع الذي تشكل معادلاته خبراً لا يحتاج إلى برهان، وهذا الكلام بالنسبة لوزير الدولة التي يقول بعض اللبنانيين أن حزب الله يشتغل لخدمة مصالحها، وينتظرون كلام وزيرها ليفهموا كيف سوف تكون وجهة الاستخدام، كان رداً وافياً على مثل هذه الاتهامات لمضمون علاقة إيران وحزب الله. حول ما يجري في سورية واحتمال حرب أميركية لإقفال الحدود بين سورية والعراق، قال عبد اللهيان، إنّ «كل أمر يرتبط بالأفراد والأشخاص وتنقلهم عبر حدود سورية والعراق، وكل قرار حول ذلك، يختصّ بالبلدين بشكل مباشر»، مشددًا على أنّه «لا يوجد أي جانب يمكنه إغلاق الطرق المفتوحة بين هذه الدول»، مؤكدًا أنّ «حدودنا يجب أن تكون حدود الصداقة والتجارة، والحدود السورية والعراقية ليست بحاجة للعودة إلى حالة التشنّج»؛ أما عن الاتفاق السعودي الإيراني الذي قال عبد اللهيان إنه يتقدم، وإن نتائجه الايجابية سوف تطال الجميع ومنهم لبنان، فليس فيه بند ثنائي لتحرّك سعودي إيراني نحو لبنان، حيث قال إنّ «ليست لدى إيران والسّعوديّة أي نيّة للتّدخّل والتّأثير في القرارات السّياسيّة الّتي تُتّخذ من قبل السّياسيّين اللّبنانيّين»، وأضاف موضحاً: «مسألة إيجاد حلّ للفراغ الرّئاسي وانتخاب رئيس للجمهوريّة وتشكيل حكومة جديدة… كلّها تُعتبر من القرارات السّياسيّة المنوطة بالقادة السّياسيّين في لبنان»، أما عن العلاقات الإيرانية اللبنانية فقال عبد اللهيان إنه جدد تأكيد العروض الإيرانية للمساعدة في قطاع الكهرباء بكل ما يحتاجه لبنان، بما في ذلك إقامة معامل بقوة 2000 ميغاواط.

في الشأن الرئاسي تفاعلت مبادرة رئيس مجلس النواب نبيه بري، القائمة على الدعوة لحوار لمدة سبعة أيام في مجلس النواب خلال شهر أيلول، تليها جلسات انتخاب متتالية، فقالت مصادر نيابية تابعت مواقف الكتل الكبرى والمتوسطة والصغيرة ومواقف النواب الأفراد، إنها أحصت تأييد 95 نائباً لمبادرة بري، وإن 10 نواب يدرسون المبادرة بإيجابية، وإن نواب القوات اللبنانية والكتائب مرتبكون لتسرّعهم بإعلان رفض المبادرة وفتح النار عليها.

وبقيت مواقف رئيس مجلس النواب نبيه بري في صدارة المشهد الداخلي لا سيما دعوته الأطراف السياسية لحوار وطني لمدة سبعة أيام تليه جلسات متتالية للمجلس لانتخاب رئيس الجمهورية.

وتعكف القوى السياسية على دراسة مبادرة الرئيس بري لحسم موقفها منها، ومن المتوقع أن تتبلور المواقف خلال الأسبوع المقبل قبيل وصول مبعوث الرئاسة الفرنسية جان إيف لودريان.

وعلمت «البناء» أن كتل التنمية والتحرير والوفاء للمقاومة وتكتل لبنان القويّ واللقاء الديمقراطي والاعتدال الوطني وكتلة تيار المردة والطاشناق والتوافق الوطني وعدد غير قليل من النواب المستقلين، وربما بعض نواب التغيير سيلبّون دعوة بري للحوار في مجلس النواب وأي دعوة أخرى في أي مكان.

وأشار عضو كتلة «اللقاء الديمقراطي» النائب بلال عبدالله، إلى «أننا ننظر بإيجابية إلى دعوة الرئيس بري للحوار، وموضوع المشاركة فيه والتوقيت والشكل يعود لـ»اللقاء الديمقراطي» الذي سيجمتع ويقرر».

في المقابل وعلى جري عادتها برفض المبادرات الحوارية بهدف التعطيل وتكريس الفراغ في رئاسة الجمهورية، أعلن حزب «القوات اللبنانية» على لسان النائب ستريدا جعجع رفضها لدعوة بري، ولفتت أن «الرئيس بري يصرّ على أنه لن يدعو إلى جلسة انتخاب للرئيس إن لم يحصل توافق مسبق، وهذا الموقف بحد ذاته مخالفة دستوريّة كبيرة». وكذلك الأمر قابل رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل دعوة بري إلى الحوار بلغة هجومية واتهامية، بقوله: «اقتراح عقد جلسات متتالية لانتخاب رئيس، شرط مشاركتنا بالحوار هو إقرار بأنك كنت تخالف الدستور عمداً وأنّ كل الحجج التي كنت تتذرّع بها ساقطة. تطبيق الدستور ليس ورقة ابتزاز سياسي».

أما لجهة موقف قوى التغيير فأشارت النائبة بولا يعقوبيان، الى أن «الجلسات المتتالية هي مطلبنا منذ اليوم الأول وعندما نعرف تفاصيل الحوار يكون لنا موقف إيجابي او سلبي، وإذا كان رئيس المجلس يناور واجبنا ان نلحقه «على باب الدار» بهذه المناورة».

وأشارت مصادر نيابية لـ»البناء» إلى أن «الرئيس بري رمى الكرة الى ملعب المعارضة ونزع منها كل الذرائع والحجج التي تتستر خلفها لرفض الحوار وتعطيل الإستحقاق الرئاسي اكونه قدم مبادرة وسطية تجمع بين عقد حوار وطني كما يريد فريق 8 آذار والفرنسيون وبين الدعوة الى جلسات انتخابية مفتوحة كما يطالب فريق المعارضة»، موضحة أن «الحوار يهدف الى مناقشة الخيارات الرئاسية والتوصل الى قواسم مشتركة لمواصفات الرئيس وبرنامج عمله، وبحال نجح الحوار أم فشل فرئيس المجلس سيدعو الى جلسات متتالية لانتخاب الرئيس وليفز من ينال الأكثرية النيابية». ولفتت المصادر الى أن «مبادرة بري ستربك قوى المعارضة وتضعها بين خيارات حاسمة وصعبة إما القبول بالحوار من دون شروط مسبقة وإما تتحمل مسؤولية تعطيل انتخاب الرئيس أمام الرأي العام اللبناني والمجتمع الدولي». وتساءلت المصادر عن «مرشح المعارضة بعد فرط عقد «التقاطع» بعد خروج الحزب الاشتراكي وعدد وازن من قوى التغيير منه وعودة التيار الوطني الحر الى الحوار مع حزب الله والمناورة بالحديث عن دعم الوزير السابق جهاد أزعور، بموازاة مجاهرة «القوات» بأن مرشحها الجدي هو قائد الجيش العماد جوزاف عون.. فهل لا زال مرشح التقاطع يحوز على 59 صوتاً؟». في المقابل تشير المصادر الى أن رئيس المردة سليمان فرنجية لا يزال يملك أكثرية صلبة وثابتة وقد تزداد بعد تغير موقف عدد من النواب باتجاه التصويت لفرنجية في أي جلسة مقبلة، وقد يحسم الأمر لصالح فرنجية بحال قررت كتلتا «الاعتدال الوطني» و»اللقاء الديموقراطي» التصويت لفرنجية أو نجاح حوار التيار والحزب وصوّت التيار الى فرنجية».

وأوضحت المصادر أن عدم تجديد الرئيس بري دعم ترشيح فرنجية لا يعني التراجع عن ترشيحه ولا انخفاض فرص فوزه، بل تقصّد بري ذلك لكي لا تقول المعارضة إن رئيس المجلس يستدرجها للحوار على فرنجية فتتخذ من ذلك حجة لمقاطعة الحوار.

وكشفت مصادر «البناء» عن «ضغوط ديبلوماسية كبيرة على المسؤولين اللبنانيين لإنجاز الاستحقاق الرئاسي في أيلول الجاري، لا سيما من الفرنسيين والإيرانيين والروس والصينيين، في حين بقي الموقف السعودي غامضاً لصالح تقدم الدور القطري بالتنسيق مع الأميركيين لاختبار خيار انتخاب رئيس محسوب على الخيار الغربي كقائد الجيش»، لكن المصادر ربطت بين «مشاركة المعارضة بالحوار وتسهيل انتخاب الرئيس بالتوجّه الأميركي حيال الملف اللبناني، فأي حوار أو تسوية لن تنجح إلا إذا رفعت واشنطن الفيتو عن التسوية في لبنان لكون الفريق المتحالف معه في لبنان يملك نصاب انعقاد الجلسة أي تعطيل أي جلسة انتخابية»، لافتة الى خلاف بين أعضاء اللجنة الخماسية لا سيما بين الفرنسيين من جهة والقطريين والأميركيين من جهة ثانية، فيما الخلاف بين الإدارة الأميركية الحالية والمملكة العربية السعودية يحول دون إيجاد تفاهم وموقف موحد في اللجنة الخماسية تجاه الملف اللبناني، وبالتالي إما يحسم الملف في أيلول وإما سيطول أمد الفراغ الى العام المقبل.

ولم يلمس المسؤولون اللبنانيون وفق ما علمت «البناء» إرادة أميركية في إنهاء الفراغ الرئاسي والضغط باتجاه انتخاب الرئيس من خلال اللقاءات مع الموفد الاميركي آموس هوكشتاين، فالملف اللبناني ليس أولوية لدى الادارة الأميركية الحالية التي لديها أولويات استراتيجية لا سيما شرق سورية وأوكرانيا والصين وأزمة الغاز العالمية والأوضاع الاقتصادية في الولايات المتحدة الأميركية، وبالتالي هي قادرة على تعطيل أي تسوية ترعاها السعودية والتي تدرك ذلك.

وفيما كان هوكشتاين يغادر لبنان عبر المطار، واصل وزير الخارجية الايرانية حسين أمير عبداللهيان جولته في لبنان، إذ زار الرئيس بري في عين التينة ثم انتقل الى قصر بسترس، حيث اجتمع مع وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الاعمال عبد الله بوحبيب.

وكان الأمين العام لـحزب الله السيد حسن نصرالله استقبل عبد اللهيان والوفد المرافق، بحضور السفير مجتبى أماني، وتمّ البحث في المستجدات والتطورات السياسية في لبنان والمنطقة.

وأعلن عبد اللهيان أنّ الجمهورية الإسلامية تدعم أي توافق يتم بين السياسيين اللبنانيين، مؤكدًا «أهمية دور حزب الله في لبنان والمنطقة من خلال الدور الذي لعبه في تصدّيه للإرهاب في سورية ولبنان».

وفي مؤتمر صحافي في السفارة الإيرانية في بيروت خلال اختتام زيارته إلى لبنان أضاف عبد اللهيان: «أثبت قادة المقاومة والسياسيون في لبنان بأنهم يعملون من أجل صون المصلحة الوطنية العليا ويتمتعون بالحنكة والحكمة لإدارة الشؤون اللبنانية»، قائلًا: «ينبغي أن نحترم ونقدر الحوار في لبنان والقرارات السياسية الناتجة عنه. والقادة السياسيون أثبتوا أنهم لا يركنون إلى الإملاءات والضغوط الخارجية»، مؤكدًا أنّ «الجمهورية الإيرانية لم تتوانَ في دعم لبنان الشقيق جيشًا وشعبًا ومقاومةً».

وحول لقائه بالسيد حسن نصر الله، قال عبد اللهيان: «سمعت من سماحة السيد حسن كلامًا ملؤه الأمل حول مستقبل هذه المنطقة. ونحن نعتبر أن الاجتماع بسماحة السيد حسن نصر الله والاستماع إلى آرائه والمواقف التي يُصدرها يُعتدّ بها على الدوام». وقال عبد اللهيان: «سمعت من سماحة السيد كلامًا واضحًا وشفافاً حول ما إذا بادر الكيان الصهيوني بأي حماقة، فإن المقاومة باستطاعتها أن تقلب الصفحة بالشكل الذي يكون وبالاً على هذا العدو»، لافتًا إلى أنّ سماحته هو مَن يجيب على السؤال بخصوص «العلاقات التي تربط حزب الله بدول المنطقة».

وأكد عبد اللهيان أنّ «حزب الله قام بدور بطوليّ في مواجهة الخطر الصهيوني على هذا البلد الشقيق (سورية)، والقاصي والداني يعلم أن حزب الله أدى قسطًا وافرًا في التصدي لداعش وأتوجه بالاحترام والتقدير والثناء لكل شهداء وأبطال المقاومة اللبنانية وشهداء حزب الله».

وأضاف: «نرحّب بعودة سورية إلى الحضن العربي وعودة العلاقات الطبيعية مع كافة الدول العربية، وسنكون سعداء بأن تعود العلاقات بشكل طبيعي بين سورية والسعودية، كما ننصح البيت الأبيض أن يدرك التحولات التي حصلت في هذه المنطقة».

وعن العلاقات الإيرانية – السعودية، قال عبد اللهيان: «نحن نقيّم بشكل إيجابي عودة العلاقات بين طهران والرياض إلى طبيعتها، وهناك بعض الدول الأخرى تدخل في الحوار مع الجمهورية الإسلامية، إن كان بشكل علنيّ أو بشكل سريّ لعودة العلاقات، فالعلاقات السعودية الإيرانية تسير بالشكل الصحيح، ودبلوماسيو البلدين موجودون في كلا البلدين وهم يقومون بالمهام الدبلوماسية المطلوبة منهم».

ولفت الى أنّ «عودة العلاقات بين إيران والسعودية ستترك أثرًا جيدًا على مستوى المنطقة بشكل عام وعلى مستوى لبنان بشكل خاص»، لافتًا إلى أنّ «أي تطبيع للعلاقات مع الكيان الصهيوني هو خطأ استراتيجي».

وكشف رئيس حزب «التوحيد العربي» وئام وهاب، في حديث عبر قناة «المنار»، أنّ «السفير السعودي وليد بخاري أبلغ نظيره الإيراني مجتبى أماني أنّ بلاده في وارد فتح حوار مع حزب الله».

على صعيد آخر، هدأت العاصفة الديبلوماسية في نيويورك بعد صدور قرار مجلس الأمن بالتجديد للقوات الدولية، وسط تفسيرات متناقضة لفقرات القرار لا سيما تلك المتعلقة بنطاق عمل اليونفيل وحركتها وصلاحياتها، لكن وفق مصادر وزارية فإن نصّ البيان واضح ولا لبسَ فيه وهو أن تحرك اليونفيل ينسق مع الحكومة اللبنانية أي عملياً مع الجيش اللبناني.

وكررت أوساط فريق المقاومة لـ»البناء» ما سبق وأعلنه السيد نصرالله بأن «أي قرار لمجلس الأمن يمنح اليونفيل صلاحيات مخالفة للقرار 1701 سيكون حبراً على ورق. أي بمعنى آخر فإن كل الضغوط الدبلوماسية الأميركية – الاسرائيلية لتعديل صلاحيات اليونفيل لتحويلها الى حرس حدود للاحتلال، ستبقى فقط إنجازاً ديبلوماسيا وهمياً يصرفه الاحتلال في صراعاته الداخلية، ولن يطبق على أرض الواقع وغير قابل للتنفيذ، لأنه ليس من مصلحة اليونفيل التي تحتاج الى الاستقرار والسلام مع أهالي الجنوب لكي تمارس دورها، وأي تطبيق ميداني مشبوه أو خاطئ لنص القرار وفق المفهوم الاسرائيلي سيصطدم بالأهالي ما يعني إنهاء دور اليونفيل التي أتت من أجله الى لبنان وفق القرار 1701». ونفت المصادر أن يكون قرار التجديد للقوات الدولية يندرج في إطار الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، لأن هذا الفصل يستخدم خارج إرادة حكومات الدول أي بالقوة القاهرة، أما قرار التجديد الأخير الصادر من مجلس الأمن، فجاء بناء على طلب من الحكومة اللبنانية الى الأمم المتحدة».

التطبيق العملي للقرار عكسه المتحدّث الرسمي باسم «اليونيفيل» أندريا تيننتي، الذي أوضح أننا «نعمل بالتنسيق مع الحكومة اللبنانية ومجدداً بشراكة قوية وتنسيق مع الجيش اللبناني»، مشيراً الى أن «لم يتغيّر الأمر عن العام الماضي وتمّ استخدام المصطلحات والعبارات نفسها الموجودة في القرار 2650».

المصدر: صحف