في سياق تحليلي يرى مراقبون أن إفريقيا هي إحدى القارات الأكثر ديناميكية في تطورها بكل ما للكلمة من معنى. فمن بين 54 دولة تشهد 53 نموًا اقتصاديًا متصاعداً، على مساحة المناطق الإفريقية الخمس. ومن المتوقع أن يبلغ متوسط معدلات نمو الناتج الإجمالي المحلي للعامين 2023 و2024 نحو 4%. وستكون خمس دول أفريقية خلال العام 2023 مرشحة للانضمام إلى أكبر 10 اقتصادات نموًا في العالم.
ويشير عدد من المسؤولين الروس إلى أن إمكانات التعاون التجاري والاقتصادي مع الدول الأفريقية أعلى بكثير من حجم التجارة الحالي الذي بلغ 18 مليار دولار في العام 2022.
وتأتي واقعية هذه التقديرات المتفائلة منسجمة مع مطلب إفريقي بتعزيز النفوذ الأمني والعسكري الروسي كضمانة للاستقرار، ورادعًا للدول الاستعمارية التقليدية عن الاستمرار في ممارسة هيمنتها الاقتصادية على دول القارة السمراء.
ومن أولويات مجالات التعاون الروسي الإفريقي، إضافة للاستفادة من التربة النادرة الصالحة للزراعة، تأتي استثمارات استخراج مصادر الطاقة الهيدروكربونية والمعادن، ولا سيما أن إفريقيا تحتوي على ما يصل إلى % من احتياطي الذهب في العالم و90% من احتياطيات الكروم والبلاتين، وتمتلك أكبر احتياطيات الكوبالت والماس واليورانيوم في العالم. على سبيل المثال جمهورية الكونغو الديمقراطية وحدها، تنتج نحو 70% من الكوبالت في العالم. وتتركز في غينيا 35% من احتياطيات العالم من البوكسيت. إضافة إلى ذلك، تمتلك القارة الأفريقية 65% من الأراضي الصالحة للزراعة في العالم ونحو 10% من مصادر المياه العذبة المتجددة المحلية، ما يبشر بإمكانات زراعية ضخمة.
ومنذ هجرة أيقونة الشعر الروسي ألكسندر بوشكين من أثيوبيا إلى الإمبراطورية الروسية تنامت علاقات الصداقة التاريخية العميقة المتجذرة مروراً بوقوف الاتحاد السوفياتي المشرِّف إلى جانب قضايا الشعوب الإفريقية التحررية ضد القوى الاستعمارية المهيمنة ونضال إفريقيا ضد التمييز العنصري. هذا فضلاً عن أن عشرات الألوف من المختصين الأفارقة قد درسوا في المعاهد والجامعات السوفياتية والروسية، وشغل كثيرون منهم أرفع المناصب الحكومية في بلادهم. وقد عاد هذا الرصيد بنتائج إيجابية على مستوى العلاقات الروسية-الإفريقية. وفي حين تحاول الدول الغربية تأجيج حملات الرهاب من روسيا، فإن أصواتا إفريقية محبة لروسيا انطلقت تدعو للتقارب مع روسيا وترى فيها بديلاً منصفاً يخلصها من قوى الهيمنة والاستعمار التقليدية.
في هذا السياق يرى نائب رئيس الحركة الدولية لمحبي روسيا سليمان أنتا ندياي أن الاتحاد السوفياتي قد ساعد الدول الإفريقية على التحرر من الاستعمار، وأن روسيا احتفظت أيضًا بهذا التوجه. وأعرب خلال مشاركته في أعمال القمة الروسية-الإفريقية عن اعتقاده بأن “الصداقة مع روسيا تمنحنا الفرصة لنكون مستقلين. وأن جميع الأفارقة يؤمنون بذلك. وبينما كنا مستعمرات لبلدان تستغلنا ببساطة وتستخدم مواردنا الطبيعية. أدرك الأفارقة أن روسيا هي الخيار الأفضل لإفريقيا”. وأمل أنتا ندياي في أن تشكل قمة سان بطرسبورغ نقطة تحول حقيقية للتنمية التدريجية والتعاون بين روسيا والدول الإفريقية بإمكاناتها الاقتصادية المهمة.
يشار إلى أن قمة “روسيا-إفريقيا” الثانية تعقد يومي 27 و28 تموز/يوليو في سان بطرسبورغ، وبالتوازي مع ذلك، يعقد المنتدى الاقتصادي-الإنساني بين روسيا وإفريقيا. وشعار القمة الحالية هو كما كان في المرة السابقة “من أجل السلام والأمن والتنمية”. ومنظمة الفعالية هي مؤسسة “روس كونغرس”، أما وكالة “تاس” فهي الشريك الإعلامي للحدث.
المصدر: موقع المنار