على قدم وساق تسير سلطات العدو الاسرائيلي لمنع رفع الأذان في الاراضي المحتلة لا سيما مدينة القدس، انطلاقا من مزاعم ان أصوات المآذن تزعج المستوطنين الصهاينة وان هذا يخالف حقوق الانسان ولا مجال للحديث عن الحريات الدينية لتأييد رفع الآذان، بحسب الادعاءات الاسرائيلية.
وقد أجّل الكنيست الاسرائيلي النظر في مشروع قانون تقييد استخدام مكبرات الصوت لبث رسائل دينية ومنها الأذان، الذي أقرته اللجنة الوزارية الإسرائيلية الخاصة بالتشريعات بهدف منع رفع الأذان عبر مكبرات الصوت في مساجد القدس والمناطق القريبة من المستوطنات وداخل الخط الأخضر، هذا وأعلن رئيس حكومة العدو الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تأييده مشروع القانون الذي سيمنح الشرطة الإسرائيلية صلاحية استدعاء مؤذنين واتخاذ إجراءات جنائية بحقهم وفرض غرامات مالية عليهم.
وبالمقارنة مع كل هذه المحاولات الاسرائيلية لمنع الأذان في الاراضي المحتلة، يشار الى ما يجري في بلد يُفترض انه بلد عربي اسلامي الا وهو دولة “مملكة البحرين”، حيث تقوم السلطات الحاكمة هناك بمنع إقامة صلاة الجمعة في البلاد من باب منع الخطباء من التطرق الى السياسة في خطبهم، وهذا امر يسجل في سلوك النظام البحريني الذي تقدم بخطوات على العدو الاسرائيلي، فبينما الثاني يعمل تدريجيا لمنع الآذان تمهيدا ربما لمنع الصلاة في قادم الايام، يقوم الاول(النظام البحريني) منذ أشهر بمنع الصلاة مباشرة دون أي رادع ديني او اخلاقي.
بين الأراضي المحتلة والبحرين..
فأيهما أصعب منع الصلاة في البحرين أم منع الأذان في الأراضي المحتلة؟ وبينما يحاول الصهاينة إيجاد التبريرات الخدّاعة لتقديمها أمام الرأي العام العالمي، يقوم النظام البحريني بمواجهة شعبه ومواطنيه وابناء البلد بانتهاك حقوقهم وحرياتهم العامة والخاصة ويمنعهم من ممارسة شعائرهم الدينية في الصلاة وغيرها، علما ان هذا النظام يدعي اعتناقه للاسلام، بينما الاسلام يوجب الصلاة ويمنع الاكراه في الدين ويحرم تقييد الحقوق والحريات الشخصية والدينية التي هي حق للناس.
والأكيد ان ممارسات النظام في البحرين تتماهى مع تلك التي يقوم بها نظيره الاسرائيلي في الاراضي المحتلة، وهي تصب في النهاية في قمع الناس ومنعهم من ممارسة حقوقهم بالصلاة وإحياء شعائرهم الدينية بحرية مطلقة، وفي هذه الممارسات تلتقي هذه السلطات مع ما قامت وتقوم به الجماعات الارهابية في المناطق التي سيطروا عليها في بعض بلدان المنطقة.
وبكل الاحوال هناك من يقف بوجه الصهاينة في فلسطين المحتلة وفي البحرين بوجه تصرفات النظام، ففي حين شجبت “دائرة الأوقاف الإسلامية” في مدينة القدس الممارسات الاسرائيلية بمحاولة فرض قيود على استخدام مكبرات الصوت في رفع الأذان في المساجد، نجد ان الشعب البحريني يقيم الاعتصامات السلمية اليومية للتعبير عن رفضه للممارسات النظام، كما يعتصم البحرينيون بشكل متواصل في منطقة الدراز في غرب العاصمة المنامة في محيط منزل آية الله الشيخ عيسى قاسم منعا لاي محاولة لاعتقال هذا الرمز الوطني والديني للبحارنة من قبل السلطات التي أسقطت الجنسية عنه بشكل تعسفي مخالف لكل الاعراف والقوانين الدولية.
وفيما تشدد “دائرة الاوقاف” على ان “مآذن القدس والـمسجد الأقصى المبارك ومآذن فلسطين عامة ستبقى تصدح بالآذان وذكر الله لتنادي الناس لعبادة الله الواحد القهار”، يؤكد البحارنة انهم مستمرون باعتصاماتهم السلمية حتى تحصيل كافة حقوقهم وإجبار النظام على التراجع خطوات الى الوراء وإعادة الامور الى نصابها الطبيعي.
المقدسيون يواجهون العدو.. والبحارنة لا يهادنون النظام
وبينما اعتبرت “دائرة الاوقاف” أن “اتخاذ قرار بمنع رفع الأذان أو خفض الصوت فيه يُشكل انتهاكا خطيرا لحرية العبادة واعتداء على شعيرة أساسية من شعائر الإسلام وتحدٍّ لـمشاعر الـمسلمين في أنحاء الـمعمورة”، يشدد البحارنة انه لا تراجع في مهادنة النظام بخصوص حرية إقامة الشعائر الدينية وفي طليعتها الصلاة التي هي عامود الدين.
فالأذان شعيرة إسلامية واجبة الاقامة وهي موجودة في القدس منذ أكثر من 1400 عام، وتشير “دائرة الأوقاف ان “أول من رفع الأذان في بيت الـمقدس هو الصحابي الجليل بلال بن رباح مؤذن رسول الله(ص) ومذ ذلك الحين لم ينقطع الأذان في بيت الـمقدس حتى في زمن الحروب الفرنجية”، والترابط بين الأذان والصلاة لا يمكن لأحد فصله، فهما مترابطان بشكل لا يقبل التجزئة، ومتلازمان بشكل حتمي فلا يمكن التسليم بغياب أحدهما بل إن الأذان مقدمة طبيعية للصلاة، وبالتالي لا يمكن القبول بإلغاء أحدهما فهما واجبان ويجب مواجهة أي محاولة لالغاء أحدهما او كليهما.
وكما ان أهالي القدس من المقدسيين الشرفاء صعدوا الى أسطح منازلهم ورفعوا الأذان بحناجرهم الصادحة بالحرية والحياة بالتزامن مع رفع الكنائس لصوت الأذان في أرجاء القدس، نجد في كل قرية ومدينة بحرينية من لم يمل رفع الصوت عاليا بالتكبير والتهليل رفضا لاي قيد على الحرية الدينية ورفضا لتكريس منع الصلاة كأمر طبيعي من قبل السلطة، ودائما السلمية هي السبيل الانسب للتعاطي مع كل التعديات على الحقوق وذلك تأكيدا على مدى أخلاقيات الشعب الراقي في البحرين.
بكل الأحوال وأيا كانت الحجج التي تقدمها من جهة سلطات الاحتلال الاسرائيلي لمنع رفع الأذان، ومن جهة ثانية تقدمها السلطات البحرينية لمنع إقامة الصلاة وغيرها من الشعائر الدينية، لا بدَّ من التأكيد والتذكير –إن نفعت الذكرى- ان كل هذه الممارسات تخالف القانون الدولي العام كما تخالف المبادئ الدستورية الأساسية التي تنص عليها كل دساتير العالم والمتعارف عليها في كل الانظمة الديمقراطية في هذا الكون، فلا أحد يقر بالمسّ بعقائد الناس وشعائرهم الدينية كما يريد العدو الاسرائيلي وكما يريد النظام البحريني، فالحقوق هذه لصيقة بشخصية الانسان لانه إنسان مهما اختلفت الازمنة وتنوعت الأمكنة ومن حقه الاستفادة من هذه الحقوق شاء من شاء وأبى من أبى.
المصدر: موقع المنار