تشهد الساحة الفلسطينية “غلياناً ميدانياً” مع تزايد العمليات التي ينفذها مقاومون فلسطينيون، لاسيّما من قبل سكان القدس المحتلة، حملة ما يسمى “البطاقة الزرقاء” الصهيونية، المتمتعين بحق “الإقامة”، حيث أعقبها صدور قرارات عن المجلس الوزاري المصغّر للشؤون السياسية والأمنية (الكابينيت)، بـ”شرعنة” نقاط إستيطانية في الضفّة الغربيّة، وطرح مخطّط لبناء آلاف الوحدات الجديدة في المستوطنات.
وشهدت جلسة الكابينيت مواجهة بين رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، ووزير ما يسمى “الأمن القومي”، إيتمار بن غفير، “وصلت إلى نبراتٍ مرتفعة”، ذلك بعد أن طالب بن غفير بهدم مبنى فلسطيني شرقي في القدس، فرفض نتنياهو بحجّة أنّ الأمر يُمكن أن يثير إنتقاداتٍ دولية.
السجالات العلنية بين المسؤولين الصهاينة، ترافقت مع صدور تقديرات عن جهات أمنية صهيونية، أشارت، إلى أنّ المخاوف في المؤسّسة العسكرية والأمنية هي من حصول تصعيد في ساحات عدّة بشكل متوازٍ، لاسيّما أنّ شهر رمضان يقترب، مع وجود حافزية لدى المقاومة لإشعال الضفّة الغربيّة وشرقي القدس.
وفي سياق متصل، أفادت تقارير صهيونية أن الشرطة تخشى من موجة “هجمات قاصرين”، بعد أن لاحظوا في الآونة الأخيرة، وجود منحى تصاعدي من التحريض على الشبكات الإجتماعية، موجّه إلى شبّان بهذه الأعمار، لاسيّما في القدس المحتلة.
وكان لافتاً صدور إدانة علنية من قبل الولايات المتحدة الأميركية، لقرارات الكابينيت، ذلك عبر بيان أصدره وزير الخارجية، أنتوني بلينكن، أعرب فيه عن معارضة واشنطن بشدّة الخطوات أحادية الجانب التي تزيد من حدّة التوتّر.
قرارات الكابينيت
قرّر المجلس الوزاري المصغّر للشؤون السياسية والأمنية (الكابينيت)، خلال جلسة عُقدت الأحد الماضي، برئاسة نتنياهو، “شرعنة” 9 نقاط إستيطانية في الضفّة الغربيّة المحتلة وتحويلها إلى مستوطنات جديدة، بحسب مسؤول رفيع مطّلع على قرارات الكابينيت.
ونقل إعلام العدو عن المسؤول الرفيع أنّه تقرّر إيصال الكهرباء والماء لعشرات النقاط الإستيطانية في الضفّة الغربيّة، كما تقرّر طرح مخطّط لبناء آلاف الوحدات الجديدة في المستوطنات.
وبحسب تقارير صهيونية، أفيد أنّ الكابينيت اتخذ عدّة قرارات إضافية تتعلّق بمكافحة “الإرهاب”، من بينها تعزيز قوّات الشرطة و”حرس الحدود” في القدس المحتلة، وتشغيل عملاني معزّز للشرطة ضدّ المحرّضين وداعمي “الإرهاب”.
وكان نتنياهو قد صرّح خلال جلسة الحكومة التي عُقدت قبل جلسة الكابينيت بساعات، أنّه سيتمّ “تمرير مشروع القرار الذي قدّمه عضو الكنيست أوفير كاتس، الذي يُعنى بحرمان المخرّبين من جنسيتهم وطردهم”. ولفت نتنياهو إلى أنّ الكابينيت سيجتمع “من أجل اتخاذ الإجراءات اللازمة استعداداً لإطلاق عملية أوسع نطاقاً ضدّ منفّذي الإرهاب وداعميه في القدس والضفّة الغربيّة”.
ورحّب وزير المالية، ورئيس حزب الصهيونية الدينية، بتسلائيل سموتريتش، بهذه القرارات، وقال “وَعَدنا، ونحن نبدأ اليوم بالإجراء. قرّرت الحكومة تسوية الإستيطان الناشئ… إتخذنا قراراً مهمّاً حيال الإستيطان لم يتّخذ مثيلاً له منذ سنوات كثيرة. طريق طويل أمامنا ولكن قمنا بخطوة مهمّة بالاتجاه الصحيح”.
بلينكن: “نعارض الخطوات الاسرائيلية”
السجالات داخل الكيان حول طريقة تعاطي الحكومة مع الشأن الفلسطيني، أُضيف عليها إنتقاد من جانب واشنطن، إذ أدانت الولايات المتحدة الأميركية، حسب تقارير صهيونية، قرار الكابينيت توسيع المستوطنات وتشريع بؤرٍ إستيطانية في الضفّة الغربيّة، إذ على الرغم من إطلاع المسؤولين الصهاينة نظراءهم الأميركيين مسبقاً على القرارات، إلا أنّ هذه القرارات أثارت غضب الأميركيين، الذين أبلغوا الجانب الصهيوني، أيضاً بشكل مسبق، عن نيّة إدارة الرئيس جو بايدن، إصدار إدانة علنيّة.
وأشارت التقارير إلى أنّ وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، أصدر بياناً قال فيه “نحن قلقون جداً من قرار إسرائيل دفع بناء عشرة آلاف وحدة سكنية في المستوطنات والبدء بعملية تأهيل 9 بؤر إستيطانية بأثر رجعي في الضفّة الغربيّة، والتي لم تكن في الماضي قانونية بموجب القانون الإسرائيلي”. وأضاف بلينكن “مثل إدارات سابقة، ديموقراطية وجمهورية، نعارض بشدّة الخطوات أحاديّة الجانب من هذا القبيل، والتي تزيد من حدّة التوتّر وتقوّض من احتمالات حلّ الدولتين في مفاوضات”.
لا حل للهجمات المنفردة
التطوّرات الميدانية على الساحة الفلسطينية، والسجالات العلنية بين المسؤولين الصهاينة، حول طريقة التعامل معها، ترافقت مع صدور تقديرات عن جهات أمنية، أشارت، إلى أنّ المخاوف في المؤسّسة الأمنية هي من حصول تصعيد في ساحات عدّة بشكل متوازٍ، لاسيما أنّ شهر رمضان يقترب، مع وجود حافزية لدى حركة حماس لإشعال الضفّة الغربيّة وشرق القدس، مع إبقاء الأمور في قطاع غزّة على نيران خفيفة، واستخدام “التنقيط” (في إطلاق الصواريخ).
وفيما نقلت تقارير عن مصدر أمني قوله إنّ “الحصار والإغلاق في القدس سيؤدّي فقط إلى التصعيد”، أفادت تقارير أُخرى أنّهم في المؤسّسة الأمنية والعسكرية متأهّبون، وهم يريدون اتخاذ إجراءات شديدة ضدّ “الإرهاب”، لكن بطريقة لا تؤدّي إلى تصعيد التوتّر على الأرض أكثر.
الناطق باسم الجيش الصهيوني، ران كوخاف، تحدّث عن وجود صعوبة لدى المؤسّسة الأمنية والعسكرية في كلّ ما يتعلّق بإحباط الهجمات، لأنّ الأمر يتعلّق بهجمات منفردين. وأوضح في مقابلة تلفزيونية أنّ هجمات المنفردين “هي تحدٍ أمني واستخباري بالغ الأهمية لأنّه من الصعب جداً الدخول إلى رأس شخصٍ يتلقّى إيحاءً ولا يذكر لمحيطه أنّه ذاهب إلى تنفيذ هجوم. ليس لهذا حل مُحكم”.
وأفادت تقارير صهيونية أنّهم في المؤسّسة الأمنية والعسكرية قلقون من التوتّر المتصاعد في المدّة الأخيرة في الضفّة الغربيّة، وإنّ الشبكات الإجتماعية تعجّ برسائل التحريض، تُغذّيها أيضاً تصريحات ساسة صهاينة في موضوع المسجد الاقصى، والقدس، وهدم المنازل، تسوية أراضٍ للبناء في الضفّة الغربيّة، وشرعنة نقاطٍ إستيطانية جديدة.
وقال مصدر عسكري كبير إنّ “المنحى خطير وعنيف وأيّ حادثة يمكن أن تشعل المنطقة”. وأضاف أنّ الهدف هو التهدئة وعدم الوصول إلى شهر رمضان فيما ألسِنَة اللّهب مرتفعة. و”حالياً هذا لا ينتظم بوجهٍ خاص، لذلك الوضع مقلق جداً”.
المصدر: اعلام العدو