أكد رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي “تمسك لبنان المطلق بسيادته وحقوقه وثروته في مياهه الإقليمية ومنطقته الاقتصادية الخالصة، مكررين رغبتنا الصادقة في التوصّل إلى حلٍّ تفاوضي طال انتظاره. ونحن أحرزنا تقدماً ملموسا نأمل أن نصل إلى خواتيمه المرجوة في وقت قريب”.
وفي كلمة له في الجمعية العامة للامم المتحدة الكلمة اضاف”اتوجه بالشكر لكم، وعبركم لمنظمة الأمم المتحدة، بكافة فروعها ومؤسساتها المتخصصة وتلك العاملة في لبنان،على الجهود التي تقوم بها من اجل مساعدته والمساهمة في تخفيف تبعات الأزمة الاقتصادية والمالية الخانقة التي يمرّ بها. وأخص بالشكر قوات الطوارىء الدولية (اليونيفيل) لما تبذله من تضحيات وجهود من أجل الحفاظ على الاستقرار في جنوب لبنان، بالتنسيق الوثيق مع الجيش اللبناني الذي نتطلع معكم وعبركم الى تعزيز قدراته العسكرية وتخفيف الاعباء المادية عليه. وفي هذا السياق نؤكد التزام لبنان التام بتنفيذ كامل مندرجات القرار 1701 وكافة قرارات الشرعية الدولية”.
وتابع”إن لبنان مصمم على حماية مصالحه الوطنية وخيرات شعبه وعلى استثمار موارده الوطنية، ويعي اهمية سوق الطاقة الواعد في شرق المتوسط لما فيه ازدهار اقتصادات دول المنطقة وتلبية حاجات الدول المستوردة”.
واردف قائلا”إن لبنان، ومن منطلق ايمانه بالدور الرائد الذي تضطلع به منظمات الأمم المتحدة، يؤكد التزامه بأجندة التنمية المستدامة 2030 واتفاق باريس للمناخ، كما وبالأطر الدولية الراعية لمسائل نزع السلاح بأشكاله المختلفة. ونرحّب ايضا بالعمل الهادف إلى ايجاد تفاهم دولي لإخلاء منطقة الشرق الأوسط من أسلحة الدمار الشامل إنفاذاً لقرار الجمعية العامة رقم 73/546. ونحن، إذ نشيد بما تحقق لهذه الغاية في دورات المؤتمر السابقة، نتطلع لأن تتكلل بالنجاح الدورة الثالثة من المؤتمر المزمع انعقادها برئاسة لبنان في تشرين الثاني المقبل، وأن تسهم في دعم مسار انشاء المنطقة الخالية من اسلحة الدمار الشامل في الشرق الأوسط”.
واشار ميقاتي الى ان”الكثير من دول العالم يمر اليوم بأزمات اقتصادية حادة، اسبابها متعددة، متشعبة وغير خافية على أحد، أثرت بشكل كبير على جوانب الحياة كافة، وحتّمت على حكومات دول عدة اللجوء الى اتخاذ تدابير استثنائية لمحاولة التخفيف من وطأة هذه الأزمة على شعوبها، أما في بلدي لبنان، فنحن نواجه منذ سنوات عدة، أسوأ ازمةٍ اقتصادية اجتماعية في تاريخنا ، نالت من سائر المؤسسات ووضعت غالبية اللبنانيين تحت خط الفقر، وتسببت بهجرة الكثير من الطاقات الشابة والواعدة، وخسارة الوطن خيرة ابنائه. فإضافة الى التدهور الاقتصادي الحاد وغير المسبوق، وانهيار سعر صرف العملة الوطنية الى ادنى مستوى تاريخي لها، والاغلاقات العامة التي فرضتها جائحة كورونا،ناهيك عن فاجعة انفجار مرفأ بيروت الذي نحرص على جلاء الحقيقة بشأنه، وتبعات الأزمة السورية واعباء النازحين،وجدت الحكومة اللبنانية نفسها امام أزمة سياسية غير مسبوقة، حتّمت علينا السير ببطء وحذر شديدين في حقل أَلغامٍ سياسيةٍ واقتصادية، لتدارك الوضع وتأسيس الارضية المناسبة للمساهمة في الوصول بالبلاد الى بر الأمان”.
وتابع”نجحت حكومتنا في تحقيق العديد من الاهداف التي وضعتها،ومن ابرزها اجراء الانتخابات البرلمانية في موعدها رغم الظروف الصعبة التي يعيشها البلد، لكن الطريق امام لبنان ما زالت شاقة وطويلة ومليئة بالمصاعب قبل الخروج من الازمة، حيث نعمل بكل ما اوتينا من قوة وعزم على تخطيها بنجاح. وفي هذا السياق قامت حكومتنا بتوقيع اتفاق مبدئي مع صندوق النقد الدولي،واننا نتعهد من هذا المنبر السير قدما بكل الاصلاحات التشريعية والادارية الضرورية للخروج من محنتنا الحاضرة”.
واردف قائلا”نحن نعول في هذا الاطار ، كما دوما، على مساعدة اصدقاء لبنان الدوليين، وفي طليعتهم الدول العربية الشقيقة، التي لا غنى للبنان، البلد العربي الهوية والانتماء والعضو المؤسس لجامعة الدول العربية، عنها.إن انتماء لبنان العربي وريادته في التزام القضايا العربية هما ترجمة لما جاء في دستوره وفي اتفاق الطائف الذي انهى الحرب الاهلية الدامية التي عصفت ببلادي. ولا بد من ان اؤكد، تكرارا،التزامنا هذا الاتفاق، وعدم تساهلنا مع اي محاولة للمس بمندرجاته، اضافة الى تجديد الالتزام بمبدا النأي بالنفس الذي انتهجناه منذ حكومتنا الماضي سعيا لابعاد وطننا قدر المستطاع عما لا طاقة له عليه”.
واضاف”يقوم لبنان منذ اكثر من عشر سنوات بدور طليعي في تحقيق الصالح العام العالمي من خلال استضافته لعدد هائل من النازحين السوريين يصعب احصاؤه بدقة. لقد حرصنا منذ مطلع الازمة السورية على اعتماد سياسة الحدود المفتوحة ايمانا منا بالاعتبارات الانسانية، أما اليوم فقد باتت ازمة النزوح اكبر من طاقة لبنان على التحمل. يهمنا كذلك تأكيد أن الدستور اللبناني وتوافق جميع اللبنانيين يمنعان اي دمج او توطين على أراضيه وأن الحل المستدام الواقعي الوحيد هو في تحقيق العودة الآمنة والكريمة الى سوريا في سياق خارطة طريق ينبغي ان يبدأ العمل عليها باسرع وقت وبتعاون كافة الأطراف، وتوفير مساعدات اضافية نوعية للدولة اللبنانية ومختلف اداراتها وبناها التحتية التي تنوء تحت عبء تدفق كبير للنازحين منذ اكثر من عشر سنوات”.
وتابع”تبقى القضية الفلسطينية القضية الام التي تعيق تحقيق السلم والاستقرار في منطقة الشرق الاوسط. ان الظلم الواقع بحق الشعب الفلسطيني آن أوان رفعه وتحقيق الدولة الفلسطينية السيدة والمستقلة وعاصمتها القدس الشريف وتنفيذ كافة قرارات الشرعية الدولية بهذا الشأن بما في ذلك قرارعودة اللاجئين الى ديارهم، وفي سياق الكلام عن اللاجئين الفلسطينيين اسمحوا لي أيضاً بالتشديد على محورية الدور الذي تقوم به الاونروا في خدمة أهداف الأمم المتحدة ومقاصدها من خلال مساهمتها في رفع قسم من الغبن اللاحق باللاجئين الفلسطينيين والمساعدة في تحقيق قدر من التنمية والاستقرار الاقليميين”.
المصدر: الوكالة الوطنية للإعلام