في مارس/آذار من العام 2022 نشر رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت تغريدة أشار فيها الى الاتفاق التاريخي الأول، الذي سيتعاون كيان الاحتلال من خلاله مع مصر والاتحاد الأوروبي لتوفير الغاز الطبيعي لأوروبا.
فمن خلال هذا الاتفاق يسعى العدو الى خلق ما يسمى بـ”اقتصاد طاقة” موثوق به وفعّال على صعيد العالم وايجاد أسواق لطاقته المستدامة على حد تعبير مسؤوليه وهو يرى أوروبا المتعطشة للغاز فرصة ثمينة، لذلك يعمل جاهداً في توفير الظروف الملائمة لتعزيز هذا الدور الاقتصادي الريادي.
ومن خلال ما يلفت اليه اعلام العدو هناك عمل متواصل لوزارة الطاقة الصهيونية بالايعاز الى الفرق للبدء بالتنقيب والاتفاق مع شركة انرجين اليونانية التي حطت سفينتها ضمن المنطقة المتنازع عليها مع لبنان.
إهتمام العدو بالاسراع بعملية التنقيب قبل شتاء أوروبا، ظهر جلياً بعد زيارة وزيرة الطاقة في الكيان الصهويني ” كارين الهرار” الى حقل كاريش بعد عملية المسيرات التي أعلن عنها حزب الله للقيام بـ”مهام استطلاعية” في الثاني من تموز الجاري.
زيارة الوزيرة للحقل لم تكن للاطمئنان على أفراد طاقم السفينة بقدر ما كان خوفاً من اهتزاز الثقة ” المفقودة ” بأمن “دولتها” المزعومة، بالاضافة الى ذلك، منعت سلطات العدو نشر أي خبر في الاعلام حول المسيّرات لكي لا تعيق العمل بانتاج الغاز المتوقع البدء به بأيلول سبتمبر القادم.
أما على صعيد الاسواق حاولت بعض الاطراف المساهمة في شركة “انرجين” للتنقيب عن الغاز والنفط بالقيام بعملية دعم مزيف للأسهم للايحاء بعدم تأثرها بمسيرات المقاومة ولزيادة منسوب الثقة لطاقم العمل على متن السفينة، الا أنها باءت بالفشل، عندها بدأت الصحف الاسرائيلية بالتحدث عن زيادة التوترات الحدودية البحرية والتي قد تؤدي الى امتناع الشركات الاجنبية عن الاستثمار هناك.
ولم يتأخر موقع “غلوبس” الإسرائيلي المتخصص في الشؤون الاقتصادية بالكشف عن هبوط محقق في أسهم “انرجين” ؛ ففي افتتاح التداول في بورصة لندن تراجع سعر شركة انرجين بنسبة 6.6%، وفي بورصة تل أبيب، افتتح التداول بانخفاض حاد تجاوز الخمسة في المئة. وفي وقت سابق أقدم الرئيس التنفيذي لـ”إنرجين” ماثيوس ريغاس الذي كان قد باع 2.8% من حصته في الشركة بسعر يقلّ بنحو 5.6% عن أسعار السوق، ما أثار شكوكاً حول أسباب لجوء ريغاس إلى هذه الصفقة الخاسرة والخلفيات التي دفعته للتخلي عن هذا المستوى من الاستثمار في شركة من المفترض أنها وقّعت عقداً واعداً.
التعتيم الاعلامي من قبل العدو لم يقتصر على عملية المسيرات بل أيضاً على الخطاب الاخير للأمين العام لحزب الله الذي أكد فيها إسقاط “الأمن” عن كل أعمال التنقيب ومشاريع استخراج الطاقة في كل شرق المتوسط في حال أُسقِط حق الشعب اللبناني بحقوقه من الكنز المدفون. فإمتنع السياسيون والأمنيون عن التعليق واقتصر الاعلام العبري على التغطية الخبرية فقط .
حاول العدو التعاطي مع العملية بكل حذر خوفاً على اسثتماراته البحرية التي ينتظرها الاوروبيون بتعطش لكنه ما لبث أن تلقى تهديداً عابراً الى ما بعد بعد كاريش .
فما حال شركات الاستثمار في تلك المنطقة والتي من المفترض أنها لا تعمل ضمن نطاقات متنازع عليها أو تشهد خطراً أمنياً؟ فلو أعتمدت المقاومة فقط على ارسال مسيرات دون الحاجة الى اطلاق نار، هل ستحتمل في كل مرة خسائر في أسهمها .
ليست اللحظة لحظة إسقاط مسيّرات، بل هي لحظة سقوطِ أحلام العدو بما يسمى اقتصاد الطاقة.
غرافيك: علي كجك
المصدر: موقع المنار