العدو الإسرائيلي نفسه اعترف أن مُسيَّرات المقاومة التي حلَّقت فوق حقل كاريش ليست مُسلَّحة، ونحن لسنا كصحفيين بوارد الدخول لا بالمعنى العسكري ولا التقني ولا التكتيكي في ما لا معرفة لنا به ولا خبرة، وليس هناك أكثر من المحللين العسكريين والإستراتيجيين على امتداد الأرض اللبنانية، الذين يجتهدون في التشريح، وقلَّة قليلة منهم تبحث في عُمق هذا الإنجاز النوعي القديم / الجديد، الذي ابتدعته المقاومة لقلب الطاولة على رأس العدو منذ التحرير عام 2000 وحتى اليوم وكل يوم.
وإننا إذ ننصح بعض هؤلاء المحللين، مِمَّن يريدون سبر أغوار البحر في محيط كاريش، أو بلوغ السماء خلف المُسيَّرات، أن يشتغلوا وظيفة أخرى، لأن رؤى الأحداث في لبنان تتفاوت ما بين مَن اعتبر أن انفجار المرفأ نَتَج عن حماقة “مُعلِّم تلحيم”، وصولاً الى صاروخ مُتطوِّر من الجو، وانتهاءً بما اعترف به السيناتور الأميركي “ريتشارد بلاك” بالقول: “إنفجار مرفأ بيروت، ربما يكون من آخر الأفعال التي قمنا بها، و”السي آي إي” ربما تكون على علم، وهذا التفجير كان من الخطوات الضرورية لتضييق الخناق في الحصار على سوريا”!
ولأن الأمور في لبنان على هذه الرمادية في تباين الرؤى، عند كل أزمة أو استحقاق، فلن نغرق في نقطة ماء كما سوانا من الأقلام، ونحن نرى أنقاض المرفأ غارقة بين فريق “معلِّم التلحيم” وفريق العدوان الصاروخي على المرفأ، طالما أن ريتشارد بلاك يعرف حقيقة عدوانية بلاده ودور استخباراتها، بل نحن قررنا الغطس في مياه حقل كاريش دون أن نغرق، لنقول: حقوقنا وخيراتنا ومستقبل أجيال وأجيال من لبنان في أعناقنا، وهي تحديداً على أجنحة مُسيَّرات المقاومة، ولا نفط ولا غاز للعدو، دون نفطٍ وغاز للبنان، وانتهى البيان…
ما همُّ الشعب اللبناني من التحليلات غير المُجدية عن الخلفيات وراء تفجير المرفأ، طالما أن الشهداء والجرحى والمنكوبين ينتظرون عدالة هي أيضاً غارقة في مياه بيروت مع الدماء والأنقاض، وأطلال المرفأ إعادة ترميمه، فيما مرفأ حيفا يعمل كأحد الموانىء البديلة وبات في شراكة مع شركة موانىء دبي؟ وما هي الفائدة من التعليق على حاجة أوروبا للغاز نتيجية الحرب الروسية – الأوكرانية فيما يجري توقيع إتفاقيات غاز مع “إسرائيل” لتزويد أوروبا بالغاز، وسيبدأ العدو بالإنتاج من حقول فلسطين المُحتلة غير المُتنازع عليها مع لبنان إعتباراً من أيلول المقبل، فيما نحن ما زلنا نشكك بنقاط قوَّتنا في مفاوضات، هي لصالح لبنان حُكماً، طالما أن معادلة قوتنا بثلاثية الجيش والشعب والمقاومة تُدرك مكامن قوَّة لبنان في التفاوض؟
كل ما هو مطلوب من هؤلاء المُشكِّكين معرفته، أن لبنان الذي حرَّر أرضه عام 2000 رغم أنف الغرب وبعض الإقليم وبعض الداخل، لديه خارطة الطريق للوصول الى خيراته تحت مياه البحر ولكن، لا للمواقف السلبية الداخلية من كل الإجراءات الردعية اللبنانية خاصة خلال المفاوضات، سواء كانت مُسيَّرات سيادتنا على برِّنا وبحرنا مُسلَّحة أم مدنية عادية، ولبعض مَن تسكنهم العمالة نكتفي بالقول: كما تُعربِّد إسرائيل بطائراتها في سمائنا وسط صمتكم على مدى سنوات، اصمتوا عن أزيز مُسيَّراتنا فوق مياهنا الإقليمية وما بعد بعد الإقليمية متى دعت الحاجة، ولكم ولكل لبنان النفط والغاز هدية كما كل هدايا النصر…