رأى نائب رئيس المجلس التنفيذي في حزب الله الشيخ علي دعموش في خطبة الجمعة أن اهمية مناسبة يوم القدس العالمي الذي اعلنه الامام الخميني تكمن في انها اصبحت اليوم محورًا لفعاليات وتحركات عالمية عابرة للطوائف والمذاهب والمناطق وتتعاظم سنة بعد سنة كلما تعاظمت مقاومة الشعب الفلسطيني الذي يبتكر باستمرار اساليب جديدة في مقاومة الاحتلال وحماية القدس والسعي لتحريرها، وكلما ازداد عدد أنصار هذه القضية، فالاستكبار العالمي والحركة الصهيونية ومعهما الأنظمة المطبعة كان هدفهم ولا يزال طمس هذه القضية وجعلها في مطاوي النسيان وممارسة الضغوط على الشعب الفلسطيني للقبول بالفتات من أرض فلسطين وتقديم التنازلات وفرض الاستسلام عليه، كان هدفهم دائمًا تيئيس الشعب الفلسطيني والشعوب العربية والاسلامية وإشعارها بالإحباط والاعتقاد بأنه لا يوجد أي أفق لتحرير فلسطين واستعادة القدس، وأنه ليس أمام الشعب الفلسطيني وشعوب الأمة سوى الاستسلام والقبول بالأمر الواقع الذي يفرضه الاحتلال .
وقال إن ما يحصل اليوم هو على العكس من ذلك فببركة إعلان الإمام الخميني (رضوان الله تعالى عليه) عن يوم القدس العالمي ودعوته لشعوب الأمة وللعالم الى إحياء هذه المناسبة، وببركة الإيمان والوعي والجهاد والتضحيات والحضور القوي للشعب الفلسطيني في ميادين المقاومة والمواجهة، عادت القدس اليوم لتكون هي القضية الأساس وهي المحور، وستبقى كذلك مع كل الاجيال القادمة الى حين طرد الصهاينة وازالة الاحتلال.
واعتبر أن خروج الشعوب لاحياء هذه المناسبة يبعث برسالة الى العالم أن الشعوب الحرة وخاصة شعوب هذه المنطقة لن تتخلى عن دعمها لفلسطين والقدس ومقاومة الشعب الفلسطيني، وهذه القضية لن يطالها النسيان بل ستبقى حاضرة في وجدان الأمة مهما طال الزمن، وأن الشعب الفلسطيني لن يستسلم وسيبقى يقاوم بكل الوسائل والأساليب حتى لو تنازلت بعض الأنظمة المطبعة عن شرف الانتصار لقضيته من أجل الحفاظ على عروشها وسلطانها، وأن المشهد الحقيقي في المنطقة ليس مشهد التخاذل والاستسلام الذي ترسمه دول التطبيع، وإنما المشهد الفعلي والحقيقي في المنطقة هو المشهد الذي ترسمه الشعوب وشهادة ودماء المجاهدين من أبناء الشعب الفلسطيني.
كما اشار الى أن احياء يوم القدس العالمي هذا العام بهذه القوة يبعث برسالة خاصة ايضًا لأنظمة التطبيع والاستسلام في المنطقة أنكم اذا كنتم تراهنون على اقناع الشعوب بالتطبيع والاذعان للارادة الامريكية والاسرائيلية والتسليم بالاحتلال كأمر واقع، فإنكم إنما تراهنون على سراب وخيال واوهام، لأن الشعوب الحية والاجيال لن تقبل بمسار التطبيع ولا بمنطق التخاذل والاستسلام وستبقى قضية القدس في اعلى سلم اولوياتها.
واكد الشيخ دعموش أن حزب الله يعتبر نفسه جزءا من معركة القدس وهو في الخط الامامي في هذه المعركة الى جانب الفصائل الفلسطينية وهو يدفع ثمن هذا الموقف الذي يتبنى خيار المقاومة ومنطق المقاومة وثقافة المقاومة كخيار وحيد لتحرير القدس وفلسطين واعادتها الى اهلها والى الامة.
ولفت الى أن كل ما يتعرض له حزب الله في الداخل والخارج من حصار وعقوبات وتحريض وتشويه وتهديد وتضييق هدفه الاساسي هو التخلي عن المقاومة وعن القدس وفلسطين والذهاب نحو التطبيع مع الكيان الصهيوني لثبيت وجود هذا الكيان على ارض فلسطين.
واعتبر أن الثبات والصمود والصبر في مواجهة الحصار والضغوط والحملات السياسية والاعلامية ضد المقاومة، هو جزء أساسي من معركة المقاومة وهذه الضغوط ستزداد كلما اقتربنا من يوم الانتخابات من اجل التأثير في مزاج الرأي العام، ولكن كما لم نتأثر بكل الضغوط والحملات التي جرت في المراحل السابقة ولم تسقطنا الحروب العسكرية والامنية والفتن الداخلية لن نتأثر بالحملات الجديدة ولن يسقطنا الحصار والضغوط والتهديد والتشويه.
نص الخطبة
قال تعالى في كتابه الكريم: ﴿ سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ﴾ الإسراء:1.
هناك نقاش بين العلماء والمفسرين الشيعة حول مكان المسجد الأقصى الذي اشارت اليه الاية المباركة، وما اذا كان هو المسجد المعروف الموجود في مدينة القدس او هو مسجد في السماء ؟
هنآك رأيان للعلماء حول ذلك :
الرأي الأول: يقول إنه لا دليل على ان المسجد الأقصى الذي اشارت اليه الاية الشريفة هو ذلك الذي في بيت المقدس في مدينة القدس، وإنما هو مصلى الملائكة الموجود في السماء الرابعة، وهذا الرأي تبناه عدد قليل من العلماء والمفسرين.
الرأي الثاني: يؤكد أن المسجد الأقصى هو الذي في فلسطين في مدينة القدس، ويشار إليه أحيانا ببيت المقدس.
والذي نرى انه الصحيح هو ان المسجد الأقصى هو نفس بيت المقدس اي نفس تلك البقعة المحددة المساحة والتي تقع فيها قبة الصخرة ومسجد عمر، حيث ان تلك البقعة هي مصلى الانبياء وفيها محاريبهم وقبورهم، كانت مصلى لهم منذ االاف السنين يسجدون فيها ويعبدون الله فيها، فتلك البقعة بكاملها باعتبارها مكان عبادة الانبياء وسجودهم هي المسجد الأقصى، وليس المقصود بالمسجد الأقصى خصوص قبة الصخرة التي بنى عليها الوليد بن عبد الملك القبة المشهورة اليوم بالقبة الصفراء ولا خصوص المسجد الموجود اليوم باسم مسجد عمر الذي خطه عمر بن الخطاب بعد فتح القدس حتى يقال ان هذا المسجد لم يكن في زمن رسول الله ولا في زمن نزول القران، فصحيح انهما لم يكونا موجودين في زمن النبي(ص) الا ان ارضهما والمساحة التي بني عليها لاحقا هي جزء من هه البقعة التي هي مسجد الانبياء ومصلاهم، فالمسجد الأقصى لا يقصد به بقعة خاصة او مبنى خاصا على تلك المساحة بل ان كل تلك المساحة المسماة ببيت المقدس هي المسجد الأقصى، فالمسجد الأقصى وبيت المقدس شيء واحد لا شيئين مختلفين.
والى هذه البقعة اسري برسول الله(ص) من المسجد الحرام، ومن هذه البقعة عرج رسول الله(ص) الى السماء ورأى آيات الله الكبرى.
وسميت هذه البقعة بالمسجد لانها موضع سجود الانبياء ومصلى الانبياء من الاف السنين كما قلنا وسميت بالاقصى لانها بعيدة عن المسجد الحرام والكعبة، ولانه لم يكن هناك من مسجد وراءها فهي اقصى مسجد في ذلك الزمن.
ويدل على ما نقول:
أولا: الروايات الواردة عن ائمة اهل البيت(ع) التي اعتبرت ان بيت المقدس هي مكان للصلاة والسجود، واعتبرته مسجدا رديفا لبقية المساجد كالمسجد الحرام ومسجد النبي(ص) في المدينة ومسجد الكوفة ووضعته في سياق هذه المساجد الكبرى التي لها فضل كبير في الاسلام، واكدت ان الصلاة فيه لها فضل كبير وانها تعدل الف صلاة او ان الفريضة فيه تعدل حجة والنافلة تعدل عمرة.
1-ففي أمالي الطوسي: باسناده عن الرضا عن آبائه عن أمير المؤمنين (عليهم السلام) قال:أربعة من قصور الجنة في الدنيا: المسجد الحرام، ومسجد الرسول (صلى الله عليه وآله) ومسجد بيت المقدس، ومسجد الكوفة .
2-وفي كتاب ثواب الأعمال للصدوق: عن جعفر بن محمد، عن آبائه، عن علي (عليهم السلام) قال: صلاة في بيت المقدس ألف صلاة، وصلاة في المسجد الأعظم مائة (ألف) صلاة، وصلاة في مسجد القبيلة خمس وعشرون صلاة، وصلاة في مسجد السوق اثنتا عشرة صلاة، وصلاة الرجل في بيته وحده صلاة واحدة .
3- وفي المحاسن للبرقي: عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: المساجد الأربعة: المسجد الحرام، ومسجد رسول الله (صلى الله عليه وآله) ومسجد بيت المقدس، ومسجد الكوفة، يا أبا حمزة، الفريضة فيها تعدل حجة، والنافلة تعدل عمرة.
4- وفي تفسير العياشي: عن جابر الجعفي قال: قال محمد بن علي: يا جابر ما أعظم فرية أهل الشام على الله يزعمون أن الله تبارك وتعالى حيث صعد إلى السماء وضع قدمه على صخرة بيت المقدس، ولقد وضع عبد من عباد الله قدمه على حجر فأمرنا الله تبارك وتعالى أن نتخذها مصلى، يا جابر إن الله تبارك وتعالى لا نظير له ولا شبيه، تعالى عن صفة الواصفين، وجل عن أوهام المتوهمين…
فان هذه الروايات تدل بشكل صريح على ان بيت المقدس هو مسجد كالمساجد الاخرى وفضله كفضلها وقداسته كقداستها، وانه انما سمي اقصى لانه لا مسجد وراءه، وقد تكون قد سميت تلك البقعة ببيت المقدس ايضا لوجود بيوت الانبياء المقدسة فيها حيث المعروف ان تلك البقعة كانت فيها مساكن الانبياء وبيوتهم كما فيها محاريبهم.
ثانيا: اقوال العلماء القدامى والمتاخرين وتاكيدهم على ان المسجد الاقصى هو بيت المقدس، اي تلك البقعة المقدسة في القدس الشريف التي فيها محاريب الانبياء وقبورهم وباب حطة وغير ذلك، من هؤلاء العلماء والمفسرين:
1- الشّيخ الطوسي: وهو شيخ الطائفة، وأوّل مفسّر للقرآن الكريم، من أعلام القرن الرابع الهجري، يقول في (البيان في تفسير القرآن): “المسجد الأقصى هو بيت المقدس، وهو مسجد سليمان بن داود… وإنما قيل له الأقصى، لبُعد المسافة بينه وبين المسجد الحرام”.
2-الشّيخ الطبرسي: من أعلام القرن الخامس الهجري، يقول في (جامع الجوامع): ” والمسجد الأقصى هو بيت المقدس، لأنّه لم يكن حينئذٍ وراءه مسجد”. وقال في (مجمع البيان): “فإنّ الإسراء إلى بيت المقدس وقد نطق به القرآن ولا يدفعه مسلم”.
4- الشيخ الشيباني: من أعلام القرن السَّابع الهجري، قال في (نهج البيان عن كشف معاني القرآن): “الإسراء من المسجد الحرام الى المسجد الأقصى عرفناه بنصّ القرآن والمعراج، وما يتبعه عرفناه بالسنّة وقوله {الّذي باركنا حوله} يريد حول المسجد الأقصى.. والّذي جاء عن أئمّتنا (عليهم السلام)، أنَّ المعراج كان من المسجد الأقصى إلى البيت المعمور”. وقد ذكر قول السّدّي أنّ المسجد الأقصى هو بيت إيليا، يعني بيت المقدس.
5- الشيخ الكاشاني: من أعلام القرن التّاسع الهجري، قال في (زبدة التفاسير): “المسجد الأقصى بيت المقدس، لأنّه لم يكن حينئذٍ وراءه مسجد”. وذكر رواية عن الرّسول (صلى الله عليه وآله) : “.. وركبت ومضيت حتى انتهيت إلى بيت المقدس.. ثم أخذ جبرئيل بيدي إلى الصّخرة، فأقعدني عليها، فإذا معراج إلى السَّماء”.
6-الشّيخ الطريحي: من أعلام القرن العاشر الهجري، قال في (تفسير غريب القرآن): “وقد عرج إلى السَّماء من بيت المقدس.. والمسجد الأقصى بيت المقدس، لأنَّه لم يكن وراءه حينئذٍ مسجد”.
7-الشيخ مغنيّة: قال في (التفسير الكاشف): “والمسجد الأقصى هيكل سليمان، وسمّي مسجداً لأنّه محلّ للسّجود، وهو أقصى لبُعده عن مكّة”.
8-السيّد الطباطبائي: قال في (الميزان): “المسجد الأقصى هو بيت المقدس، والهيكل الّذي بناه داود وسليمان، وقدَّسه الله لبني إسرائيل، وقد سمّي المسجد الأقصى لكونه أبعد مسجد بالنّسبة الى مكان النبي (صلى الله عليه وآله) ومن معه من المخاطبين، وهو مكّة الّتي فيها المسجد الحرام.
ثالثا: فتاوى المراجع بفضل الصلاة في بيت المقدس واتبار تلك البقعة مسجدا الصلاة فيها بالف صلاة، وهذا يدل على مكانة وقدسية وموقعية بيت المقدس لدى الشيعة من أتباع أهل البيت (ع) وعلمائهم ومراجعهم العظام ويدحض كل الترهات السخيفة التي يطلقها بعض الحاقدين من ان الشيعة لا يؤمنون بوجود المسجد الاقصى في القدس الشريف وانهم يسايرون بذلك اليهود! وغير ذلك من الاكاذيب المفضوحة. ونشير هنا سريعا إلى بعض الأحكام الفقهية الخاصة ببيت المقدس التي افتى بها مراجع الشيعة الكبار:
1-الصلاة فيه تعدل ألف صلاة: وهذا الحكم من المسلمات عند فقهاء الشيعة، كالإمام الخميني والسيد الخوئيوالسيد السيستاني والسيد الحكيم والسيد الهاشمي الشاهروديوغيرهم كثير، وجاء في توضيح المسائل – باللغة الفارسية – لكل من السادة الامام الخميني والخوئي والگلبيگاني والروحاني والسيستاني والشيخ المنتظري والنوري واللنكراني والصافي وبهجت والخراساني والتبريزي: «أفضل المساجد: المسجد الحرام، ثم مسجد النبي، ثم مسجد الكوفة، ثم مسجد بيت المقدس»، إلا الشيخ بهجت، إذ قال بعد مسجد الكوفة: «يأتي مسجد السهلة والخيف والغدير ثم مسجد بيت المقدس ثم مسجد براثا .. إلخ». وفي كتاب العروة الوثقى للسيد كاظم اليزدي مع تعليقة الإمام الخميني والسيد الخوئي والسيد الگلبيگاني والشيخ الأراكي: «مسألة (4): يستحب الصلاة في المساجد، وأفضلها المسجد الحرام فالصلاة فيه تعدل ألف ألف صلاة، ثم مسجد النبي (ص) والصلاة فيه تعدل عشرة آلاف، ومسجد الكوفة وفيه تعدل ألف صلاة، والمسجد الأقصى وفيه تعدل ألف صلاة أيضًا». وفي زبدة الأحكام للإمام الخميني مع تعليقات الشيخ الأراكي والسيد الخامنئي ،« مسألة (227): تستحب الصلاة في المساجد … وأفضلها المسجد الحرام، ثم مسجد النبي (ص)، ثم مسجد الكوفة والأقصى».
وقد اعتمد الفقهاء في الافتاء بهذه الفتوى، على بعض الروايات التي ذكرناها كرواية الامام علي(ع)، ومن الواضح ان الوارد في نص الفتوة هو (المسجد الأقصى)، بينما الوارد في الرواية أن الصلاة في بيت المقدس بألف صلاة، وهذا يدل على أنهم لا يرون أن المسجد الأقصى في السماء، وأنهم يرون أن بيت المقدس والأقصى مكان واحد، وهو تلك البقعة المحددة المساحة التي عيها قبة الصخرة ومسجد عمر. وعلى هذا فقهاء الإمامية قديمًا وحديثًا، فقد ذكر الشيخ الطوسي في التذكرة وتابعه العلامة في نكت التذكرة في باب فضل المساجد والصلاة فيها هذه الرواية بعينها مستدلين بها على فضل بيت المقدس، بينما يذكرها الفقهاء المعاصرون للاستدلال على فضل المسجد الأقصى. وهذه الرواية مروية بعدة طرق، وموجودة في أكثر من كتاب من كتب الروايات عن أهل البيت (ع). فقد ذكرها الشيخ الطوسي في التهذيب بإسناده عن أحمد بن محمد (بن يحيى) عن محمد بن حسان (الرازي) عن النوفلي عن السكوني. ورواها الصدوق مرسلة، ورواها أيضًا في ثواب الأعمال عن أبيه عن أحمد بن إدريس عن محمد بن أحمد عن محمد بن حسان، ورواها البرقي في المحاسن عن النوفلي عن السكوني عن الصادق (ع).
وأياً كان الرأي الصحيح وبمعزل عن كل التسميات فان الامر المتسالم عليه بين جميع المسلمين ان بيت المقدس اعني تلك البقعة التي فيها محاريب الانبياء في مدينة القدس هي مكان مقدس وهي القبلة الأولى للمسلمين وهي رمز اسلامي كبير لدى جميع المسلمين وهي احد العناوين الرئيسية للصراع الدائر مع الصهاينة في فلسطين اليوم.
القدس هي المحور وهي جوهر الصراع، ولذلك كان اعلان الامام الخميني(قده) الجمعة الاخيرة من شهر رمضان يوما عالميا للقدس.
اليوم تزداد اهمية هذا الاعلان واهمية وعظمة هذه المناسبة انها اصبحت اليوم محورا لفعاليات وتحركات عالمية عابرة للطوائف والمذاهب والمناطق وتتعاظم سنة بعد سنة كلما تعاظمت مقاومة الشعب الفلسطيني الذي يبتكر باستمرار اساليب جديدة في مقاومة الاحتلال وحماية القدس والسعي لتحريرها، وكلما ازداد عدد انصار هذه القضية، فالاستكبار العالمي والحركة الصهيونية ومعهما الأنظمة المطبعة، كان هدفهم ولا يزال طمس هذه القضية وجعلها في مطاوي النسيان وممارسة الضغوط على الشعب الفلسطيني للقبول بالفتات من ارض فلسطين وتقديم التنازلات وفرض الاستسلام عليه، كان هدفهم دائما تيئيس الشعب الفلسطيني والشعوب العربية والاسلامية وإشعارها بالإحباط والاعتقاد بأنه لا يوجد أي أفق لتحرير فلسطين واستعادة القدس، وانه ليس امام الشعب الفلسطيني وشعوب الامة سوى الاستسلام والقبول بالامر الواقع الذي يفرضه الاحتلال .
ما يحصل اليوم هو على العكس من ذلك فببركة إعلان الإمام الخميني (رضوان الله تعالى عليه) عن يوم القدس العالمي ودعوته لشعوب الأمة وللعالم الى إحياء هذه المناسبة، ووببركة الإيمان والوعي والجهاد والتضحيات والحضور القوي للشعب الفلسطيني في ميادين المقاومة والمواجهة، عادت القدس اليوم لتكون هي القضية الأساس وهي المحور، وستبقى كذلك مع كل الاجيال القادمة الى حين طرد الصهاينة وازالة الاحتلال .
ان خروج الشعوب لاحياء هذه المناسبة يبعث برسالة الى العالم بان الشعوب الحرة وخاصة شعوب هذه المنطقة لن تتخلى عن دعمها لفلسطين والقدس ومقاومة الشعب الفلسطيني، وان هذه القضية لن يطالها النسيان بل ستبقى حاضرة في وجدان الامة مهما طال الزمن، وأن الشعب الفلسطيني لن يستسلم وسيبقى يقاوم بكل الوسائل والأساليب حتى لو تنازلت بعض الأنظمة المطبعة عن شرف الانتصار لقضيته من أجل الحفاظ على عروشها وسلطانها، وأن المشهد الحقيقي في المنطقة ليس مشهد التخاذل والاستسلام الذي ترسمه دول التطبيع، وإنما المشهد الفعلي والحقيقي في المنطقة هو المشهد الذي ترسمه الشعوب وشهادة ودماء المجاهدين من أبناء الشعب الفلسطيني ان احياء يوم القدس العالمي هذا العام بهذه القوة يبعث برسالة خاصة ايضا لأنظمة التطبيع والاستسلام في المنطقة، أنكم اذا كنتم تراهنون على اقناع الشعوب بالتطبيع والاذعان للارادة الامريكية والاسرائيلية والتسليم بالاحتلال كامر واقع، فإنكم إنما تراهنون على سراب وخيال واوهام، لان الشعوب الحية والاجيال لن تقبل بمسار التطبيع ولا بمنطق التخاذل والاستسلام وستبقى قضية القدس في اعلى سلم اولوياتها.
اليوم حزب الله يعتبر نفسه جزءا من معركة القدس وهو في الخط الامامي في هذه المعركة الى جانب الفصائل الفلسطينية وهو يدفع ثمن هذا الموقف الذي يتبنى خيارالمقاومة ومنطق المقاومة وثقافة المقاومة كخيار وحيد لتحرير القدس وفلسطين واعادتها الى اهلها والى الامة
اليوم كل ما يتعرض له حزب الله في الداخل والخارج من حصار وعقوبات وتحريض وتشويه وتهديد وتضييق هدفه الاساسي هو التخلي عن المقاومة وعن القدس وفلسطين والذهاب نحو التطبيع مع الكيان الصهيوني لثبيت وجود هذا الكيان على ارض فلسطين.
الثبات والصمود والصبر في مواجهة الحصار والضغوط والحملات السياسية والاعلامية ضد المقاومة ، هو جزء أساسي من معركة المقاومة وهذه الضغوط ستزداد كلما اقتربنا من يوم الانتخابات من اجل التأثير في مزاج الرأي العام ولكن كما لم نتأثر بكل الضغوط والحملات التي جرت في المراحل السابقة ولم تسقطنا الحروب العسكرية والامنية والفتن الداخلية لن نتأثر بالحملات الجديدة ولن يسقطنا الحصار والضغوط ووالتهديد والتشويه.
المصدر: موقع المنار