تناولت الصحف اللبنانية الصادرة صباح اليوم الأربعاء 02-11-2016 في بيروت مواضيع عدة كان أبرزها اليوم الأول لرئيس الجمهورية ميشال عون في قصر بعبدا، والاستشارات النيابية الملزمة التي تنطلق اليوم وتستكمل غداً لتسمية رئيس الوزراء المكلف..
السفير
سلمان وكيري يهنئان عون.. وبري: حماه الله ممن حوله!
أي «حريري» يعود إلى السرايا؟
وتحت هذا العنوان كتبت السفير تقول “.. أما وإن العماد ميشال عون استقر في قصر بعبدا، فقد أتى دوره للإيفاء بـ «السند السياسي» الذي يتوجب عليه لـ «نصفه الآخر» الرئيس سعد الحريري. لا مكان للمفاجآت او الصدمات هنا أيضا.
وكما أن عون فاز برئاسة الجمهورية قبل الانتخاب نتيجة «الترتيبات المسبقة»، برغم محاولات التشويش والتشويه، فإن الحريري سُمي لرئاسة الحكومة قبل التكليف رسميا، ولعله باشر في وضع مسودات الحكومة الجديدة.
هي تسوية «الاقتراض المتبادل» على قاعدة «خذ وهات»، والمهم الا يفوق الدين السياسي العام، المترتب على «القروض الرئاسية»، قدرات الاطراف الداخلية على التسديد. أما الاطراف الخارجية فان ما خفي من أدوارها وحساباتها بدأ يتكشف تباعا.
وغداة التهنئة ـ الغنية بالدلالات ـ التي تلقاها الجنرال من الرئيسين الايراني والسوري، هنّأ الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز ووزير الخارجية الاميركي جون كيري أمس عون بانتخابه رئيسا للجمهورية، ما يؤشر الى وجود تغطية اقليمية ـ دولية لهذا الانتخاب، سابقة او لاحقة، معطوفة على رغبة بعض القوى الخارجية، لاسيما الرياض، في ان تحقق نوعا من «التوازن الوقائي» مع المحور المضاد الذي بدا وكأنه حقق انتصارا سياسيا مع وصول الجنرال الى قصر بعبدا.
فقد اتصل الملك سلمان بالرئيس عون، مهنئا بانتخابه، ومتمنيا له التوفيق والنجاح في مسؤولياته الوطنية الجديدة.
وأكد سلمان حرص السعودية على الوحدة الوطنية بين اللبنانيين وعلى العلاقات الاخوية التي تجمع بين البلدين الشقيقين، مؤكدا اهتمام السعودية بلبنان واللبنانيين.
وشكر عون الملك السعودي على تهنئته، مقدراً للسعودية حرصها على تشجيع اللبنانيين على التلاقي والوحدة، ومتمنيا ان تستمر بدعم لبنان في المجالات كافة.
في ظل هذا المناخ، فان الاستشارات النيابية الملزمة الاربعاء والخميس باتت شكلية، ومن باب تأكيد المؤكد، لاسيما ان أحدا لا ينافس رئيس «تيار المستقبل» على كرسي السرايا، تسليما بمفاعيل «الخلطة السحرية» التي افضت الى تبادل الدعم بين الحريري وعون، وعدم ممانعة «حزب الله» في عودة الحريري الى رئاسة الحكومة.
ويمكن القول إن التحدي الحقيقي والاصعب إنما يبدأ مع مباشرة الرئيس المكلف في تأليف حكومة «التوازنات الصعبة»، حيث سيكتشف الحريري سريعا، على سبيل المثال لا الحصر، ان الرئيس نبيه بري استبدل «الارانب» بـ «الثعالب»، ما يستوجب من رئيس «المستقبل» ان يكون مستعدا لملاقاة «الوجه الآخر» لبري، خصوصا ان استراتيجيته التفاوضية ستحظى بدعم تام، يصل الى حد التفويض، من «حزب الله».
الحريري.. والتحديات
ولعل من بين الاسئلة المتداولة، عشية التكليف المتوقع:
ـ هل سيطل الحريري من نوافذ السرايا بطبعة او ربما بطبيعة جديدة، ام انه سيكون امتدادا لتجربته السابقة؟
ـ هل المراحل التي مرّ فيها منذ خروجه من السلطة دفعته الى اجراء مراجعة نقدية لكل ما مضى، وبالتالي الى أي حد استفاد من دروس الماضي واستخلص العبر اللازمة؟
ـ أين سيكون موقعه من الرئيس عون عندما يبدأ الاحتكاك بالقضايا الحساسة، والى أي مدى سيستطيع تجنب تكرار ثنائية أميل لحود ـ رفيق الحريري؟
ـ ما مدى قدرته على الفصل بين عواطفه وخياراته السياسية من جهة ومسؤولياته وواجباته كرئيس للحكومة من جهة أخرى؟
المقرّبون من الحريري يرجحون ان يعتمد الرجل خيار «الواقعية السياسية» في مقاربة مرحلة ما بعد التكليف، سواء على مستوى التأليف او على مستوى التعامل مع الملفات السياسية المعقدة.
وفق هؤلاء، ليست لدى الحريري العائد الى السلطة بعد هجرة قسرية نيّة في المجابهة والتصعيد، بمعزل عن بعض المواقف العلنية، والأرجح ان علاقته بـ «حزب الله» سترتكز على معادلة «ربط النزاع» التي اعتمدها مع الحزب على طاولة الحوار الحزبي وفي هيئة الحوار الوطني وحكومة تمام سلام.
ثم ان وجود عون في رئاسة الجمهورية سيشكل عنصرا محوريا في توازنات المشهد السياسي الذي يعاد تركيبه، وأغلب الظن ان الجنرال المتفاهم مع «الحزب» و «المستقبل» سيكون بمثابة ضابط إيقاع لاحتمالات صعود وهبوط «الضغط» في جسم العلاقة المريضة بين حارة حريك وبيت الوسط.
كما ان الحزب والحريري سيكونان معنيين، كلٌ انطلاقا من حساباته، بتسهيل مهمة الجنرال وعدم احراجه او استنزافه باكرا.
في كل الاحوال، لا ينتظر الحريري من «حزب الله» ان يسميه لرئاسة الحكومة، لكن موقف بري يهمه، وهو يأمل في ان يحصل على أصوات كتلة التنمية والتحرير حتى لا يكون تكليفه مشوبا بعيب «النقص الميثاقي».
ثم انه لن يكون سهلا على الحريري، كما على عون، ان تفتقر شرايين حكومة العهد الاولى الى «كريات الدم» الشيعية. وعليه، لا مفر امام الحريري من «إرضاء» بري مهما غلا الثمن، إذا أراد لحكومته ان تنطلق من دون أي «تشوّه خلقي»، وإلا فانها ستكون «كيس الملاكمة» الذي سيستخدمه رئيس المجلس في ممارسة «رياضة المعارضة».
وخلال اجتماع كتلة المستقبل النيابية أمس لوحظ ان الحريري اعتمد لغة لطيفة واستيعابية حيال بري، مشددا على الدور المهم لرئيس المجلس، ومشيرا الى ان أجواء عين التينة آخذة في التحسن. ودعا أعضاء الكتلة الى مقاربة الموقف من رئيس المجلس بإيجابية، مشيرا الى انه يبذل جهده لإصلاح ما أفسده الاستحقاق الرئاسي في العلاقة مع بري.
كما شدد الحريري على ان صفحة جديدة فُتحت مع «التيار الوطني الحر»، لافتا الانتباه الى ضرورة تفعيل التواصل مع نواب تكتل «الاصلاح والتغيير».
ولعل من أولى مفاعيل انتخاب عون وانطلاقة العهد الجديد خلو بيان كتلة «المستقبل» أمس، خلافا للعادة، من الهجوم المباشر على «حزب الله»، بل ان اسم الحزب لم يرد كليا في البيان الذي خُصص الجزء الاساسي منه للإشادة بخطاب الرئيس المنتخب، حتى يكاد يخال للمستمع ان الكتلة اجتمعت في الرابية وليس في بيت الوسط، وان من ترأسها باسيل لا الحريري.
ومن العلامات الفارقة في اجتماع كتلة «المستقبل» جلوس النائب «العائد» عقاب صقر في مقعد النائب «النازح» أحمد فتفت الذي يبدو انه خرج ولم يعد، بعد ذهابه بعيدا في معارضة خيار الحريري بدعم ترشيح عون.
وأعلنت الكتلة عن ترشيحها الحريري لتولي رئاسة الحكومة الاولى للعهد، مشيرة الى انها تتطلع الى نتائج ايجابية للتعاون بين عون والحريري انسجاماً مع أحكام الدستور واتفاق الطائف.
نصيحة بري
وأوضح بري امام زواره امس انه طلب ان يكون موعده مدرجا في آخر لائحة الاستشارات النيابية الملزمة، حتى يختصر ما هو مطلوب منه في زيارة واحدة، بدل ان يصعد الى القصر الجمهوري ثلاث مرات خلال يومين، مرة بصفته رئيسا للمجلس ومرة كرئيس لكتلة نيابية ومرة أخرى للاطلاع على حصيلة الاستشارات.
وأشار الى انه سيترأس اليوم اجتماعا لكتلة «التنمية والتحرير»، لافتا الانتباه الى انه ليس هناك من قرار نهائي بعد لدى الكتلة او «حزب الله» في شأن تسمية رئيس الحكومة المكلّف.
وأوضح انه تلقى مساء البارحة اتصالا هاتفيا من الرئيس فؤاد السنيورة أبلغه خلاله ان كتلة «المستقبل» رشحت الحريري الى رئاسة الحكومة.
واعتبر بري ان تسمية الرئيس المكلف شيء سواء كنا مع او ضد تكليف الحريري، وعملية تأليف الحكومة شيء آخر، وبالتالي فان موقفي من المشاركة او عدمها يتوقف على طبيعة الطرح الذي سيقدم إليّ.
واعتبر بري ان خطاب القسم جيد، مشيرا الى ان الجنرال كان هادئا خلال الجلسة الانتخابية، وهو ظهر انه لكل اللبنانيين، وتابع: الله يحميه ممن حوله.. وعلى حد علمي، المجلس النيابي انتخب شخصا واحدا هو عون.
وأكد بري ان حرصه على المشاركة في جلسة الانتخاب وعدم تعطيل نصابها لا يقل أهمية عن انتخاب الحريري لعون، مشددا على انه لولا موقفه ما كانت الجلسة لتلتئم وبالتالي ما كان الجنرال ليُنتخب.
خيار جنبلاط
الى ذلك، قال النائب وليد جنبلاط لـ «السفير» إن اللقاء الديموقراطي سيسمي الحريري، داعيا الى تشكيل حكومة وحدة وطنية تتسع للجميع، حتى تكون قادرة على التصدي للتحديات التي تواجه لبنان.
النهار
دعم دولي لعون وبرّي “يصوّب” على باسيل
وتناولت النهار الشأن الداخلي وكتبت تقول “حظي رئيس الجمهورية ميشال عون في يومه الرئاسي الاول بمزيد من الاهتمام الدولي، واسترعى الانتباه الاتصال المسائي الذي تلقاه من العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود مهنئاً إياه بانتخابه، مؤكداً وقوف المملكة العربية السعودية مع لبنان ووحدته، “متمنياً لفخامته التوفيق وللجمهورية اللبنانية وشعب لبنان الشقيق الرخاء والاستقرار”.
كما حظي بلفتتين دوليتين أولها من مجلس الامن الذي دعا الى الاسراع في تأليف حكومة وحدة وطنية، والثانية من وزير الخارجية الاميركية جون كيري الذي هنأه في اتصال بانتخابه وأعرب له عن “وقوف الولايات المتحدة الاميركية الى جانب لبنان والتزامها دعم الجيش اللبناني في مواجهته للارهاب وسعيه لتعزيز الاستقرار”. وأشار كيري الى ان بلاده “كما المجتمع الدولي، يتطلعان الى تشكيل حكومة جديدة في اقرب وقت ممكن”.
أما مجلس الأمن، فقد حضّ الزعماء اللبنانيين على البناء على انتخاب ميشال عون رئيساً للجمهورية للإسراع في تأليف حكومة وحدة وطنية والإستعداد لإجراء الإنتخابات النيابية بحلول أيار المقبل. بيد أن رسالته الأهم تمثلت في مطالبته كل الأطراف بـ”إعادة التزام سياسة النأي بالنفس” عن الأزمة السورية، بما يتفق و”بيان بعبدا”.
وذكر البيان الذي أعدت مشروعه فرنسا وأجمع عليه سائر الأعضاء، بكل القرارات والبيانات الرئاسية لمجلس الأمن حول الوضع في لبنان، بما فيها بيان 22 تموز 2016، مشدداً على “دعمه القوي لسلامة أراضي لبنان وسيادته واستقلاله السياسي، بالتطابق مع القرارات 1701 و1680 و1559.
ورأى المجلس أن “صون استقرار لبنان مهم للأمن والإستقرار الإقليميين”، مستعيداً “مطالباته السابقة لكل الأطراف اللبنانيين بإعادة التزام لبنان سياسة النأي بالنفس والإمتناع عن أي تورط في الأزمة السورية، بما يتفق والتزامهم بيان بعبدا”.
وعبر عن تقديره لمجموعة الدعم الدولية للبنان، ودعا المجتمع الدولي، بما في ذلك المنظمات الدولية، الى ضمان استمرار الدعم للبنان في معالجة التحديات الاقتصادية والأمنية والإنسانية التي تواجه البلاد. كما جدد دعمه للمنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان سيغريد كاغ، وشجعها على “مواصلة مساعيها الحميدة في هذه الفترة الحرجة بالنسبة الى لبنان، بالتنسيق الوثيق مع مجموعة الدعم الدولية”.
الاستشارات
واليوم يبدأ رئيس الجمهورية الاستشارات النيابية الملزمة ويستكملها غداً لتسمية رئيس الوزراء المكلف. وقد حدّد آخر موعد في الاستشارات للرئيس نبيه بري، وتم هذا الامر بالتنسيق بين بروتوكول مجلس النواب والدوائر المعنية في القصر الجمهوري.
وأفادت مصادر رئيس المجلس أن بري طلب ان يكون في آخر المواعيد، لئلا يضطر الى زيارة القصر الجمهوري ثلاث مرات، بحكم موقعه رئيسا للمجلس، ثم رئيساً لكتلة “التنمية والتحرير”، وأخيراً ليطلعه الرئيس ميشال عون على حصيلة الاستشارات.
وسيعقد بري اجتماعاً لكتلته اليوم لاتخاذ القرار المناسب. وكان الرئيس فؤاد السنيورة أبلغه في اتصال أمس اعلان كتلة “المستقبل” تسميتها الرئيس سعد الحريري لرئاسة الوزراء. ونقل زوار بري عنه ان لا قرار لديه و”حزب الله” حتى الآن بتسمية الذي سيختارانه لرئاسة الحكومة. وعزا كل ما يتردد عن توحيد موقفه والحزب في هذه النقطة الى انه “في كل الاستحقاقات لتأليف الحكومة كان موقفنا واحداً”. وسئل عن امكان اقدام كتلته على تسمية الحريري، فأجاب بسؤال: “هل هناك مرشح آخر؟ من هو؟”
وفي آخر المعطيات المجمعة والتي توافرت لـ”النهار” عن الاستشارات الآتي:
أعلن “تكتل التغيير والاصلاح” (20 صوتاً) أمس دعمه ترشيح الرئيس سعد الحريري لرئاسة الحكومة، كذلك فعلت “كتلة المستقبل” النيابية (33 صوتاً). ومن المتوقع ان ييحصل أيضاً على تأييد كل من “كتلة القوات اللبنانية” (8 نواب) وكتلة الكتائب” (5). ورجحت المصادر المتابعة لـ “النهار” ان تحذو كتلة “لبنان الحر الموحد” (4) برئاسة النائب سليمان فرنجية حذوها، اضافة الى “اللقاء الديموقراطي” (11)، وقال النائب عاصم قانصوه إنه “قد تكون للضرورة أحكام”.
أما بالنسبة الى الثنائية الشيعية، فلا تتوقع المصادر أصلاً ان يتجه “حزب الله” الى تسمية الرئيس الحريري لرئاسة الحكومة وهو لم يفعل ذلك سابقاً سواء مع الحريري الاب أو الابن منذ العام 1992، الا انها ترجح ان يمضي الرئيس بري، على رغم التباعد الحاصل، بتسمية الحريري لعدم تعميق الشرخ الحاصل معه واظهار موقف الثنائية الشيعية كأنه موجه ضد الطائفة السنية وخصوصاً بعد الكلام السابق عن “العودة الى ميثاق العام 1943 والثنائية” المارونية السنية. وأكدت المصادر ان بري سيحصل على حصة وازنة في الحكومة المقبلة، وينوي “حزب الله” كما دوماً التنازل من حصته لارضاء بري والمحافظة على التضامن الشيعي.
وأكدت المصادر المتابعة ان طلب بري عدم حضوره أول الاستشارات ثم حضوره مع كتلته في اليوم الاول، لا يعود الى مواعيد سابقة أو أسباب أمنية كما قالت مصادره، بل يدخل في سياق الموقف المعترض، ولعدم اعلان موقفه في الترشيحات باكراً، افساحاً في المجال لمزيد من الاتصالات. وعلمت “النهار” ان نواب “كتلة الوفاء للمقاومة” لم يتبلغوا حتى مساء أمس قرار الحزب، لكنهم على الارجح لن يعلنوا أمام الاعلام قرارهم، بل سيتركونه في عهدة الرئيس عون حتى مساء الخميس في انتظار بلورة موقف بري.
ومع ذلك، رجحت المصادر ان تنسحب “المرونة” في الانتخاب على التكليف أولاً، وعلى التأليف تالياً في ظل رغبة لدى كل الاطراف في عدم التحول حجر عثرة أمام العهد الجديد في انطلاقته.
لكن الرئيس برّي ظل على تحفظه، ونقل زواره أمس انه تتناهى اليه بعض المواقف المحيطة بعون والتي لا تساعد رئيس الجمهورية في رأيه. ولذا بعث برسالة عاجلة الى القصر الجمهوري: “الله يحمي الرئيس ممن حوله”. واتبعها بأخرى: “نحن انتخبنا شخصاً واحداً لرئاسة الجمهورية هو العماد عون” في اشارة الى الوزير جبران باسيل الذي حضر مع الرئيس أمس بعضاً من لقاءاته.
الأخبار
عن «هَبَل» 14 آذار
كما تناولت الأخبار الشأن المحلي وكتبت تقول “من غير المتوقع أن تقرّ قوى 14 آذار بالهزيمة التي لحقت بها بانتخاب الجنرال ميشال عون رئيساً للجمهورية. يساعدها على ذلك أن الرئيس نفسه، وتياره السياسي، لم يقدّما انتصارهما كجزء من مشروع غلبة.
لكن فريق 14 آذار يُدرك حجم الهزيمة التي لحقت به. ورفضه الاعتراف بحجم ما جرى ليس من باب محاولة تحويل التهديد (الموجّه ضده) إلى فرصة (في وجه خصومه). فهذا الائتلاف (السابق) بات عاجزاً عن المبادرة، وهمّ كل واحد من مكوّناته التخفيف من الأضرار التي لحقت به في السنوات الماضية. منذ عام 2005، ظنّت قوى 14 آذار أن السياسة تُدار بالإعلام. بدا هذا الفريق أشبه بماكينة إعلامية كبرى، لا كتيار شعبي وسياسي ينفّذ مخططات يضعها بنفسه. كان دوماً في حالة انتظار ما يقرّره له الخارج، ومراهناً على أن يأتي رعاته ليخلّصوه من «عدوّه» الداخلي.
ظلّ هذا الفريق يراهن طوال 11 عاماً على أن حزب الله لا يجيد سوى العمل العسكري، وأن السياسة اللبنانية ستغرقه، كونه لم يمر في «مدرسة الحكم» زمنَ الوجود السوري. غاب عن بال هؤلاء أن السياسة، بالمعنى الحقيقي للكلمة، لا تُخاض على المنابر، ولا في مؤتمرات الفنادق، ولا في تظاهرات تبهت عاماً بعد آخر، وحسب. مشكلة قوى 14 آذار أنها تعاملت مع حزب الله باستخدام «برامج تحليل» تصلح مع القوى الأخرى. صحيح أن قوة الحزب لا تُصرف ــ كلها ــ في الداخل اللبناني. وصحيح أيضاً أن نتائج المعارك التي خاضها ضد العدو، ودوره في فلسطين ومقاومة الاحتلال الأميركي في العراق، ثم في مواجهة الإرهاب في الإقليم، لا «تُسيّل» في السياسة الداخلية. إلا أن هذا الواقع لا يبرّر لـ14 آذار أن تتصرّف دوماً كما لو أن خصمها الاول لا يجيد العمل السياسي.
وفقاً لهذه الرؤية «الطفولية» إلى حدّ بعيد، والانتهازية للغاية، والمستندة بشكل مطلق إلى مشروع خارجي يتراجع في الإقليم، تعاملوا مع المعركة الرئاسية، فانتهى بهم المطاف، جميعاً، إلى النتيجة التي تلقّوها. سمير جعجع، نفسه، الذي نفّذ النقلة الأبرز فوق رقعة الشطرنج يوم مدّ يده إلى الجنرال ميشال عون، لا يخرج عن قاعدة فريقه الأكبر. ظنّ أن بمقدوره سلب حزب الله واحداً من أركان عمله السياسي بعد انسحاب الجيش السوري من لبنان، أي تحالفه مع التيار الوطني الحر. راهن رئيس حزب القوات على صمت التيار الوطني الحر في خضم معركة الرئاسة، فسعى إلى إظهار نفسه كصاحب الفضل الأوحد في وصول عون إلى قصر بعبدا. اعتقد جعجع، ومعه الرئيس سعد الحريري، أن مجموعة مقابلات إعلامية وخطابات و»تمريقات» على موقع إلكتروني هنا ومقال هناك، كفيلة بإحداث تغيير جوهري في رأي أنصار عون. وبقي هذا الرهان قائماً، إلى أن أتى خطاب القسم، وفيه أعاد رئيس الجمهورية تأكيد الثوابت، وأبرزها: مقاومة العدو الإسرائيلي، لا لتحرير الأرض وحسب، بل لحماية لبنان أيضاً، مع ما يعنيه ذلك من تأمين قوة ردع للعدو؛ مقاومة الإرهاب، استباقياً، مع ما يعنيه ذلك من مقاتلة لهذا العدو حيث هو، وقبل أن يصل إلى حدودنا!
وبعد خطاب القسم، خرج الوزير جبران باسيل ليحدد «أسس» الانتصار الرئاسي. قالها بالفم الملآن: صمود عون، وموقف السيد حسن نصرالله. أضاف الكثير، لكنه حدّد الأساسَين اللذين بُني الإنجاز عليهما. وهو في كلامه جعل موقف السيد صنواً لصمود الجنرال. صَمَت فريق 14 آذار. فما راكمه طوال أشهر هُدِم بخطاب وكلمة. ليس التيار الوطني الحر من سيقابل الصدق والوفاء بغير مثلهما. وليس ميشال عون من يتراجع عن الثوابت لقاء كرسي، مهما عزّ وغلا. وليس بالعمل الدعائي ــ الإعلامي وحده (على أهميته) تُهزم «قوة إقليمية عظمى» لها دور في لبنان، ولا «قوة محلية عظمى» لها دورها في الإقليم.
اللواء
الحريري مرشـحاً لرئاسة الحكومة.. وشروط حزبية في الواجهة
الملك سلمان يتصل بعون مؤكداً الوقوف مع وحدة لبنان.. ومجلس الأمن: الإستقرار بتسريع التأليف والإنتخابات
بدورها تناولت اللواء الشأن الداخلي وكتبت تقول “تنطلق الاستشارات النيابية الملزمة لتسمية الرئيس المكلف تشكيل الحكومة الجديدة، استناداً إلى الفقرة 2 من المادة 53/د، اليوم، وهو اليوم الثاني من النشاط الرسمي للرئيس المنتخب ميشال عون الذي توالت الاتصالات الداعمة لانتخابه والمهنئة له.
وعبر مجلس الأمن الدولي عن ترحيبه بانتخاب عون ببيان صدر بإجماع أعضائه الـ15 الدائمين والمنتدبين، فيما كان وزير الخارجية الأميركية جون كيري يجري اتصالين هاتفيين برئيس الجمهورية وآخر بالرئيس سعد الحريري مهنئاً ومجدداً دعم بلاده للاستقرار وللجيش اللبناني.
وشكل اتصال خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز الهاتفي بالرئيس عون حدثاً بالغ الدلالة لجهة موقف المملكة العربية السعودية الذي «لا لبس فيه من الوقوف إلى جانب لبنان وشعبه واستقراره».
وذكرت وكالة الأنباء السعودية (واس) ان الملك سلمان عبر في الاتصال مع عون عن تهنئته بانتخابه رئيسًا للجمهورية اللبنانية، مؤكداً وقوف المملكة العربية السعودية مع لبنان ووحدته، متمنياً له التوفيق وللجمهورية اللبنانية وشعب لبنان الشقيق الرخاء والاستقرار.
وقد عبر الرئيس عون عن شكره لخادم الحرمين الشريفين على التهنئة وعلى مشاعره تجاه لبنان وشعبه. وأشار بيان صدر عن المكتب الإعلامي في رئاسة الجمهورية إلى ان الرئيس عون «قدر للمملكة حرصها على تشجيع اللبنانيين على التلاقي والوحدة، متميناً ان تستمر المملكة في دعم لبنان في المجالات كافة»، مشيراً إلى ان العاهل السعودي جدد التأكيد على «اهتمام المملكة بلبنان واللبنانيين».
وأكد العاهل السعودي، بحسب البيان، للرئيس عون «حرص المملكة على الوحدة الوطنية بين اللبنانيين وعلى العلاقات الأخوية التي تجمع بين البلدين الشقيقين».
اما مجلس الأمن فجاء في بيانه أن «تشكيل حكومة وحدة وطنية وانتخاب برلمان جديد بحلول ايار 2017 ، يشكلان امرين اساسيين لاستقرار لبنان وقدرته على مواجهة التحديات الاقليمية».
واضاف البيان ان مجلس الامن يدعو مرة جديدة اللبنانيين الى «النأي بالنفس» عن النزاع في سوريا والى «وقف كل تورط في الازمة السورية». وجاء ايضا في البيان ان «الحفاظ على الاستقرار في لبنان امر حاسم للحفاظ على الاستقرار والامن الاقليميين».
وتابع ان انتخاب ميشال عون «يشكل مرحلة كانت مطلوبة منذ زمن طويل، وحاسمة لتجاوز الازمة السياسية والدستورية في لبنان» داعيا الرئيس الجديد والقادة السياسيين اللبنانيين الى «المضي في العمل بشكل بناء».
ومن أبرز اتصالات التهنئة التي تلقاها الرئيس عون، اتصال من العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني وآخر من سلطان عُمان قابوس بن سعيد، ومن الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون والرئيس الفلسطيني محمود عباس والرئيس البرازيلي ميشال تامر الذي دعاه لزيارة البرازيل.
ويأتي هذا الاحتضان العربي والدولي ليعزز مسار العمل لتعزيز الاستقرار الوطني ضمن خطوات واضحة ومرسومة، تبدأ بتكليف رئيس الحكومة وتأليف الحكومة، وتتركز على إعادة الحياة للدولة ومؤسساتها وتنشيط العمل البرلماني ان لجهة الموازنة ووضع قانون جديد للانتخابات النيابية.
وإذا كانت الاستشارات الملزمة التي تبدأ طوال اليوم تنتهي غداً بلقاء مع كتلة «التنمية والتحرير» ورئيسها الرئيس نبيه برّي والتي اثار تأخير موعدها لغطاً في الأوساط النيابية، قبل ان توضح أوساط عين التينة، واكدته بعبدا، ان التأخير جاء بطلب من الرئيس برّي لاعتبارات أمنية تتعلق بعدم سهولة الانتقال بين عين التينة وبعبدا مرتين في يوم واحد والأسباب معروفة، فإن قاعدة تكليف الرئيس الحريري الذي رشحته كتلة «المستقبل» أمس، وأيدته كتلة «التيار الوطني الحر» للتو، تنطلق من 52 نائباً، على ان تتجاوز المائة، وربما رقماً قياسياً، أي المجلس كلّه باستثناء كتلة «الوفاء للمقاومة» التي قد تمتنع فقط عن التسمية.
إستياء برّي
وهذه التقديرات تأتي على خلفية أن كتلة «التنمية والتحرير» التي ستتخذ قرارها اليوم ستصوّت لمصلحة ترشيح الحريري لاعتبارات سياسية وميثاقية، وفي ظل هذا الاهتمام الدولي والعربي والإقليمي لتوفير انطلاقة جيدة لعهد الرئيس عون.
واعتبرت مصادر مطلعة على أجواء الاتصالات الجارية أنه لا يمكن للرئيس برّي وكتلته إلا أن يكونا جزءاً من الانطلاقة الجارية، على الرغم مما سجلته أوساط عين التينة من استياء من الموقف الذي صدر عن رئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل بعد اجتماع تكتل «الاصلاح والتغيير» وتجاهل فيه تماماً دور رئيس المجلس في إدارة جلسة الانتخاب إلى النتيجة التي تحققت بالاقتراع لصالح الرئيس عون بـ83 نائباً.
وغمز باسيل من قناة الرئيس برّي عندما قال «كنا نتمنى ألا يصيب العملية الانتخابية الخلل المسرحي الذي بدا كإهانة لكل الشعب اللبناني، في محاولة لإعطاء شيء من اللاجدية لصناعة وطنية لرئاسة الجمهورية»، ملمحاً أنه «عندما يعترف بنا أحد بموقفنا وتمثيلنا سنعترف به بشكل طبيعي، ومن يقبلنا نقبل به تلقائياً».
شروط «حزب الله»
وتتجه الأنظار اليوم إلى ما سيصدر عن اجتماع كتلة «التنمية والتحرير» لجهة تسمية الرئيس الملكّف وما يتعيّن أن يتبع هذا التكليف من لقاءات، لا سيما بين الرئيس برّي والرئيس الحريري، فإن الأوساط القريبة من «حزب الله» وضعت جملة من الشروط لتسهيل تأليف الحكومة وعدم تأخير انطلاقتها، وفي مقدمة هذه الشروط:
1-تفاهم الرئيس المكلّف مع الرئيس برّي، وإنهاء الجفاء بين الرجلين وإقناعه بالمشاركة في الحكومة التي سيرأسها.
2- أبلغ «حزب الله» «التيار الوطني الحر» أنه ليس في وارد المشاركة في أية حكومة لا يُشارك فيها الرئيس برّي، وبالتالي فإن حلحلة التمثيل الشيعي يكون مدخله رئيس المجلس.
3- تمثيل حلفاء «حزب الله» في 8 آذار من المسيحيين والسنّة والدروز في الحكومة العتيدة، وعدم حصر التمثيل المسيحي «بالتيار الوطني» و«القوات اللبنانية» الزمر الذي يعني تمثيل تيّار «المردة» والحزب السوري القومي الاجتماعي والأمير طلال أرسلان وشخصيات سنّية سبق للحزب أن تحالف معها إذا رغبت في دخول حكومة الرئيس الحريري، ولا سيما الشخصيات السنّية المشاركة في «اللقاء الوطني».
4- رفض الانصياع لأية ضغوطات أو «فيتوات» أميركية أو غربية على بعض الأسماء المرشحة لقيادة الجيش أو حاكمية مصرف لبنان، بما في ذلك رفض تدخل السفيرة الأميركية في بيروت إليزابيت ريتشارد.
5- انتزاع تعهد من الرئيس الحريري بأن تسعى حكومته لإجراء الانتخابات النيابية وفق قانون انتخاب جديد يراعي مرتكزات النسبية، والقبول بتمديد تقني للمجلس، إذا ما اقتضت قضية إنجاز قانون الانتخاب لجهة النسبية ذلك.
وحذرت أوساط «حزب الله» من أن عدم الأخذ بهذه الشروط سيؤخّر إقلاع التشكيلة الحكومية وإصدار مراسيمها مما ينعكس سلباً على سمعة العهد، وجهود التوافق الوطني لنقل البلد من حالة إلى حالة.
وكان نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم الذي استبق إطلالة للأمين العام السيّد حسن نصر الله الجمعة، قد نوّه بخطاب القَسَم للرئيس عون، باعتباره «خطاباً وطنياً واستقلالياً بامتياز» ويصلح لخطط سياسية وأمنية واجتماعية، واشترط تشكيل حكومة وحدة وطنية تجمع جميع الأطياف السياسية بما يحقق المشاركة الحقيقية، ووضع قانون انتخابي يحقق التمثيل الصحيح.
كتلة المستقبل
كذلك نوّهت كتلة «المستقبل» النيابية التي اجتمعت أمس برئاسة الرئيس الحريري بالمضمون الإيجابي لخطاب القَسَم، وعلى وجه التحديد ما جرى تأكيده لجهة احترام الدستور والقوانين والتمسك بتنفيذ وثيقة الوفاق الوطني من دون انتقائية، وتغليب الخطاب الوطني الجامع، والالتزام بتحييد لبنان عن صراعات المنطقة، والتأكيد على دور الجيش اللبناني في الدفاع عن لبنان، وكذلك احترام المواثيق والقرارات الدولية وميثاق جامعة الدول العربية.
وأعلنت الكتلة ترشيحها للرئيس الحريري لتولي رئاسة الحكومة الأولى للعهد، مؤكدة الوقوف إلى جانبه في مهمته العتيدة، وهي تتطلع إلى نتائج إيجابية للتعاون بين الرئيسين عون والحريري انسجاماً مع احكام الدستور واتفاق الطائف».
اليوم الأوّل
تجدر الإشارة، إلى ان النشاط الرسمي الأوّل للرئيس عون أمس، في قصر بعبدا، قد خصص لتلقي التهاني، فيما كان لافتاً ان لقاء العمل الأوّل عقده مع قائد الجيش العماد جان قهوجي، الذي جاء من حيث الشكل بعد علاقة اعتورتها تجاذبات على خلفية التمديد له وقطيعة استمرت نحو سنتين، لكنه من حيث المضمون اتصل الاجتماع بتعيين العميد سليم فغالي قائداً للحرس الجمهوري بدلاً من العميد وديع الغفري على ان يتسلم فغالي الذي كان مسؤولاً عن أمن العماد عون الشخصي في السابع من تشرين الثاني بحسب المذكرة التي وقعها العماد قهوجي لاحقاً.
وإلى جانب قهوجي، جاء إلى قصر بعبدا نائب رئيس الحكومة السابق عصام فارس خصيصاً من الخارج لتهنئة عون، ثم غادر عائداً إلى مقر عمله، كما حضر وفد من المطارنة الموارنة ممهداً لزيارة تهنئة سيقوم بها البطريرك الماروني بشارة الراعي في وقت لاحق.
وعلم ان استعدادات تجري لأن تكون محطة السادس من تشرين الثاني وطنية بامتياز، حيث سيطل فيها عون شخصياً على الحشود الشعبية التي ستؤم قصر بعبدا للتهنئة، ويخطب فيهم، على غرار ما كان يفعله يوم كان رئيساً للحكومة العسكرية في العام 1989.
المصدر: صحف