يواصل الجيش الروسي ضرب المواقع والتجمعات العسكرية الأوكرانية لليوم الـ40، وسط استمرار تبادل الاتهامات بين طرفي النزاع وادانات غربية لما سُمي بـ “مجزرة بوتشا”، التي وصفها السفير الروسي لدى الولايات المتحدة أناتولي أنتونوف بأنها “قمة في الكذب والسخرية”، مضيفاً أن “واشنطن نصبت نفسها كمدع عام وبدأت في تحديد الجناة”.
وفي السياق، أعلنت وزارة الدفاع الروسية رصدها عمليات تصوير جديدة في “موشون” شمالي غرب كييف لنشرها في وسائل الإعلام الغربية، وإلصاق التهمة بالقوات الروسية. وذكر البيان الرسمي لوزارة الدفاع الروسية الثلاثاء أن “القوات المسلحة الروسية دمرت 4 منشآت لتخزين الوقود لإمداد القوات الأوكرانية في مناطق قرى “كريمينيتس” و”تشيركاسكي” و”زابوروجيه” و”نوفوموسكوفسك””.
ونجحت الأسلحة طويلة المدى عالية الدقة من البحر، بحسب الدفاع الروسية، في “تدمير مركز لتدريب قوات العمليات الخاصة الأوكرانية كان يستخدم لإيواء المرتزقة الأجانب في “أوتشاكوف”، وكذلك قصف الطيران العملياتي والتكتيكي للقوات الجوية الروسية، خلال الليلة الماضية، 134 منشأة عسكرية أوكرانية، من بينها 8 مراكز قيادة ومراكز اتصالات، ورادار للإضاءة والتوجيه لمنظومة الدفاع الجوي المضادة للطائرات من طراز “إس-300″، وقاذفة واحدة لنظام الصواريخ “توشكا – أو”، و6 مستودعات للذخيرة، ومستودعين للوقود، بالإضافة إلى 85 معقلاً ومناطق للارتكاز وتخزين المعدات العسكرية الأوكرانية”.
وتمكنت أنظمة الدفاع الجوي الروسية من إسقاط أربع مسيرات في الجو في مناطق قرى “تشيرنوبايفكا” و”إندوستريالنايا” و”غورتي” و”نيجنيايا كرينكا”.
السفير الروسي لدى الولايات المتحدة وصف تصريحات مسؤولي الإدارة الأمريكية حول “جرائم الحرب” التي يُزعم ارتكابها من قبل العسكريين الروس في أوكرانيا بأنها “اتهامات لا أساس لها، وجزء من جهد غربي منسق لشيطنة القوات المسلحة الروسية”.
كما دعا أنتونوف واشنطن إلى “عدم غض النظر واللامبالاة عن أفعال كتائب المتطرفين الأوكرانيين، التي تواصل حجز المدنيين في المدن، وفتح النار العشوائي على اللاجئين، وترهيب وتعذيب كل من لا يشاركهم أيديولوجيتهم النازية”.
وتابع في البيان “على الأرض، الأمور عكس ذلك تماما. في المناطق التي تسيطر عليها القوات المسلحة الروسية في أوكرانيا، تتزايد المساعدات الإنسانية. تم إرسال مئات الأطنان من الغذاء والأدوية والضروريات لتلبية احتياجات السكان المدنيين. الجانب الروسي يضمن سلامة الممرات الإنسانية لإجلاء الأوكرانيين والمواطنين الأجانب”. وفي السياق، سلمت وزارة الطوارئ الروسية أكثر من 650 طناً من المساعدات الإنسانية إلى جمهوريتي دونيتسك ولوغانسك وقرى ومدن أوكرانية.
وقال مصدر “الثلاثاء، تم تسليم أكثر من 650 طناً من المساعدات الإنسانية إلى جمهوريتي لوغانسك ودونيتسك الشعبيتين وأوكرانيا. وسلمت هذه المساعدات قوافل حافلات مركزي الإنقاذ في دونسكوي ونوجينسك التابعين لوزارة الطوارئ الروسية .. وتضمنت المواد الغذائية والأساسيات”.
وفي خاركوف، سلم الجيش الروسي أكثر من 10 أطنان من المساعدات الإنسانية لسكان منطقة خاركوف.
هذا وعرض الجيش الروسي على نظيره الأوكراني إلقاء الأسلحة مع الوعد بالإبقاء على حياة الجنود والخروج من الممرات الإنسانية إلى الأراضي التي تسيطر عليها كييف. وذكر البيان الذي أصدره رئيس المركز الوطني لإدارة الدفاع العقيد ميخائيل ميزينتسيف، إن “كل من يلقي السلاح يضمن الحفاظ على حياته”. ووفقا له، فإن الجيش الروسي قد اقترح إقامة “اتصال مستمر بين الجانبين الروسي والأوكراني من أجل تبادل المعلومات، على أن تبدأ من الساعة 09:30 صباح اليوم، الثلاثاء 5 نيسان/أبريل، حالة “هدنة مؤقتة” يتعين خلالها على الجيشين الروسي والأوكراني وقوات جمهورية دونيتسك الشعبية التوقف التام عن العمليات العسكرية، وخروج جميع الوحدات المسلحة الأوكرانية والمرتزقة الأجانب دون استثناء ودون أي أسلحة أو ذخيرة”.
وتم الاتفاق على أن تكون البداية الفعلية لـ “الهدنة” بين الطرفين الساعة 09:30 للخروج من “ماريوبول” باتجاه “مانغوش”، حيث يشار إلى الجانبين برفع الأعلام: الأحمر من الجانب الروسي، والأبيض من الجانب الأوكراني على طول خط التماس بين القوات.
كذلك قالت وزارة الدفاع الروسية إن موسكو تعول على دعم أنقرة لدفع القوات الأوكرانية لإلقاء أسلحتها في “ماريوبول”، كما أعربت الوزارة عن أملها في أن “يتمكن الزملاء الأتراك، باستخدام سلطتهم، من الضغط بكل الوسائل الممكنة على ممثلي سلطات كييف وقادة التشكيلات المسلحة الأوكرانية المتبقية في ماريوبول”.
وأعلنت سلطات جمهورية دونيتسك الشعبية أن “القوميين المتطرفين الأوكرانيين الذين يسيطرون على ميناء ماريوبول على ساحل بحر آزوف شرعوا في تدمير السفن الأجنبية التي منعوها من الخروج منه”.
ولم تستبعد الشرطة الشعبية أن السفن الأجنبية “يتم تدميرها مع طواقمها بهدف تقديم ذلك على أنه نتيجة القصف الروسي”، مشيرة إلى أن الجيش الروسي وقوات الجمهورية تستهدف المواقع النارية للقوميين المتطرفين بتوجيه “ضربات دقيقة” إليها.
وبحسب البيان فإن كييف تتجاهل طلبات رسمية حول “إجلاء ست سفن أجنبية كان القوميون المتطرفون قد عمدوا إلى احتجازها مع طواقمها عبر وضع الألغام في محيط الميناء، وذلك قبل بدء العملية الخاصة (الروسية في أوكرانيا)”.
أما في مدينة روبيجني بمنطقة لوغانسك، فقد أصابت قذيفة أوكرانية صهريجا يفترض أنه محمل بحمض الهيدروكلوريك، أعلن عن ذلك رئيس الإدارة المحلية في لوغانسك، سيرغي غايداي. وحث المسؤول في جمهورية لوغانسك الشعبية، السكان على عدم مغادرة الملاجئ وإغلاق النوافذ والأبواب واستخدام أقنعة الوجه الواقية. وأفيد في هذا الشأن ذاته بأن الصهريج الحمضي الذي أصابته القذيفة كان يقف بأحد ورش مصنع “زاريا”.
في سياق رود الأفعال، أعلنت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بوربوك، عن موقف رافض لفرض حظر على إمدادات الغاز الروسي، على الرغم من الجولة الجديدة لتوتر العلاقات مع موسكو. ونقلت صحيفة “فيلت” عن وزيرة الخارجية الألمانية قولها الثلاثاء إن مثل هذا القرار “سيرفع تكلفة استمرار الصراع”. ومع ذلك، أكدت أن السلطات الألمانية، ستناقش مع الشركاء في الاتحاد الأوروبي، عملية تقليل الاعتماد على الغاز الروسي.
ودعت مؤسسات الاتحاد الأوروبي وعدد من دول الاتحاد الاثنين، إلى فرض فوري لعقوبات جديدة على روسيا، بعد ظهور تقارير في وسائل الإعلام الغربية عن مزاعم بقتل مدنيين في مدينة بوتشا بمقاطعة كييف. وأشار رئيس الدبلوماسية الروسية إلى أن موسكو “تنظر إلى الوضع في بوتشا على أنه استفزاز يهدد السلام والأمن الدوليين، وستطالب المملكة المتحدة، التي تترأس مجلس الأمن الدولي حاليا، بعقد جلسة للمجلس لمناقشة هذا الموضوع”.
من جهتها، أفادت صحيفة “كورييري ديلا سيرا” الإيطالية أن سلطات روما تخطط لطرد العشرات من الدبلوماسيين الروس. وحسب معطيات الصحيفة، فإن هذه الخطوة تأتي بالتنسيق مع حكومتي فرنسا وألمانيا. وأشارت إلى أن رئيس الوزراء الإيطالي ماريو دراغي بحث هذا القرار مع سكرتير الدولة المسؤول عن شؤون الأمن فرانكو غابرييلي. ومن المتوقع أن يلقي دراغي كلمة أمام لجنة برلمانية خاصة للشؤون الأمنية الثلاثاء.
ويأتي ذلك على خلفية استدعاء السفير الروسي في برلين إلى الخارجية الألمانية لإبلاغه بطرد 40 موظفا في السفارة الروسية. وتفيد التقارير الإعلامية أن فرنسا تعتزم طرد ما لا يقل عن 30 دبلوماسيا روسيا. وفي وقت سابق قامت دول أوروبية بطرد العشرات من الدبلوماسيين الروس على خلفية العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا.
من جهة ثانية، قالت وزارة الخزانة الأمريكية إنها منعت سداد مدفوعات ديون بالدولار من حسابات الحكومة الروسية في البنوك الأمريكية. ونقلت وسائل إعلام عن مصدر بوزارة الخزانة الأمريكية أن الوزارة منعت سداد مدفوعات ديون بالدولار من الحسابات الروسية المجمدة في البنوك الأمريكية.
وكانت وزارة المالية الروسية، قد أفادت الثلاثاء الماضي، أنها سددت خدمة دين عن سندات دولية “يوروبوندز” بقيمة 102 مليون دولار، وأشارت إلى أن استحقاق هذه السندات من المقرر أن يكون في عام 2035. ومنذ انطلاق العملية العسكرية فرض الغرب عقوبات على روسيا، وفي إطار هذه العقوبات تم تجميد احتياطيات دولية لروسيا بنحو 300 مليار دولار.
إلى ذلك، نقلت شبكة “سي إن إن” عن مسؤول في البنتاغون أن الجيش الأمريكي “أجرى سرا، تجربة ناجحة على صاروخ تفوق سرعته الصوت منتصف شهر آذار/مارس الماضي”. وأبلغ مصدر عسكري “سي إن إن” أن الولايات المتحدة أجرت سراً تجربة وُصفت بالناجحة لصاروخ تفوق سرعته الصوت منتصف آذار/مارس، لكنها لم تعلن عن الأمر وذلك “لتفادي المزيد من التوترات مع روسيا”.
وأفيد في هذا السياق أن الاختبار الصاروخي جرى أثناء استعداد الرئيس الأمريكي جو بايدن لزيارة أوروبا، في جولة شملت بولندا، حيث زار مخيمًا للاجئين من أوكرانيا. وأوضحت الشبكة الإخبارية الأمريكية أن الولايات المتحدة أطلقت صاروخا من طراز “هوك” من صنع شركة لوكهيد مترتن، وتم تنفيذ الإطلاق الصاروخي من قاذفة قنابل طراز “بي – 52”. يُشار إلى أن البنتاغون كان أعلن مطلع نيسان/ابريل الجاري، إلغاء تجربة مقررة لصاروخ من طراز “مينيتمان 3” البالستي العابر للقارات، وذلك أيضا لتفادي التوترات مع روسيا في المجال النووي.
المصدر: روسيا اليوم