أكد وزير الخارجية الايراني حسين أمير عبداللهيان أن بلاده “لم تحضر في فيينا لمجرد إجراء مفاوضات، بل للتوصل إلى اتفاق جيد”، مضيفاً “لم نكن قط أقرب إلى تحقيق صفقة كهذه مما نحن الآن”.
وقال أمير عبد اللهيان، في حوار اجرته معه وكالة “يورو نيوز”، “لا نعتقد أن إيران دولة معزولة. أدّت العقوبات الأمريكية أحادية الجانب وغير القانونية إلى بعض المشاكل بالنسبة لنا”، متابعاً “نحن نقترب من الاتفاقية وهناك بعض القضايا المتبقية وهي خطوطنا الحمراء. حتى الآن، قمنا بالعديد من المبادرات وأظهرنا المرونة المطلوبة على طاولة المفاوضات في فيينا. وإذا قلنا اليوم إننا أقرب من أي وقت مضى إلى التوصل إلى اتفاق، فذلك لأننا أبلغنا الأمريكيين (عبر وسطاء) والدول الأوروبية الثلاث، سواء من خلال زملائي في اجتماعات فيينا أو من خلالي (عبر محادثات هاتفية أو اجتماعات مع وزراء خارجية هؤلاء الدول الثلاث)، بأننا نقول لهم بكل وضوح أن دوركم قد حان الآن، إنه الوقت المناسب لنرى المبادرات والمرونة من قبل الجانب الغربي”.
وأضاف “نعتقد أنه إذا رأى الجانب الغربي ما يجري في فيينا بشكل أكثر واقعية، فيمكننا إتمام الصفقة في غضون ساعات قليلة. لذلك، بالنسبة لنا تحديد توقيت دقيق للصفقة هو في أيدي الجانب الغربي، اعتماداً على واقعيتهم ومبادراتهم. سنبقى ملتزمين بالجلوس إلى طاولة المفاوضات بجدية، على الرغم من أن الجانب الغربي أثار احتمالية مغادرة الطاولة عدة مرات خلال المفاوضات وخطواتها الصعبة”.
وفي السياق، كشف عبداللهيان أنه “في حديث بيني وبين جوزيب بوريل، على هامش مؤتمر ميونيخ للأمن، قلت له إن زملائي يضعون الجدية والحافز وهدف التوصل إلى صفقة عاجلة وجيدة نصب أعينهم، وسيبقون في فيينا لتحقيق ذلك. ومع ذلك، إن لم يُظهر الجانب الآخر المرونة والابتكار المطلوبين، فدون أدنى شك سيكون هو المسؤول في حال فشل المفاوضات”.
وأردف عبداللهيان قائلاً “أعتقد أن إحدى المشاكل التي واجهتنا في خطة العمل المشتركة الشاملة (صفقة إيران النووية) كانت تتعلق بدور الشركات الأمريكية وأيضاً مكانة الدولار في التداول في النظام المصرفي. وحتى فرض الأمريكيون أثناء صفقة 2015 بعض القيود في هذا الصدد. لهذا السبب، عندما تلقينا بشكل منهجي رسائل تتحدث عن النوايا الحسنة للرئيس بايدن وقارناها بسلوك بايدن والإدارة الأمريكية، وجدنا مفارقة. من ناحية، يرسلون رسائل تظهر حسن نيتهم، ومن ناحية أخرى، في الوقت نفسه وحتى في اليوم نفسه، يفرضون عقوبات جديدة ضد بعض الأفراد والمسؤولين لدينا. لذلك، ما يهمنا هو سلوك الأمريكيين. سنحكم بناءً على سلوكهم”.
السياسة الخارجية الايرانية
وقال وزير الخارجية الإيراني “تستند عقيدة السياسة الخارجية للحكومة الإيرانية الجديدة، المعروفة كحكومة شعبية وتطورية، إلى توازن السياسة الخارجية والدبلوماسية الديناميكية والتعاون والتفاعل الذكي. من خلال ذلك، نراقب جميع مناطق العالم بما في ذلك القارة الأوروبية. نحن مهتمون بتطوير علاقتنا مع جميع الدول الأوروبية. لكننا قلنا بوضوح لنظرائنا الفرنسيين والبريطانيين والألمان أنه على الرغم من أهمية علاقاتنا معهم، فإن أوروبا بالنسبة لنا لا تقتصر على هذه البلدان الثلاثة فقط. لذلك لدينا خطة مستقلة لتطوير وتحسين علاقاتنا مع كل دولة أوروبية ونستمر في التعامل مع هذا الأمر بجدية في الحكومة الجديدة”.
وعن موضوع افتتاح مكتب للاتحاد الاوروبي في ايران قال “عندما ألقي نظرة على الخلفية والسجلات السابقة، أدرك أنه في كل مرة كنا نقترب فيها من افتتاح مكتب للاتحاد الأوروبي في إيران، كانت تحدث أزمة سيئة ومفتعلة ضد جمهورية إيران الإسلامية داخل أوروبا. لذلك فهمنا أنه على الرغم من حسن نيتنا تجاه افتتاح مكتب للاتحاد الأوروبي، فإننا نواجه أزمة مصطنعة من داخل أوروبا، حتى قبل وجود المكتب. لذلك، الوضع غير مساعد. وأعتقد أن الفكرة لا تزال مطروحة وتجب متابعتها”.
تبادل السجناء بين ايران واميركا
وبشأن تبادل السجناء بين ايران واميركا قال “هناك عدد محدود جداً من الإيرانيين مزدوجي الجنسية الذين مارسوا التجسس للأسف، اعترفوا بذلك وأدى تجسسهم إلى كوارث كبيرة. على سبيل المثال، أحد هؤلاء الإيرانيين مزدوجي الجنسية عمل في الموساد، جهاز استخبارات النظام الصهيوني، وبسبب تجسسه قتل بعض العلماء الإيرانيين. لذا، لا يمكن للنظام القضائي التغاضي عن ذلك والمضي قدماً بسهولة. ومع ذلك، توصلنا العام الماضي إلى اتفاق لتبادل عدد من السجناء بما في ذلك بعض الأمريكيين والبريطانيين وبعض الجنسيات الأخرى. اتفقنا على العدد والموعد ولكن للأسف علّقت الولايات المتحدة الاتفاقية في اللحظة الأخيرة. أعلنّا أننا مستعدون للنقاش إما على هامش محادثات فيينا أو بمعزل عنها عندما يستعد الطرف الآخر. نحن نعتبر هذه القضية قضية إنسانية 100٪ ولا نرى أي ضرورة للربط بين هذا الملف الإنساني ومحادثات فيينا”.
العلاقات مع الدول الجارة
وحول العلاقات مع الدول الجارة قال وزير الخارجية الإيراني “في حالة أفغانستان، نحن على اتصال بمسؤولي الهيئة الحاكمة المؤقتة لأفغانستان. وبالمناسبة، قبل حوالي شهرين، زار وزير خارجية الهيئة الحاكمة المؤقتة لأفغانستان طهران. في المحادثات، قلنا لهم صراحة أن المعيار بالنسبة لنا للاعتراف بالوضع الجديد في أفغانستان هو تشكيل حكومة شاملة، بمشاركة جميع المجموعات العرقية. بالطبع، لأن لدينا حدوداً مشتركة بطول 900 كيلومتر. يومياً يصل أكثر من 5000 من الأطفال والنساء والرجال الأفغان المشردين إلى حدودنا، أصبح العدد مروعاً. إحصائيات اللاجئين الأفغان الذين يدخلون إيران هائلة، وبسبب المشاكل الأمنية على حدودنا، نحن على اتصال مع الهيئة الحاكمة الأفغانية المؤقتة. سفارتنا نشطة هناك. لكن فيما يتعلق بالاعتراف، قلنا لهم بوضوح شديد إنه يعتمد على تشكيل حكومة شاملة”.
واضاف “أما بالنسبة للمملكة العربية السعودية، نرحب بتطبيع العلاقات بين البلدين. الشهر الماضي، كان ثلاثة من دبلوماسيينا في جدة (في إطار منظمة المؤتمر الإسلامي). في رأيي، هذا التحرك الناتج عن الاتفاق الذي توصلنا إليه في الجولات الأربع من محادثاتنا السابقة مع السعودية في بغداد، يظهر أن هناك تقدماً”.
وقال “بالنسبة لدور العراق، أود أن أؤكد أن لكل دولة مكانتها وقدرتها، لا يمكن لأي دولة أن تحل محل جمهورية إيران الإسلامية. لكل دولة قدراتها الخاصة. بالطبع، فإن رفع العقوبات قد يدفع إيران مرة أخرى إلى استعادة مكانتها الطبيعية في المجالين الاقتصادي والتجاري”.
وختم وزير الخارجية الايراني تصريحه بالقول “قدرات الشعب الإيراني الكبيرة وروحه المعنوية العالية، مكنته من تحمل العقوبات القاسية التي فرضت على مدى 43 عاماً. لكننا في فيينا نحاول اجتياز هذه المرحلة من العقوبات الأمريكية أحادية الجانب وغير القانونية. أن تعود جميع الأطراف إلى التزاماتها. آمل أنه في المرحلة الجديدة، سنكون قادرين على رؤية تعاون ثنائي أكثر شمولاً وفعالية مع الدول بشكل فردي، على الصعيدين الإقليمي والدولي. متفائلون جدا بشأن المستقبل”.
المصدر: فارس